حذر محللان فلسطينيان ومسؤول في منظمة التحرير، من أن أية خطوات أميركية لتغيير طريقة عمل أونروا (وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين)، ستجعل واشنطن وإسرائيل في مواجهة مباشرة مع العالم، وقد تؤدي لإشعال المنطقة.
والسبت الماضي، قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، "تتجه مع بداية سبتمبر/أيلول 2018 لإعلان خطوات تغير من طريقة عمل وكالة أونوروا، وتهدف إلى إلغاء حق عودة اللاجئين".
وذكرت القناة الثانية العبرية، أن الإدارة الأميركية "ستعتبر أن عدد اللاجئين الفلسطينيين نصف مليون فقط، وليس 5 ملايين كما تقول (أونروا)"، في إشارة إلى الاعتراف فقط بالأشخاص الذين هجرتهم العصابات الصهيونية من قراهم ومدنهم عام 1948.
ووفقاً للقناة العبرية، فإن إدارة ترمب ستتخذ أيضاً سلسلة إجراءات في هذا الإطار تتمثل بالإعلان عن وقف تمويل كامل لأونروا في عدد من المناطق، وإيجاد صيغة قانونية جديدة تكفل عدم نقل صفة اللاجئ بالوراثة من الأجداد والآباء إلى الأبناء.
وأشارت إلى أن هذه الخطوات قد يتم البدء بتنفيذها فعلياً الأسبوع المقبل، لافتة إلى أنّ بعض المسؤولين الإسرائيليين على اطلاع بها، وقد وصفوها بأنها "تاريخية".
التنصل من مسؤولية اللاجئين
بدوره، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي أحمد رفيق عوض، أن الهدف الأميركي- الإسرائيلي هو شطب وكالة أونروا، وتحويل مسؤولية اللاجئين للسلطة الفلسطينية، وأضاف في تصريح لوكالة الأناضول: "هم يريدون تخليص أنفسهم من مسؤولية اللاجئين، والضغط على السلطة من أجل إدارة شؤونهم والإنفاق عليهم".
وبين عوض أن هذ المخطط "يتفق تماماً مع ما يشاع بتحديد عدد اللاجئين بنصف مليون فقط"، لافتاً إلى أن إسرائيل تسعى أيضاً "لشطب فكرة اللاجئ حتى لا يكون شاهداً على ما جرى خلال أحداث النكبة عام 1948".
وحذر عوض من مخاطر كل ذلك في إشعال المنطقة، من خلال الضغط على اللاجئين في مختلف أماكن تواجدهم، بما قد يشكل نواة للعنف في كل مخيم. وتابع قائلاً: وتابع "اللاجئون سيتحولون إلى عاطلين وجوعى ومرضى وهذه تربة خصبة للعنف وستكتوي أميركا وإسرائيل بنارها".
ويعتقد عوض أن هناك "محاولات حثيثة، إسرائيلياً وأميركياً، لإخضاع الفلسطينيين والعرب للواقع القائم، المتمثل في أن إسرائيل دولة يهودية، وأن الاستيطان مستمر ولن يتوقف، وأن الانقسام الفلسطيني دائم".
ويقول إن العالم "مسؤول عن بقاء وكالة أونروا، وأن أي مساس بها يعني اندلاع مواجهة بين الولايات المتحدة والعالم، كون استمرار وجودها مسؤولية العالم، وشطبها يمثل مخالفة للقرارات الأممية".
وتقول الأمم المتحدة إن أونروا تحتاج 217 مليون دولار، محذرة من احتمال أن تضطر الوكالة لخفض برامجها بشكل حاد، والتي تتضمن مساعدات غذائية ودوائية.
"ابتزاز سياسي"
ومتفقاً مع عوض، قال أحمد حنون، مدير عام دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير، إن أونروا تلقت دعماً سياسياً كبيراً، وأية توجهات أميركية لإلغائها تعني مواجهة مع المجتمع الدولي.
وأوضح للأناضول أن الولايات المتحدة وإسرائيل لا تملكان أية سلطة على الوكالة الأممية، لا من حيث التفويض ولا أي شيء آخر.
وفي السياق ذاته، اعتبر حنون الحديث عن إبقاء المساعدات الأميركية للوكالة في منطقة، وعزلها في منطقة أخرى، "ابتزازاً سياسياً تقوم به واشنطن ضمن محاولات فرض صفقة القرن".
وأردف أن القيادة الفلسطينية لن تتعامل مع كل قرارات واشنطن، وستواجهها، كما رفضت إعلان ترمب القدس عاصمة لإسرائيل.
وشدد المسؤول في منظمة التحرير أن وكالة الغوث هي المخولة بتحديد أعداد اللاجئين وليست أية أطراف أخرى.
من جهته، أشار أيمن يوسف، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العربية الأميركية (خاصة مقرها جنين)، إلى محاولات من إدارة ترمب لوضع عراقيل جديدة أمام السلطة الفلسطينية، والضغط عليها للموافقة على مشاريع "تصفوية".
وأوضح يوسف أن واشنطن تستغل التغييرات العربية والإقليمية للضغط على السلطة، مستفيدة من تراجع "القضية الفلسطينية عن سلم الأولويات في المنطقة". وأضاف "هناك خطوات مترابطة لحصر الهم الفلسطيني في قضايا إغاثية إنسانية، وإخراجها من الصراع السياسي على الأرض".
وتأسست أونروا بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949، لتقديم المساعدة والحماية للاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها الخمس، وهي: الأردن، سوريا، لبنان، الضفة الغربية وقطاع غزة.
ويبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين المقيمين داخل فلسطين وخارجها، نحو 5.9 مليون لاجئ، بحسب أحدث بيانات إحصائية فلسطينية رسمية.
وينص قرار حق العودة، الذي يحمل رقم 194 والصادر 11 كانون الأول/ديسمبر 1948 عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، على حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة والحصول على التعويض.
واقرأ أيضاً:
رغم وقف أميركا تمويلها للوكالة.. الأونروا تفتح مدارسها في الضفة وغزة وتحصل على دعم بديل