ألقت القوات الليبية القبض على هشام العشماوي أحد أخطر المُتشدِّدين الإسلاميين في المنطقة، وهو ضابطٌ سابق في القوات الخاصة المصرية له صلات مع تنظيم القاعدة تقول السلطات إن التنظيم أوكله مهمة استهداف قوات الأمن المصرية، وزعزعة استقرار البلاد.
وقال مُتحدِّث باسم الجيش الوطني الليبي، في بيانٍ نُشِرَ على شبكة التواصل الاجتماعي فيسبوك، إنَّ عشماوي، الذي وصفه بعض المسؤولين الأمنيين بأنَّه أكثر الرجال المطلوبين في مصر، اعتُقِلَ يوم الجمعة 5 أكتوبر/تشرين الأول في مدينة درنة، شرقيّ ليبيا. فيما نشر الجيش الوطني الليبي صورةً لعشماوي مُلطَّخاً بدمائه، وهي صورةٌ يبدو أنَّها التُقِطَت فور القبض عليه، حسب تقرير نشرته صحيفة The Washington Post الأميركية.
وتجدر الإشارة إلى أنَّ قوات الجيش الوطني الليبي -التي يقودها أحد الزعماء الأقوياء شرقيّ البلاد الذي يعلن معارضته للحكومة المدعومة من الأمم المتحدة في طرابلس- تقاتل المُتشدِّدين الإسلاميين في درنة منذ شهور.
كان عشماوي يستخدم درنة، التي تقع على بُعد نحو 165 ميلاً غرب الحدود المصرية، كنقطة انطلاق للعبور إلى مصر وشنِّ هجماتٍ عليها.
ووفقاً لتقارير وسائل الإعلام المحلية، أكد مسؤولون أمنيون مصريون، يوم الإثنين 8 أكتوبر/تشرين الأول، القبض على عشماوي، وطالبوا بتسليمه.
وكتب إتش إيه هيلر، وهو زميلٌ غير مقيم في المجلس الأطلسي، في تغريدةٍ له: "سيكون هذا أمراً بالغ الأهمية إذا ثبتت صحته. فالملف الشخصي لعشماوي، في كلٍّ من ليبيا ومصر، ملف ثريّ".
ويعتبر مسؤولو الأمن المصريون عشماوي زعيم جماعتَي "أنصار الإسلام" و "المرابطون" المُسلَّحتين. وترتبط كلتا المجموعتين بالفرع التابع لتنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، وهو فرعٌ تابع للشبكة الإرهابية في شماليّ وغربيّ إفريقيا.
قبل عام، أعلنت جماعة أنصار الإسلام مسؤوليتها عن نصب كمين في الصحراء الغربية بمصر، أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 16 من أفراد قوات الأمن. كذلك تُحمِّل مصر الجماعة مسؤولية محاولة اغتيال جرت في عام 2013، وكانت تستهدف وزير الداخلية آنذاك، ومقتل النائب العام في القاهرة في عام 2015، من بين هجماتٍ أخرى.
طُرد عشماوي، الذي كان قائداً سابقاً في القوات الخاصة المصرية، من الجيش بعدما أصبح مُتطرِّفاً. وانضم إلى جماعةٍ مُتشدِّدة في شمال سيناء بمصر ظهرت بعد انقلاب عام 2013 الذي أطاح بالرئيس محمد مرسي، والذي نتج عنه قمعٌ لأفراد جماعة الإخوان المسلمين.
لكن عندما أعلن تنظيم سيناء ولاءه لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، انفصل عنه عشماوي وشكَّل أجهزته الخاصة التي ارتبطت فيما بعد بالقاعدة. وقال مُحلِّلون إنَّ شبكته جنَّدَت عديداً من الأفراد المُحبَطين بالقوات المصرية.
كان عشماوي وجماعته ينافسون داعش في ليبيا ومصر على النفوذ. وفي ليبيا، كان كلا الطرفين يقاتل الآخر.
وقال مُحلِّلون إنَّ اعتقال عشماوي يقدم دعماً لحملة مكافحة الإرهاب في مصر هي في أمسِّ الحاجة إليه، إذ تُعتَبَر هجمات المُتشدِّدين سبباً رئيسياً في تراجع السياحة في البلاد (المصدر الرئيسي للعملة الأجنبية) منذ ثورة الربيع العربي عام 2011 التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك.
لكنَّ عدداً قليلاً فقط من المُحلِّلين يتوقَّعون أن يكون لإلقاء القبض على عشماوي تأثيرٌ كبيرٌ في التشدُّد في مصر، فلم تشن جماعته، مع أنَّها ما زالت تعتبر تهديداً، هجماتٍ واسعة النطاق هذا العام.
بل يواجه الرئيس عبدالفتاح السيسي مشاكل أكثر إلحاحاً مع تنظيم داعش في سيناء، الذي أكَّد مسؤوليته عن إسقاط طائرة ركاب روسية في عام 2015 عندما غادرت منتجع شرم الشيخ، ما أسفر عن مقتل جميع الركاب البالغ عددهم 224 شخصاً.
وفي فبراير/شباط الماضي، شنَّ السيسي هجوماً كبيراً ضد داعش في شمال سيناء. ومنذ ذلك الحين، أُبلِغَ بمقتل المئات من المقاتلين، من بينهم 52 يوم الإثنين 8 أكتوبر/تشرين الأول.
ومع ذلك، يقول معظم المُحلِّلين إنَّ الجيش المصري ما زال يواجه عقباتٍ شديدة ضد تنظيم داعش في سيناء.
وبحسب زاك غولد، مُحلِّل شؤون الشرق الأوسط: "يمكن اعتبار ذلك بالتأكيد دفعةً معنوية لمصر، بعدما ظلَّت تُحمِّل عشماوي مسؤولية الهجمات الكبيرة -خاصة ضد قوات الأمن والمسؤولين الحكوميين- لأكثر من خمس سنوات. لكن مع ذلك، فمن غير المُحتَمَل أن يكون للقبض عليه أيُّ تأثيرٍ في حملة مصر لمكافحة الإرهاب على المدى القصير. ما زالت مصر تواجه داعش، وهو تهديدها الأكبر الذي كان عشماوي يقاتل ضده هو نفسه في ليبيا".