طوت صفحة ديونها، ورئيس وزرائها عاد لارتداء رابطة العنق.. كيف خرجت اليونان بعد 8 سنوات من النفق المظلم؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/06/22 الساعة 19:55 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/06/22 الساعة 19:55 بتوقيت غرينتش
Greek Prime Minister Alexis Tsipras removes his tie as he speaks at the parliamentary group of Syriza and Independent Greeks in Athens, Greece, June 22, 2018. Tatiana Bolari/Eurokinissi via REUTERS ATTENTION EDITORS - THIS IMAGE WAS PROVIDED BY A THIRD PARTY. NO RESALES. NO ARCHIVE. GREECE OUT.

رحَّبت اليونان، الجمعة 22 يونيو/حزيران 2018، بالاتفاق "التاريخي" الذي توصَّلت إليه منطقة اليورو، معلنةً انتهاء 8 سنوات من أزمة الديون، وأشاد رئيس وزرائها، ألكسيس تسيبراس، بالحدث "التاريخي"، مرتدياً رابطة عنق للمرة الأولى، مع تأكيده الاتجاه نحو المزيد من العدالة الاجتماعية.

وأُبرم الاتفاق، الذي يشمل تخفيفاً كبيراً لمرة أخيرة لديون أثينا، ليل الخميس/الجمعة 22 يونيو/حزيران 2018، إثر اجتماع لوزراء مالية منطقة اليورو، استمر أكثر من 6 ساعات في لوكسمبورغ.

ويهدف الاتفاق إلى تمكين اليونان -كما هو مقرر- من الخروج من وصاية دائنيها، منطقة اليورو وصندوق النقد الدولي في 20 أغسطس/آب 2018.

وقال رئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس: "لقد توصلنا إلى اتفاق تاريخي في مجموعة اليورو بالأمس حول ديون اليونان"، ساعياً مع ذلك إلى الواقعية من خلال تأكيده أنه "تُكتب صفحة جديدة، لكن يجب أن نخرج عن طريق الإصلاحات والجهود في الموازنة".

وظهر تسيبراس، اليساري المتشدد الذي كان يرفض وضع رابطة عنق طالما بقيت بلاده تحت رحمة دائنيها، للمرة الأولى، برابطة عنق مساء الجمعة 22 يونيو/حزيران 2018، أمام نواب ائتلافه في أثناء خطابٍ بدا فيه متأثراً جداً في وسط أثينا.

لكنه عاد ونزع رابطة العنق عند انتهاء الخطاب، قائلاً إن الشعب اليوناني "كسب معركة ولم يكسب الحرب"، وإنه لن يرتدي رابطة عنق إلا عند إحراز نصر جديد.

"عدم العودة إلى يونان الأمس"

وشدد تسيبراس على الاستمرار في النهج الجدي، مؤكداً: "يجب ألا نعود إلى يونان الأمس، حيث كان الفساد معمَّماً والنفقات بلا حدود". وأظهر تسيبراس، الذي كثيراً ما يتهمه اليسار بالخيانة، أنه يرغب في الحكم وفق مبادئه.

وقال إن نهج "التقشف سيُعوَّض شيئاً فشيئاً بالعدالة الاجتماعية"، واعداً بخفض الضرائب في 2019 و"بعودة تدريجية للدولة الاجتماعية، والاتفاقيات المشتركة، ورفع الحد الأدنى للأجور".

لكنَّ وسائل إعلام ومحللين حذروا من الأفراط في التفاؤل، قائلين إن احترام التزامات الموازنة الواردة في الاتفاق سيتطلب تطبيق قواعد صارمة جداً. كما أن البلاد ستبقى خاضعة لمراقبة مشددة من الجهات الدائنة حتى 2022.

وكتبت صحيفة المعارضة "تا نيا" أنه "سيكون خطأ رهيباً التوهم أن نهاية برامج المساعدة تعني عودة إلى الوضع الطبيعي"، مضيفةً: "ستلي ذلك مراقبةٌ مشددةٌ لم تشهدها أي دولة أخرى" بعد مثل هذه البرامج.

وكان وزراء مالية منطقة اليورو اتفقوا في لوكسمبورغ، بوقت مبكر من الجمعة، على سُبل خروج اليونان من برامج المساعدة التي تستفيد منها منذ 8 سنوات، وكذلك إجراءات تخفيف ديونها.

وقال المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية بيار موسكوفيسي، إن "أزمة اليونان تنتهي هنا، هذه الليلة. وصلنا أخيراً إلى نهاية النفق الذي كان طويلاً جداً وصعباً. إنها لحظة تاريخية".

وأشاد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بـ"انطلاقة جديدة لهذا البلد الصديق الذي تدعمه فرنسا كثيراً"، ورأى في الاتفاق دليلاً على أنه "رغم الصعوبات أوروبا تتقدم".

"تهاني يا رفاق"

ووافق الأوروبيون، الجمعة 22 يونيو/حزيران 2018، على تمديد استحقاق تسديد قسم كبير من ديون اليونان مدة 10 سنوات، رغم أن مستواه يبقى الأعلى في الاتحاد الأوروبي (180% من إجمالي الناتج الداخلي)، ما سيتيح لليونانيين عدم البدء بتسديد قسم من الديون سوى اعتباراً من 2032 بدلاً من 2022 كما كان قائماً حتى الآن.

كما اتفق الوزراء على دفع آخر شريحة من المساعدة، وتبلغ 15 مليار يورو، مقابل 88 من الإصلاحات التي أنجزتها اليونان في الأسابيع الماضية.

ومن أصل هذا المبلغ، 5.5 مليار مخصصة لخدمة الدَّين، و9.5 مليار لـ"شبكة أمان مالية"، وأكثر من 24 مليار يورو للأشهر الـ22 التي ستلي خروج اليونان من البرنامج.

وإثر ضغوط مارستها ألمانيا، ستبقى بعض إجراءات تخفيف الديون مشروطة بمواصلة آخر الإصلاحات، وبعضها سيمتد على مدى أشهر عدة.

لكنَّ أثينا ستكون -اعتباراً من خروجها من برنامج المساعدات في أغسطس/آب 2018 وحتى عام 2022- تحت مراقبة مشددة من جانب الأوروبيين، وستكون المراقبة أشدّ حتى من تلك التي فُرضت على البرتغال وقبرص وإيرلندا.

وأعلن الأوروبيون أيضاً أنهم سيستعرضون وضع الديون اليونانية عام 2032، ويتفقون إذا لزم الأمر على إجراءات تخفيف جديدة.

وأعلنت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، التي كانت حاضرةً في لوكسمبورغ الجمعة 22 يونيو/حزيران 2018، أن الصندوق الذي شارك مالياً في أول برنامجين يونانيين، لن يشارك في الثالث، لكنه سيبقى ضالعاً في مراقبة ما بعد برنامج الخروج.

وحصلت اليونان، خلال 8 سنوات، على مساعدات تزيد على 273 مليار يورو من دائنيها، منطقة اليورو وصندوق النقد الدولي، وُزِّعت على 3 برامج مساعدات.

في المقابل، اضطر اليونانيون إلى تطبيق مئات الإصلاحات التي غالباً ما كانت مؤلمة، وكان هدفها بشكل أساسي تصحيح المالية العامة.

وبلغ إجمالي الناتج الداخلي 1.4% عام 2017. ومن المتوقع أن يرتفع إلى 1.9% هذه السنة (2018)، و2.3% السنة المقبلة (2019). كما باتت اليونان تسجل فائضاً في الميزانية بنسبة 0.8% بعد عجز بلغ 15.1% عام 2009.

علامات:
تحميل المزيد