في عام 2011، خرج ملايين المواطنين في أنحاء العالم العربي إلى الشوارع. تعهَّدت الانتفاضات الشعبية بدايةً من تونِس ومروراً بالقاهرة بإسقاط أنظمة الحكم الاستبدادية وجَلب الإصلاحات الديمقراطية. للحظةٍ بدا كما لو كان نظام الشرق الأوسط القديم قد آل إلى نهايته وأنَّ آخر جديداً أفضل يحلُّ محله. لكن سرعان ما انهار كل شيء. تداعَت بعض الدول تحت الضغط الواقع عليها وانحدرت إلى مسلك الحرب الأهلية، بينما وجدت غيرها سبلاً لتدبُّر الأزمة واستعادة السيطرة على مجتمعاتها. وبعد مرور سبعة أعوام، يبدو وكأنَّ تلك الآمال المبكِّرة لحدوث تبدُّلٍ إيجابي وجوهري بسياسات الشرق الأوسط كانت في غير محلِّها بالأساس. في هذا التحليل المهم، والذي نشرته دورية "فورين أفيرز" الأميركية، يقدم أستاذ العلوم السياسية والمتخصص في شؤون الشرق الأوسط، مارك لينش، رؤيته للمنطقة ومستقبلها، ودور الولايات المتحدة فيها.
عالم جديد، لكن ليس ما توقعه الثوار!
لكنَّ الحقيقة هي أنَّ هذه الثورة خلقت بالفعل نظاماً جديداً في العالم العربي، الفرق أنَّه لم يكن ذاك التغيُّر الذي توقَّعته الشعوب. مع أنَّ الانتفاضات العربية لم تُفض إلى ديمقراطياتٍ ناجحة جديدة، فقد غيَّرت بالفعل من شكل العلاقات الإقليمية. صارت القُوى العظمى التقليدية -مصر، والعراق، وسوريا- الآن دولاً بالكاد تؤدي مهامها. وفي المقابل، تزدهر دول الخليج -قطر، والسعودية، والإمارات العربية المتحدة- المعروفة بثرائها وقمع أنظمتها. خلقت زيادة أعداد الدول المفكَّكة والمُنهارة قوَّتها فرصاً جديدة للتنافس والتدخلات الأجنبية، ومنحت تلك الفرص حظوة لفاعلين وقدرات جديدة. لم تَعُد التطورات الإقليمية تخضع للتحالفات الرسمية والنزاعات التقليدية بين الدول الكبرى. بدلاً من ذاك، تتحقق الهيمنة من خلال بسط النفوذ والحرب بالوكالة.
وفي كل دولةٍ عربية تقريباً اليوم، تُحرِّك السياسة الخارجية توليفةٌ قوية من المخاطر والفرص المتصوَّرة. توجد مخاوف من صعود الانتفاضات المحلية من جديد، ومن قوَّة إيران، ومن الخروج المخذل للولايات المتحدة جنباً إلى جنب مع التطلعات لاستغلال الدول الضعفية والفوضى الدولية، وهذا تطور يدفع بالقوى الإقليمية شرق الأوسطية لخوض نزاعاتٍ بالوكالة مدمِّرة، تزرع تلك بدورها مزيداً من الفوضى في المنطقة. إنَّ أي رؤية لإيجاد توازن بين القوى بالمنطقة هي محض وهم: إنَّ النظام الجديد هو نظامٌ أساسه الفوضى.
منطق ما بعد الربيع: الفوضى تحكم!
يصعب فهم فهرس اليأس في الشرق الأوسط كلياً. أصبحت الحرب السورية واحدة من أسوأ الكوارث البشرية في التاريخ، إذ أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن نصف مليون مدني ونزوح أكثر من عشرة ملايين سوري. وفيما أحرز العراق تقدًّماً في هزيمته تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، إلَّا أنَّ ذلك النجاح أتى على حسابٍ تكلفة ثقيلة تحمَّلها من يعيشون في المناطق المُحرَّرة. أدت الحرب الأهلية في اليمن إلى أكبر حالة من تفشِّي مرض الكوليرا شُهِدها التاريخ وتركت 8.4 مليون شخصٍ على شفا الموت جوعاً. هذا فيما تظل ليبيا دولةً مفككة على نحوٍ كارثي.
وحتى الدول التي تجنبت الانهيار تكافح. لا تزال مصر تعاني من تبعات الانقلاب العسكري الذي شهدته عام 2013، فيما يعيق القمع الخانق حدوث أي تقدُّم سياسي، ويشلُّ السياحة، ويؤجِّج نيران التمرُّد، ويثير استياءً شعبياً. ويظل الاضطراب حاضراً في البحرين بعد الحملة الطائفية الدموية التي جَرَت عام 2011، دون حلٍّ لتقديمه سوى المزيد من قمع المعارضة السياسية. وفي المقابل، تواجه الدول الناجحة نسبياً، مثل الأردن، والمغرب، وتونس، مشاكل اقتصادية بالغة، وشبابها الساخط، وجيرانها المضطربين. وفي كل دولةٍ تقريباً، تُطلُّ المشاكل الاقتصادية والسياسية التي دفعت المنطقة إلى انتفاضةٍ شعبية في عام 2011 أكثر حدةٍ اليوم ممَّا كانت منذ سبعة أعوام.
وفي الوقت ذاته، لا تخلو المنطقة من لحظات حرجة لتذكر. فالانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي مع إيران أعاد طرح احتمالية شنِّ هجمةٍ عسكرية أميركية أو إسرائيلية على إيران تؤدِّي لاندلاع حرب. وأحدث حملة المقاطعة التي تتعرض لها قطر، بقيادة السعودية والإمارات، انقساماً في صفِّ مجلس التعاون الخليجي، وهو أنجح منظمةٍ عربية دولية. وفي سوريا، يتسبب القصف الجوي الإسرائيلي الذي تتزايد وتيرته، والعمليات التركية عابرة الحدود، والوجود الإيراني الحصين في سوريا في دفع الحرب الأهلية بالبلاد صوب اتجاهاتٍ جديدة حتى مع انكماش المعارضة المسلَّحة المناهضة لنظام الأسد. ومن جهتها، تأبى الحرب المتأزمة في اليمن أن تُحتَوى، فيما يطلق المتمرِّدون الحوثيون صواريخ تستهدف السعودية، وتسفر الهجمات الجوية السعودية عن وفيَّاتٍ بين المدنيين على نطاقٍ واسع، وتؤسس الإمارات قواعد عسكرية بحرية حول القرن الإفريقي لإعانة السعودية في فَرض الحصار الذي تقوده على الحوثيين ولحماية وجودها الجديد جنوب اليمن. وفي هذه الأثناء، يهدِّد العنف المتكرِّر في قطاع غزة والدوَّامة التي أفضت إلى اندثار الحلّ الشامل لإقامة دولتين فلسطينية وإسرائيلية بعودة الأراضي الفلسطينية لتكون موضع الاهتمام الدولي من جديد.
حلفاء واشنطن الجدد: مصر، إسرائيل، السعودية، والإمارات
وفي خضم ذلك كله، انحازت الولايات المتحدة، تحت رئاسة دونالد ترمب، بحماسٍ لدولٍ تُشارِكها عقليتها: مصر، وإسرائيل، والسعودية، والإمارات. لكنَّ هذه المحاولة المُراد منها إعادة إرساء نظامٍ يشبه ذلك الذي وُجِد قبل 2011 هي أكثر هشاشةً بكثير مما تبدو عليها. وفي الشرق الأوسط اليوم، يقوَّض انتشار الدول المفكَّكة، وأزمات الحكم المعلَّقة، وخطوط التنافُس المتقاطعة أي محاولةٍ لممارسة السلطة. عندما تحاول الدول أن تفرض سيطرتها في الداخل أو ممارسة النفوذ في الخارج، لا يفاقم ذلك إلا من تداعي أمنِها الخاص. إنَّ قرار إدارة ترمب بمضاعفة دعمها للأنظمة الاستبدادية وتجاهلها التغيُّرات الهيكلية الجوهرية التي تعترض طريق استعادة النظام القديم لن يؤدِّي إلى استقرار المنطقة وتحريك المصالح الأميركية في المنطقة.
ليست السياسات عابرة الحدود أمراً جديداً على الشرق الأوسط، لكنَّ هيكل المنطقة وتطوراتها تختلف اليوم كثيراً عمَّا كانت عليه في الأزمنة السابقة. تحدد شكل خمسينيات وستينيات القرن الماضي بفعل ما أطلق عليها الباحث الأميركي مالكوم كير على نحوٍ شهير "الحرب العربية الباردة". تحت رئاسة جمال عبد الناصر، نافست مصر الأنظمة المدعومة من قبل الغرب والقوَّات السعودية المحافظة في نزاعاتٍ تراوحت ما بين تدخُّلٍ عسكري مباشر في اليمن وحتى صراعاتٍ بالوكالة حول السياسات المحليَّة في الأردن، ولبنان، وسوريا. وفي الوقت ذاته، أرسَت الوحدة العربية -أي الإيمان بفِكرة أمة عربية مشتركة- شروط التعاون والتنافس على حدٍ سواء بين رؤساء دول المنطقة على منصَّة اتسمت بالوحدة العربية، ومناهضة الاستعمار، والعِداء تجاه إسرائيل.
عالم متغير باستمرار، وتوازنات لم تعد كذلك
تصوِّر الرِوايات المُتعارَف عليها لتاريخ الشرق الأوسط فترة السبعينيات على أنَّها شهدت نهاية هذه الحروب الأيديولوجية عابرة الحدود. مع وفاة عبد ناصر وحلول الثروة النِفطية المهولة فجأةً على المنطقة، ولَّت الدول اهتمامها لبقاء أنظمتها بدلاً من القضايا الأيديولوجية الكبرى. وخلال هذه الفترة، طوَّرت كل دولةٍ جهاز أمنٍ قومي أقوى، صد بدوره أية انتفاضةٍ شعبية محتملة. وفيما توطَّد أمن الدول الداخلي، وُجِدَت فرصٌ أقل للتدخُّل من جانب وكلاءٍ تحرِّكهم دول أخرى. (كان لبنان، لسوء حظِّه الأبدي، استثناءً لهذه القاعدة، وأصبحت حربه الأهلية، التي امتدَّت من عام 1975 وحتى عام 1990، الساحة الرئيسية لنزاعات بالوكالة في المنطقة). وحتى الثورة الإيرانية عام 1979، تلك التي أدخلَت نوعاً جديداً من الحراك الشعبي بين أوساط الإسلاميين الذين شعروا بالإلهام من الإطاحة الناجحة للطاغية الشاه مدعوم من الولايات المتحدة، قد فشلت في إعادة إحداث التطورات نفسها للحرب بالوكالة. وبدلاً من ذلك، اتَّحدت الأنظمة العربية في مواجهة إيران التي أصبحت عدوَّها المشترك وشدَّدت من القمع الذي تمارسه على المعارضين الإسلاميين داخل حدودها.
ومع ذلك، بخلاف ما تسرده الرواية المعروفة، فحقبة الدول الصارمة تلك كانت في زوالٍ قبل فترةٍ من ثورات عام 2011. ففي التسعينيات، بدأت العولمة فرض تحدياتٍ جوهرية على النظام شرق الأوسطي التقليدي. دفعت المعتقدات الاقتصادية الدولية الجديدة الدول العربية لاقتطاع ما تُنفقه على الرعاية الاجتماعية والتوظيف الحكومي. شهدت الدول العربية الكبرى الفقر يتفشَّى وبنيتها التحتية تتدهور. حتى دول النفط الغنية وجدت نفسها تحت رحمة القوى الاقتصادية العالمية، مثل الأزمة المالية عام 2008 وتذبذب أسعار النفط. وفي الوقت ذاته، أضعفت القنوات الفضائية، والهواتف الذكية، والشبكات الاجتماعية، وغيرها من مظاهر التكنولوجيا الجديدة أنظمةً كانت قد اعتمدت على التحكُّم بسريان المعلومات والتعبير عن الرأي. وبعد عام 2001، قوَّضت الحرب العالمية على الإرهاب، ومعها الوَيلات التي جَلبها الاحتلال الأميركي للعراق، وتداعي عملية السلام الفلسطيني الإسرائيلي أُسُس التعاون الإقليمي في الشرق الأوسط. وبحلول عام 2010، لم يبقَ سوى أسباب ضئيلة تبرِّر بقاء النظام العربي بخلاف احتواء خطر إيران وإخماد محاولات التغيير الديمقراطي.
الثورات أربكت الموازين، ولم يلتفت لذلك أحد
لم تكن الانتفاضات العربية عام 2011 وليدة العدم، إذ كانت ذروةً لتغيُّراتٍ هيكلية طورَّت على مدار وقتٍ طويل، كان الإحباط الشعبي في الدول العربية من ركود اقتصاداتها وغياب الحريات السيَّاسة يتفاقم على مر عشرة أعوامٍ على الأقل. أصبحت المساحة السياسية في المنطقة موحَّدة بفضل القنوات الفضائية، والإنترنت، وغيرهما من الشبكات العالمية، التي سمحت للاحتجاجات الشعبية بالانتشار السريع من تونس إلى مصر ثم إلى المنطقة بأكملها. كشفت لنا هذه الانتفاضات المتزامنة الكثير عن قوة الوضع الداخلي في كل دولةٍ عربية: تأقلم البعض بسهولة، ونجا البعض الآخر بالكاد من الأزمة، فيما انهارت البقية.
ومع أنَّ وقع الانتفاضات العربية على السياسات المحليَّة لدولها كان واضحاً فالمراقبين لم يولُّوا الاهتمام الكافي للكيفية التي غيَّر بها تداعي الأنظمة العربية من ميزان القوى الإقليمية بطريقة جذرية. استنزفت الصراعات الداخلية القوى التقليدية مثل مصر وسوريا، وتركتهم عاجزين عن ممارسة نفوذهم في الخارج. وفي المقابل، كانت الأوضاع في دول الخليج الغنية أكثر ملاءمة للحقائق الجديدة المتعلقة بالنظام في المنطقة. سمح لها امتلاكها للمال، وإمبراطوريات إعلامية، وموقع مركزي في شبكاتٍ دولية قوية مثل جماعة الإخوان المسلمين (كما في حالة قطر) أو في أعمالٍ تجارية دولية (كما في حالة الإمارات) بممارسة قوة ناعمة. وعلى الرغم من صغر حجمها، تملك هذه الدول جيوشاً مُجهَّزة ومُدرَّبة بكفاءة بالغة، يُكمِّلها امتلاكها قوَّات مُرتزقة يُدفَع لها جيداً. مكَّنهم هذا من إظهار قوة إكراه في ساحات الحربٍ مثل ليبيا واليمن، أكبر بكثير ممَّا استطاعت القوى العربية التقليدية ممارسته في الشرق الأوسط. والأهم من ذلك أنَّ هذه الأنظمة تفرض سيطرةً شبه كاملة على شعوبها، وهذا يعني أنَّ بمقدورها استبعاد خطر التدخُّل السياسي الخارجي بشكلٍ لا تقدِر عليه الدول الأكبر، والأقل ثراءً وقمعاً. وهذا واقعٌ قائم حتى عندما تنقلب دول الخليج على إحداها الأخرى.
فشلت مجهودات السعودية والإمارات طوال عامٍ كامل بغيَّة زعزعة استقرار قطر عن طريق قطع العلاقات الدبلوماسية معها، ونشر معلوماتٍ خاطئة تتعلَّق بها، وفرض حصارٍ اقتصادي وتجاري على الدولة الخليجية، ويُعزَى هذا الفشل إلى أنَّ قطر تملك الموارد المالية والقدرة القمعية الكافية لإحباط أي تحديات داخلية محتملة.
طريقة ممارسة السلطة نفسها اختلفت: السلطة الآن للوكلاء
في هذا النظام الإقليمي الجديد، تختلف طريقة ممارسة النفوذ نفسها. ولَّدت الانتفاضات مخاوف جديدة متعلِّقة ببقاء الأنظمة، حتى بين أنجَح الأطراف الفاعلة. وفي الوقت ذاته، قدَّمت الدول المفكَّكة والحروب الأهلية للدول فرصاً كي توسِّع نفوذها. دفع توحد المشهد السياسي العربي الذي سببته تجربة الانتفاضات الحادة الدول إلى النظر إلى كل حدثٍ تشهده المنطقة باعتباره مؤشراً للنفوذ وخطراً محتملاً: لا يمكن لأية دولةٍ أن تتحمَّل تبعات الانسحاب. وسواءً كان ذلك نتاج رغبةٍ لبسط النفوذ أم مصلحةً دفاعية تتمثَّل في منع الخصوم من تحقيق الهدف ذاته، فكل نظامٍ في المنطقة تقريباً وجد نفسه منجراً إلى دوامة من الحروب الأهلية وألاعيب القوة.
إذا كانت تونس ومصر أوضحتا مخاطر الانتفاضات الشعبية للقادة ممَّن تيقنوا مِن قدرتهم على إحباط أي معارضةٍ لحكمهم، فقد قدمَّت ليبيا في المقابل نموذجاً لكيفية استغلال اضطرابات كتلك. عندما وصلت الانتفاضات العربية إلى ليبيا، وثبت ثلاث دولٍ خليجية -قطر، والسعودية، والإمارات- ومعهم تركيا لاستغلال فرصة التحرُّك ضد الحاكم الليبي معمر القذافي. استخدمت الدول الخليجية إمبراطورياتها الإعلامية للَفت الانتباه تجاه الجرائم الوحشية التي ارتكبها النظام الليبي (فيما تجاهلت كلياً العنف الدائر في الوقت نفسه في البحرين). مررت الدول المذكورة قراراً بجامعة الدول العربية بهدف حثّ الولايات المتحدة ومنظمة الأمم المتحدة على دعم تدخُّلٍ إنساني في ليبيا. كذلك هرَّبت الدول ذاتها كميَّاتٍ مهولة من الأسلحة والأموال إلى ميليشياتها المحليَّة المفضَّلة التي تُقاتل النظام.
كان لمثل هذا التدخُّل غير المباشر آثار سلبية طويلة الأجل. ساندت قطر والإمارات المعارضة المناهضة للقذافي على حدٍ سواء، لكنَّهما قدَّمتا الدعم لوكلاءٍ محليين مختلفين. وبعد سقوط النظام الليبي، احتفظت هذه القوَّات جميعها بأسلحتها وبرعاتِها الخارجيين، وبذلك اعترضوا سبيل تأسيس دولةٍ ليبية موحدة تؤدي مهامها ومكَّنوا سقوط الدولة تالياً إلى دوامة الحرب الأهلية. وحتى يومنا هذا، يُسارِع الدعم العسكري الذي تقدِّمه مصر والإمارات لعملية "الكرامة" بقيادة القائد خليفة حفتر، الذي تسيطر قوَّاته على أغلب شرق ليبيا، من وتيرة وحدَّة القتال على الأراضي الليبية.
لكنَّ التداعي المدمِّر الذي سبَّبه التدخُّل الخارجي في المنطقة لم يكن واضحاً في البدء. وفي أيام عنفوان 2011، اعتبرت دول الخليج وتركيا (مثلها مثل فعلت الولايات المتحدة) تدخُّلها في ليبيا بمثابة قصة نجاح: أدركوا فوائد دَعم وكلاء محليين وعلموا أنَّ بمقدورهم حشد دعم الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة لتدخُّلهم ضد خصومهم. ومع ترقبهم لإمكانيات جديدة، اعتبروا الانتفاضة الشعبية ضد الرئيس السوري بشار الأسد باعتبارها فرصةً لتخليص سوريا من النفوذ الإيراني وتصحيح التوازن الإقليمي لصالحهم. عندما تبيَّن في عام 2012 أنَّه لا يمكنهم تكرار تجربتهم الناجحة في ليبيا بحصولهم على دعمٍ من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للقيام بتدخُّلٍ ضد الأسد، قصدت دول الخليج وتركيا حلاً بديلاً يقضي بتسليح المعارضة السورية. فحتى إن فشل تسليح المعارضة في إسقاط الأسد، فقد رأوا فرصةٌ لتلطيخ يديّ دولةٍ حليفة لإيران بالدماء ولنَقل رحى الحرب إلى أرض خصمٍ رئيسي.
ما نجح في ليبيا أخفق في سوريا
تسبَّب الدعم الخارجي للمعارضة السورية في تبعاتٍ كارثية؛ إذ عجَّل بالعنف دون تقديمه أي طريقة مقبولة لحلِّ النزاع. ومع أن أكثر المسؤولية عن الفظائع والجرائم الوحشية الممنهجة التي شهدها النزاع في سوريا تُعزَا لنظام الأسد لا للمعارضة، فقد ساهم داعمو المعارضة من الخارج كذلك في زيادة حدة الحرب رغم تكلفتها الواضحة. أثبتت بنية سياسات الشرق الأوسط الجديدة فشلها. كلما أحرزت قوات المعارضة السورية تقدُّماً، تدخَّلت الأطراف الخارجية المُنافسة -إيران، وحزب الله، وروسيا- لصالح الأسد. ولَّد كل تقدم خطوةً أخرى مضادةً حتمية؛ ما صعَّد من حجم المعاناة الإنسانية. وفي أحد الأمثلة الفاصِلة عن هذه الآلية، ففي عام 2015، بعد أن استولت جماعاتٌ معارضة متطرِّفة مدعومة من الخارج على مناطق شمالي سوريا، تدخَّلت روسيا على نحوٍ وحشي لاسترداد مدينة حلب.
لم تثبت القوات المتنافسة في سوريا مهارات متساوية في الحرب بالوكالة. إذ ركزت القوات الداعمة للأسد كأشعة الليزر على دعم النظام. وأتقن الإيرانيون على وجه الخصوص فن رعاية الميليشيات المحلية، عادة بالتوجيه والدعم المباشر من فيالق الحرس الثوري الإسلامي. ومن ناحية أخرى، ترى قطر، والسعودية، وتركيا بعضهم البعض متنافسين بنفس القدر الذي يرون بعضهم به كحلفاء، وأتت جهودهم التنافسية غير المنظمة بنتائج عكسية باستمرار. (توارت الإمارات عن الأنظار في سوريا).
رغم أن الولايات المتحدة الأميركية حاولت فرض التعاون بين الفصائل التي تدعمها السعودية وقطر وتركيا، فقد فشلت في تجاوز الاقتتال الداخلي بين رعاتهم أو في فرض استراتيجية متماسكة. تضخمت هذه المشكلات بخصخصة تدفق الأسلحة والمال إلى الجماعات المتمردة في الأيام الحاسمة بأواخر عام 2012، وبداية عام 2013، إذ صبت الشبكات السلفية في الخليج المال على المتمردين. وأنتج هذا المزيد من التوتر، وسحب مركز ثقل حركة التمرد صوب الجهاديين على الناحية الأخرى من الطيف. حين بدأت الحرب، حولَّت تركيا والدول الخليجية تدريجياً دعمها إلى تحالفات إسلامية متشددة في بحثها عن مقاتلين مؤثرين. خرج تنظيم داعش من هذه البيئة، ليس كوكيل لأي دولة لكن كقوة متمردة تكيفت جيداً على الشكل الذي صارت سوريا عليه.
صعود تنظيم داعش أجج الصراع، وسقوطه لم يخفف من لهيبه
بعد سنوات من محاولة تسليح وتقييد وتشكيل المعارضة عن بعد في آن واحد، تدخلت الولايات المتحدة الأميركية في نهاية المطاف في سوريا لا لتحارب الأسد، لكن لتحارب تنظيم داعش. نجح هذه التدخل بطريقته الخاصة، إذ دُمِّر تنظيم داعش ككيان مماثل لدولة في كلٍّ من سوريا والعراق. في الوقت نفسه، فقد منعت مهمة الحملة ونطاقها المحدود الولايات المتحدة من التورُّط في صراع أوسع نطاقاً مع روسيا والأسد. لكن تعقيدات إدارة حتى هذا التدخل المحدود ضد تنظيم داعش، أثبتت صعوبته، وولدت التزامات جديدة غير مُتعمدة. تميزت السنوات القليلة الأخيرة بالجهود الروسية والولايات المتحدة الأميركية الساعية للتحكم في تنافسهما داخل سوريا. وفي هذه الأثناء، استعاد النظام المدعوم من إيران وروسيا الأراضي من حركة التمرد المتقهقرة بشدة، والمدعومة من الخارج.
لكن حتى انهيار تنظيم داعش، ومكاسب نظام الأسد الإقليمية الكبرى لم يقرب الصراع من النهاية. واصلت دولة سوريا المفككة في جذب اهتمام الدول الأخرى في المنطقة، على سبيل المثال، فقد قادت الحملة ضد تنظيم داعش في النهاية إلى تدخل تركي أكبر. عام 2015، في وقت الحاجة الماسة لوكلاء محليين لمحاربة تنظيم داعش، استقرت الولايات المتحدة على دعم وحدات حماية الشعب التي يهيمن عليها الأكراد، التي سلحتها إلى جانب ميليشيات أخرى تحت لواء قوات سوريا الديمقراطية. أثار نجاح هذه القوات المخاوف التركية من الانفصال الكردي، ما قاد تركيا عام 2017 إلى تصعيد تدخلاتها العسكرية في العديد من المناطق المهمة شمالي سوريا.
في الوقت نفسه، بدأت إسرائيل في زيادة هجماتها الجوية ضد الأهداف الإيرانية والأهداف التابعة لحزب الله في سوريا. يبدو الآن أن المعارضة السورية والحملة ضد تنظيم داعش تنحسران، لكن الحرب السورية أصبحت مدوَّلة أكثر من ذي قبل.
على الرغم من أن سوريا هي أكثر الحالات كارثيةً، فقد أحدثت القوى الإقليمية ضرراً سياسياً وإنسانياً هائلاً في مناطق أخرى أيضاً، أثناء بحثها عن النفوذ والمكانة. زعزعت جهودهم حتى دولاً لم تنخرط في الحرب الأهلية. أسوأ مثال على هذا هو مصر. عام 2014، دعمت السعودية والإمارات الانقلاب العسكري الذي نفذَّه قائد الجيش عبدالفتاح السيسي، والذي أطاح بمحمد مرسي، الرئيس المنتخب ديمقراطياً الذي كان عضواً في جماعة الإخوان المسلمين ومدعوماً من قطر. لكن رغم عشرات الملايين من الدولارات من المساعدات الخليجية، فشل نظام السيسي القمعي على نحوٍ وحشي في استعادة الأوضاع الطبيعية والاستقرار في مصر.
حتى في تونس، التي حققت نجاحاً نسبياً، تسببت المنافسة بين قطر والإمارات في الفوضى. ولوَّث ضخ الأموال الأجنبية واسع النطاق، والدعم السياسي للحلفاء المحليين السياسات الديمقراطية الناشئة للدولة.
معضلات أمنية في كل مكان
هذه التطورات الإقليمية المضطربة هي نتاجٌ لـ"معضلات أمنية" تقليدية، عندما تحاول أي دولة تعزيز أمنها، تُقر إجراءات مضادة تجعلها أقل آماناً مما سبق. يعيش كل نظام عربي حالياً في ظل حالة من انعدام الأمن يُعتقد أنها عويصة. ورغم استعراضهم لقوتهم، ترتعد هذه الأنظمة من فكرة اندلاع احتجاجات شعبية أخرى. أدى الانتشار السريع لاحتجاجات عام 2011 إلى اقتناع الأنظمة العربية بأن اندلاع أي احتجاجٍ في أي دولة في المنطقة قد يثير احتجاجات مماثلة في بلادهم. فعندما هزّت احتجاجات الأردن في مايو/أيار الماضي لدوافعٍ اقتصادية، جددت قطر والسعودية والإمارات فوراً مساعدتها الاقتصادية لعمّان لوقف هذه الاضطرابات.
لكن عندما تحاول الدول قمع أي تحدٍّ محتمل لسُلطتها عبر فرض مزيدٍ من السيطرة على مجتمعاتها، فهم يجعلون الوضع أسوأ عادةً . فكلما ازدادت حدة قمعهم، تولّد المزيد من الغضب والسخط الشعبي وتقلّصت فرص تحقيق سياسات ديمقراطية أشمل. يمكن رؤية مثل هذه التفاعلات بوضوحٍ في مصر، حيث وسّع الرئيس عبدالفتاح السيسي نطاق حملته المعادية للإسلاميين لتشمل نشطاء علمانيين وصحفيين وأكاديميين. ونتيجةً لهذا، عزل السيسي قطاعاتٍ كبيرة من التحالف الذي دعم الانقلاب العسكري.
السعودية مع بن سلمان.. من مستنقع لآخر
من ناحيةٍ أخرى، تشرح هذه الأزمات الأمنية المحلية قرارات السياسة الخارجية التي يتعذر تفسيرها. فبالنظر إلى ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان، فبعد أن عزَّز سُلّطته سريعاً، أجرى ولي العهد تغييرات جذرية في السياسة المحلية. إذ طرح إصلاحات اجتماعية مثل السماح للنساء بقيادة السيارات وافتتاح دور عرض سينمائية. في الوقت ذاته، قمع ناشطات حقوق المرأة، وهدّد وألقى القبض على قطاعٍ عريض من نخبة البلاد ونحَّى قطاعات مهمة من المؤسسة الدينية جانباً. لكن لا ينبغي النظر إلى نجاح بن سلمان اللافت في تعزيز سلطته محلياً بمعزل عن تدخلاته الخارجية المفرطة في العدوانية والكارثية.
وحتى قبل إحكام قبضته على السلطة محلياً، قرر بن سلمان التدخل في الحرب الأهلية اليمنية، متوقعاً أن يسهم الانتصار السريع هناك في حشد التأييد الشعبي له في بلاده. غير أن القوات السعودية أصبحت محاصرةً في مستنقعٍ مُدمر. وبطريقةٍ مماثلة، كان يُعتقد أن حصار ومقاطعة قطر في 2017 سيؤدي إلى التأسيس لهيمنة السعودية على مجلس التعاون الخليجي وتقويض أي تحدٍّ محلي تفرضه جماعة الإخوان المسلمين. غير أن هذه السياسات ارتدت على السعودية. أثبتت قطر مرونتها بدرجةٍ أكبر من توقعات غالبية الناس. كما أدى الحصار إلى تقويض علاقة السعودية بواشنطن، والإضرار بمحاولات احتواء النفوذ الإيراني فضلاً عن إضعاف مجلس التعاون الخليجي على نحوٍ مُهلك. وفي كل من اليمن وقطر، وجدت السعودية نفسها محاصرة، إذ لم تعد قادرةً على تصعيد الهجوم بدرجةٍ كفاية لتحقيق الانتصار ولا قادرة على التراجع خوفاً من العواقب السياسية المحلية.
طرحت المنافسة بين الدول العربية وإيران مثالاً آخر للأزمة الأمنية الحالية. رغم أن مخاوف العرب من التوسُّع الإيراني مبنيةٌ على أسسٍ واقعية، كانت هذه المخاوف دائماً أكبر بكثير من القوة الفعلية لإيران. وعلى النقيض، كلما بذلت الدول العربية جهوداً لمواجهة إيران، أصبحت طهران أكثر قوةً. في اليمن، حوّلت الحملة العسكرية السعودية والإماراتية ما كان، في الأصل، تواجد إيراني ثانوي إلى تحالفٍ استراتيجي أقوى مع المتمردين الحوثيين وأدى إلى اختراق القوى الوكيلة لإيران لليمن بدرجةٍ أكبر.
لكن إدارة ترمب الفوضوية لا ينبغي أن تُلهينا عن حقائق المشكلات الهيكلية الأعمق في المنطقة، والتي كانت ستُمثل تحدياً بالنسبة لأي رئيس أميركي آخر. لم يعد لدى الولايات المتحدة القوة ولا المكانة التي تمكّنها من فرض نظامٍ إقليمي بحسب شروطها.
وفي سوريا، منح التمرد، المدعوم من قبل دول الخارجية وتركيا، إيران دوراً قيادياً أكبر في البلاد. وفي لبنان، أدى المشهد الغريب، الذي احتجزت فيه السعودية رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري كرهينةٍ في الرياض لعدة أسابيع، إلى إثارة أزمةٍ سياسية محلية أضعفت، في نهاية المطاف، من نفوذ تحالف السُنّة الداعم للسعودية في البرلمان اللبناني.
لكن هذه التطورات الجديدة ليست نتاجاً بحتاً للتنافس بين الدول، بل هي نتاجٌ أيضاً لضعف وهشاشة الدول، التي توّلد معضلاتها الأمنية عبر خلق فراغٍ في السلطة. لكن حتى إذا لم تر قوة إقليمية، فوراً، أن وجود فراغٍ في السلطة يُعتبر فرصةً جيدة لتوسيع نفوذها، فقد تخشى من إقدام منافسيها على فعل هذا الأمر. وبمجرد تورط إحدى الدول، تبدأ في الاعتقاد بأن تقليص دعمها لوكلائها المحليين سيؤدي فقط إلى تقوية وكلاء منافسيها الإقليميين. وتزيد هذه المخاوف من صعوبة مهمة تخفيف حدة التصعيد في الحروب الأهلية المُندلعة في ليبيا وسوريا واليمن. وحتى إذا أدركت هذه الأطراف فشل تدخلها، تصبح عالقةً في المنطق التنافسي للمعضلة الأمنية، فهي غير قادرة على الفوز ولا الانسحاب.
وضع واشنطن الجديد.. مفيدة لكن لا يُعتمد عليها
في منطقةٍ مشبعة بالأزمات الأمنية لا يمكن أن تكون التطمينات الأميركية، مهما كان قدرها، كافيةً. ولم يسهم حجم مبيعات الأسلحة الأميركية غير المسبوق للسعودية والإمارات على مدار السنوات الخمس الماضية -والذي وافقت عليه إدارة أوباما لحشد التأييد للاتفاق النووي الإيراني- في زيادة أمن أي من تلك الدولتين. ورغم تخلِّي واشنطن عن أي حديث يتعلق بالديمقراطية أو الالتزام بمبادئ حقوق الإنسان، لم يكن حل الأنظمة الاستبدادية لمشكلاتها الداخلية مهمةً سهلة. عمّق انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني من مخاوف دول الخليج إزاء النفوذ الإيراني المتزايد. وأدى الدعم الأحادي الجانب من واشنطن لإسرائيل وسط العنف المندلع في غزة إلى تعميق العزلة الدولية المفروضة على غزة والتعجيل باندلاع صراعٍ آخر محتمل بين الطرفين. ورغم أن الولايات المتحدة دفعت دول الخليج السُّنية إلى الاصطفاف علناً إلى جانب إسرائيل، فقد قوَّض الصدام المندلع بين السعودية والإمارات من ناحية وقطر من ناحية أخرى هذه الجهود.
وحتى في ظل وجود رئيس أميركي يتبنى سياسةً متشددة تجاه إيران ويبدو أنه لا يعارض الحكم الاستبدادي، لم تعد الأنظمة العربية ترى الولايات المتحدة كضامن موثوق به لبقائها أو لمصالح سياستها الخارجية. في هذه البيئة الجديدة، من المنطقي أن يلجأ حلفاء الولايات المتحدة المقربون إلى بناء علاقات مع الصين وروسيا والاتحاد الأوروبي مثلما تفعل مصر والسعودية وتركيا والإمارات حالياً. وتعد هذه المجهودات تحوّطاً منطقياً ضد سياسات الولايات المتحدة غير المتوقعة، لكنها يمكن أن تتطور بسهولة إلى وضعٍ يشبه بصورة كبيرة تطورات الأزمة الأمنية التي زعزعت استقرار كل الأبعاد الأخرى للسياسات الإقليمية.
وتجد إدارة ترمب صعوبةً في إدارة الواقع الجديد. وقد تسبب التغيير المفاجئ في سياسات ترمب والرسائل غير المُتسقة، إلى حد كبير، القادمة من الدوائر المختلفة داخل الحكومة الأميركية في إرباك الحلفاء والأعداء على حدٍّ سواء. ربما تُعجب الإمارات والسعودية بمواقف ترمب المتشدّدة تجاه إيران ودعمه لحربهم في اليمن، لكن سياسات أميركية أخرى، مثل ضغوط واشنطن على الدولتين لإنهاء الحصار المفروض على قطر، ومطالبتها لهما بزيادة إنتاجهما النفطي، وبعثها إشارات تعكس نيتها للانسحاب من سوريا، ولّدت إحباطات جديدة لدى هذه الدول.
لكن إدارة ترمب الفوضوية لا ينبغي أن تُلهينا عن حقائق المشكلات الهيكلية الأعمق في المنطقة، والتي كانت ستُمثل تحدياً بالنسبة لأي رئيس أميركي آخر. لم يعد لدى الولايات المتحدة القوة ولا المكانة التي تمكّنها من فرض نظامٍ إقليمي بحسب شروطها.
وبكل الاحتمالات، لا يمكن أن تستعيد الولايات المتحدة هيمنتها في الشرق الأوسط مطلقاً؛ لأن المنطقة قد تغيّرت بصورة جذرية. لن يكون المضي قدماً وتجاوز الحروب والفشل السياسي، الذي تلا انتفاضات الربيع العربي، مهمةً سهلةً. فالأضرار مستفحلةٌ للغاية.