خشية من الوحدة أو على الأولاد أو حتى على كل السنوات التي مضت إلى جانب الشريك، لا ينفصل العديد من الأشخاص عن نصفهم الآخر عندما ينبغي لهم ذلك. ولكنَّ متى تتخذ قرار الانفصال النهائي؟ هناك علامات تدل على أوانه، ومعرفة الوقت المناسب لإنهاء علاقةٍ ما مهمةٌ صعبة.
لا توجد حالتان متطابقتان، فالأمر يعتمد على طرفي العلاقة وعلى الموقف الذي يمران به.
ولكن هناك أدلة متسقة إلى حدٍّ ما حول علامات إنهاء العلاقة، يكشفها الدكتور جون غوتمان الطبيب النفسي في جامعة واشنطن لموقع Verywell Mind.
فعندما حلل غوتمان بعض البيانات، وجد أنَّ فرص الطلاق تظهر بنسبة 83% عند وجود 4 سلوكيات رئيسية بين طرفي العلاقة، حتى بعد مشاهدتهما يتحدثان مدة 3 دقائق فقط.
وللعلم، غالباً ما يقبل علماء النفس معالم تواصل وارتباط تتراوح بين 20% و30%؛ لذا فنسبة 83% تُعد نتيجة نادرة للغاية، لكنَّ هذا الرقم تأكَّد على مرِّ السنين مراراً وتكراراً.
أطلق غوتمان على هذه السلوكيات الأربعة اسم "فرسان نهاية الزواج الأربعة".
الفارس الأول: الانتقاد.. هناك فرق بين استهداف السلوك والشخصية
يختلف الانتقاد عن الشكوى أو التعقيب. فالانتقاد يتعلق بشخصية الطرف الآخر وليس أفعاله أو سلوكياته المثيرة للمشكلات.
وإليكم مثالاً على التعقيب أو الشكوى:
"أريد منك أن تساعدني في غسل الأطباق، فهذا عمل شاق يصعب عليَّ أن أفعله بمفردي، وبينما أنت مسترخ على الأريكة تشاهد التلفزيون، أضطر أنا إلى السهر والتنظيف. ستستغرق هذه المهمة القليل من الوقت إذا تعاونَّا معاً أو إذا توليتها بنفسك في بعض الأحيان".
مثالٌ آخر:
"أنت شخص أناني ولا تفكر أبداً فيما أشعر به ولا كل ما أفعله من أجلك. أتمنى حقاً أن تفكر في شخصٍ آخر غير نفسك ولو مرةً واحدة".
الفرق بين المثالين، أنه في الحالة الأولى كان الأمر يتعلق بسلوك معين، أمَّا في الثانية، فيتعلق بشخصية الشريك نفسها.
ولا يعني وجود الانتقاد في علاقةٍ ما أنَّ مصيرها الفشل. ففي بعض الأحيان، نلجأ إلى الانتقاد عندما نكون غاضبين.
ولكن عندما يكون ذلك متكرراً على نطاق واسع، وتكون تلك هي الطريقة الوحيدة لتناول الأمور بين الطرفين، عندها توجد مشكلة كبيرة.
فإذا كنت تنتقد شريكك باستمرار أو تشعر بأنَّ شريكك ينتقدك باستمرار، فما هي إلا مسألة وقت قبل أن تتحول العلاقة إلى وضع أسوأ، ألا وهو الازدراء.
وربما تكون هذه العلاقة في هذه المرحلة قابلة للإنقاذ، لكنَّها علامة سيئة وينبغي أن تجعلك تفكر هل الانفصال هو الخيار الأفضل أم لا.
الفارس الثاني: الازدراء.. إذا لم يكن الاحترام متبادلاً فالفرصة ضعيفة
نُظهِر الازدراء في العموم عندما نعامل الآخرين بعدم احترام أو نُهينهم أو نسخر منهم أو نتهكم عليهم أو لا نُعيرهم انتباهاً أو نهزأ بهم، أو نتنابز بالألقاب.
والغرض من هذا السلوك هو التقليل من قدر الآخرين، أو جعلهم يشعرون بأنهم لا قيمة لهم.
عندما يظهر الازدراء في علاقةٍ ما يكون ذلك إنذاراً قوياً.
ويعني أن الشريكين توقفا عن احترام بعضهما البعض، ولا يحاول كل طرف سوى فرض هيمنته.
ولم يعد هناك أي قدر من الحب أو الاحترام، بينما يزداد العداء والكراهية.
إذا كنت تشعر أنك تُعامَل بهذه الطريقة، فلتعلم أن شريكك لم يعد يهتم بأمرك.
وإذا كنت تعامِل شريكك بازدراء فاسأل نفسك لماذا تستمر في العلاقة معه.
إذا لم يكن الاحترام متبادلاً بين الطرفين، فهناك فرصة ضعيفة لإنقاذ هذه العلاقة.
إذا تعرضت للازدراء من قبل، فستعرف مدى الألم الناجم عنه. وعندما تعامل شريكك بازدراء، فذلك يعني أنك لا تحترمه ولا تحترم مشاعره أو احتياجاته.
New @HFatHarvard study shows that religious practice may reduce divorce rates by 50%! See journal article and press release here:https://t.co/OSmJIIkpcghttps://t.co/PW6fY4sMk1 #Divorce pic.twitter.com/ZRylPK0Ckr
— Human Flourishing Program (@HFHarvard) December 3, 2018
الفارس الثالث: السلوك الدفاعي.. انعدام الرغبة في تصحيح الخطأ
أن تكون دفاعياً يعني أن تحاول التملص من المسؤولية عن أفعالك.
ويمكن أن تكون دفاعياً بإلقاء اللوم على الظروف الخارجية، ولكن في أغلب الأحيان نكون دفاعيين بإلقاء اللوم على الشريك الذي يدعونا إلى تحمل المسؤولية.
مثالٌ على رد الفعل الدفاعي:
هو: "أشعر بأنَّ حياتنا أصبحت مملة مؤخراً، بأنَّكِ لا تكترثين باحتياجاتي ورغباتي".
هي: "حسناً، إذا لم تزعجني بموضوع الأطباق طوال الوقت، ربما سأرغب حيئنذٍ في تلبية رغباتك".
يتماشى السلوك الدفاعي مع الازدراء كما يوضح المثال السابق.
فالطرف الثاني لا يهتم بشكوى الطرف الأول ويركز فقط على إلقاء اللوم عليه. ولا يريد أن يتحمل المسؤولية عن عدم اهتمامه باحتياجات شريكه.
وبوجهٍ عام، لا يحب الناس أن يُقال لهم إنَّهم فعلوا شيئاً خطأً، أو إنهم يؤذون الآخرين.
إذ نميل إلى أن نظن بأنفسنا خيراً على الدوام، ومثل هذه المحادثات تهدد اعتزازنا بأنفسنا.
يُعَد تبنِّي السلوك الدفاعي باستمرار في علاقةٍ ما علامةً سيئة.
فهذا يعني أن الطرف الدفاعي لا يرغب في مراجعة سلوكه وتعديله لإيقاف ما يضر الطرف الآخر. ويعني أيضاً أن الطرف الدفاعي يعامل الطرف الآخر كأداةٍ يحقق بها احتياجاته وليس كشخصٍ كامل له احتياجاته ومشاعره وأفكاره الخاصة.
لذا فإذا كان شريكك يتبنَّى السلوك الدفاعي باستمرار، أو إذا كنت تتبع ذلك السلوك رداً على محاولاته مناقشة الأمور معك، فربما قد حان الوقت لكي تدقق في أمر العلاقة.
الفارس الرابع: تجنُّب التعامل.. لا شيء أكثر وضوحاً من الهروب
عندما يظهر سلوك تجنُّب التعامل في علاقة، يتعطل التواصل.
ويأتي تجنب التعامل في أشكال عديدة، من بينها إنهاء المحادثات والتعامل الصامت والانعزال وعدم التجاوب.
ويظهر هذا الشعور عندما تُفضِّل أن تفعل أي شيء بخلاف المحادثة، ولا تتحدث إلا عند الضرورة القصوى، وكلما حاول الطرف الآخر التقرُّب إليك سرعان ما تهرب أو تصمت.
عندما تصل العلاقة إلى مرحلة تجنب التعامل، فمن الصعب (وإن كان غير مستحيل) أن تتعافى.
ولكنَّها بالتأكيد إشارة قوية جداً على أنَّ وقت الانفصال قد حان.
إذاً متى تتخذ قرار الانفصال النهائي؟
يقول دكتور غوتمان "أنت أفضل شخصٍ بإمكانه تحديد مصير علاقتك ووضعك".
ولكن عند وجود أحد هذه السلوكيات أو أكثر، فهذا دليل على أن الأمور قد تسير (في الغالب) نحو الأسوأ بسرعة.
صحيحٌ أنَّ معالجة الوضع بطريقةٍ جيدة، والرغبة في العمل على تحسين العلاقة قد يوقفان تدهورها ويُصلحانها، لكن أحياناً يكون الانفصال هو الأفضل.