وجّه مبعوث الأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية الألماني هورست كوهلر، هذا الأسبوع، دعوات إلى المغرب والبوليساريو والجزائر وموريتانيا للقدوم لعقد لقاء جنيف في ديسمبر/كانون الأول؛ لبحث مستقبل الصحراء الغربية على أمل دفع عملية السلام المتوقفة منذ 10 سنوات.
وتم تسليم الدعوات الجمعة 28 سبتمبر/أيلول 2018، حسبما أفادت مصادر دبلوماسية. ومُنح الأطراف الأربعة حتى 20 أكتوبر/تشرين الأول 2018، للردّ على الدعوة.
وحدّد المبعوث موعد المباحثات يومَي 5 و6 ديسمبر/كانون الأول 2018 في جنيف.
وقال أحد المصادر الدبلوماسية إنّ الأمر لن يتعلّق بـ"اجتماع مفاوضات"؛ بل بـ"طاولة نقاش" وفق "صيغة 2 زائد 2".
فمن جهة، هناك طرفا النزاع: المغرب وجبهة البوليساريو، ومن جهة أخرى هناك الجارتان: الجزائر وموريتانيا، حسب مصدر دبلوماسي آخر.
ووُجِّهت الدعوات بالنسبة للجزائر والمغرب وموريتانيا إلى وزراء الخارجية. ولم يُعرف حتى الآن مستوى تمثيل مختلف الأطراف في لقاء جنيف.
وتعذّر الحصول على أيّ تعليق من الأمم المتحدة على الفور.
والرئيس الألماني السابق هورست كوهلر، الذي عُيّن في 2017 مبعوثاً للأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية، كان التقى مختلف أطراف النزاع في بداية 2018، لكن كلاً على حدة. وفي نهاية يونيو/حزيران وبداية يوليو/تموز 2018، قام بجولة إقليمية شملت الجزائر العاصمة ونواكشوط وتندوف ورابوني والرباط والعيون والسمارة والدخلة.
وتعود آخر جولة مفاوضات بين المغرب والبوليساريو إلى 2008، ولم يحدث شيء يُذكر منذ ذلك التاريخ.
وخلال هذا العام (2018)، عبّرت الجزائر عن رفضها إجراء مفاوضات مباشرة مع المغرب كما تريد المملكة منذ أمد بعيد. وترى الجزائر أنّ النزاع يجب أن يُحَلّ بين الصحراويِّين والمغرب، دون أن تستبعد "مواكبة" الطرفين في مباحثاتهما.
الصحراء الغربية الممتدة
وأكد عبد القادر مساهل، وزير خارجية الجزائر، مجدداً، السبت 30 سبتمبر/أيلول 2018، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أنّ الجزائر تعتبر أنّ حلّ النزاع في الصحراء الغربية "لا يمكن أن يتم إلا بممارسة شعب الصحراء الغربية حقّه غير القابل للتصرف أو التقادم، في تقرير المصير".
وأضاف أن الجزائر تأمل "استئناف المفاوضات دون شروط بين الطرفين؛ المملكة المغربية وجبهة البوليساريو، للتوصّل إلى حل سياسي مقبول من الطرفين".
وكان رئيس الحكومة المغربية، سعد الدين العثماني، اعتبر الثلاثاء 26 سبتمبر/أيلول 2018، من المنبر ذاته، أن الصحراء الغربية "مصدر عدم استقرار وعقبة أمام اندماج المغرب العربي". وطلب من الجزائر "تحمُّل مسؤولياتها السياسية والتاريخية" متّهماً إياها بأنها تقف وراء الأزمة.
وتطالب جبهة البوليساريو، المدعومة من الجزائر، بتنظيم استفتاء تقرير مصير في الصحراء الغربية، هذه المنطقة الصحراوية الشاسعة التي تبلغ مساحتها 266 ألف كم مربع، وهي المنطقة الوحيدة في إفريقيا التي لم تتم تسوية وضعها بعد فترة الاستعمار.
وترفض الرباط، مدعومة من باريس وواشنطن، أي حل خارج حكم ذاتي تحت سيادتها.
وكان المغرب تولى في 1975، مع رحيل المستعمر الإسباني، السيطرة على القسم الأكبر من الصحراء الغربية. وأعلنت البوليساريو، التي كانت تكافح ضد الاستعمار الإسباني في 1976، أن "الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية" حاربت القوات المغربية حتى التوصل إلى وقف لإطلاق النار في 1991 برعاية الأمم المتحدة.
أقصى ما يمكن أن تقدمه المغرب حكماً ذاتية
ولم يتم تجديد مهمة الأمم المتحدة في الصحراء الغربية، التي تضمن استمرار وقف إطلاق النار، في أبريل/نيسان 2018، إلا لفترة 6 أشهر فقط، من مجلس الإمن الدولي، وذلك إثر ضغوط أميركية للدفع باتجاه حل النزاع.
وسيُدعى مجلس الأمن مجدّداً للنظر في تمديد ولاية المهمة في نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2018.
وقال مسؤول عبد المجيد بلغزال، عضو المجلس الملكي الاستشاري المغربي للشؤون الصحراوية (حكومي)، تعليقاً على دعوة مبعوث الأمم المتحدة إلى الصحراء، إن بلاده "تتمسك بمقترح الحكم الذاتي كحل لقضية الصحراء".
وذكر بلغزال لـ"الأناضول"، أن بلاده تتمسك، أيضاً، بكون قضية الصحراء "اختصاصاً حصرياً لمجلس الأمن"، و"لا مفاوضات من دون حضور الجزائر".
وأشار بلغزال إلى أن المغرب استطاع أن يُبقي قضية الصحراء في أروقة مجلس الأمن، لافتاً إلى أن أقصى ما يمكن أن تقدمه بلاده هو مقترح الحكم الذاتي.