20 سنة سجن لقائد حراك الريف في المغرب.. أنصاره يتظاهرون والمحامون يستأنفون، وهذه التهم التي وجهها القضاء

عربي بوست
تم النشر: 2018/06/27 الساعة 06:11 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/06/27 الساعة 06:11 بتوقيت غرينتش

أَسدل القضاء المغربي الستارَ على ما عُرف إعلامياً بحراك الريف، الذي تفجَّر في مدينة الحسيمة، في 2016 حتى 2017.

 وحكم القضاء المغربي مساء الثلاثاء، 26 يونيو/حزيران 2018، على زعيم "حراك الريف" ناصر الزفزافي وثلاثة من رفاقه بالحبس لمدة 20 سنة، بعدما أدانهم بتهمة "المشاركة في مؤامرة تمَسُّ بأمن الدولة"، فيما حكم على 49 متهماً آخر بالسجن لفترات تتراوح بين عامين و15 عاماً، واكتفى بفرض غرامة مالية على متهم واحد.

 وأصدر القاضي بغرفة الجنايات في محكمة الاستئناف في الدار البيضاء هذه الأحكام في غياب المتهمين، الذين يُحاكمون منذ منتصف سبتمبر/أيلول 2017، والذين قرّروا منذ منتصف يونيو/حزيران الجاري، مقاطعة ما تبقَّى من جلسات محاكمتهم.

 وهزَّت احتجاجات ما يُعرف بـ"حراك الريف" مدينة الحسيمة ونواحيها (شمالاً) على مدى أشهر، ما بين خريف 2016 وصيف 2017، وقد خرجت أولى تلك التظاهرات في الحسيمة؛ احتجاجاً على حادث أودى بحياة بائع السمك محسن فكري.

 وسبق أن تظاهر آلاف المغاربة تضامناً مع ما بات يُعرف باسم "حراك الريف"، الذي تفجَّر في مدينة الحسيمة بشمالي البلاد، عقب مقتل بائع سمك سحقاً داخل شاحنة للنفايات، عندما حاول استرجاع بضاعته المصادَرَة.

 وشهدت العاصمة الرباط تظاهرات شتَّى ضمَّت بين جنباتها آلافاً قادمين من مختلف المدن المغربية، حاملين الأعلام الأمازيغية والمغربية، بمشاركة حركة 20 فبراير، التي قادت النسخة المغربية من احتجاجات الربيع العربي في 2011، تضامناً مع الحراك.

وكانت تظاهرات الحراك مفاجئة للشارع المغاربي، على خلاف المعتاد من الهدوء وعدم التصعيد ضد الحكومة أو العاهل المغربي، خاصة أن الرباط استطاعت النجاة من تبعات احتجاجات الربيع العربي في 2011، عندما تنازل العاهل المغربي عن بعض سلطاته الشكلية.

اتهامات تتعلق بالتآمر للمسِّ بأمن الدولة

وحكمت المحكمة على كلٍّ من ناصر الزفزافي (39 عاماً)، الذي يوصف بزعيم الحراك، ونبيل أحمجيق الرجل الثاني في الحراك، وسمير إغيد ووسيم البوستاتي بالسجن مع النفاذ لمدة 20 سنة، بعدما أدانتهم باتهامات تتعلق بالتآمر للمسِّ بأمن الدولة.

وبرز الزفزافي بصفته "زعيم الحراك"، منذ اعتقاله في أيار/مايو 2017، بعدما قاطع خطبة جمعة معادية لحركة الاحتجاجات.

وأدانت المحكمة بتهم تتعلق أيضاً بالتآمر للمسِّ بأمن الدولة كلاً من محمد حاكي ومحمد بوهنوش، وزكريا أدهشور، الذين حكمت عليهم بالحبس لمدة 15 عاماً، في حين حكمت على مجموعة ثالثة من سبعة أفراد بالسجن لمدة 10 أعوام، بعدما أدانتهم بتهم مماثلة.

وأدين بقية المتهمين بجُنح أقل خطورة، مثل المشاركة في تظاهرة غير مرخصة، أو إهانة القوات العمومية، أو انتحال صفة، وتراوحت الأحكام الصادرة في حقهم ما بين 5 سنوات سجناً وغرامة 5000 درهم (حوالي 450 يورو) بالنسبة لـ10 أشخاص، و3 سنوات سجناً مع غرامة 2000 درهم (حوالي 180 يورو) بالنسبة لـ8 أشخاص، وسنتين سجناً مع غرامة 1000 درهم (حوالي 90 يورو) بالنسبة لـ21 شخصاً، بينما اقتصرت عقوبة متهم وحيد على غرامة 5000 درهم.

وما إن بدأ القاضي بنطق أحكام الإدانة حتى تعالَت صرخات بعض أقارب المتهمين، الذين حضروا الجلسة، وانهار بعضهم لدى سماعه العقوبات الصادرة، في أجواء غلب عليها التوتر والانفعال.

المحامون في طريقهم للاستئناف على الحكم

وقالت المحامية سعاد براهمة عن هيئة الدفاع، في تصريح لوكالة فرانس برس، إن "هذه الأحكام قاسية جداً. كانت الدولة في امتحان لاحترام حقوق الإنسان وحرية التعبير واستقلال القضاء، لكنها مع الأسف فشلت".

وأوضحت أن هيئة الدفاع سوف تطلب استئناف الأحكام بعد التشاور مع موكليها.

بالمقابل وصف المحامي محمد كروط عن المطالبين بالطرف المدني هذه الأحكام بـ"المخفّفة، مقارنة مع التهم الموجهة للملَاحقين، والعقوبات التي ينص عليها القانون"، علماً أن بعض تلك العقوبات تصل إلى الإعدام في القانون الجنائي المغربي.

وأنكر قادة الحراك، وعلى رأسهم الزفزافي، كلَّ هذه الاتهامات الموجَّهة إليهم أثناء مثولهم أمام القاضي على مدى أشهر، مؤكدين أن "الحراك" كان سِلمياً، وأنهم خرجوا للتظاهر احتجاجاً على الفساد، وللمطالبة بإنماء المنطقة.

وطعن الزفزافي وجلّ المتهمين في أدلة الإدانة التي اعتُمدت ضدهم، شاكياً من "تزوير" الأقوال التي أدلى بها للشرطة.

كما أنكر الملاحقون كلَّ الاتهامات المتعلقة بتلقي أموال من أفراد ينشطون في الخارج من أجل انفصال الريف، مؤكدين أن حملَ أعلامٍ تحيل على هوية هذه المنطقة المتمردة تاريخياً لا يعدو التأكيدَ على خصوصياتها الثقافية.

النيابة العامة لا تعترف برواية زعماء حراك الريف

لكن النيابة العامة أكدت في مرافعاتها، الأسبوع الماضي، على كل هذه التهم.

وكان دفاع الطرف المدني الذي يمثل الدولة في هذه المحاكمة، أكد في وقت سابق إصابة أكثر من 600 رجل أمن، وتسجيل خسائر مادية أثناء الاحتجاجات التي هزَّت مدينة الحسيمة ونواحيها طوال أشهر، منذ حادث وفاة بائع السمك في خريف 2016.

وتُقدِّر جمعياتٌ أعدادَ المعتقلين على خلفية "حراك الريف" بنحو 450 شخصاً، وقد طالبت هيئات حقوقية وسياسية عديدة بالإفراج عنهم، معتبرة مطالبهم مشروعة.

وأعلنت الحكومة المغربية إطلاق مشاريع إنمائية، والتسريع بإنجاز أخرى تجاوباً مع مطالب "الحراك"، كما تم إعفاء وزراء ومسؤولين كبار اعتُبروا مقصّرين في تنفيذ تلك المشاريع.

تظاهرات لمؤيدي حراك الريف

واحتج مئات من نشطاء حراك الريف بمدينة الحسيمة المغربية (شمالاً)، في وقت متأخر الثلاثاء، رفضاً لأحكام بإدانة القائد الميداني لحراك الريف ناصر الزفزافي، وسجنه 20 عاماً، وأحكام أخرى بحق نشطاء آخرين.

ومساء الثلاثاء، قضت محكمة الاستئناف بمدينة الدار البيضاء بإدانة الزفزافي، و3 قادة آخرين لحراك الريف، وهم، سمير ايغيد، ونبيل احمجيق، ووسيم البوستاتي، ومن ثم الحكم عليهم بالسجن 20 عاماً، كل على حدة.

كما قضت المحكمة على عدد آخر من الموقوفين يُقدر عددهم بـ50 معتقلاً، بأحكام تراوحت ما بين سنة إلى 10 سنوات.

ونشر بعض النشطاء الحقوقيين بشبكات التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو عبر تقنية "المباشر" تبيِّن "تجدد الاحتجاجات بمدينة الحسيمة (شمالاً) بعدد من الأحياء".

 واحتج العشرات من النشطاء، مردِّدين شعارات تطالب بإطلاق سراح المعتقلين على خلفية الحراك.

 وانتقد المحتجون من خلال شعارات ردَّدوها "الأحكامَ الثقيلة" بحقِّ نشطاء الحراك.

 وكان الزفزافي يُحاكم وأكثر من 50 آخرين من نشطاء حراك الريف المعتقلين بتهمة "المس بالسلامة الداخلية للمملكة".

 ومنذ أكتوبر/تشرين الأول 2016، إلى منتصف السنة الماضية، تشهد مدينة الحسيمة وعدد من مدن وقرى منطقة الريف احتجاجات للمطالبة بتنمية المنطقة، وإنهاء التهميش، ومحاربة الفساد، وفق المحتجين.

 ونهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أعفَى العاهل المغربي أربعة وزراء من مناصبهم؛ بسبب اختلالات (تقصير) في تنفيذ برنامج إنمائي بمنطقة الريف.

علامات:
تحميل المزيد