بعد ساعات من انتهاء زيارة ولي العهد السعودي لموريتانيا، أعلن ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، نيته زيارة نواكشوط هو أيضاً. وإذا لم تكن الزيارة نفسها مستغربة بسبب العلاقات التي تجمع البلدين، فإن توقيت إعلانها كان هو المثير للتساؤلات.
مصادر مطلعة أخبرت "عربي بوست" بأنه بُعيد ختام زيارة بن سلمان لموريتانيا، تقررت زيارة بن زايد مباشرة، على أن تتم مطلع شهر يناير/كانون الثاني 2018.
الاهتمام السعودي – الإماراتي بموريتانيا يعكس دعم الدولة التي انحازت إلى تحالفهما ضد قطر، وقطعت علاقتها الدبلوماسية معها مباشرة حسب التعليمات.
محمد بن زايد يزور موريتانيا والاهتمام السعودي – الإماراتي ازداد مؤخراً
ويرى الباحث المهتم بالقضايا العربية محمد ولد الديه، أن هناك اهتماماً سعودياً-إماراتياً بموريتانيا منذ عدة أشهر.
ويعتبر أن الإمارات دخلت بقوة لتعزيز علاقتها مع موريتانيا وتفعيلها بعد الاهتمام السعودي بالدولة، والذي عززته زيارة ولي العهد السعودي.
نتج عن الزيارة توقيع اتفاقية ومذكرتي تعاون بين البلدين، ووعدٌ ببناء مستشفى سلمان في نواكشوط.
ويضيف ولد الديه لـ "عربي بوست"، أن الإمارات هي الأخرى عززت حضورها في موريتانيا بإبرام صفقة، تتولى بموجبها شركة إماراتية تسيير مطار نواكشوط الدولي.
ولكن الصفقة لم تمر بسلاسة، إذ شهدت رفضاً شعبياً وتحذيراً من قبل بعض النخب بشأن مخاطر الصفقة، لكونها لم تمرر عبر البرلمان.
محمد بن زايد والرئيس الموريتاني يبحثان خلال اتصال هاتفي .. علاقات التعاون المشترك وعددا من القضايا الإقليمية والدولية التي تهم البلدين.
— محمد بن زايد (@MohamedBinZayed) October 2, 2018
موريتانيا دعمت محمد بن سلمان بعد جريمة قتل جمال خاشقجي
وتسعى موريتانيا لتعزيز التعاون مع السعودية والإمارات في مجمل الملفات السياسية والاقتصادية والأمنية.
إذ وقفت بقوة إلى جانب الرياض خلال محنتها، بعد مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي بقنصلية بلاده في مدينة إسطنبول التركية.
وأصدرت الخارجية الموريتانية عدة بيانات تعزز الموقف السعودي، وتطالب بدعم المملكة في قضية مقتل جمال خاشقجي، وتدعو الرأي العام الوطني والدولي لمؤازرة ولي العهد السعودي وتبرئته من جريمة القتل البشعة.
والإمارات ترى في نواكشوط بوابة إلى إفريقيا
ويرى الصحافي المهتم بالشأن السياسي محمد حسن ولد أمحمد، أن زيارة ولي العهد الإماراتي لنواكشوط تحظى باهتمام كبير من طرف الحكومة الموريتانية.
والسبب هو حجم الدعم الذي تقدمه السعودية والإمارات في مجالات عدة، وتمويلهما مشاريع تنموية حساسة؛ كالطاقة والمياه والزراعة، والدعم المباشر للميزانية والأجهزة الأمنية، ورعاية برامج لتطوير الحياة البرية، وتعزيز الجهود المبذولة في مجال البيئة بالبلد.
ويقول ولد أمحمد لـ "عربي بوست"، إن الإمارات تسعى إلى إيجاد موطئ قدم لها في منطقة دول الساحل الخمس (موريتانيا ومالي والنيجر وتشاد وبوركينا فاسو).
وأضاف أنها تعتبر موريتانيا بوابتها لهذه الدول، وهو ما يعكسه اهتمامها بدعم التنمية في موريتانيا والتعهد بالاستثمار فيها.
التنافس السعودي – الإماراتي على موريتانيا في أوجِه
ويضيف ولد أمحمد أن التنافس السعودي – الإماراتي على موريتانيا أصبح في أوجِه، حيث أُعلنت زيارة ولي عهد أبوظبي لموريتانيا، بعد ساعات فقط من اختتام محمد بن سلمان زيارة نواكشوط في جولته العربية الأخيرة.
ويختم ولد أمحمد أن الإمارات تسعى إلى التغلل أكثر في عدد من دول القارة السمراء، وموريتانيا هي الدولة التي يمكن من خلالها الدخول أكثر؛ نظراً إلى دعم نواكشوط السياسي محور السعودية والإمارات، وقطعها العلاقات الدبلوماسية مع قطر ترضيةً للدولتين، رغم المعارضة القوية للشارع والقوى المعارضة لدعم دول الحصار.
ويرى ولد أمحمد أن الإمارات تسعى جاهدة إلى الهيمنة على الاستثمارات في موريتانيا، وأن صفقة تولي شركة إماراتية تسيير مطار نواكشوط الدولي أكبر دليل على أهمية البلد بالنسبة للإمارات.
والسعودية تخطط لتسليح دول أفريقية منها موريتانيا
إلا أن السعودية كانت أبرمت قبل أشهر اتفاقية عسكرية مع عدة دول افريقية، من ضمنها موريتانيا.
إذ نشر موقع "Intelligence Online"، الاستخباراتي العسكري المتخصص، في أيلول/سبتمبر 2018، تقريراً تحدث عن مفاوضات سرية تجريها السعودية مع فرنسا من أجل إبرام صفقات تسليح تخص 6 دول أفريقية.
وكشف الموقع إجراء مفاوضات جرت بين فرنسا والسعودية لتمويل صفقات أسلحة لصالح موريتانيا وبوركينا فاسو ومالي والنيجر وتشاد وجيبوتي.
وستعرض لائحة طلبات الدول -التي يتوقع أن تبلغ 30 مليون دولار لكل دولة- على وزارة المالية السعودية للموافقة على تمويل هذه الصفقات.
وتفتح هذه الصفقات والمشاريع التي انهمرت فجأة على الدولة الافريقية باباً واسعاً من التساؤلات عما تخطط بها الحليفتان الخليجيتان في نواكشوط خصوصاً بعدما أعلن حلقيفهما الرئيس محمد ولد عبد العزيز نيته عدم التمديد لولايته الرئيسية العام المقبل.