نقلت صحيفة Washington Post الأميركية عن النواب الديمقراطيين المنتقدين للسياسة الخارجية لترمب، أنهم سيستخدمون أغلبيتهم في مجلس النواب لإمعان النظر في المحادثات الخاصة بين ترمب وزعماء العالم، والشراكات التجارية الخارجية له، وحملة فصل الدبلوماسيين التي شهدتها وزارة الخارجية.
وحتى قبل أن تُسلِّم الانتخابات التي أُجريت يوم الثلاثاء 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، مقاليد الأمور في مجلس النواب إلى الديمقراطيين، بدأ المشرعون الذين جرى إقصاؤهم عن المناقشات عامين في إعداد قائمة متطلعة من القضايا التي يأملون معالجتها عند جلوسهم على مقاعدهم في يناير/كانون الثاني 2018. تعكس تلك القائمة الطويلة عامين من الإحباط قضاهما الديمقراطيون، الذين أرسلوا رسائل إلى البيت الأبيض مراراً وتكراراً، للإجابة عن استفساراتهم دون جدوى، بحسب الصحيفة الأميركية.
ترمب في موقف الحرب
وقال ترمب إنه قد يتبني "موقفاً يشبه الحرب" إذا ما أصر الديمقراطيون من لجان عدة بمجلس النواب على وضع خطط ترمي إلى إجراء تحقيقات بشأنه هو وإدارته. ورد أحد المساعدين الديمقراطيين بأنَّ لجنة الشؤون الخارجية ستزاول مهامها وتمارس سلطتها الرقابية "بطريقة أو بأخرى"، بحسب الصحيفة الأميركية.
وإلى حد كبير، تفرض الرقابة على السياسة الخارجية الكثير من القيود والمسؤوليات على الديمقراطيين. فالسلطة التنفيذية تدير السياسة الخارجية، في حين يتحكم الكونغرس في الشؤون المالية.
وما يسع مجلس النواب، الذي يسيطر عليه الحزب الديمقراطي، هو تمهيد الطريق لانتخابات عام 2020، وتقديم برهان على أن الديمقراطيين أفضل من الجمهوريين في شؤون السياسة الخارجية والأمن القومي.
وقال جول روبين، الذي كان همزة الوصل بين وزارة الخارجية وإدارة ترمب في عهد أوباما: "الأمر برمته يتعلق برسم إطار لانتخابات عام 2020. بإمكان مجلس النواب فعل الكثير من الأمور بعيداً عن صياغة مشروع قانون يوافق عليه مجلس الشيوخ ويوقّع عليه الرئيس، بل يتعلق الأمر بتوضيح الاختلافات وتسليط الضوء عليها".
وتتضمن قائمة أماني الديمقراطيين عقد مناقشات تهدف إلى تعزيز بدائل لسياسات البيت الأبيض بشأن مكافحة تغير المناخ، وقضايا اللاجئين والمهاجرين، وذلك وفقاً للمساعد الديمقراطي، الذي تحدث شريطة عدم الإفصاح عن هويته، ليتسنى له مناقشة الخطط بصراحة أكثر، بحسب الصحيفة الأميركية.
ماذا يريد الديمقراطيون؟
ويرغب الديمقراطيون في معرفة ما تناوله اجتماع الرئيس ترمب مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في يوليو/تموز 2018 بهلسنكي، والذي لم يحضره مساعدو البيت الأبيض، وما الذي قاله ترمب لرئيس كوريا الشمالية كيم جونغ أون في أثناء قمة عُقدت في يونيو/حزيران 2018، بسنغافورة، لم يحضرها معهما سوى المترجمين الفوريين. ويعتزم الديمقراطيون أيضاً التحري في علاقاته التجارية بالبلدان الأجنبية وتضارب المصالح المحتمل مع الروس.
وبحسب الصحيفة الأميركية، تؤول مسؤولية الإشراف على وزارة الخارجية إلى الديمقراطيين، وهم يخططون لاستغلالها للخوض في قضية الإطاحة بعشرات من أعضاء السلك الدبلوماسي لأسباب تتمثل في أنَّهم لم يكونوا من أنصار ترمب.
ويتبنى العديد من أعضاء اللجنة مواقف أكثر تعنتاً من البيت الأبيض تجاه قضايا روسيا وكوريا الشمالية والسعودية، فضلاً عن الإلحاح للحصول على تفويض من الكونغرس فيما يتعلق بالتدخل العسكري في المناطق الساخنة بالعالم مثل سوريا.
قال المساعد الديمقراطي: "إنها أجندة طويلة".
وهناك الكثير من القضايا التي طرحها بالفعل إليوت إنجل (ممثل مدينة نيويورك)، وهو الديمقراطي ذو الرتبة الأعلى في لجنة الشؤون الخارجية.
وباعتباره ديمقراطياً بارزاً، قدَّم إنجل سيلاً من التعليقات الشائكة على سياسات ترمب، ومن بينها الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران وصفقات الأسلحة مع روسيا، والتهديد بوقف المساعدات إلى العديد من دول أميركا الوسطى، وخفض أعداد اللاجئين المسموح باستقبالهم ودعم حرب اليمن بقيادة السعودية.
لكن، لا يسع اللجنة، بقيادة إنجل، سوى فعل القليل لنقض بعض قرارات السياسة، ومن ضمنها الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي مع إيران ومئات العقوبات المفروضة عليها.
تحظى مسألة المساعدات الخارجية بدعم من الحزبين، وقد رفض الكونغرس بالفعل تخفيضين كبيرين في الميزانية اقترحتهما إدارة ترمب.
يتمثل السلاح الأقوى للديمقراطيين في إمكانية تردد أصداء أصواتهم بخصوص مسألة السياسة الخارجية.
تسليط الضوء على السياسة الخارجية لترمب
قال آرون ديفيد ميلر، وهو مسؤول سابق في وزارة الخارجية الأميركية وباحث بمركز ويلسون: "ستُثار ضجة كبيرة وستُسلط الأضواء على السياسة الخارجية لترمب، وعليه ستصبح الأجواء ساخنة. ويكمن السؤال الحقيقي في تواتر الأحداث المترتبة على ذلك. فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، تتمتع الإدارة بمزايا هائلة بموجب ما ينص عليه الدستور".
قال ميلر إنّ أي تشديد من الديمقراطيين على السقطات الملحوظة للإدارة في السياسة الخارجية من المرجح أن يتلاشى مع تفوق الشواغل الداخلية من حيث الأهمية. وعلى سبيل المثال، قال إنه سيركز على السياسة الخارجية في حل لم يُعزل المستشار الخاص روبرت مولر الثالث من منصبه خلال الأشهر الثلاثة قبل أن يبدأ الكونغرس الجديد في السيطرة، بالإضافة إلى أنه يمتلك تقريراً يثير التساؤلات حول التأثير الروسي على حملة ترمب.
وأردف: "إذا لم ينصبّ التركيز على تقرير مولر، فسيتوجه إلى إعادة تقسيم المناطق الانتخابية أو تنظيم تمويل الحملات. ويجب على الديمقراطيين تحديد قضايا متمايزة للتركيز عليها. وقد حددوا نطاق القضايا المتناولة لتحقيق تقدمات حقيقية في استراتيجية الإدارة".