كشفت رسالة إلكترونية مسربة رد فعل عنيف للرئيس الأميركي دونالد ترمب في إحدى رحلاته، وذلك عندما وجد تلفاز زوجته ميلانيا ترمب التي كانت ترافقه، مفتوحاً على قناة CNN، بحسب ما نقلته صحيفة The Independent البريطانية.
هذا الأمر لم يُسعِد الرئيس، فما كان منه إلا أن صبَّ جام غضبه على طاقمه لعدم اتّباعهم القاعدة التي تنصّ على أن حاشية البيت الأبيض عليهم أن يبدأوا كل رحلة بفتح قناة Fox، وهي شبكته التلفزيونية المفضَّلة عن CNN بالنسبة لترمب، والتي يطلق عليها قناة "الأخبار الزائفة".
وقد أحدث "بعض الاضطراب" على الطائرة الرئاسية، وفقاً لرسالةٍ على البريد إلكتروني حصلت عليها صحيفة The New York Times الأميركية.
وكانت الرسالة عبارةً عن تواصل بين المكتب العسكري في البيت الأبيض وإدارة الاتصالات في البيت الأبيض يوم الخميس الماضي 19 يوليو/تموز. وجاء في الرسالة أيضاً مطالبة بجهازَي تلفاز آخرَين يدعمان Beam، وهو جهاز تسجيل للحرص على قدرة كل من الرئيس والسيدة الأولى على مشاهدة التلفاز في غرفتيهما المنفصلتين في الفندق حين يسافران.
في نهاية سلسلة الرسائل، أكَّد الموظفون أنه وبعد هذا الموقف، أصبح الإجراء الاعتيادي من الآن فصاعداً أن تضبط أجهزة التلفاز على Fox.
وتشير الصحيفة البريطانية إلى أن أزمة القنوات هذه هي آخر مثال يدلُّ على أن دونالد ترمب، في مرحلةٍ حيوية من رئاسته، يزداد تمسكاً بالعيش في عالمٍ من المعلومات المنتقاة وتحريف الحقائق لتخدم رؤيته هو. وفي ظلِّ عمل مساعديه على عزله عن العالم الخارجي، يضاعف ترمب جهوده في إخبار مناصريه بأن يثقوا به في وجه كلام المنتقدين والتقارير الإخبارية.
حتى الآن، أسلوبه يؤتي ثماره، فشعبيته لدى الجمهوريين مستمرة في الصعود، بناءً على سلسلة من استطلاعات الرأي الحديثة، بحسب الصحيفة البريطانية.
وجاء في خطاب ترمب يوم الخميس في المؤتمر السنوي للمحاربين القدامى في كانساس سيتي بولاية ميزوري: "قفوا بجانبنا. لا تصدقوا الأكاذيب التي ترونها من هؤلاء القوم، مروِّجي الأخبار الزائفة".
وتابع قائلاً: "ما ترونه وما تقرأونه ليس هو ما يجري على أرض الواقع".
وعلى نحو مشابه، مع استمرار الانتقادات بعد اجتماع ترمب الأسبوع الماضي في فنلندا مع الزعيم الروسي فلاديمير بوتين، غيَّر ترمب من خطابه. فبدلاً من إلقاء اللوم على المؤسسات الأميركية في العلاقات السيئة مع روسيا، بدأ يخبر الناس بألا يصدقوا حقائق ما يرونه أو ما يسمعونه.
يوم الثلاثاء الموافق 24 يوليو/تموز، بدا أن الرئيس يخلط الأمور عندما قال من دون أية أدلة إن الروس سيساعدون الديمقراطيين -لكن ليس هو- في الانتخابات النصفية المقبلة. بينما في يناير/كانون الثاني 2017، قدَّرت الوكالات الاستخباراتية الأميركية أن روسيا قد تدخَّلت في الانتخابات الرئاسية في 2016 بهدف معاونة ترمب.
هكذا ينتقي ترمب الأخبار
وكان ترمب قد كتب على حسابه بموقع تويتر: "أنا متخوف جداً من أن تقاتل روسيا بكل ما لديها للتأثير في الانتخابات المقبلة. فبناءً على أن أحداً لم يسبقني من الرؤساء في غلظتي على روسيا، سيناصرون الديمقراطيين بكل قوة. هم حتماً لا يريدون ترمب!".
وفي تغريدته، لم يذكر ترمب أي شيء عن أنه قد أُخبِرَ مراراً وتكراراً بأن روسيا قد شنَّت سلسلةً من الهجمات لترجيح الكفة لصالحه في انتخابات 2016. ولم يقل كذلك إنه ينادي بالتصالح مع بوتين حتى في ظلِّ اتخاذ إدارته والكونغرس خطواتٍ لأجل فرض علاقات أقل وديةً.
وخلال العطلة الأسبوعية، زعم ترمب بلا أي دليل في سلسلةٍ من التغريدات أن كشف إدارته وثائق فائقة السرية مرتبطة بمراقبة أحد مساعدي الحملة السابقين يؤكد أن وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفيدرالي "قد ضلَّلا المحاكم" في المراحل الأولى من التحقيق في تدخُّل روسيا.
لكن بدا أن الوثائق تؤكد عكس ذلك. فقد عرضت بتفاصيل دقيقة سبب اهتمام مكتب التحقيقات الفيدرالي بالمستشار السابق للحملة، كارتر بيغ. "يؤمن مكتب التحقيقات الفيدرالي بأن بيغ كان محل استهداف من الحكومة الروسية لأجل تجنيده لصالحهم". وقالت الوثائق أيضاً إن بيغ قد "وطّد العلاقات مع بعض مسؤولي الحكومة الروسية، ومن ضمنهم موظفون في الاستخبارات الروسية". وأنه كان "يتعاون ويتآمر مع الحكومة الروسية".
وفي رأي المحللين، ومن بينهم ستيفن فلاديك، أستاذ متخصص بقانون الأمن القومي في كلية الحقوق بجامعة تكساس، أن الرئيس "ينتقي" الأجزاء التي تخدم مصلحته من المُذَكرة.
لا تتسلَّل إلى البيت الأبيض إلا القليل من الانتقادات الخارجية. من يعملون لحساب ترمب يقولون إنه يميل للنظر إلى كلِّ شيء على أنه معركة. وهدفه هو إقناع الآخرين كلهم بوجهة نظره.
اقرأ أيضاً