واجهت التحقيقات الجارية في قضية تعذيب ومقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني، عقبةً أخرى هذا الأسبوع، بعدما ذكرت النيابة العامة أن أشرطة كاميرات المراقبة في محطة المترو حيث شوهد ريجيني للمرة الأخيرة، تضمنت فترات صمت وفجوات غير مبررة ولم تنطو على أي صور للطالب الإيطالي.
وذكرت النيابة الإيطالية التي تتولى التحقيقات في بيان لها يوم الأربعاء 27 يونيو/حزيران 2018، أن "هناك حاجة لإجراء المزيد من التحقيقات للتأكد من أسباب" فترات الصمت أو الفجوات في كاميرات المراقبة، والتي تعود إلى 25 يناير/كانون الثاني 2016، وفقاً لما ذكرته صحيفة The Guardian البريطانية، أمس الخميس.
وطلبت السلطات الإيطالية من نظيرتها المصرية، التي تم اتهامها بمماطلة التحقيقات، تقديم أشرطة كاميرات المراقبة.
وكان ريجيني البالغ من العمر 28 عاماً، يجري بحوثاً بالغة الحساسية حول النقابات العمالية عندما لقي حتفه منذ أكثر من عامين. ويُعتقد أن ريجيني لقي حتفه على يد قوات الأمن المصرية، رغم أن طبيعة استهدافه والجهة المسؤولة عن مقتله لا تزال غامضة، بحسب الصحيفة البريطانية.
وقد وُجدت جثة ريجيني المعرضة للتعذيب والتشويه بحفرة على جانب الطريق بالقرب من القاهرة في 3 فبراير/شباط 2016، بعد 8 أيام من اختفائه. وأنكرت السلطات المصرية تورطها في مقتله.
بيانات تالفة
وتعد أشرطة كاميرات المراقبة دليلاً حيوياً على وجهة ريجيني والجهة المسؤولة عن اختطافه.
وأعلنت السلطات المصرية أنها حصلت على أشرطة الفيديو قبل أسبوع واحد من مطالبة السلطات الإيطالية بها. واعتبرت القاهرة أن هذه الأشرطة عديمة الفائدة، وذكرت أن المقاطع الهامة قد تم محوها بالفعل.
ومع ذلك، استغرق التفاوض على تسليم الأشرطة إلى السلطات الإيطالية أكثر من عامين، حيث أصيب المحققون بخيبة الأمل جراء ما وجدوه.
وأُجِّل تسليم مقاطع الفيديو التالفة من نظام مترو الأنفاق بسبب تباحث المسؤولين المصريين والإيطاليين حول كيفية محاولة استعادة البيانات المحذوفة، وبحسب صحيفة The New York Times، فإنه تمت الاستعانة بشركة ألمانية لمحاولة استرجاعها، ثُمَّ تُرِكَت الشركة.
وعرض الإيطاليون دفع مستحقات الشركة، لكن المصريين أصروا على أن يدفعوا هم. وأخيراً، استرجع مهندسٌ روسي يعمل إلى جانب فريقٍ من الشرطة الإيطالية ما أمكنه استرجاعه.
وفي خطابٍ إلى صحيفة إيطالية في يناير/كانون الثاني الماضي، اعترف مدعي عام روما، جوسيبي بيناتوني، بصعوبة تحقيقٍ وصفه بأنَّه "فريد من نوعه"، وكتب: "لم يكن من السهل دوماً الدخول إلى العقلية العربية".
ومع تقدم التحقيق، أشارت بعض الحقائق إلى تورط قوات الأمن المصرية في عملية القتل. إذ اعترف ضباط مصريون بمراقبة المخابرات المصرية لريجيني قبل أسابيع من مقتله. وخرج مقطع فيديو أظهر أنَّ قيادياً نقابياً أقام صداقةً مع ريجيني قد صوَّره سراً في أحد لقاءاتهما، وفقاً للصحيفة الأميركية.
وفي الشهور الأخيرة، حدَّد المسؤولون الإيطاليون تسعة مسؤولين أمنيين مصريين يعتقدون أنَّهم على صلة بمقتل ريجيني، وأرسلوا ملفاً من 70 صفحة بشأنهم إلى مصر، التي حقَّقت مع بعضهم أكثر من مرة، لكن لا إشارات على ملاحقات قضائية.
عودة للعلاقات
واحتلت القضية محور العلاقات المتوترة بين البلدين، ولا يرجع ذلك إلى التورط المزعوم لحكومة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي فحسب، بل إلى إخفاق السلطات المصرية في تقديم الدعم اللازم إلى المحققين الإيطاليين.
وسعت إيطاليا إلى تحسين العلاقات الدبلوماسية مع مصر في العام الماضي، وأعادت سفيرها إلى القاهرة بعد أن أدى توتر العلاقات نتيجة التحقيقات في قضية ريجيني إلى تشجيع الحكومة اليسارية السابقة إلى استدعاء سفيرها من القاهرة.
وحينما أعيد السفير، اعتبر وزير الخارجية حينذاك أنجلينو ألفانو أن مصر "شريك لا يمكن تجنبه"؛ ومع ذلك، انتقد والدا ريجيني تلك الخطوة معتبرين إياها "استسلاماً رسمياً".
أن الحكومة الشعبية الجديدة مستعدة لإقامة علاقات أكثر حميمية رغم التساؤلات المستمرة حول قضية مقتل ريجيني. وذكر وزير الداخلية ماتيو سالفيني في وقت سابق من هذا الشهر أنه يتفهم رغبة أسرة ريجيني في السعي وراء تحقيق العدالة، "ولكن إقامة علاقة طيبة مع دولة هامة مثل مصر يحظى بأهمية كبيرة بالنسبة لنا".