4 شخصيات موتها سيحدث ثورة في الشرق الأوسط.. جنازاتهم ستكون مُغيِّرة لتوازن المنطقة خلال السنوات المقبلة

عربي بوست
تم النشر: 2018/08/23 الساعة 14:24 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/08/23 الساعة 14:26 بتوقيت غرينتش

ذهبت وكالة Bloomberg الأميركية في تقرير لها إلى أن هناك توافقاً الآن على أنَّ أي تحول سياسي في الشرق الأوسط لن يتحقق إلا بوفاة أي من مرشد الثورة الإيرانية خامنئي ، أو السيستاني أو السلطان قابوس أو الملك سلمان

وقالت، إذ أدَّى فشل الربيع العربي، والنتائج الكارثية للغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق، والكارثة المستمرة في سوريا إلى تحطيم أوهام حدوث تغييرٍ مفاجئ.

ومن الرائج أكثر هذه الأيام تعليق الآمال على الديموغرافيا والتكنولوجيا، أي النظرية المتمثلة في أنَّ جماعة كبيرة من الشباب، مُسلَّحين بالهواتف الذكية، سينجحون حيث فشلت كل الجهود الأخرى.

وأضافت الوكالة: "لكنَّنا ربما أغفلنا عنصر تغيير أبسط وأضمن: الوفاة البشرية. كان الموت، خصوصاً للحكام الذين يحكمون لفترة طويلة، تاريخياً بشارة موثوقة للتجديد السياسي والاقتصادي والاجتماعي".

وينطبق هذا بشكل خاص حين يكون هناك انتقال للسلطة بين الأجيال، وهو بالضبط ما نوشك أن نشهده في الشرق الأوسط.

إذ ستكون هناك 4 جنازات مُغيِّرة للتوازن في السنوات القليلة المقبلة، وذلك مع بلوغ ملك، وسلطان، واثنين من آيات الله العظمى نهاية حياتهم.

والقادة الأربعة المتقدمون في السن هم، بالترتيب وفق نفوذهم الإقليمي: المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، ملك السعودية سلمان بن عبدالعزيز، آية الله العظمى العراقي علي السيستاني، وسلطان عُمان قابوس بن سعيد.

 وسيحدد الجواب عن سؤالي مَن يخلفهم، وكيف، الديناميات السياسية في المنطقة على مدار جيل قادم.

أولاً: آية الله علي خامنئي، المرشد الأعلى لإيران الذي يتولى المنصب منذ 1989 ويبلغ من العمر  78 عاماً

تُعَد التفاصيل المتعلقة بصحة المرشد الأعلى أسراراً دفينة ومحمية جيداً، لكنَّ شائعات إصابته بالسرطان مستمرة منذ سنوات.

وتتضمَّن إحدى أكثر الألعاب التي تُمارَس داخل المنازل وتحظى باهتمام في طهران مقارنة صور خامنئي بصوره الأقدم، والتكهُّن بشأن الفترة المتبقية في حياة الرجل العجوز.

ويتبع هذا غالباً رهانات على مَن يمكن أن يخلفه، يُمنَح فيها المتشددون الرهانات الأفضل والمعتدلون الرهانات الأقل.

خامنئي
خامنئي

وعلى الورق، ينبغي أن تكون عملية الخلافة في طهران هي الأكثر سلاسة بين الحالات الأربعة؛ فهي الحالة الوحيدة التي تُعَد العملية فيها مُدوَّنة.

فحين يصبح خامنئي غير قادر على أداء واجباته، سواء بسبب حالته الصحية أو وفاته، سيُختار خليفته من جانب الأعضاء الـ88 المُنتخَبين بمجلس خبراء القيادة.

لكنَّ بعض القواعد قابلة للتبدُّل.

ففي المرة الوحيدة السابقة التي طُبِّقَت فيها العملية –حين حل خامنئي محل آية الله روح الله الخميني- جرت التغطية على الحقيقة المزعجة المتمثلة في كون الرجل الجديد غير مؤهل ولا يحمل درجة  "آية الله عظمى" بـ"ترقية" سريعة، مُنِحَت له كما لو أنَّها دكتوراه فخرية من حوزة دينية مُجامِلة.

السؤال الكبير المطروح هو ما إن كان المرشد الأعلى المقبل سيكون متشدداً كخامنئي، أم معتدلاً نسبياً مثل الرئيس حسن روحاني.

وهيَّأ خامنئي الظروف لصالح المحافظين، فعيَّن مرشحيه المفضلين في مناصب حكومية عليا وملأ بهم مجلس خبراء القيادة.

في حين يمر المعتدلون، وهم دوماً ضعفاء، بفترة ضعف استثنائية بعد فشل روحاني في تحقيق المكاسب الاقتصادية المتوقعة من الاتفاق النووي الإيراني مع القوى العالمية.

لكنَّ تولّي المنصب لن يكون سهلاً أيضاً بالنسبة لمرشح متشدد. فالإيرانيون العاديون في مزاجٍ سيئ، وتشير الشعارات المناوئة لرجال الدين، بل وحتى لخامنئي، التي يمكن رؤيتها في احتجاجات الشوارع عبر البلاد إلى رغبة في تغييرٍ جاد على مستوى القيادة.

ولن يسمح تفكيك الرئيس الأميركي دونالد ترمب للاتفاق النووي للمتشددين بحشد الإيرانيين خلف شعاراتهم الوطنية لحينٍ من الزمن، لكنَّ المخاوف الاقتصادية وراء الاحتجاجات على الأرجح ستتعمَّق بعد إعادة فرض الإجراءات الاقتصادية العقابية.

ومن المرجح كذلك أن يُعجِّل رحيل خامنئي بعملية انتزاع للسلطة من جانب الحرس الثوري الإيراني. وفي حين أنَّ الحرس الثوري يخضع رسمياً للمرشد الأعلى، فإنَّه نما وأصبح مركز قوة عسكرية واقتصادية مستقل.

وينظر الإيرانيون العاديون إلى الحرس الثوري بازدراء، ويرونه رمزاً للفساد والقمع. ويدرك القادة في الحرس أنَّ أسرع سبيل لحصول مرشد أعلى جديد على الشرعية في الشارع سيكون هو التحرُّك ضدهم، وسيدعمون أكثر مرشح يُرجَّح أن يحمي مصالحهم.

ويمكن القول إنَّ أسوأ نتيجة ممكنة بالنسبة للحرية السياسية سيكون وجود مرشح ناتج عن تسوية ويكون بحاجة للتحالف مع اثنين من المعسكرات الثلاثة المتنافِسة، وهو ما يعني حتماً المحافظين والحرس الثوري، المتحدين في عدم ثقتهم بالمعتدلين. وفي نهاية المطاف، كان هذا هو ما نجح مع خامنئي.

ثانياً: سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ملك المملكة العربية السعودية الذي يتولى المنصب منذ 2015 ويبلغ من العمر 82 عاماً

قَلَبَ الملك سلمان خطة خلافة الحكم مرة من قبل بالفعل، حين أحلّ ابنه الأمير محمد بن سلمان محل ولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف الصيف الماضي بصورة موجزة دون اتباع الأسلوب التقليدي.

وبتلك النقلة الواحدة، تجاوز الملك مطالبة جيل كامل من الأمراء السعوديين بالمنصب: كان بن سلمان يبلغ آنذاك 31 عاماً، في حين كان بن نايف يبلغ 57 عاماً.  

وتحرَّك بن سلمان بقوة لترسيخ موقعه: فهو يسيطر على معظم مقابض الدولة ذات الأهمية، بما في ذلك الجيش وقطاع النفط.

الملك سلمان
الملك سلمان

وهو كذلك يبني مصداقية له خارج المملكة، ويشهد على ذلك جولته الكبرى في الولايات المتحدة في وقتٍ سابق من هذا العام، والتي تحدث خلالها عن أجندة إصلاح اقتصادي واجتماعي من المؤكد أنَّها ستطرب آذان غير السعوديين.

لكنَّ ولي العهد لم يُكمِل انتصاره بعد. فهيبته الشخصية تُمنى بضربات قوية في اليمن، حيث تحوَّلت الحرب التي تقودها السعودية إلى مستنقع.

وفشل الحصار الذي تقوده السعودية على قطر سياسياً واقتصادياً. وخاض ولي العهد معارك عديمة الجدوى مع حلفاء كألمانيا وكندا. وتشير حملة قمع داخلية على نشطاء حقوق المرأة إلى أنَّه يواجه مقاومة حقيقية ضد العناصر الرئيسية لإصلاحاته التي رُوِّج لها كثيراً.

لكن لا شيء من هذا كافياً للتشكيك في خلافته، على الأقل ليس بعد. لكنَّ المزيد من المقاومة قادمة.

فمن بين القوى الداخلية المُصطفّة ضده هناك الجيل الذي جرى تجاوزه، ورجال الدين المحافظين، والكثير من المليارديرات الذين غرَّمهم وسجنهم في أحد الفنادق الفاخرة الخريف الماضي. ولتلك العناصر المتداخلة مصلحة وجودية في الحفاظ الوضع القائم.

ثالثاً: آية الله علي السيستاني، المرجع الديني الأعلى للشيعة في العراق والذي يتولى المنصب منذ 1992 ويبلغ 87 عاماََ

يعتقد رجل الدين الأقوى والأعلى في العراق أنَّ رجال الدين لا ينبغي أن يشاركوا في السياسة بشكل مباشر بأي حال من الأحوال.

لكن من مقعده في النجف الأشرف، تمتَّع السيستاني بسلطة هائلة غير مباشرة من خلال إرشاده وتوجيهه أفعال عشرات الملايين من أتباعه، وفي أغلب الأحيان كان يُمثِّل قوة تدفع نحو الخير وتعزيز الديمقراطية وقمع الاندفاعات الطائفية.

وقد ساعدت مكانته الشخصية في منع العراق من التحول إلى نظام ثيوقراطي على النمط الإيراني.

للحوزات الدينية في النجف الأشرف قواعد وتقاليد مُعقَّدة لاختيار المرجع الديني الأعلى، ليست كلها مكتوبة، وبعضها لا يزال محل خلاف بين الفرق المختلفة.

السيستاني
السيستاني

وقد تستغرق عملية الاختيار سنوات حتى تتكشف وتتضح. في الأوقات العادية، سيقع الاختيار على أي آية الله من ثلاثة آيات الله آخرين في العراق (الذين يُعبَّر عنهم بمصطلح آيات الله) يظل حياً بعد وفاة السيستاني، وهم: محمد سعيد الحكيم، ومحمد إسحاق الفياض، وبشير حسين النجفي.

 لكنَّ عامل السِن ضد الثلاثة -الأول والثاني في عمر الـ76، والنجفي هو أصغرهم- وكذلك الظروف السياسية في العراق لا تسمح بالتحمُّل والصبر؛ فهناك خطر النفوذ الإيراني، ليس فقط في بغداد ولكن أيضاً في النجف، إلى جانب تهديدات أخرى.

لطالما سعت إيران كي يكون لها صوت أعلى في مدينة النجف المُقدَّسة كوسيلة للسيطرة على الحوار الأوسع في أنحاء العالم الشيعي.

وأُحبِطت جهود طهران تلك في البداية عن طريق صدام حسين، ومؤخراً عن طريق السيستاني. وبعد رحيل رجل الدين المُسِن، سيضغط الإيرانيون من أجل مرشح أقرب إلى مدرستهم الفكرية النشطة سياسياً.

ومع ذلك، فإنَّ مسألة الخلافة قد تتعرقل من جانب رجال دين ذوي مراتب منخفضة يتمتعون بمزيجٍ من الإرث الديني والسلطة السياسية غير المسبوقة في العراق الحديثة مثل: مقتدى الصدر، الذي فاز فصيله السياسي بأكثرية المقاعد في الانتخابات البرلمانية التي جرت في مايو/ أيَّار.

من غير المُتوقع أن يسعى الصدر إلى تولّى منصب رئاسة الوزراء بنفسه، لكنَّه سيكون الشخصية الحاسمة في الحكومة.

وعلى الرغم من أنَّ مؤهلاته الدينية ضعيفة –مقتدى الصدر البالغ من العمر 44 عاماً حائز على مرتبة "حجة الإسلام"،

وهو لقب يُمنَح في الحوزة العلمية الشيعية لكنَّه أدنى من مرتبة آية الله، وأدنى كثيراً من مرتبة آية الله العظمى-

يبدو أنَّ الكثير من الشيعة العراقيين راغبين في تجاوز نقص معرفته ومنزلته الدينية والنظر إلى نَسَبه: هو ابن وابن أخ اثنين من أكثر آيات الله العظمى نفوذاً وكاريزما، وقُتِلا على يد الرئيس العراقي صدام حسين.

خلق الصدر شخصية سياسية له كقوميّ عراقيّ يحشد ضد الغرب وإيران، وكبطل للفقراء،

لا سيما في الأحياء الحضرية الفقيرة. ويعزز تلك الصورة أيضاً تمتعه بولاء "جيش المهدي"، وهو مزيج متساوٍ من المافيا والميليشيات الدينية المسلحة في العراق.

لم يعطِ الصدر أي مؤشر أنَّه يطمح أن يكون خليفة السيستاني؛ فالسلطة التي يصبو إليها هي دنيوية أكثر منها دينية.

 وعلى أية حال، من المستبعد أن تُعيِّن النخبة الدينية في النجف خامنئي آخر وتمنح الصدر ترقيةً فقهية سريعة.

لكن من المؤكد أنَّه سيستخدم قوته السياسية وميليشياته ليكون له رأي في من سيخلف السيستاني أو في الاعتراض عليه.

وكما هو الحال في طهران والرياض، من المرجح أن تشهد النجف منافسة ثلاثية لخلافة السيستاني، بين التقليديين من الحرس القديم، والمتطفلين الإيرانيين، وورقة الصدر التي لا يُعرَف تأثيرها بعد.

 لن تحدد النتيجة مستقبل السياسة العراقية فحسب، بل وتوجه العالم الشيعي الأكبر كذلك.

رابعاً: قابوس بن سعيد آل سعيد سلطان عُمان منذ 1970 ويبلغ 77 عاماََ

قد يجادل البعض بأنَّ السلطان قابوس لا ينتمي إلى هذه القائمة لأنَّ بلاده تتفادى منذ فترة طويلة الاضطرابات الاجتماعية والسياسية الموجودة في المنطقة.

لكن إذا كانت سلطنة عُمان تركب بسلاسة تلك الموجات المضطربة المتلاطمة، فذلك يرجع إلى قبضة السلطان قابوس المُحرّكة الماهرة.

والسؤال المتعلق بخلفه لا يتمثل فقط في ما إذا كان بإمكانه إدارة البلاد أم لا،

بل وذلك بما إذا كان يستطيع أداء دور قابوس الحيوي كوسيط في نزاعات المنطقة.

السلطان، الذي يُقال إنَّه يعاني من سرطان القولون، ليس لديه أبناء، وتجنَّب بدأب إعطاء الكثير من التلميحات حول مَن يود رؤيته يخلفه على العرش.

وتَعِد عملية الخلافة في مسقط بأن تكون الأكثر غرابةً من بين الحالات الأربعة؛ فقابوس مُطالَب بترشيح السلطان التالي في رسالة مختومة تُفتَح عند وفاته،

لكن لا يتم اللجوء إليها إلا إن عجزت عائلته الممتدة عن الوصول إلى توافق في الآراء فيما بينهم.

السلطان قابوس
السلطان قابوس

لا يُمكن توقع سير تلك العملية الغريبة للغاية بسلاسة. ففي حين يحظى قابوس بتأييد واسع النطاق بين شعبه، هناك أيضاً استياء بشأن حالة الاقتصاد التي أثارت احتجاجات شوارع متفرقة في الأشهر الأخيرة.

وفي القرن الواحد والعشرين، من الصعب تبرير شرعية ممنوحة عن طريق مظروف مغلق، وتكون أقل استمرارية بكثير.

وقد يحتاج السلطان التالي في عُمان، كما هو حال ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في السعودية، إلى التحرك سريعاً لتعزيز موقفه السياسي، وكذلك الإعلان عن إصلاحات لتهدئة شعبه.

هناك إغراء كبير للعب تلك اللعبة المنزلية في طهران في هذه المرحلة، وعلى امتداد المنطقة.

سيكون السيناريو الأسوأ (والأرجح) هو أن يسيطر المحافظون والمتشددون على السلطة في طهران والرياض والنجف، وأن يتولى القيادة في مسقط شخصٌ ضعيف.

وسيكون السيناريو الأفضل هو أن يحل شخصٌ معتدل محل خامنئي، ويثبت الملك محمد بن سلمان أنَّه الشخص الإصلاحي الذي يدَّعيه، ويخلف السيستاني شخص مُطابق له يسير على نفس دربه وأفكاره، وتحافظ عُمان على دورها في حفظ السلام تحت قيادة سلطان جديد، لديه القدرة على دفع عجلة القيادة حتى لو تعيَّن أن يخرج من داخل مظروف.

يظل الأمر مجرد لعبة، إلى أن تُفكِّر في التبعات في الحياة الواقع.