كيف تعطي الآخرين شيئاً أنت بحاجة إليه؟ الحب غير المشروط له شروط.. أولها عيوبك

هل تبحث عن "شريك الروح" أو الحب غير المشروط؟ يؤسفنا أن نخبرك بأنك في رحلة شبه مستحيلة للعثور على شريك مثالي، لكنها تتحقق فقط إذا ما وفرت لها بعض الشروط.

عربي بوست
تم النشر: 2018/12/10 الساعة 20:10 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/12/11 الساعة 08:53 بتوقيت غرينتش
Young couple in a cartoon, directly above shot. Girl and boy on clouds and sky surrounded with balloons.

هل تبحث عن "شريك الروح" أو الحب غير المشروط؟ يؤسفنا أن نخبرك بأنك في رحلة شبه مستحيلة للعثور على شريك مثالي، لكنها تتحقق فقط إذا ما وفرت لها بعض الشروط.

المشكلة ذات شقين:

أولاً: لا يمكن للناس والعلاقات تحقيق الكمال

ثانياً: الخلط بين الحب غير المشروط والمشروط

فكرة الحب غير المشروط في العلاقات نبيلة، فكل واحدٍ منا يرغب في أن يُحَب على ما هو عليه، بلا قيودٍ، وأن نرى أنفسنا قادرين على منح شركائنا الحب غير المشروط.

ومع ذلك، فهذا النوع من الحب –في أضيق تعريف له- أمرٌ صعب المنال، إن لم يكن مُستحيلاً، وفق ما جاء في موقع Verywell Mind.

أولا.. معنى الحب غير المشروط

يتمثَّل جزءٌ من المشكلة المُتعلقة بالحب غير المشروط في العلاقات في قصور فهم ما يعنيه هذا المفهوم.

إذ يُفكر معظم الناس في حب الوالدينِ لطفلهما، أو حب الطفل لأحد والديه، باعتباره حبَّاً غير مشروط.

بيد أنَّ هذا النوع من الحب لا يعتمد على شيءٍ غير الرابط الأسري، ولا يتفكَّك بسبب ما يفعله الطفل أو والده.

يتمثل المعنى البحت للحب غير المشروط في الحرص على سعادة شخص آخر دون أي اهتمامٍ بما سيعود عليك من فائدة.

وتشير أبحاث إلى أنَّ أجزاء الدماغ التي تنشط في حالات الحب غير المشروط تُشبه تلك الموجودة في علاقات الحُب العاطفية وحب الأم، فضلاً عن أنَّها مرتبطة بنظام المكافأة الموجود في الدماغ.

ويُشير هذا إلى أنَّ الحُب غير المشروط رُبما يكون مُجزياً دون الحصول على أي شيءٍ في المقابل.

الاحترام شرط الحب غير المشروط.. لا أن تتحمل سلوك الآخر مهما فعل

يُصبح السؤال ما إذا كان بإمكان الأشخاص البالغين في العلاقات أن يُظهروا لبعضهم البعض هذا النوع من الحب غير المشروط.

لكي تشعر بالأمان في العلاقة، يبدو منطقياً الحاجة إلى الشعور بأنَّ الشخص الآخر لن يهجرك بسبب نزوة.

فأنت بحاجةٍ إلى معرفة أنَّ هذا الشخص مُلتزم بحبه لك دون قيدٍ أو شرط بصرف النظر عمَّا يحمله المستقبل.

 بيد أنَّ المشكلة هي أنَّ هذا التعريف في العلاقات العاطفية يُمكن أن ينهار في ظل ظروف عدَّة ولأسبابٍ وجيهة.

فبقدر ما قد تُغرَم بشخصٍ مدمن للكحول، أو كذاب أو غشاش، دون شرطٍ، لا يُعد ذلك أمراً صحياً أو جيداً بالنسبة لك.

وهذا يعني أنَّ تعريف الحب غير المشروط في العلاقات العاطفية يحتاج إلى توسيعه قليلاً.

ومن أجل أن يستمر الحب، ينبغي أن يوجد احترامٌ متبادل، وليس سلوك شريكك الذي يحمل معنى "أنَّك ستتحملني، أياً يكن ما أفعله".

والتقدير الإيجابي شرط آخر.. حتى عند وضع الحدود

يقودنا هذا إلى موضوع التقدير الإيجابي غير المشروط، الذي ربما يكون تقريباً أدق لما نعنيه بمفهوم الحب غير المشروط في العلاقات.

وفي هذا المفهوم، لا يعني الحب غير المشروط منح الناس ما يحتاجون إليه دائماً أو قبول ما يفعلونه على الدوام، على حساب احتياجاتك الشخصية.

بل يُمثِّل نوعاً من الحب الناضج الذي يعني معاملة الطرف الآخر بحبٍ واحترام، حتى مع الحفاظ على حدودك الخاصة وحماية نفسك.

وفي حين أنَّ النسخة غير الناضجة من الحب غير المشروط ستُشعرك بحتمية أن تكون كل شيءٍ بالنسبة للشخص الآخر، فالنسخة الناضجة منه تجعلك تُدرك أن التزامك الوحيد، في مواجهة سلوك الآخرين، هو إيصال رسالتك بحبٍ واحترام.

 هذا يعني أن تكون مُهتماً ومُنسجماً، حتى وأنت تضع القيود والحدود.

ويعني أيضاً احترام طلبات الآخرين والالتزام بها حين يكون بمقدروك فعل ذلك دون إلحاق الأذى بنفسك.

 والمقصود هو ألَّا تكون مُتعنتاً أو غير مكترث، فهذا لا يؤدي إلى التوصل إلى تفاهمٍ أو إيجاد حلول. والأمر في جوهره يعني الحزم، أي السماح للطرف الآخر بمعرفة موقفك حتى تتمكنا معاً من تحقيق أفضل النتائج لكما.

إذاً: كيف تُحب دون قيدٍ أو شرط؟

حين نُفكر في كيفية الشروع في حب شخصٍ ما دون شرطٍ في إطار علاقة عاطفية، تظهر النقاط التالية:

  • مارسا تواصلاً صريحاً بهدف تلبية احتياجات طرفي العلاقة.
  • تواصلا بطريقةٍ غير دفاعية. عبِّرا عن مشاعركما مع الإنصات إلى مشاعر الطرف الآخر وأخذها بعين الاعتبار.
  • لا تدعا كَدَر الحياة يغلب حبكما. فالحب غير المشروط يعني تخطِّي الشجار حول توافه الأشياء في الحياة. إذا كنتما تتحليان بالتزامٍ تجاه الحب أكبر من تلك الأشياء، فستتمكنان من البقاء معاً.
  • تشاركا الحقوق في علاقتكما. لا ينبغي أن يحصل طرفٌ واحد على كل ما يريد، وإلَّا سيؤدي هذا إلى استياء الطرف الآخر.

إذا تغيَّر الحبيب، عند أي نقطة يتراجع الحب؟

نحن مبرمجون في الحياة لنمنح حباً مشروطاً. فأنتِ تُغرمين بزوجك بسبب طابعه الفريد والصفات التي جذبتكِ إليه. ولهذا السبب تُحبينه هو وليس رجلاً آخر.

ولكن يبقى السؤال: إذا تغيَّر زوجك، فعند أي نقطة يتراجع الحب؟

ينبغي أن يأتي الحب الناضج بلا أي قيودٍ.

الحب سلوك وليس شعوراً والعطاء سر استمراره

فهو سلوكٌ، وليس شعوراً، وهذه نقطة التباسٍ يُمكن أن تؤدي إلي انهيار العلاقات العاطفية.

إذ ينبغي أن تأتي حالة الرضا في الحب غير المشروط ممَّا تمنح الطرف الآخر إيَّاه، وليس ما تتلقاه في المقابل.

إن فكرنا في الحب غير المشروط على أنَّه "تعبيرٌ عن ذاتنا العطوفة"، فيمكن أن يُصان الحب حتى لو لم تستمر العلاقة.

رُبما تعرف أزواجاً ما زالوا يكنون حباً لبعضهم البعض ولكنَّهم لم يعودا معاً.

والحب قبول للآخر.. ولكن ليس لإساءاته

وإذا كانت علاقتك العاطفية تؤذيك أكثر مما تُفيدك، فلا بأس أن تشعر بحبٍ غير مشروط ولكن اترك هذه العلاقة.

يُمثِّل الحب غير المشروط طيبةً جوهرية وقبولاً تاماً للطرف الآخر، لكنَّه لا يعني التغاضي عن الإساءة أو الإهمال أو غيرها من المشكلات التي تُنهي العلاقات.

ولكن ماذا لو انتهى الحب؟

إن كنت ما زلت تُظهر لهم حباً غير مشروطاً، فستتمكن من إيجاد طريقة لإنهاء العلاقة بلطفٍ.

ومجمل القول، حين نقع في الحب للمرة الأولى، تكون الحالة هنا حباً غير مشروط، وليس بإمكاننا أبداً تصوُّر الشعور بالطرف الآخر على غير هذا النحو.

لكنَّنا نعيش في عالمٍ مشروط، والعلاقات تنتهي. فكل منا يملك أذواقاً واحتياجاتٍ مختلفة، ويمكن لها أن تتبدَّل بمرور الوقت.

ويظل الشيء الوحيد المؤكد هو أنَّ العلاقات التي تفتقر تماماً إلى الحب غير المشروط، من المستبعد أن تستمر.

فمن الممكن أن تتغير المعتقدات ونمط الحياة بمرور الوقت، وإن لم تكن ترغب في رؤية شريكك يمر بتلك التغييرات، فقد يؤدي هذا إلى نهاية علاقتكما.

لن تتمكن من الحصول على هذا الحب إن لم تعطه لنفسك أولاً

"الحب غير المشروط" يمكن أن يهيئنا لشيء لا يمكن تحقيقه.

وبدلاً من السعي إلى تحقيق نموذج غير واقعي، يمكننا اتباع مسار يمكننا من الانتباه إلى الآخرين، مع الاستجابة أيضاً لما تتوق إليه أنفسنا.

فبإمكانك أن تعني الكثير لشريك حياتك حين تمنحه الحب غير المشروط بمعناه الناضج.

وحتى تتمكن من فعل هذا، عليك أن تكون واعياً للحظة الحالية.

لا أحد يستطيع قبول الشخص الآخر كما هو بكل عيوبه أو كما يود. تمكننا الشفقة الذاتية من التعاطف مع الآخرين.

عندما نتمكن من احتواء عيوبنا، عندها فقط نقبل عيوب الآخرين.

لذا لا بد ن تتعلَّم كيفية منح نفسك القدر نفسه من الحب غير المشروط الذي تحاول إظهاره لشريكك.

وإن لم تمنح نفسك هذا الحب، فهذا يعني أنك ستنتظر الكثير من شريكك.. وربما أكثر من طاقته.

تحميل المزيد