احتشد الأصدقاء والزملاء للدفاع عن 6 صيادين تونسيين ينتظرون المحاكمة في إيطاليا بتهمة تهريب البشر، حيث ذكروا أنهم مجرد صيادين أنقذوا حياة المئات من المهاجرين واللاجئين على مدار السنين، ممن كادوا يغرقون بالبحر المتوسط.
تم إلقاء القبض على هؤلاء الصيادين وفق تقرير صحيفة The Guardian خلال عطلة نهاية الأسبوع، بعد أن أطلقت سفينتهم قارباً صغيراً كانت تسحبه وعلى متنه 14 مهاجراً، على مسافة 24 ميلاً من ساحل جزيرة لامبيدوزا الإيطالية.
ذكرت السلطات الإيطالية أن طاقم إحدى طائرات وكالة فرانتكس الحدودية الأوروبية قد حدَّد موقع السفينة للمرة الأولى، على بعد نحو 80 ميلاً بحرياً من جزيرة لامبيدوزا، وقرَّر متابعة الموقف. وقام الطاقم بتحذير الشرطة الإيطالية بعد إطلاق قارب المهاجرين، حيث قامت الشرطة بالقبض على كافة أعضاء طاقم السفينة.
وذكر محامو المتهمين أن الصيادين التونسيين يؤكدون أنهم رأوا قارب مهاجرين في أزمة، وتم اتخاذ قرار مشترك بسحبه إلى منطقة آمنة بالمياه الإقليمية الإيطالية. وزعم الصيادون أنهم اتصلوا بحرس السواحل من أجل التدخل وسحبهم إلى الشاطئ.
اتهم المدعي العام الصيادين بسحب القارب بصورة غير قانونية إلى المياه الإقليمية الإيطالية، وذكر أنه لا يوجد أي دليل على أي نداء استغاثة من جانب قارب المهاجرين أو سفينة الصيادين.
وكان من بين هؤلاء الذين تم القبض عليهم، شمس الدين بن علي بوراسين، البالغ من العمر 45 عاماً، الذي يشتهر بمدينة زارزيس الواقعة على مقربة من الحدود الليبية بإنقاذ المهاجرين واستعادة الأشلاء البشرية التي تقع في شباكه إلى الشاطئ، لمنح الموتى مجهولي الهوية مراسم دفن جليلة.
وفي أعقاب اعتقال الصيادين، تجمَّع مئات التونسيين في جرجيس للاحتجاج، وأرسلت جمعية الصيادين التونسية جرجيس خطاباً إلى السفارة الإيطالية في تونس لدعم المعتقلين.
وذكر الخطاب أن "القبطان بوراسين وطاقمه صيادون يبذلون قصارى جهدهم، وتتجاوز القيم الإنسانية لديهم المخاطر اليومية التي يواجهونها. وحينما نواجه قارباً يتعرض لأزمة وسط البحر، فإننا لا نفكر في اللون أو الديانة".
وذكر زملاء بوراسين في جرجيس أنه يسعى وراء إقناع الشباب التونسي بعدم الهجرة بصورة غير شرعية. وفي عام 2005، شارك في عملية إنقاذ بحري نظمتها جمعية أطباء بلا حدود في جرجيس .
وذكرت جوليا برتولوزي، المخرجة والصحافية الإيطالية التي أخرجت الفيلم الوثائقي Strange Fish حول بوراسين، أن الرجال كانوا معروفين للغاية في المدينة التي يعيشون بها.
ونقلت صحيفة The Guardian عن برتولوزي قولها: "يشتهر بوراسين وطاقمه في جرجيس بكونهم أبطالاً مجهولين. وقد تم توزيع التماس منذ بعض الوقت لترشيحه لجائزة نوبل للسلام. فقد أنقذ آلاف الأرواح منذ ذلك الحين".
ويقبع الصيادون التونسيون الستة حالياً بالسجن في مدينة أجريجنتو في انتظار المحاكمة. وفي حالة إدانتهم، يمكن أن يواجهوا حكماً بالسجن لمدة 15 عاماً.
وذكرت الشرطة الإيطالية في بيان لها "لقد تصرّفنا وفقاً للبروتوكول. بعد أن أطلقت سفينة الصيد القارب، عادت إلى جنوب جزر بيلاجي حيث تعمل قوارب الصيد الأخرى في محاولة للاختباء".
ليست هذه هي المرة الأولى التي تلقِي خلالها السلطات الإيطالية القبض على صيادين وتتهمهم بتقديم العون إلى المهاجرين غير الشرعيين. ففي 8 أغسطس/آب 2007، ألقت الشرطة القبض على صيادَيْن تونسيين لقيامهما بمساعدة وتوجيه 44 مهاجراً إلى المياه الإقليمية الإيطالية. واستغرقت المحاكمة أربع سنوات، وتمت تبرئة كلا الرجلين من كافة الاتهامات الجنائية.
ونقلت صحيفة The Guardian عن المحامي ليوناردو مارينو، الذي دافع عن عشرات من الصيادين التونسيين المتهمين بالمساعدة على التهريب، قوله: "الحقيقة هي أن المهاجرين يُعاملون كما لو كانوا أعداء وبدلاً من الترحيب بهم، قرَّرنا محاربة من يحاول مساعدتهم بقوانين قمعية".
ـــــــــــــــــــــــــــــ