أعاد الهجوم المحتمل من نظام الأسد وحلفائه على إدلب السورية، الحديث في أوروبا عن احتمال استقبال عدد جديد من اللاجئين، في حال فرار سوريين من المحافظة الواقعة شمال غرب البلاد، والتي يقطنها قرابة 3 ملايين نسمة.
وأشار تقرير نشرته صحيفة Financial Times البريطانية، أمس الخميس 13 سبتمبر/أيلول 2018، إلى أنه من المزمع أن يتم نقل المهاجرين الوافدين إلى الاتحاد الأوروبي من مخيمات الجزر اليونانية خلال أسابيع قليلة، لتخفيف حدة الزحام الشديد، وإفساح الطريق في حالة هروب السوريين من إدلب الخاضعة، مشيرةً إلى أن هذه الخطط تتم مناقشتها من جانب بروكسل وأثينا.
ومن المقرر أن يلتقي ديمتريس أفراموبولوس، مفوض الهجرة بالاتحاد الأوروبي، كبار المسؤولين اليونانيين خلال الأسبوع المقبل، ومن بينهم رئيس الوزراء أليكسيس تسيبراس، في محاولة لاتخاذ خطوة مبدئية من أجل نقل 3000 شخص.
ويستهدف المقترح في الأساس التعامل مع ما أسمته 19 منظمة غير حكومية يوم الخميس الفائت ظروفاً "مخزية" بمراكز إقامة المهاجرين بالجزيرة.
وترتبط الاستراتيجية أيضاً بخطة طوارئ، في حال قيام نظام بشار الأسد الذي تدعمه روسيا بشن هجوم شامل لاستعادة إدلب وفرار اللاجئين إلى اليونان عبر تركيا.
وذكر أحد دبلوماسيي الاتحاد الأوروبي حول مخيمات الجزر اليونانية: "من المهم أن يتم خفض تلك الأعداد. فإذا ما وصل اللاجئون إلى اليونان في زحف جماعي، سيكون الأمر صعباً للغاية. ولن يكون هناك فائض لاستيعابهم".
وقد أدى الموقف حول إدلب، التي تقع على الحدود مع تركيا، إلى زيادة العجلة نظراً لتجمع ملايين الأشخاص هنالك.
الهجوم على إدلب يهدد مئات الآلاف
وبحسب الصحيفة البريطانية، ذكر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية هذا الأسبوع، أن 30 ألف شخص قد نزحوا من منازلهم جراء الاعتداءات الجوية والبرية التي يشنها النظام وحلفاؤه ضد معقل المعارضة، بينما يمكن أن يؤدي الاعتداء الشامل إلى نزوح نحو 800 ألف شخص آخرين.
وحذر رئيس المفوضية الأوروبية جان كلاود جانكر هذا الأسبوع من "ضرورة أن تكون الكارثة الإنسانية الوشيكة في إدلب موضع اهتمام بالغ ومباشر من الجميع".
وتريد المفوضية الأوروبية أن تساعد أثينا على التعجيل بتنفيذ البرنامج القائم من أجل نقل المهاجرين إلى المدن اليونانية، وتوفير الإقامة لهم من أجل تخفيف حدة التكدس بالجزيرة، بحسب ما ذكره دبلوماسيو الاتحاد الأوروبي.
وقالت المفوضية إنها تتعاون مع السلطات اليونانية لتيسير انتقال 3000 شخص اعتبرتهم أثينا مؤهلين للانتقال، نظراً لأن بعضهم قد تقدم بطلبات للجوء وينتظرون نتائج طلباتهم.
وارتفعت أعداد اللاجئين في مخيمات الجزيرة؛ ويرجع ذلك بصفة جزئية إلى المدة الزمنية اللازمة للتعامل مع حالات اللجوء. حيث يتكدس أكثر من 17 ألف لاجئ داخل مرافق لا تتسع لأكثر من 6000 شخص، بحسب ما أوردته المنظمات غير الحكومية يوم الخميس الفائت، مضيفةً أن مخيم موريا بجزيرة ليسبوس يفيض بمياه الصرف الصحي وتقارير العنف والانتهاكات الجنسية.
وذكرت المنظمات غير الحكومية في بيان لها: "من المخجل أن يتحمل اللاجئون مثل تلك الظروف المروعة على الأراضي الأوروبية".
وأخبر أفراموبولوس، مفوض الهجرة بالاتحاد الأوروبي الصحفيين يوم الخميس الماضي، أنه كان يعلم بوجود "مشكلات حالية، وخاصة في مخيم موريا". وأضاف أن المفوضية كانت تبذل "كل ما في وسعها" لدعم السلطات اليونانية تشغيلياً ومادياً.
وأضاف: "المال ليس هو القضية. تحظى اليونان وسوف تستمر في الحصول على كل الدعم المالي لمواجهة تحديات اللجوء".
وقامت الحكومة اليونانية بالفعل بنقل بعض طالبي اللجوء إلى داخل الدولة. وطالبت الاتحاد الأوروبي بمنحها المزيد من التمويل والدعم.
العبور نحو أوروبا
ويذكر مسؤولو الاتحاد الأوروبي أن التأثير المحتمل للنزاع في إدلب على الوضع في اليونان يصعب الحكم عليه. ويتمثل أحد أوجه التشكك فيما إذا كانت أنقرة سوف تفتح حدودها للسماح للمهاجرين بالفرار.
وتقول Financial Times أنه حتى في حالة عبور المدنيين للحدود، فمن غير المؤكد أن يحاولوا التحرك نحو الاتحاد الأوروبي، حيث تستضيف تركيا بالفعل أكثر من 3.5 مليون لاجئ سوري.
وقد أبرم الاتحاد الأوروبي صفقة مع تركيا عام 2016، تم الاتفاق بموجبها على سداد 6 مليارات يورو، مقابل أن تستعيد أنقرة المهاجرين الذين يعبرون من مناطقها إلى الجزر اليونانية. وقد ساعدت تلك الاتفاقية إلى خفض أعداد الوافدين عبر البحر المتوسط إلى حد كبير مقارنة بعام 2015-2016.
وقالت تركيا إنَّها لن تسمح لأعدادٍ كبيرة من اللاجئين الجدد بعبور حدودها التي باتت محصنةً. ويترك ذلك منطقةً في شمال سوريا تُعرَف باسم منطقة درع الفرات تتحكم فيها تركيا. ومن المرجح أن تكون هذه المنطقة وجهةً للمعارضة، التي تبحث عن ملاذٍ أخير على الأراضي السورية، وفقاً لما ذكرته صحيفة The Guardian البريطانية.
وتخطط أنقرة لاستخدام منطقة درع الفرات كورقة ضغط بسوريا في مرحلة ما بعد إدلب، لكنَّها قد تتعرض لضغوطٍ شديدة للسماح باستخدامها كملاذٍ أخير في حالة شن هجوم. وفي غضون ذلك، قالت إنَّها لن تسمح بتحويل محافظة إدلب إلى "بحيرة من الدماء".