يقوم التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لقتال تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) خلال السنوات الأربع الأخيرة بتضييق الخناق على آخر معاقل التنظيم المسلح في شرق سوريا، ويتوقع أن تكون معركة طردهم خارج سوريا صعبة، وذلك وفقاً لما نقلته مجلة Foreign Policy عن ضابط رفيع المستوى مشارك في الحملة.
يتحصن أكثر من 1000 مقاتل من مقاتلي التنظيم في مدينة هجين شرق سوريا بالقرب من الحدود العراقية، من بينهم عدد من المقاتلين الأجانب، بحسب اللواء في الجيش البريطاني فيليكس غيدني نائب الشؤون الإستراتيجية والدعم للحملة التي تقودها الولايات المتحدة لهزيمة تنظيم داعش.
وقال غيدني، في مؤتمر صحافي في البنتاغون هذا الأسبوع: "ما نتوقع ملاقاته هو النواة الصلبة لمقاتلي تنظيم داعش الذين بدأوا بالفعل في حفر مواقعهم وتجهيز ساحة معركتهم".
معركة شاقة وعسيرة
وأضاف غيدني قائلاً: "ولأنها واحدة من المناطق الأخيرة التي ما زالت بحوزتهم، نتوقع أن تكون معركة طردهم من تلك المنطقة شاقة وعسيرة".
وقال غيدني إن قوات سوريا الديمقراطية، وهي تحالف مدعوم من الولايات المتحدة يضم مقاتلين أكراداً وعرباً، قد مكنت بعض قوافل المدنيين من مغادرة هجين. لكن يعتقد أن مقاتلي تنظيم داعش يمنعون عدداً آخر من الناس من مغادرة المدينة لاستخدامهم كدروع بشرية، على حد قوله.
قادت قوات سوريا الديمقراطية المعركة ضد تنظيم داعش على الأرض وستقود الهجوم على هجين. وستقدم الولايات المتحدة الدعم الجوي بشكل أساسي.
لا يعتقد غيدني أن قوات التحالف ستصادف قوات سورية أو روسية خلال المعركة الأخيرة؛ لأن الطرفين يستخدمان نهر الفرات حاجزاً بين قواتهما، حيث تعمل قوات التحالف شرق النهر، بينما تعمل القوات الروسية والسورية غرب النهر.
ويتواصل الطرفان بانتظام عبر "خط منع الاشتباك" وهو خط هاتفي يعمل باستمرار في مقرات التحالف الرئيسية في قطر.
يقول الخبراء إن معركة هجين قد تمثل انتهاء مهمة التحالف في سوريا، هذا إن لم تمثل نهاية التنظيم بشكل كامل.
وخسر التنظيم 99.5% من أراضيه في سوريا والعراق. في ذروة تمددها سيطرت شبه الدولة التي أقامها التنظيم على 34 ألف ميل مربع من الأراضي، وفقاً لويل تودمان الباحث المساعد في برنامج الشرق الأوسط بمركز الدراسات الدولية والاستراتيجية.
وشنّت الولايات المتحدة وشركاء الائتلاف حملة ضد تنظيم داعش في أواخر عام 2014. استغرق الأمر 3 سنوات لإخراج المجموعة من الرقة، التي كانت عاصمة الخلافة المزعومة بحكم الأمر الواقع.
وتختلف تقديرات عدد الضحايا في حرب التحالف ضد المجموعة على نطاق واسع. ووفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان، وهي مجموعة مراقبة مقرها المملكة المتحدة، لقي 3,250 شخصاً على الأقل مصرعهم، من بينهم 1,130 مدنياً، لكن مجموعات أخرى تقول إن الأعداد أعلى من ذلك.
طريقة عمل بقايا مجموعات داعش
وقال تودمان إن هجين هي آخر معقل لتنظيم داعش شرق نهر الفرات، لكن بعض بقايا المجموعة لا تزال تقع غرب النهر، تطوقها الأراضي التي يسيطر عليها النظام السوري.
ومع ذلك، هناك أدلة على أن التنظيم المسلح قد تحول للعمل السري ويواصل نشاطه بحرية في الليل، وفقاً لميليسا دالتون، وهي زميلة رئيسية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ونائبة مدير برنامج الأمن الدولي للمجموعة.
ويعتقد أن بعض المقاتلين حلقوا لِحاهم وحاولوا الاندماج مع السكان المدنيين.
وقالت دالتون: "نظراً للكيفية التي يؤطر بها التحالف معركته الحالية ضد داعش، فمن المحتمل أن تكون هجين هي أحد المعاقل الأخيرة. لكن تنظيم داعش لديه شبكات تسمح له بالظهور من جديد بسهولة في مكان آخر،" وأضافت: "لم نرَ نهايتهم بعد".
وأشار تودمان إلى أن التفجيرات الانتحارية الأخيرة في أجزاء أخرى من سوريا تظهر أن المجموعة لا تزال قادرة على تنفيذ هجمات مدمرة.
مع تراجع حدة القتال الآن، تقوم قوات سوريا الديمقراطية بإزالة العبوات الناسفة من مناطق كثيرة، بينما ركزت قوات الجيش الأميركي في المنطقة على إعادة المياه والكهرباء والخدمات الأساسية الأخرى.
وقال غيدني، الجنرال البريطاني، إن الوكالات المدنية ستقود جهود تحقيق الاستقرار، لكن التحالف العسكري سيواصل توفير الأمن في المناطق التي أُجلي منها تنظيم داعش.
وأضاف غيدني: "فقط حين يتحقق هذا الاستقرار، سوف نضمن هزيمة دائمة لداعش".