هل يوجد كائنات فضائية متقدمة ؟ هل هي أكثر تطوراً من البشر، هل سيغزون الأرض؟ أسئلة تبدو لا عقلانية أو حتى سخيفة للبعض، ولكن احتمال وجود مخلوقات عاقلة في الفضاء بدأ يكتسب اهتماماً من وكالة ناسا أكبر من أي وقت مضى.
يتركز البحث عن الحياة خارج كوكب الأرض من قِبل وكالات الفضاء الدولية على وجود الميكروبات في إطار نظامنا الشمسي، كما يثار تحديداً في حالة كوكب المريخ، لكن في السنوات الأخيرة بدأ البحث ينحو إلى اتجاه آخر مختلف.
فقد قامت مشاريع، مثل كيبلر Kepler وهاربس HARPS، بشيء لا يصدَّق، جعل العلماء يضعون في الاعتبار، بشكل متزايد، محاولة الإجابة عن هذا السؤال الصادم: هل يوجد كائنات فضائية متقدمة ؟ أو مخلوقات عاقلة من غير البشر؟
إذ أطلقت هذه المشاريع معرفتنا بالكواكب خارج النظام الشمسي إلى مستوى هائل، الأمر الذي زاد من فرص احتمال وجود كائنات فضائية متقدمة ، حسب تقرير نُشر بموقع Science Alert .
البحث عن كائنات فضائية ذكية قديم، ولكن هناك ضغوط أجبرت "ناسا" على التوقف عنه
شغل البحث عن كائنات ذكية في الكون عدداً من المنظمات، من ضمنها معهد SETI (البحث عن كائنات ذكية خارجية Search for Extraterrestrial Intelligence)، والذي أسسه الفلكيان كارل ساجان وجيل تارتر، ومبادرات الاختراق Breakthrough Initiatives، التي أسسها الفيزيائي يوري ميلنر بدعم من ستيفن هوكينغ.
على الرغم من ذلك، ومن الناحية التاريخية، كانت مشاركة "ناسا" في عمليات البحث هذه بسيطة. وقد أدارت "ناسا" برنامج SETI مدة عام واحد فقط في أوائل التسعينيات، قبل أن يتم إغلاقه؛ بسبب الضغوط السياسية.
ما الذي حدث ليجعل العلماء يضعون في حسبانهم احتمال وجود كائنات فضائية متقدمة ؟
نتيجة لجهود مشاريع مثل كيبلر Kepler وهاربس HARPS وغيرها، تم تأكيد وجود 3779 كوكباً من مجموعة متنوعة من المراصد، مع وجود الآلاف من الكواكب الأخرى المرشحة للانضمام إلى القائمة، معظمها تم اكتشافه في السنوات العشر الماضية، ومع هذا العدد المتنامي للكواكب تأتي الحماسة المتجددة للإجابة عن السؤال: على أحد تلك الكواكب الموجودة في هذا الكون الفسيح، هل يوجد كائنات فضائية متقدمة ؟ ، وهل يتيح هذا الاتساع الهائل الفرصة لوجود الحياة؟
البحث الآن أصبح واعداً أكثر من أي وقت مضى، كما أن الملاحظات والاكتشافات الحديثة لم تؤدِّ إلا إلى تأجيج نار الفضول العلمي بشأن إجابة هذا السؤال الذي يبدو للبعض سخيفاً، ولكنه ليس كذلك بالنسبة للعديد من العلماء.
كما أن هناك اكتشافاً بعينه أدى إلى تكهنات بوجود بنْية فضائية عملاقة وغريبة
"اكتشاف كيبلر في عام 2015 التقلبات غير المنتظمة في السطوع، فيما أصبح يُعرف باسم نجم تابي Tabby's Star أدى -حسب ناسا– إلى تكهنات بوجود بنْية فضائية عملاقة وغريبة، على الرغم من أن العلماء خلصوا منذ ذلك الحين إلى أن سحابة الغبار هي السبب المحتمل لتلك التقلبات".
مع ذلك، فقد أثبت نجم Tabby الفائدة المحتملة من البحث عن الشذوذ في البيانات التي يتم جمعها من الفضاء.
وقد يُظهر ذلك الشذوذ الذي يجري البحث عنه علامات الحياة المتطورة تقنياً على أنها انحرافات عن القاعدة".
ولكن كيف سيتم اكتشاف احتمالات وجود كائنات فضائية متقدمة ؟
أصبحت هناك أجيال جديدة من الأدوات والأجهزة التي تؤهل للمزيد من الازدهار في جهود استكشاف احتمالات وجود كائنات فضائية متقدمة .
من هذه الأدوات برنامج القمر الاصطناعي للمسح الاستقصائي العابر للكواكب الخارجية والمعروف اختصاراً باسم TESS، وتليسكوب "جيمس ويب" للفضاء James Webb Space Telescope، وهما تابعان لوكالة ناسا.
هذا بالإضافة إلى برنامج القمر الاصطناعي لتمييز الكواكب الخارجية والمعروف اختصاراً باسم CHEOPS، وبرنامج رصد الكواكب العابرة وتذبذبات النجوم والمعروف اختصاراً باسم PLATO، وهما تابعان لوكالة الفضاء الأوروبية.
ومع كل تلك البرامج، تتدفق الحرارة لجهود البحث عن كائنات فضائية محتملة ؛ وليس فقط عن مجرد وجود دلائل على الحياة بشكل عام، ولكن أيضاً على وجود دلائل على الحياة الذكية، التي ربما تكون قد دخلت مرحلة ما من الحضارة المتقدمة.
والتوقيعات التقنية كفيلة بكشف أي مظاهر لحضارة تكنولوجية فهي تنبعث منا نحن البشر حالياً
سيكون محور جهود "ناسا" الجديدة هو البحث عن وجود دلائل على تلك الحياة الذكية؛ إذ إنهم سوف يبحثون -على وجه الخصوص- عن شيء يسمى "التوقيعات التقنية- Technosignatures".
وهي الإشارات التي يمكن اعتبارها دليلاً على وجود حضارة متقدمة في مكان ما من الكون؛ إذ تقوم الأرض ومن عليها من البشر هنا بإطلاق توقيعاتهم التقنية طوال الوقت، وبشكل أوضح في شكل موجات الراديو.
لكن التوقيعات التقنية يمكن أن تأخذ أيضاً شكل انبعاثات الليزر والضوء الاصطناعي والحرارة من كوكب خارجي، أو مواد كيميائية في الغلاف الجوي يمكن أن تكون ملوثات، وهذه كلها أمثلة للتوقيعات التقنية التي قد تشير إلى وجود حضارة متقدمة.
والآن ها هو الكونغرس يقتنع ويعطي الإشارة الخضراء
من حسن حظ أنصار هذه الرؤية، أن الكونغرس الأميركي أظهر في أبريل/نيسان 2018، الاهتمام من جديد، بأن تقوم وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" بالبدء في دعم البحث العلمي عن التوقيعات التقنية ( آثار التقنيات التي يمكن أن تستخدمها أي كائنات الفضائية عاقلة)، كجزء من بحث الوكالة عن الحياة في الكون، حسبما ذكر بيان صادر عن الوكالة.
و"كجزء من هذا الجهد الذي يسعى لمعرفة هل يوجد كائنات فضائية متقدمة ؟، تستضيف الوكالة ورشة عمل ناسا للتوقيعات التقنية في هيوستن بالفترة ما بين 26 و28 سبتمبر/أيلول 2018، بهدف تقييم الوضع الحالي ميدانياً، وتحديد أكثر السبل الواعدة للبحث في التوقيعات التقنية، وأين يمكن أن تؤدي الاستثمارات لدفع العلم قدماً إلى الأمام".
إذن ، هل يوجد كائنات فضائية متقدمة ؟ ، أم لا
لا نعرف ما إذا كانت هناك حياة أخرى أم لا.
كل ما يعرفه العلماء بالتأكيد هو أن هناك فرصة غير صفرية لوجود كائنات فضائية عاقلة.
إن العثور عليها يشبه البحث عن إبرة صغيرة جداً في كومة قش كبيرة جداً؛ ولكن مع تطور التكنولوجيا وتقدُّمها.
وتبدو أدواتنا أشبه بالمغناطيس الذي يمكنه فعلاً العثور على الإبرة، إذا كانت موجودة.
وإذا كنت ترغب في متابعة ورشة عمل "ناسا" على الإنترنت، فستقوم الوكالة بنشرها على موقع Ustream