مع تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران عادت من جديد المخاوف من محاولة الجيش الإيراني عرقلة معظم شحنات النفط الخام المصدرة إلى دول العالم عن طريق إغلاق مضيق هرمز.
قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالانسحاب من اتفاق إيران النووي وإعادة فرض العقوبات على الاقتصاد الإيراني يزيد من الخطر الجيوسياسي ومن اشتعال أسعار النفط.
لكن التصعيد يعني أن يلعب مضيق هرمز دور البطولة في حالة استغلاله عسكرياً، أو إغلاقه.
في هذا التقرير إجابات على أهم الأسئلة التي تثيرها التصعيدات الأخيرة، حسب تقرير لموقع شبكة CNBC الأميركية.
لماذا لجأت إيران إلى التهديد بإغلاق المضيق؟
الإدارة الأميركية بدأت بالتصعيد الأسبوع الماضي، عندما كشفت عن مساعيها لدفع الدول الصديقة للتوقف عن استيراد النفط الخام الإيراني بحلول 4 نوفمبر/تشرين الثاني، وهو موعد أقرب مما توقع الكثيرون.
ورد الرئيس الإيراني حسن روحاني، الثلاثاء 3 يونيو/حزيران، بأن إيران بمقدورها إيقاف الصادرات الإقليمية إذا مُنِعَت من تصدير النفط. ثم قال إسماعيل كوثري القائد بالحرس الثوري الإيراني إن طهران ستمنع مرور شحنات النفط في مضيق هرمز بالخليج إذا حظرت الولايات المتحدة مبيعات النفط الإيراني.
إذن: إذا نجحت أميركا في وقف صادرات إيران، سيكون الرد هو إغلاق المضيق للحيلولة دون خروج صادرات جاراتها.
ما هو مضيق هرمز؟
هو ممر مائي ضيق يقع بين إيران وعمان، يصل الخليج العربي بخليج عمان وبحر العرب والمحيط الهندي.
تحيط بالخليج العربي أكبر دول العالم إنتاجاً للنفط والغاز الطبيعي ومنها إيران والعراق والكويت والسعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة.
هو إذن النقطة البحرية الضيقة في نهاية الخليج العربي.
ما أهميته الاقتصادية؟
تعبر هذا المضيق حوالي ثلث شحنات النفط البحرية العالمية، ما يجعله أهم نقطة اختناق لشحنات الخام. ففي عام 2015 عبرت المضيق حوالي 30% من شحنات الخام العالمية وغيرها من سوائل البترول المتاجر بها بحرياً، وفق آخر بيانات الإدارة الأميركية لمعلومات الطاقة.
وفي عام 2016 مر عبر مضيق هرمز رقم قياسي من براميل النفط بلغ 18.5 مليون برميل يـومـيـاً وفق تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأميركية آنفة الذكر، ففي ذاك العام بلغ الطلب العالمي على النفط 96.6 مليون برميل في اليوم حسب وكالة الطاقة الدولية التي مقرها باريس.
رسم بياني يوضح حجم مرور شحنات النفط عام 2016 عبر الممرات المائية الرئيسية
يمثل المضيق أيضاً ممراً بالغ الأهمية للغاز الطبيعي المسال الذي هو شكل من أشكال الوقود الأحفوري المجمد حتى يبلغ الحالة السائلة بغية التصدير. تقول بريتيش بتروليوم إن أكبر مصدري الغاز الطبيعي المسال، قطر، شحنت 30% من إمدادات الغاز العالمية عام 2016 عبر مضيق هرمز.
ثلث إمدادات العالم من النفط والغاز المسال تمر من هنا.
لماذا تقلق أسواق النفط من التهديد بإغلاق المضيق؟
تكرر اسم مضيق هرمز في حرب كلامية دارت بين إيران والولايات المتحدة في الأيام الأخيرة، وهذا هو أحدث تصعيد منذ أبطل ترمب العمل بالاتفاق النووي الذي شهد رفع العقوبات عن إيران لقاء موافقة قادتها على تقييد برنامجها النووي.
انسحاب الولايات المتحدة يعني أن واشنطن تعيد فرض العقوبات على صادرات إيران النفطية. هذا وتعارض معظم دول العالم فرض العقوبات من جديد عدا القليل من حلفاء أميركا ومنهم إسرائيل والسعودية والإمارات.
التصعيد قد يعني حرباً إقليمية توقف إمداد العالم بالبترول.
كيف نفهم التهديدات الإيرانية بصورة عملية؟
في وقت سابق من هذا الأسبوع صرح الرئيس الإيراني حسن روحاني في بيان له أن البعض وجد تهديداً مبطناً في إغلاق مضيق هرمز.
الموقع الرسمي للرئاسة الإيرانية اقتبس عن روحاني قوله "زعم الأميركيون أنهم يريدون وقف صادرات إيران النفطية بالكامل، لكنهم لا يفهمون معنى قولهم هذا لأن لا معنى لوقف تصدير إيران للنفط فيما يستكمل تصدير نفط بقية المنطقة."
ويوم الخميس أفادت رويترز أن المسؤول الرفيع في الحرس الثوري الإيراني، الذي يتمتع بسلطة قوية في الجمهورية الإسلامية، إسماعيل خوسري، تحدث إلى نادي الصحفيين الشباب واضعاً النقاط على حروف تصريح روحاني المبهم فقال "إن أرادوا وقف صادرات نفط إيران فسوف لن نسمح لأي شحنة نفط بالمرور عبر مضيق هرمز."
وفي يوم الخميس أيضاً تحدث رئيس الحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري إلى وكالة الأنباء الإيرانية "تسنيم" قائلاً حسبما نقلت رويترز "سوف نجعل العدو يفهم أنه إما أن يستخدم الكل مضيق هرمز وإما لا أحد."
أسواق النفط قرأت في هذا البيان أن الإيرانيين "لن يجلسوا ويتفرجوا على سفن الشحن السعودية تبحر عبر مضيق هرمز".
هل ردت الولايات المتحدة؟
الخميس قالت الإدارة المركزية الأميركية لرويترز إن قوات البلاد البحرية مستعدة للدفاع عن حرية الملاحة والتدفق الحر لسير التجارة في المضيق.
من سيتضرر من غلق مضيق هرمز؟
كبرى الوجهات التي تقصدها شحنات الخام بعد عبور المضيق هي الصين واليابان والهند وكوريا الجنوبية وسنغافورة، وفي تقديرات الوكالة الدولية للطاقة إن 80% من نفط عام 2016 ذهب إلى آسيا.
التهديدات بغلق المضيق أدت كالعادة إلى رفع أسعار النفط، فإن تحققت هذه التهديدات على أرض الواقع فالأرجح أن ذلك سيؤدي إلى ارتفاع كبير في الأسعار قد يؤذي المستهلكين العاديين مثل السائقين الأميركان.
الجميع سيتضرر (المصدرون،و المستوردون)
هل من بديل آخر لنقل النفط خارج المنطقة؟
لا توجد في المنطقة سوى دولتين قادرتين على ضخ إنتاجهما من النفط الخام والغاز الطبيعي عبر الأنابيب خارج المنطقة، هما السعودية والإمارات، بيد أن شبكة أنابيبهما تستطيع ضخ جزء يسير مقارنة بالكميات الضخمة التي تعبر المضيق.
تفيد الوكالة الدولية للطاقة بأن الدولتين كانت لديهما في نهاية عام 2016 القدرة على ضخ مقدار 6.6 مليون برميل يومياً عبر شبكتيهما، إلا أنهما لم تضخا سوى 2.7 مليون برميل من تلك الطاقة الاستيعابية في ذلك الوقت.
هناك أنابيب للسعودية والإمارات لكنها لا تكفي لنقل الكميات المطلوبة.
والآن كم هو احتمال أن تقدم إيران فعلاً على غلق المضيق؟
يصعب التكهن بذلك. لم يسبق قط أن قام النظام الإيراني بغلق الممر بشكل كامل، ولكنه حاول ذلك سابقاً.
فمع نهاية الحرب العراقية الإيرانية التي دامت 8 سنوات استهدفت إيران سفناً تجارية في الخليج العربي بزرع الألغام في مياهها، ورداً على ذلك أمطرت السفن الحربية الأميركية منصات النفط الإيرانية بالنار وأغرقت أو عطّلت نصف الأسطول الإيراني.
مؤخراً هددت إيران بغلق مضيق هرمز عام 2011 وعام 2012 عندما تزعم الرئيس باراك أوباما حملة لفرض عقوبات عالمية على إيران نظراً لأبحاثها في مجال تطوير الأسلحة النووية. بيد أن إغلاق المضيق لم يتم لأن حملة ضغوط إدارة أوباما تمكنت أخيراً من إجبار إيران على الجلوس على طاولة المفاوضات التي أثمرت عن اتفاق 2015 النووي.
لو فعلتها إيران، فعندئذ سوف تجد نفسها أمام خطر داهم من جانب القوات الأميركية المتواجدة في الخليج،حسب تقرير لموقع شبكة CNBC الأميركية.