زوجكِ لا ينجز الأمور في الوقت المناسب، وزوجتك دائماً ما تجد شيئاً تنشغل به ولا تجلس بهدوء. البعض يفضل مشاهدة التلفزيون أو تصفُّح الإنترنت على الشريك، والنتيجة اتهامهم بالأنانية. لكن الأمر أخطر من ذلك، فما يبدو أنانية قد يكون مؤشراً على اضطرابات نفسية.
إليك بعض الحالات الشائعة كما ذكرها موقع psychologytoday، والتي في أدنى مستوياتها، قد تدفع أشخاصاً للتمحور بشدة حول أنفسهم.
الاكتئاب.. شرود ذهني وقلة اهتمام
معظمنا يعرف المكتئب حين يراه، فهو لا يخرج من سريره طوال النهار ولا يستطيع النوم، ويزداد وزنه أو ينقص؛ ويغدو شعوره نحو كل شيء من قبيل "لماذا أزعج نفسي؟!"، و"لا يهم الأمر"، سواء أرأى الأمور سوداء أو رمادية؛ وربما حتى يتحدث عن الانتحار.
لكن في حالاته الخفيفة، قد يكون الاكتئاب أشبه بالهدوء، بشرود ذهني غير آبهٍ بما حوله، بانكماش داخلي.
فترى المكتئب لا يتحدث كثيراً، ولا يبدو عليه اهتمام بما تفعله، ودائماً متعَب لا يريد فعل شيء.
إن ما يقبع خلف هذا السلوك هو اجترار نفسي (أي امتلاء الذهن بأفكار كئيبة أو ندم على أفعال الماضي)، وخمول يجلبه الاكتئاب معه.
اضطراب الوسواس القهري.. وساوس متكررة لا يمكن طردها
يُعد اضطراب الوسواس القهري من اضطرابات القلق. ومثل الاكتئاب، معظمنا يعلم ما يبدو عليه المصاب بالقلق -فهو دائماً يفكر ويتحدث عن قلاقل محتملة في المستقبل- وما يبدو عليه المصاب بالوسواس القهري، فهو يغسل يده 10 مرات، ويُمعن في ترتيب سريره، حتى لا يرى أي انكماشات.
لكنه، أيضاً مثل الاكتئاب، قد تكون ملاحظته في الحالات الخفيفة أصعب.
في هذه الحالة، قد يكون المصاب دائماً مشغولاً بشيء ما. فهو يرى ألف شيء حوله يحتاج إلى أن "يُضبط"، فعليه أن يرفع ألعاب الأطفال من على الأرض، وأن يعدل تلك الصورة المعوجة.
يشعر بأنه غير قادر على الاستراحة، إلا إن أنجز ما يراه. يحتاج للإتمام في قائمة مهام لا منتهية، وتحت الضغط العصبي قد يزداد الأمر سوءاً.
أما بالنسبة للبعض ممن هم أميل إلى الاستغراق في الوساوس منهم إلى التحرك لطردها، فقد يبدو عليهم الشرود والإنفصال عما حولهم، لأن أذهانهم مليئة باستمرارٍ بوساوس متكررة لا يستطيعون طردها.
وتكون النتيجة بالنسبة لك، أنك ترى تركيز شريكك على أشياء ثانوية؛ تجنباً منه لك، ويُشعرك انشغاله المستمر بأنك لست مهماً عنده.
إذ تشعر بسهولة، وعلى نحو مُتفهم، بالانزعاج لأن شريكك لا يجلس أبداً بهدوء ويخصص تركيزه لك.
اضطراب ما بعد الصدمة.. أذهان المصابين به مشغولة بالماضي باستمرار
When we have been #abused or #neglected as children it can leave us feeling #wounded, deprived, and #wronged by those we love and #trusted. If these #hurts are not resolved, they continue to affect us and our subsequent #relationships. #tlm #survivors #childabuse #NotEasy #heal pic.twitter.com/Js0J1MbVXn
— The Luke Movement (@TheLukeMovement) January 7, 2019
في فيلم American Sniper، نرى كريس كايل يعود إلى منزله بعد الحرب، ويجلس أمام التلفاز ساعات يشاهد أفلاماً عن الحرب، ويتجاهل كل أفراد عائلته.
هذه أعراض اضطراب ما بعد الصدمة التي يعرفها معظمنا.
إلا أن اضطراب ما بعد الصدمة قد يكون أكثر غموضاً وأقل "درامية" من المرور بتجربة حرب.
قد يكون الأمر على علاقة باعتداء جنسي في الصغر. تعيد مشاهد فيلم عشوائي مثلاً ذكريات أليمة للمُشاهِد الضحية، أو ربما يطرَد الإنسان من عمله.
في تلك الحالة، يستعيد المرء الشعور بالصدمة والفقد على نحو غير متوقع.
ومثل الحالات الأخرى، من دون معرفة ما يجري داخل ذهن الشريك وبرؤية سلوكه الخارجي فقط، يسهل أن تشعر بأنه لا يهتم بشيء، وأنه قابع داخل عالمه الخاص.
إن اضطراب ما بعد الصدمة له وجوه عدة، لكن أحد وجوهه الشائعة هو انعزالية وبرودة في المشاعر.
فأذهان المصابين به مشغولة بالماضي باستمرار، لم يبقَ فيها متسع للحاضر وللآخرين.
اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط.. تشعر بأنك تعيش مع مراهق
يميل أصحاب هذا الاضطراب (AD/HD) إلى التسويف، ويجدون صعوبة في تنظيم الوقت وغيره من الأمور.
يبدو هؤلاء الأشخاص كثيري النسيان، وكثيراً ما يكونون تلقائيين ومدفوعين بعواطفهم، إذ يفعلون ما يحلو لهم وقتما يحلو لهم.
شريك هذا الإنسان يمكن بسهولةٍ أن يرى تأخره قلةً في الاهتمام، وأن يفسر تأجيل دفع فواتير الكهرباء على سبيل المثال والتركيز على أمور تبدو أقل أهمية، على أنه لا يعول عليه، وأن يرى فعله ما يريدُ أنانيةً.
المشكلة القابعة وراء هذا السلوك هي ضعف الأداء التنفيذي، الذي يصعّب التحكم في السلوك الاندفاعي ويُضعف القدرة على التركيز والتنظيم، وهي حالة وراثية.
في الحالات الخفيفة من الاضطراب، ربما تشعر بأنك تعيش مع شخص يبلغ من العمر 15 عاماً في عالمه الخاص، وأنّ تحمُّل المسؤوليات الكبيرة يقع على عاتقك أنت.
الإدمان.. يسيطر على جميع أولويات الحياة
قد تجلب هذه الكلمة إلى أذهاننا تلك الصورة النمطية لذاك المخمور، أو من يتعاطى الحشيش.
ولكنها أيضاً قد تشير إلى من يملك أصدقاء على الإنترنت بالفعل، إلا أن ما يجذبه حقاً إليهم هو الألعاب نفسها، فهو يدمنها.
قد تتخذ أيضاً عدة أنواع من الإدمان شكلاً ظاهرياً لشخص يجلس باستمرار على الحاسوب، لكنه قد يقضي وقته سراً يطالع المواقع الإباحية أو يمارس القمار.
ومجدداً، قد تكون النتيجة هي شعورك بأنك في آخر قائمة أولويات شريكك، لأن هذا هو الحال بالفعل. فقد شغل الإدمان كل أولوياته في الحياة، وهو ما تركك مهملاً في العلاقة.
اضطرابات الأكل.. يصبح الطعام أو عدمه أهم شيء
لاضطرابات الأكل صفاتُ كلٍّ من اضطرابات القلق والإدمان.
فبغض النظر عن الدوافع، تُصبح النتيجة النهائية هي الانشغال بالأمر، إذ يستحوذ الطعام -سواء كان تناوله، أو عدم تناوله، أو هيئة الجسم، أو الوزن- على 90% من تفكير الشخص.
تماماً مثل الإدمان، تهمل كل شيء وتتغاضى عنه، لأن الطعام أصبح في المقدمة.
الألم المزمن.. شعور بالضيق وانسحاب من المجتمع
نعرف جميعاً الآلام القوية، لكن المؤقتة مثل ألم الظهر وألم المعدة والتواء الكاحل.
إلا أن ذلك الألم المزمن ذا الدرجة الخفيفة المستمر يومياً، مثل حالات التهاب المفاصل، والأمراض المزمنة، وأعراض مرض القولون العصبي، يمكن أن تكون لها عواقب وخيمة تؤدي إلى شعور عام بالضيق وانسحاب من التفاعلات الاجتماعية.
ولأنه ليس بشدة انكسار الظهر مثلاً، قد يفسَّر الضيق المستمر أو نبرة الحديث الحادة دائماً أو الشرود الذهني الذي يصحب هذه الآلام، على أنه إهمال من الطرف الآخر.
التوحد.. أذكياء وناجحون، ولكن يبتعدون عن المشاعر
يمكنك أن تتعامل مع مصابٍ بدرجة عالية من التوحد دون أن تشعر بأن به خطباً ما.
فهُم عادةً ما يكونون أذكياء وناجحون في أعمالهم، لكنهم يبدون غير مكترثين ومنعزلين في علاقاتهم العاطفية: فهُم لا يحبون الاتصال الجسدي بشكل مفرط، ويفقدون التركيز ولا يتفاعلون عندما يكونو بين مجموعة من الناس، كما أنهم يُظهرون كثيراً من الهوس بالتحدث عن الأشياء مقارنة بالتحدث عن الأشخاص والمشاعر.
بصفتك شريكاً لأحدهم، قد يبدو لك الأمر أنك تعيش مع السيد سبوك (من مسلسل Star Trek)، تشعر بأن الطرف الآخر لا يستطيع "فهمك"، ويصبح عقلانياً للغاية وباحثاً عن الحلول العملية عندما تكون في أمسّ الحاجة إلى التعاطف والاستماع.
وعلى الرغم من أن الشخص الآخر يبذل قصارى جهده، فإنك تشعر بانعدام الحس وعدم الاهتمام.
قلة الاهتمام بالشريك مؤشر اضطراب نفسي .. ما الحل إذن؟
إذا واجهت أياً من هذه الحالات أو السلوكيات، نأمل أن يساعد ذلك في النظر إلى شريك حياتك من منظور مختلف، ربما من منظور أكثر تعاطفاً، وأن يساعدك على معرفة أن الأمر قد يكون أقل ارتباطاً بك، وأكثر ارتباطاً به.
لا يعني ذلك بطبيعة الحال، أن عليك أن ترضى بالأمر، فوجود مشكلة ما متجذرة ليس عذراً لتجنُّب محاولة تغييرها .
بدلاً من ذلك، أنت بحاجة لإجراء مناقشة –حوار عقلاني لطيف في وقت مناسب- عن المشاعر التي لا تحصل عليها كما ينبغي، وعما يثير قلقك حيال ما يبدو على الطرف الآخر من انشغال وانهماك في العمل، وما إن كان زاهلاً (مطمئن القلب) أو منعزلاً.
صرِّح بما تريد أن يفعله الطرف الآخر بشكل واضح، مثل قضاء مزيد من الوقت معك، أو الإنصات جيداً عند الغضب ومحاولة حل المشكلة بعقلانية بدلاً من ذلك، أو قضاء وقت أقل على الحاسوب، أو الاهتمام ومتابعة ما قالت إنها ستفعله.
ثم انتقِل بعد ذلك إلى الحديث عن المشكلة الأساسية: "أيحتمل أنك تواجه مشاكل في… أو تعاني من…".
ربما تواجه رد فعل دفاعياً، عليك أن تتوقع ذلك، فلا تأخذه على محمل شخصي. فقد يشعر الطرف الآخر بالصدمة، لأنك واجهته بما لم يكن يتوقعه، أو يحتاج وقتاً كي يعقل ما قلته له.
دع الأمر وعُد له مرة أخرى، وانظر إذا ما كان على استعداد لفعل ما طلبت منه، ولا بأس في اقتراح استشارة شخص متخصص لديه المهارات اللازمة لتشخيص المشكلة الأساسية، قدِّم الدعم اللازم.
ثم انظر ماذا سيحدث. إذا لم يتغير شيء بعد أن بذلت قصارى جهدك، فقرِّر إذن ما الخطوة التي تريد أن تتخذها بعد ذلك، الخطوة التي تريد أن تتخذها لكي لا تشعر بأنك مجنيٌّ عليك.
ما يبدو في كثير من الأحيان مشكلة علاقة شخصية، ما هو إلا عرَض لمشكلة فردية كامنة.
تكلَّم، اعرِض ما لديك من مخاوف، وكُن شفوقاً، فذلك هو أفضل ما يمكن القيام به.