انتظرت ريم فرحات بفارغ الصبر أول طلب نقل ركاب في السيارة التي تقودها، قبل أن يبدأ هاتفها بالرنين. وقالت إنها بكت مرتين فرحاً في يومها الأول في العمل كإحدى أولى سائقات السيارات مع تطبيق "كريم" في السعودية.
وكانت شركتا "كريم" التي تؤمن سيارات نقل عبر تطبيق هاتفي، ومقرها دبي، و"أوبر" العالمية، أعلنتا أنهما ستوظفان سائقات في السعودية بعد إعلان العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز في أيلول/سبتمبر 2017 رفع حظر القيادة المفروض على السعوديات في المملكة المحافظة.
ومع رفع الحظر الأحد 24 يونيو/حزيران 2018، بدأت ريم عملها الجديد كـ"كابتنة" مع تطبيق كريم، إلى جانب 12 امرأة سعودية أخرى. وقالت "في الصباح، عندما بدأت بقيادة السيارة شعرت بالدموع تنهمر من عيني".
وأضافت "أوقفت السيارة وخرجت منها للبكاء (…). لا أصدق أن بإمكاننا القيادة.. إنه حلم. اعتقدت بأنه سيكون أمراً طبيعياً للغاية وأنني سأدخل السيارة وأنطلق. فوجئت بردة فعلي". وتوقفت للحظة ثم تابعت "لم أتوقع ذلك. أنا أقوم بهذا لأنني أستطيع. لأنه يتوجب على إحدانا أن تبدأ".
فرحة متبادلة بين السائقة والزبونة
وبموجب إحصاءات صادرة عن شركة "كريم"، فإن 70% من الزبائن في السعودية هن من السيدات. وتقدر "أوبر" أن 80% من زبائنها هن من النساء في المملكة. ويعود سبب ذلك إلى أن السعودية كانت حتى منتصف ليل السبت-الأحد الماضي، البلد الوحيد في العالم الذي يمنع النساء من قيادة السيارات.
في مكاتب "كريم"، تجمع الموظفون الأحد للاحتفال بأول يوم للسيدات كسائقات مع الشركة. وجاء أول طلب سيارة لريم فرحات بعد ساعات من رفع الحظر رسمياً. فقالت مبتسمة "هذه أول رحلة لي مع كريم. وأنا متحمسة لأرى من ستكون معي في السيارات وكيف ستكون ردة فعلها".
وقفزت الزبونة ليلى عشري فرحاً على الرصيف عند رؤيتها لسائقتها ريم. وقالت لها بالإنكليزية "يا إلهي، لا أستطيع أن أصدق أنها أنتِ. لا أستطيع أن أصدّق أنكِ هنا ولا يمكنني أن أصدق أنني هنا".
وتابعت بحماس "كنت أغرد (عبر موقع تويتر) لأصدقائي إن سيارتي قادمة وبأن (السائق) سيدة! (…) هل يمكنني الجلوس في الأمام إلى جانبك؟".
وتعمل السائقة أيضاً مع والدها كمستشارة لمراقبة الجودة – وتسعى لأن تصبح مدربة حياة (لايف كوتش) – وتحب الغوص مع شقيقتها في مدينة جدة على البحر الأحمر.
الكل يريد أن يصبح سائقاً!
ويشير عبد الله الياس، وهو شريك مؤسس في تطبيق "كريم"، إلى أن نحو 2000 سيدة تسجلن للحصول على رخصة "كريم" منذ أيلول/سبتمبر الماضي. وتنوي شركة "أوبر" أيضاً الخريف المقبل التعامل مع سائقات من النساء.
ويقول إلياس لوكالة الأنباء الفرنسية إن المتقدمات "يأتين من خلفيات متنوعة تماماً"، موضحاً "لدينا نساء يحملن شهادات جامعية. شهادات ماجيستير. ونساء لا يحملن أي شهادة. ولدينا نساء يرغبن بالقيام بذلك كعمل بدوام كامل. وأخريات يرغبن بالقيام به بدوام جزئي من أجل الحصول على دخل إضافي".
وتحمل غالبية السيدات اللواتي حصلن على رخص قيادة الأحد مثل ريم، رخص قيادة أجنبية، ما سمح لهن بتجنب دروس القيادة والتقديم للامتحان النهائي من أجل رخصة القيادة السعودية. وبإمكان أي "كابتنة" في "كريم" نقل أي زبون، سواء كان رجلاً أم امرأة. ويملك كل من السائق والراكب حق إنهاء الرحلة في أي وقت.
وقالت ليلى، وهي طالبة طب، بابتسامة عريضة إنها ستختار دائماً سائقة من السيدات. وأضافت "أشعر تلقائياً بالأمان أكثر.. كوني امرأة وأتعرض للتمييز على أساس الجنس بشكل يومي.. اليوم هناك شعور رائع في هذا الموضوع. ولكن ليس هذا فقط.. بل هناك أيضاً مسألة النساء اللواتي ينضممن إلى القوى العاملة".
من المقعد الأمامي، تقول ليلى إنها لم تكن تجلس هنا مع سائقيها الذكور الذين "كانوا في بعض الأحيان يحدقون بي عبر المرآة".
وأكملت "هناك أمر نتشارك به مع غيرنا من النساء، إذ نفهم جميعنا كيفية أن تكوني في موقف تشعرين فيه بأن هناك عيوناً تحدّق بك، ولكن لا يمكنك أن تقولي أي شيء أو القيام بأي شيء". ثم نظرت إلى سائقتها، وقالت "إن كان بإمكانك القيام بذلك، فبإمكاني أنا القيام بذلك".