عندما أدى خوان غوايدو، الذي نُصِّب مؤخراً زعيماً للمعارضة في فنزويلا، القسَمَ، وأعلن نفسه رئيساً انتقالياً للبلاد، أمسك في يده نسخة غير اعتيادية من دستور البلاد. كانت النسخة مزينة بوجه ذي شارب لسيمون بوليفار، القائد العسكري الفنزويلي الذي حرر جبال الأنديز من قبضة الإمبراطورية الإسبانية في مطلع القرن الـ19.
الخطوة التي باركتها الولايات المتحدة وكندا والبرازيل وعدد من الدول لم تلق ترحيباً لدى بقية دول العالم، ولا لدى المؤسسة العسكرية الفنزويلية التي انحازت إلى الرئيس الحالي مادورو.
ويُحتفى ببوليفار باعتباره بطلاً قومياً في فنزويلا، وتُكرَّس من أجله كثير من المعالم الأثرية في البلاد وفي عدد من المدن الواقعة شمال أمريكا الجنوبية، لذا ليست مفاجأة أن يسعى الساسة في مناسبات كثيرة لاستخدام إرثه من أجل حشد الدعم. اختار نيكولاس مادورو وسلفه الراحل هوغو تشافيز نفس الصورة، ليصيغا مشروعهما الاشتراكي باعتباره استكمالاً للقتال العنيد الذي خاضه بوليفار لنيل الحرية، بحسب تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.
وعندما انتُخب تشافيز في 1999، غيَّر الاسم الرسمي للبلاد، لتصبح جمهورية فنزويلا البوليفارية، وفي عام 2012 شيَّد ضريحاً بقيمة 90 مليون إسترليني (117.4 مليون دولار) ليضمَّ رفات المحرر الفنزويلي.
سار مادورو، الذي خلف تشافيز بعد موته من السرطان عام 2013، على نفس النهج. ففي إحدى لحظاته الأشد حماساً في أواخر عام 2017، زعم مادورو أن روح بوليفار صارت متجسدة في الشعب الفنزويلي.
بالرغم من سياسة الاستحواذ التي شاعت في الثورة على يد التشافيزيين (وهم أتباع تشافيز)، ظلّ إرث بوليفار دون أن يتعرض لأي أذى. وعلى كل حال، ارتبطت صورته من قبل بالحكم الاستبدادي القومي في فنزويلا لماركوس بيريز خيمينيز، الذي انتهى عام 1958.
يبدو أن قرار غوايدو باستخدام نسخة من الدستور تحمل صورة بوليفار -بدلاً من النسخة الرسمية التي يظهر عليها درع ونبات- يشير إلى استمرار التزواج بين إرث المحرر الفنزويلي وبين السياسات المضطربة في البلاد.