صدرت صحيفة النهار الأعرق في لبنان الخميس 11 أكتوبر/تشرين الأول 2018، بثماني صفحات بيضاء احتجاجاً على تردّي الوضع السياسي مع تعثّر الفرقاء في تشكيل حكومة منذ نحو 5 أشهر، في وقت تغرق فيه البلاد في سلسلة أزمات اقتصادية وبيئية ومعيشية.
وقالت رئيسة تحرير صحيفة النهار، نايلة تويني، في مؤتمر صحافي، مُخاطِبة القوى السياسية: "الشعب تعب، والنهار تعبت من كتابة حججكم ووعودكم المكررة الفارغة"، مضيفة: "نتفرج على لعبة تقاسم الحصص، والله يعلم كم سننتظر لنرى اليوم الأبيض" في إشارة إلى تشكيل الحكومة اللبنانية.
صحيفة النهار اللبنانية
– عدد الخميس، ١١ أكتوبر/تشرين الأول ٢٠١٨ pic.twitter.com/a7YsCYwLMs— Doja | دُجى (@dojadaoud) October 11, 2018
وأوضحت أن صدور الصحيفة بهذا الشكل هو "لحظة تعبير مختلفة عن شعورنا الأخلاقي العميق بالمسؤولية كمؤسسة إعلامية تجاه وضع البلد الكارثي".
ولم تكتفِ الصحيفة التي تأسست في عام 1933، بإصدار نسختها الورقية بصفحات بيضاء، بل فعلت الأمر ذاته على موقعها الإلكتروني وحساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي.
وعلى هامش المؤتمر، أوضحت تويني لوكالة فرانس برس، أن الصحيفة منذ تأسيسها "دائماً كان لها دور في التغيير في مراحل سياسية معينة"، مؤكدة أن "صرختنا اليوم ليست مع طرف ضد طرف آخر".
ولعبت "النهار" خلال عقود دوراً بارزاً في الحياة السياسية اللبنانية. لكنها تعاني منذ سنوات من أزمة مالية كبرى.
ويشهد قطاع الصحافة في لبنان أزمة متمادية ترتبط بشكل أساسي بتوقف التمويل الداخلي والعربي إلى حد كبير، فضلاً عن ازدهار الصحافة الرقمية وتراجع عائدات الإعلانات، ما دفع مؤسسات عدة، بينها صحف ودور نشر عريقة، إلى الإغلاق أو الاستغناء عن صحافيين وموظفين، كما فعلت "النهار".
ويزيد الجمود السياسي والاقتصادي الذي يتخبط فيه لبنان منذ سنوات، من أزمة الصحافة. ورغم تسوية سياسية أدت إلى انتخاب ميشال عون رئيساً للبلاد في أكتوبر/تشرين الأول 2016، وأتت بسعد الحريري رئيساً للحكومة ثم انتخاب برلمان جديد في مايو/أيار، إلا أن ذلك لم يضع حداً للأزمات.
ولم يتمكن الحريري، منذ أشهر، من تشكيل حكومة جديدة، وتراوح الاستشارات التي يجريها مكانها، نتيجة خلافات حادة على توزيع الحصص الوزارية.
ويقف عدم تشكيل الحكومة حائلاً أمام حصول لبنان على مِنَح وقروض بمليارات الدولارات تعهد بها المجتمع الدولي دعماً لاقتصاده المتهالك، كما يثير الخشية من تدهور أكبر قد ينعكس أيضاً على الليرة اللبنانية.
وفي لبنان ذي الموارد المحدودة، لا يمكن تشكيل الحكومة من دون توافق القوى السياسية الكبرى؛ إذ يقوم النظام السياسي على أساس تقاسم الحصص والمناصب بين الطوائف والمجموعات السياسية.
وتشهد البلاد، منذ سنوات، أزمة نفايات لم تجد الحكومة حلاً نهائياً لها بعد. ويفيد مواطنون منذ أيام على مواقع التواصل الاجتماعي بوجود مياه آسنة تصل منازلهم للاستخدام اليومي. وينشر ناشطون صوراً تظهر حقول خضار غارقة في مياه آسنة.