كشف موقع Vox الأميركي السبت 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، عن مشروع قانون سيقدمه نائب ديمقراطي في مجلس النواب الأميركي لمعاقبة السعودية على مقتل الصحافي جمال خاشقجي، من خلال محاولة وقف صفقة نووية وشيكة مع المملكة.
وحصل الموقع الأميركي على مشروع القانون، المسمى بـ"قانون لا أسلحة نووية للسعودية لعام 2018″، الذي في حال تمريره سيكون بمثابة أقوى عقاب للسعودية بعد الضجة التي أُثيرت حول مصير خاشقجي.
وقد قُتل خاشقجي، والذي كان مقيماً بالولايات المتحدة، على يد مسؤولين سعوديين داخل قنصلية بلاده في إسطنبول الشهر الماضي أكتوبر/تشرين الأول. وأدى مقتله إلى احتجاج دولي كبير، شمل العديد من الأميركيين الذين أرادوا أن يشهدوا تحجيماً للعلاقات بين واشنطن والرياض.
وتتركز معظم النقاشات حول كيفية القيام بذلك على وقف مليارات الدولارات من مبيعات الأسلحة إلى المملكة، لكن الرئيس دونالد ترمب قال مراراً إنه لا يريد أن يُعرِّض الأموال القادمة إلى الولايات المتحدة للخطر، ويُخفي بعض أعضاء الكونغرس شعورهم بالقلق حيال التأثير السلبي لإيقاف شحنات الأسلحة إلى السعودية على الوظائف.
من هو النائب الذي سيفعل هذا؟
وبحسب الموقع الأميركي لذا بدلاً من إيقاف مبيعات الأسلحة، يريد النائب براد شيرمان، وهو نائب ديمقراطي عن ولاية كاليفورنيا، إيقاف صفقة نووية كبيرة بين الولايات المتحدة والسعودية التي كانت قيد التفاوض لأشهر، والتي لطالما ندَّدَ بها.
وقال النائب للموقع الأميركي: "لا أعتقد أنه كان من الممكن تمرير مشروع القانون هذا قبل الأحداث في إسطنبول، ولكنني أعتقد أن لدينا فرصة الآن". وهناك احتمالٌ كبير أن يشترك أحد نواب الحزب الجمهوري في مشروع القانون عند تقديمه رسمياً في الأيام العشرة المقبلة التي يعمل فيها الكونغرس.
سيؤدي التشريع إلى ثلاثة أمور رئيسية:
– إجبار ترمب على تقديم "اتفاقية المادة 123"، أو مجموعة القواعد التي تجعل من بيع الولايات للتكنولوجيا النووية إلى بلدٍ آخر أمراً قانونياً، للحصول على موافقة الكونغرس.
– إجبار الإدارة الأميركية على إخبار الكونغرس بأن السعودية ستلتزم "بالمعيار الذهبي" للاتفاقية واتفاقية التفتيش مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الهيئة المعنية بمراقبة التكنولوجيا النووية.
– إلزام الإدارة الأميركية بكتابة تقارير حول تحقيق السعودية في مقتل خاشقجي ووضع حقوق الإنسان في المملكة.
يمكن لمشروع قانون شيرمان أن يمنع خطط السعودية للحصول على التكنولوجيا النووية من الولايات المتحدة، خاصة أن معاقبة الرياض على مقتل خاشقجي تحظى بتأييد متزايد من الحزبين الجمهوري والديمقراطي.
"ضربة كبيرة للسعودية"
ويرى الموقع الأميركي أن هذا الأمر سيمثل ذلك ضربةً كبيرة للسعودية، إذ أطلق ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة، مشروعاً يوم الإثنين 5 نوفمبر/تشرين الثاني لبناء أول مفاعل أبحاث نووية في بلاده.
ويقدم ممثلو الحزبين في مجلس الشيوخ كذلك بعض الدعم لوقف المحادثات النووية مع الرياض.
وعلى سبيل المثال، أرسل كلٌّ من السيناتور إدوارد ماركي (ديمقراطي عن ولاية ماساتشوستس) وماركو روبيو (جمهوري عن ولاية فلوريدا) رسائل إلى ترمب يطلبان فيها تعليق المفاوضات مع السعودية على الأقل بشأن الصفقة النووية. ولم يتضح إذا ما كان أي منهما سيصوغ تشريعاً موازياً لنسخة مجلس النواب، على الرغم من أن متحدثاً باسم مكتب روبيو قال إن السيناتور "ربما" يفكر في مشروع قانون في المستقبل. ولم يستجب مكتب ماركي للطلبات المتكررة للإدلاء بتعليق.
ولأن هناك حماساً لهذه الفكرة في الكونغرس الأميركي، يقول العديد من الخبراء إن على المُشرِّعين أن يفعلوا ما بوسعهم لإحباط اتفاق محتمل قبل أن تضيع الفرصة.
ما هي "اتفاقية المادة 123″؟
وبحسب الموقع الأميركي في حال إبرامها، ستدخل "اتفاقية 123" الموقعة من ترمب مع السعودية حيز التنفيذ بعد مدة من الزمن قدرها 90 يوماً إذا لم يعارضها الكونغرس بأغلبية لا تخضع لحق النقض.
لكن مشروع قانون النائب شيرمان، في حالة تمريره، سوف يتطلب من الكونغرس التصويت لصالح إتمام الصفقة. وإذا اختار الكونغرس عدم التصويت على الاتفاقية، فإن الاتفاق النووي سينتهي أيضاً.
وبحسب الموقع الأميركي قد استمدت الاتفاقية اسمها من المادة 123 من قانون الولايات المتحدة للطاقة الذرية لعام 1954، التي تحدد معايير الولايات المتحدة لبيع المواد النووية إلى دول أخرى. إذا أرادت إحدى الدول شراء معدات نووية من الولايات المتحدة -لنقل، مفاعل نووي- يجب أن تستوفي تسعة شروط، تشمل:
– ضمان سلامة المواد على الدوام.
– عدم السماح بنقل البيانات السرية دون إذن من الولايات المتحدة.
– حظر استخدام المواد لصنع قنابل نووية أو لأي غرض عسكري.
لكن القانون لا يمنع أي بلد من استخدام البرنامج لتخصيب اليورانيوم وإعادة معالجته لصنع قنبلة. ولهذا السبب يرغب العديد من الخبراء والمسؤولين الحكوميين في أن تقدم السعودية وعداً بألا تفعل، وأن تخضع لـ"المعيار الذهبي" لهذا النوع من الصفقات. ووقعت الإمارات العربية المتحدة اتفاقية "المعيار الذهبي" مع الولايات المتحدة عام 2009، وبحسب الموقع الأميركي فإن توقيع اتفاقية مماثلة مع الرياض سيكون بمثابة تحسُّن.
وقد اصطفت الشركات الأميركية بالفعل استعداداً لبيع وبناء الأجزاء النووية في السعودية، منذ أن ناقشت واشنطن والرياض هذه الصفقة لعدة أشهر. ومع ذلك، يقول أحد مساعدي الكونغرس: "لم يكن هناك أي تعامل مع السعوديين مؤخراً لإبرام أي اتفاق من نوع اتفاقية المادة 123″، لكن كريستوفر فورد، وهو مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية الأميركية لشؤون الأسلحة النووية، سافر إلى السعودية في يوليو/تموز، ومن شبه المؤكد أنه قد أثار هذا الموضوع.
وبحسب الموقع الأميركي قد لا تفوز الشركات الأميركية بهذه العقود، ويعود ذلك جزئياً إلى أن الرياض تستطيع الحصول على ما تحتاجه بقيود أقل من أماكن أخرى.
ويمكن للسعوديين، على سبيل المثال، اللجوء إلى الشركات الروسية أو الصينية إذا ما رفضت الولايات المتحدة إتمام الصفقة. ويقول محللون إن الروس والصينيين قد يكونون أقل تصميماً على تقييد طموحات السعودية المتعلقة بالتخصيب أو إعادة المعالجة. ولهذا السبب، يزعم البعض أن واشنطن قد تضطر إلى النظر في حلٍّ وسط مع الرياض، خطة لا تعوق طريق البلاد نحو امتلاك قنبلة نووية، من أجل توقيع اتفاق.
يمكن للسعودية تسريع سباق التسلح النووي في الشرق الأوسط
وهناك قلق مشروع حول ما ستفعله الرياض بمفاعل نووي جديد إذا امتلكته بالفعل.
في 18 مارس/آذار، اعترف محمد بن سلمان علناً في برنامج minutes 60 الذي تبثه قناة CBS الأميركية بأن الحصول على رأس نووي احتمال قائم. وقال: "لا تريد السعودية الحصول على أي قنبلة نووية، ولكن من دون شك، إذا طورت إيران قنبلة نووية، فسنحذو حذوها في أقرب وقت ممكن".
وإيران هي الخصم الرئيسي للسعودية في الشرق الأوسط، وقد حققت مكاسب في الحصول على سلاح نووي في الماضي. وتشعر السعودية بالقلق من أن إيران قد تستخدم برنامجها النووي السلمي لصنع أسلحة في المستقبل، وتخل بتوازن القوى في المنطقة لصالحها.
وهناك دلائل أخرى على أن الهدف من البرنامج النووي السعودي الناشئ هو في الحقيقة الحصول على الأسلحة، وليس على الطاقة بشكل أساسي، كما قالت مراراً وتكراراً. وما قد يؤكد ذلك هو أن الرياض ركزت على الطاقة النووية وليس على الطاقة المتجددة لإمداد الملايين من مواطنيها بالطاقة، بحسب الموقع الأميركي.
وقال جو روم، وهو مساعد سابق لوزير الطاقة الأميركي خلال فترة حكم كلينتون، لزوشان عليم من موقع Vox في مارس/آذار إن السعودية أحد المؤهلين البارزين لاستخدام الطاقة الشمسية في إمداد معظم أنحاء البلاد بالطاقة. إذ إن المساحات الشاسعة من أراضيها الصحراوية التي تغطيها أشعة الشمس تصلح بطبيعتها لتوفير الكهرباء للبلاد خلال النهار.
أدى ذلك إلى شكوك كبيرة في أن الرياض تريد مساراً لبناء أسلحة نووية. إذا كان الأمر كذلك، فقد تساعدهم الولايات المتحدة قريباً. وإن لم يكن كذلك، فلايزال بإمكان النظام الملكي السعودي الحصول على تلك المساعدة من مكان آخر. وهذا يعني أن سباق التسلح النووي في الشرق الأوسط بين قوتين إقليميتين يلوح في الأفق، مع أو بدون مساهمة أميركا.
يقول شيرمان: "إذا كنت لا تأمن على منشار عظم بيد عناصر قوية في الرياض، فلا يمكنك أن تأمنهم على سلاح نووي".