بعد شهر واحد من إعلانها أن الإدارة العامة لحزب الخير أو الحزب الجيد (İYİ Parti)، قررت استمرارها كرئيسة للحزب، أعلنت ميرال أكشينير أنها ستترك منصبها في مؤتمر عام استثنائي.
وقالت أكشينير، في تغريدة على حسابها بموقع تويتر: "لقد اتّخذت قرار عقد مؤتمر عام بناء على السلطة الممنوحة لي وفق لوائحنا الداخلية. لن أكون مرشحة (لرئاسة الحزب) في المؤتمر. وأتمنى النجاح لزملائي الذين سيترشّحون للمنصب".
Parti tüzüğümüzün şahsıma tanıdığı yetki çerçevesinde seçimli kurultay kararı almış bulunuyorum. Kurultayda aday olmayacağım, aday olacak arkadaşlarıma başarılar diliyorum.
— Meral Akşener (@meral_aksener) July 22, 2018
يأتي قرار أكشينير، بعد مخيّم تشاوري عقده الحزب الجيد نهاية الأسبوع الماضي في مدينة أفيون التركية، لتقييم نتائج الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الماضية.
وأشارت تقارير إعلامية في الأسابيع الماضية، إلى أن أكشينير أعلنت استقالتها بعد تلقّيها انتقادات بشأن سياساتها قبل الانتخابات، إلا أنّها اقتنعت لاحقاً بسحب الاستقالة.
وفي حديث لـ "عربي بوست" أشار الصحافي والمحلل السياسي التركي إسماعيل كايا، إلى أن إعلان أكشينير عدم الترشح مجدداً لرئاسة الحزب مناورة سياسية تهدف من خلالها إلى إعادة ترتيب صفوف الحزب الذي تُشكّل هي شخصياً عموده الفقري.
وأشار كايا إلى أن الحزب قد ينهار دون أكشينير ويتفكك بشكل سريع جداً، وذلك من خلال عودة عدد من قادته إلى الحزب الأم (الحركة القومية) من جديد وتفرّق الآخرين على حزبي العدالة والتنمية والشعب الجمهوري.
وبعد يومين من إعلان أكشينير عن نيتها الاستقالة، تجمّع نشطاء من الحزب أمام بيتها وطالبوها بالعدول عن قرارها، فطلبت حسب نائب رئيس الحزب "الجيد" لوتفو توركان، مهلة 72 ساعة لإعادة النظر في قرارها. إلا أن أكشينير صرحت في صباح 25 يوليو/تموز بأن قرار عدم ترشحها لرئاسة الحزب نهائي.
ويُتوقع أن يُعقد المؤتمر الاستثنائي للحزب الجيد الشهر المقبل، ويُنتظر إعلان الموعد المحدد من قبَل الهيئات الإدارية للحزب.
انشقاقات قبل الانتخابات
بدأت التصدّعات في صفوف الحزب "الجيد" بالظهور قبل الانتخابات، وبلغ عدد المستقيلين في صفوف الحزب حتى 24 يونيو/حزيران أكثر من 1300، كان من بينهم رؤساء فروع على مستوى الولايات، وعلى مستوى المناطق، ومرشحون للبرلمان، وأعضاء مؤسِّسون، ومئات الأعضاء العاديين.
استمرت الاستقالات بعد الانتخابات؛ لتشمل نائبة رئيس الحزب للشؤون الاقتصادية أيفير يلماز، ورئيس فرع الحزب في ولاية سيواس طه تشايكوش، وغيرهما من المسؤولين وأعضاء الحزب.
ورأى الصحافي التركي محمد الهوتاميشي، في حديث لـ "عربي بوست" أن مشاكل الحزب قديمة، لكن الانتخابات جمعتها كلها في آن واحد، وتتمثل هذه المشكلة في الكتلة غير المتجانسة للحزب.
يضم الحزب في صفوفه، حسب الهوتاميشي، سياسيين من حزب الحركة القومية، وضباطاً سابقين من الشرطة والجيش أحضرتهم أكشينير إلى الحزب، من بينهم قائد مديرية أمن أنقرة السابق. ويتّسم المحسوبون على أكشينير في الحزب بميولهم الليبرالية الكمالية، وأنهم لا مشكلة لهم مع الغرب، على عكس القوميين القادمين من حزب الحركة القومية بدافع الغضب من زعيمه دولت بهتشلي فقط. ومن هنا بدأت تظهر الخلافات داخل الحزب.
وفي هذا الصدد، أشار كايا إلى أن الحزب الجيد يضم عدة تكتّلات، أبرزها المنادون بالحفاظ على الهوية القومية اليمينية القريبة جداً من توجه الحزب الأم (الحركة القومية)، وتكتل آخر يدعم التوجهات الوسطية، وأن لا يكون الحزب نسخة من سابقه، وثالث يطالب بأن يكون الحزب علمانياً منفتحاً على كافة التوجهات السياسية.
غياب أكشينير عن البرلمان شتّت الصفوف
رغم فوز حزبها بأربعة وأربعين مقعداً في البرلمان في انتخابات 24 يونيو/حزيران، فإن أكشينير لا تشغل أياً من هذه المقاعد، بسبب ترشحها للرئاسة الذي يشترط عدم ترشحها للبرلمان في آن واحد. كما أن عدم ترشيح يوسف هالاجوغلو للبرلمان، وهو أحد البرلمانيين الخمسة المؤسسين للحزب الجيد، تسبّب بهزّة في صفوف الحزب.
حذّرت أكشينير أعضاء حزبها من علاقاتهم مع حزب الحركة القومية، وفي السابع من يوليو/تموز الجاري، في الجلسة الأولى للبرلمان التركي، شوهد هياتي أركاز، عضو البرلمان من الحزب "الجيد" عن إسطنبول، يُقبّل يد دولت بهتشلي زعيم حزب الحركة القومية، الذي يفترض أنه زعيم الحزب المنافس. كما تبادل أعضاء من الحزب الجيد أحاديث ودية مع سياسيي الحركة القومية، ومنهم مُسوّد درويش أوغلو، الذي انتُقِدَ لقربه الشديد من بهتشلي.
ويرى ظافر شاهين، مدير مكتب صحيفة "تقويم" التركية في أنقرة، أن مصير الحزب "الجيد" بات ـ إضافة إلى أكشينير – بيد كوراي آيدن ومُسوّد درويش أوغلو وأوميت أوزداغ. وفي حين أشار آيدن، في تصريح له، إلى عدم وجود نية لدى أي من الأعضاء للترشح لرئاسة الحزب، وأن أكشينير هي الأكثر أهلية لهذا المنصب، فإن الاثنين الآخرين يُعتقد أنهما يسعيان وراء المنصب من خلف الكواليس.
وكان حزب الحركة القومية قد خسر عدداً من أعضائه بعد معركة قانونية ومنافسة على قيادة الحزب، بدأت منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2015، حين تجاوز الحزب بالكاد العتبة الانتخابية في الانتخابات، وخسر نصف عدد نوابه في البرلمان مقارنة بانتخابات يونيو/حزيران من العام نفسه.
وكانت ميرال أكشينير وسنان أوغان وكوراي أيدن، أبرز الذين رفعوا أصواتهم في وجه بهتشلي الذي يقود الحزب منذ عام 1997، وحاولوا بالتعاون مع نائب رئيس الحزب أوميت أوزداغ وعدد من النواب إسقاط بهتشلي. وبعد فشلهم في ذلك تركوا الحزب في عام 2016، وفي أكتوبر/تشرين الأول 2017، أسّسوا الحزب الجيد.