كشفت صحيفة The Guardian البريطانية عن عقد ضخم مع الجيش السعودي تسبب في فتح النار على شركة استشارات بريطانية
وقالت الصحيفة أنَّ واحدةً من كبرى شركات الاستشارات والمحاسبة في بريطانيا تتفاوض للفوز بعقدٍ كبير لتحديث وتطوير جيش المملكة العربية السعودية.
وأكدت شركة (PricewaterhouseCoopers (PwC البريطانية أنَّها تقدمت بعرضٍ للفوز بالمشروع، الذي سيكون جزءاً من خطة تحوُّل شاملة في وزارة الدفاع السعودية، بهدف التزود بمعداتٍ حديثة ودعم قواتها على خط المواجهة.
ورفضت الشركة تقديم تعليقاتٍ إضافية بشأن المفاوضات، قائلةً إنَّه كانت هناك "عملية تفاوض مستمرة مع عددٍ من الشركات التي قدمت عروضها".
الصراع في اليمن أحد بواعث النقد للجيش السعودي
وتسببت المفاوضات بشأن الصفقة، التي قد تجني الشركة من ورائها الملايين، في تعرُّضها لحملة انتقاد من جانب مجموعاتٍ حقوقية؛ إذ أدان الناشطون تورُّط السعودية في الصراع باليمن، متذرعين بأنَّ غاراتها الجوية قتلت المدنيين ويمكن اعتبارها جرائم حرب.
وفي هذا السياق، دعا بيتر فرانكينتل، مدير برنامج الشؤون الاقتصادية بمنظمة العفو الدولية في المملكة المتحدة، شركة PwC لتوضيح إجراءاتها الاحترازية التي اتخذتها قبل التقدم للفوز بالعقد.
وقال: "يتعين عليها، مثل أي شركة من شركات المحاسبة الدولية، أن تحرص على تجنُّب الإسهام في انتهاكات حقوق الإنسان خلال عملها، أو أن تكون لها علاقةٌ مباشرة بتلك الانتهاكات من خلال علاقاتها التجارية".
وأضاف: "نود أن نعرف ما هي الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الشركة. وتوضح المبادئ الإرشادية للأمم المتحدة فيما يتعلق بالتجارة وحقوق الإنسان، أنَّ أي شركة قد تعد متواطئةً إذا ثبت أنها استفادت من انتهاكات ارتكبها الطرف الآخر".
وذلك بسبب سياسات محمد بن سلمان في إدارة وزارة الدفاع ودخوله حرب اليمن
يتولى منصب وزير الدفاع في السعودية محمد بن سلمان، وهو ولي العهد البالغ من العمر 32 عاماً، وهو أصغر وزير دفاع في العالم، وهو أيضاً نائب رئيس الوزراء في المملكة.
وصفه النقاد بأنَّه زعيم متحمس عديم الخبرة، وكان هو مهندس تدخُّل المملكة في اليمن، حيث دعمت السعودية الحكومة المنفية ضد "المتمردين الحوثيين" المدعومين من إيران.
وخلال هذا العام (2018)، أعلنت الأمم المتحدة أنَّ الصراع نتج عنه احتياج أكثر من 22 مليون يمني إلى المساعدات الإنسانية، أي ما يقرب من 80% من السكان.
ووصف الحربَ جيمي ماكغولدريك، منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، بأنَّها "حربٌ عبثية وبلا جدوى"، وأدان "تزايد أعداد الضحايا المدنيين بسبب الهجمات المتصاعدة العشوائية في اليمن".
تملك شركة PwC بالفعل فرعاً في المملكة العربية السعودية، لكنَّ فرع الشركة بالمملكة المتحدة هو المسؤول عن مشروع وزارة الدفاع.
وبدأت الشركة بالفعل بحثاً عن الموارد البشرية؛ إذ تطلب من المتخصصين والاستشاريين بلندن حالياً إبداء رغباتهم في الانتقال إلى الرياض لبدء العمل؛ لأنَّها -حسب قولها- "تقترب حالياً من إبرام الصفقة".
وأخبرت الشركة الموظفين بأنَّ وزارة الدفاع السعودية تخضع لعملية "تحوُّل طموح لتحديث قواتها المسلحة بحجمٍ ومعيار لم يُرا إلا نادراً من قبل… وهذا في مرحلةٍ حرجة بتاريخها، وهم يحتاجون إلى الدعم في تنفيذ هذا المستوى من التغيير".
وإذا ما فازت الشركة بالعقد، فمن المرجح أن تُكلَّف إجراء تغييراتٍ في عدة قطاعات للدعم بوزارة الدفاع السعودية. ومن المرجح أن تركز المرحلة الأولى من العمل على كيفية إعادة وضع عملية التجنيد، وإدارة الموارد البشرية والأداء، وإدارة التخطيط الاستراتيجي للقوى العاملة، وكيفية إدارة التغيير والتعامل معه.
وسألت صحيفة The Guardian الشركة عن إجراءاتها الاحترازية التي اتخذتها، وكيف ستواجه النقد بعد العمل مع الجيش السعودي، إلا أنَّ الشركة رفضت الرد.
ووُجِّهَ سؤالٌ كذلك إلى السفارة السعودية في لندن عن حجم المشروع ونطاقه، لكنَّها رفضت التعليق أيضاً.
ودعا فرانكينتل شركة PwC إلى التفكير في الأمر مرةً أخرى، قائلاً: "يتعين على أي شركة محاسبة تعمل لصالح وزارة الدفاع السعودية، أن تعلم أنَّ القوات الجوية السعودية الملكية لديها سجل شائن في اليمن. فقد شن التحالف العسكري الذي تقوده السعودية غاراتٍ عشوائية على منازل يمنية ومستشفيات وجنازات ومدارس ومصانع؛ ما أدى إلى مقتل وإصابة الآلاف من المدنيين اليمنيين".
لذلك كان يجب العمل على وقف الصراع في اليمن وليس مساعدة الجيش السعودي
وقالت آنا ماكدونالد مديرة أمانة مراقبة الأسلحة، وهو ائتلاف عالمي يعمل في مجال مراقبة التسلح العالمي، إنَّه "ينبغي للمملكة المتحدة أن تركز على محاولة وقف هذا الصراع المروع بدلاً من مساعدة الحكومة السعودية".
وأضافت: "ينبغي للشركات البريطانية أن تكون حذرةً للغاية فيما تدعمه. فدولة اليمن تعد أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وهي تتفاقم كل يوم".
وتابعت: "حكومة المملكة المتحدة والشركات البريطانية تؤجج الصراع، بالاستمرار في توريد القنابل والمعدات العسكرية إلى المملكة العربية السعودية وشركائها بالتحالف، في حين يحتاج المواطنون اليمنيون إلى الحصول على المياه والمساعدات الإنسانية، والأكثر إلحاحاً من ذلك وهو وقف القصف المستمر لمدارسهم ومستشفياتهم وأسواقهم وجنائزهم".
إلا أنَّ السعودية تدافع عن عملياتها العسكرية في اليمن. فخلال هذا العام (2018)، صرح وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، لهيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، بأنَّ المنتقدين كانوا مخطئين: "إنَّهم ينتقدوننا بسبب حربٍ في اليمن لم نكن نريدها؛ بل فُرِضَت علينا. ينتقدوننا بسبب حربٍ عادلة في اليمن يدعمها القانون الدولي".
وحمَّل الجبير المتمردين الحوثيين المسؤولية عن عرقلة دخول المساعدات، والإسهام في تفاقم الأزمة الإنسانية.
وقال متحدث باسم إدارة الأعمال والطاقة والاستراتيجية الصناعية إنَّه يتعين على الشركات أن تعمل وفق قانون المملكة المتحدة والقانون الدولي، ولم تكن هناك أي قيود على خدمات المحاسبة في المملكة العربية السعودية.