في تقرير مطول، سلطت صحيفة New York Times الأميركية، الأربعاء 13 يونيو/حزيران 2018، الضوء على شخصية هامة جداً في الأوساط الأميركية، والتي كانت سبباً في تحسن العلاقة بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب -الذي كان يعادي المسلمين والعرب قبل توليه المنصب- حتى أصبح حليفاً هاماً لبعض دول الخليج، إنه الملياردير توم باراك.
هذا الرجل الذي يمكنك أن تطلق عليه "عراب" العلاقة بين ترمب والسعوديين والإماراتيين، جاء من أصول لبنانية، قبل نحو 100 عام، إلا أنه تحول إلى درجة عالية من الثراء بسبب علاقته الوثيقة بالرئيس الأميركي، وأيضاً بأمراء عرب.
قصة تحوُّل ترمب
وبحسب الصحيفة الأميركية، ففي أبريل/نيسان 2016، كان ترمب على وشك الفوز بترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة. لكنَّ عداء ترمب الواضح للمسلمين، الذي تجسد في دعوته لحظر دخول المهاجرين المسلمين إلى الولايات المتحدة، كان يُسيء إلى أمراء الخليج الذين اعتمد عليهم باراك كمستثمرين ومشترين لعقودٍ من الزمن.
في ذلك التوقيت، جاءته رسالة عبر البريد الإلكتروني من السفير الإماراتي في واشنطن، يوسف العتيبة، قال فيها لباراك: "البلبلة حول صديقك دونالد ترمب مرتفعةٌ جداً"، وحذَّر العتيبة من أنَّ صورة ترمب "قد أثارت قلق العديد من الناس"، بحسب الصحيفة الأميركية.
لم تُثبَط عزيمة باراك، الذي تربطه علاقة صداقة بالسفير منذ فترةٍ طويلة، وقام بأعمالٍ تجارية معه، وطمأنه بأنَّ ترمب فهم وجهة نظر الخليج. وكتب في رسالة بريد إلكتروني في 26 أبريل/نيسان: "لديه أيضاً مشاريع مشتركة في دولة الإمارات".
وكانت رسائل البريد الإلكتروني بداية انتقال ترمب المفاجئ من مرشح قام بحملةٍ ضد المسلمين إلى رئيسٍ يُحتفل به في البلاط الملكي بالرياض وأبوظبي، باعتباره ربما أفضل صديق في البيت الأبيض لم يحظَ به حكام الخليج من قبل. إنَّه تحولٌ لا يشهد فقط على المرونة الخاصة التي يتمتع بها ترمب؛ بل أيضاً على مكان باراك الفريد في عالم ترمب؛ إذ كان في يومٍ من الأيام زميله بزمرة رجال الأعمال الأثرياء، ثم أصبح متودِّداً ومجاملاً وصديقاً ووسيطاً قوياً.
دور باراك في حملة ترمب
وبحسب New York Times، فخلال حملة ترمب، كان باراك من كبار جامعي التمويل والحارس الموثوق به الذي فتح قنوات الاتصال مع الإماراتيين والسعوديين، وأوصى بتعيين بول مانافورت مديراً للحملة، ثم حاول ترتيب اجتماعٍ سري بين مانافورت وولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
إلا أنَّ مانافورت اتُّهم منذ ذلك الحين من قِبل المحقق الخاص في التحقيق بالتدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأميركية.
وقال متحدث باسم باراك إنَّه أُبلغ أنَّه ليس مستهدَفاً من قِبل المحقق الخاص. أجرى المحققون مقابلةً معه في ديسمبر/كانون الأول 2017، لكنَّهم سألوه بشكلٍ حصري تقريباً عن مانافورت وزميله ريك غيتس، حسبما قال أحد الأشخاص المطلعين على الاستجواب.
وتجنَّب باراك أي دورٍ رسمي في الإدارة الأميركية. وقيل إنَّه رفض عروضاً ليصبح وزيراً للخزانة أو سفيراً لدى المكسيك. (سعى إلى العمل مبعوثاً خاصاً للتنمية الاقتصادية في الشرق الأوسط، لكنَّ الفكرة لم تكتسب زخماً في البيت الأبيض)، بحسب الصحيفة الأميركية.
وبدلاً من ذلك، استمر في جني المال، كما يفعل منذ عقود، من خلال العمل مع الأشخاص أنفسهم في الخليج الذين قدَّمهم قبل عامين لترمب. وحققت شركة باراك، المعروفة باسم Colony Northstar، منذ اندماجها في العام الماضي (2017)، استثماراتٍ تزيد على 7 مليارات دولار منذ فوز ترمب بالترشيح. وجاءت 24% من تلك الأموال من الخليج، وكلها إما من الإمارات أو السعودية، وفقاً لمديرٍ تنفيذي مطَّلع على الأرقام. ولم تكشف الشركة عن هوية المستثمرين في صناديقها، وفقاً لـNew York Times.
الرسائل التي تبادلها باراك مع السفير السفير الإماراتي لدى أميركا، يوسف العتيبة، عبر البريد الإلكتروني، والتي لم يُفصَح عنها من قبلُ، قدَّمتها مجموعة معارضة للسياسة الخارجية الإماراتية، لم تكشف عن هويتها لصحيفة New York Times الأميركية، وتوضح الدور التنظيمي الذي لعبه باراك كحلقة وصل بين ترمب وأمراء الخليج.
لم ينفِ ممثلو باراك صحة رسائل البريد الإلكتروني. وقال المتحدث باسمه في تصريحٍ له، إنَّ باراك "يرى أعماله بالشرق الأوسط كطريقة للمساعدة في الحوار والتفاهم السياسي، وليس العكس، ويفعل ذلك من خلال علاقاتٍ تمتد حتى عهد بعض أجداد حكام المنطقة الحاليين".
صديق ترمب عزز مكانته في المنطقة
لكنَّ إنصات الرئيس له، كما قال مسؤولون تنفيذيون آخرون ودبلوماسيون سابقون يعملون في الخليج، لم يؤدِ إلا إلى تعزيز مكانة باراك بالمنطقة.
ويقول روجر ستون، وهو عضو جمهوري مخضرم يعرف كلا الرجلين منذ عقود: "إنَّه الشخص الوحيد الذي أعرفه ويتحدث معه الرئيس كنظير. باراك بالنسبة لترمب مثل بيبي ريبوزو بالنسبة للرئيس نيكسون، إنَّه أفضل صديق"، مشيراً إلى مطور العقارات الثري الذي كان معروفاً بقربه من الرئيس ريتشارد نيكسون في أثناء عملية عزله، بحسب الصحيفة الأميركية.
يمتد قرب باراك من ترمب إلى عائلة الرئيس. فبحلول عام 2010، كان قد استحوذ على 70 مليون دولار من الديون المستحقة على غاريد كوشنر صهر ترمب، بعد قراره السيئ بشراء ناطحة سحاب في شارع فيفث أفينو بمدينة نيويورك. وبعد اتصالٍ من ترمب، كان باراك من بين مجموعةٍ من المقرضين الذين وافقوا على تخفيض التزامات كوشنر لإنقاذه من الإفلاس.
وبعد شهرٍ من اتصاله لأول مرة بالسفير العتيبة، راسله باراك مرةً أخرى في 26 مايو/أيار؛ لتقديم كوشنر، الذي كان يُعد لدور المبعوث الرئاسي إلى الشرق الأوسط.
ووعد باراك في رسالةٍ إلكترونية أخرى، قائلاً: "سوف تحبه، وهو يوافق على أجندتنا!".
صديق ملياردير
وبحسب New York Times، التقى باراك ودونالد ترمب لأول مرة في الثمانينيات، وحقق باراك مكاسب من وراء هذه اللقاءات؛ إذ تفاوض مع ترمب وأقنعه بدفع مبالغ زائدة كبيرة عن القيمة المتوقعة مقابل اثنين من الأصول المشهورة: حصة مقدارها الخُمس بسلسلة متاجر ألكساندر في نيويورك عام 1985، وفندق بلازا في عام 1988. دفع ترمب نحو 410 ملايين دولار في فندق بلازا، ثم خسر العقارين في وقتٍ لاحق وآلت ملكيتهما للدائنين.
لكنَّ باراك استغل الصفقات في تكوين صداقةٍ دائمة، جزئياً بالإطراء على مهارات ترمب كمفاوض.
يبلغ باراك من العمر 71 عاماً مثل الرئيس ترمب، ويشاركه في ولعه بالأشياء باهظة الثمن. فهو يمتلك مصنع نبيذ على مساحة 700 فدان، ومزرعة للعب البولو في سانتا ينز فالي بكاليفورنيا، وباع قصراً مكوناً من 7 غرف نوم بسانتا مونيكا في العام الماضي (2017)، مقابل 38 مليون دولار، واستحوذ على منتجع أسبن للتزلج مقابل 18 مليون دولار في الوقت المناسب (وقت بداية الموسم).
وبحسب الصحيفة الأميركية، نشأ باراك وهو يتحدث العربية مع والديه المهاجَرين اللبنانيَّين في لوس أنجلوس. كانت والدته تعمل سكرتيرةً، وكان والده يدير محل بقالة بمدينة كلفر. وبحلول عام 1972، حصل على شهادة في القانون من جامعة كاليفورنيا الجنوبية، وتقدم للعمل مع المحامي الشخصي للرئيس نيكسون هربرت كالمباتش. وكما يحكي باراك القصة، عاد بعد لحظاتٍ ليُلقي بكتابٍ عن كرة القدم كانا قد ناقشاه من قبل، ومكَّنته هذه الإيماءة من الفوز بالوظيفة على المرشحين الآخرين الذين يحملون درجاتٍ مرموقة أكثر منه.
رحلته إلى المنطقة العربية
وبحسب الصحيفة الأميركية، أُرسِلَ باراك إلى السعودية؛ بسبب مهاراته في اللغة العربية، وجُنِّد كشريكٍ بلعبة الأسكواش مع مواطن "سعودي" كما سماه، وتبيَّن أنَّ السعودي كان أحد أبناء الملك، وأول محطة نجاح كبيرة له في مجال الأعمال.
وفي العقود التالية، صنع باراك علاقاتٍ مع أشخاصٍ بجميع أنحاء المنطقة، فصادَق مرةً عجوزاً على متن حافلة، تبيَّن بعدها أنَّه مديرٌ تنفيذي في شركة أرامكو، عملاق النفط السعودية. ودعا باراك صديقه العجوز للإقامة معه في نيوبورت بيتش بكاليفورنيا بينما يتلقى علاجاً طبياً، وكانت هذه الخدمة سبباً في تكليف باراك مساعدة "أرامكو" في شراء 375 حافلة مدرسة من طراز بلو بيرد، ما مثَّل كبرى صفقاته في ذلك الوقت، بحسب الصحيفة الأميركية.
ووصفه أصدقاؤه بأنَّه خادم لأمراء وملوك الخليج؛ إذ كان يساعدهم في شراء منازل بأميركا وأوروبا، ويعتني بأطفالهم في زياراتهم للغرب، ويصطحبهم في عطلاتٍ في منزله بجنوب فرنسا. وبعد أن اشترت شركة الأسهم الخاصة المملوكة له منتجعاً بناه الأغا خان على امتداد 56.3 كيلومتر على ساحل جزيرة سردينيا، افتتح باراك الكاثوليكي مطعماً للأكل الحلال للترحيب بأمراء الخليج الذين جاءوا في يخوتهم.
كمحامٍ شاب، تفاوض باراك ذات مرة بشأن حقوق الحفر مع والد العتيبة، الذي كان حينها وزير الطاقة الإماراتي. وتُظهِر رسائل البريد الإلكتروني أنَّ العتيبة عمل لاحقاً مع باراك للمساعدة في إبرام صفقة عام 2009، باعت فيها شركة الأسهم الخاصة التي يملكها فندق أرميتاج رافلز في بيفرلي هيلز لشركة مشتركة يملك نصفَها صندوقُ استثمارات في أبوظبي مقابل 41 مليون دولار أميركي. وبعدها بـ3 سنوات، استثمر العتيبة مليون دولار في صندوق أسسه باراك لشراء منازل بتكلفة منخفضة بعد انهيار سوق العقارات، وفقاً لرسائل البريد الإلكتروني، بحسب الصحيفة الأميركية.
تغيُّر في السياسة
بدأت جهود باراك في تحقيق نتيجة. التقى كوشنر العتيبة في مايو/أيار 2016. وبعدها بفترةٍ بسيطة، بدأ باراك والعتيبة العمل لتدبير اجتماعٍ سري بين مانافورت، الذي أصبح مدير حملة ترمب الانتخابية في يونيو/حزيران ذلك العام، وولي العهد الأمير السعودي محمد بن سلمان، كبير مستشاري والده الملك سلمان، بحسب الصحيفة الأميركية.
أصبح باراك ومانافورت صديقين في السبعينيات، عندما كانا يقيمان ببيروت ويعملان لتحقيق مصالح السعودية. وفي الأشهر الأولى من عام 2016، عندما واجه ترمب احتمالية وجود منافسة على الترشح في مؤتمر الحزب الجمهوري، رشَّح باراك مانافورت لمنصب مدير الحملة. ووصفه باراك في خطابٍ لترمب، قائلاً إنَّه "أكثر المديرين خبرةً وفتكاً"، وإنَّه "بارع للغاية".
وكتب باراك للعتيبة في 21 يونيو/حزيران 2016: "أُريد أن أوضح في ذهن دونالد الصلة بين الإمارات والسعودية التي بدأناها مع غاريد بالفعل. وأعتقد أنَّه من المهم أن تكون أنت محور هذه العلاقة".
لكنَّ باراك كان يواجه منافسةً؛ إذ كان الأمير محمد بن سلمان يحاول الوصول إلى حملة ترمب عبر "شخصٍ يعمل في مستوىً متوسط" بالهيكل الإداري لشركة الأسهم الخاصة العملاقة Blackstone، حسبما كتب باراك في رسالة بريدٍ إلكتروني تابعة. وقال للسفير في رسائله: "من الواضح أنَّني أريد أن أرتب أنا وأنت الاجتماع، بدلاً من شركة Blackstone"، بحسب الصحيفة الأميركية.
وقدَّم باراك كذلك مانافورت من خلال قيمة علاقاته بالإماراتيين؛ إذ كتب في رسائله: "بول مبرمج تماماً على العلاقات الوثيقة والاصطفاف إلى جانب الإماراتيين"، ووافق على مقابلة الأمير محمد؛ "لأنَّه صديقٌ لزعيمك والإمارات".
وتُظهِر رسائل البريد الإلكتروني أنَّ الاجتماع كان مقرراً عقده في 24 يونيو/حزيران، وأنَّ مانافورت سعى لعقد اللقاء في فندق الأمير؛ لتجنُّب وسائل الإعلام. لكنَّ متحدثاً باسم باراك قال إنَّ مانافورت ألغى الموعد في اللحظات الأخيرة، لأسبابٍ تتعلق بجدولته، بحسب الصحيفة الأميركية.
لكن رغم ذلك، بدا أنَّ جهود باراك كانت ناجحةً. ففي اليوم التالي لموعد الاجتماع، أرسل باراك رسالةً للعتيبة من مانافورت بها "توضيح" يتضمن تعديلاً لدعوة ترمب لحظر دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة الأميركية.
وبعد عدة أسابيع، في 13 يوليو/تموز، أبلغ باراك العتيبة أنَّ فريق ترمب حذف مادةً كان قد اقترحها نواب بالحزب الجمهوري في الكونغرس "لإحراج" السعودية. كانت المادة تدعو إلى نشر صفحاتٍ مُنقحة عن المملكة من تقريرٍ عن هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001.
وعندما فاز ترمب في نوفمبر/تشرين الأول، كان العتيبة متحمساً لاستمالة باراك أكثر. وكتب لباراك مهنئاً إياه على فوز ترمب المفاجئ: "لدينا الكثير من الأشياء التي سنضطر إلى فعلها معاً. ومعاً هي الكلمة الأهم هنا".
وردَّ باراك: "لنفعل هذه الأمور معاً".
وفي وقتٍ لاحق، حضر باراك حفل عشاء بمنزل العتيبة مع سفراء عرب آخرين ومسؤولين أميركيين سابقين (كان الطاهي من مطعم Inn at Little Washington ذي الشهرة العالمية). وعرض باراك تقديمه لأعضاء الإدارة الجديدة، قائلاً: "أخبِرني مَن على قائمة أولوياتك؟"، بحسب الصحيفة الأميركية.
وكتب العتيبة لباراك: "بفضلك، أنا على تواصل مستمر بغاريد، وهذا كان مفيداً للغاية، للطرفين حسبما أعتقد".
واحتفلا معاً مرةً أخرى في مايو/أيار 2017، عندما سافر ترمب في أولى رحلاته الخارجية بعد أن تولى الرئاسة، التي سافر فيها إلى الرياض في السعودية لحضور قمةٍ عربية.
وكتب باراك للعتيبة: "بدأ الأمر كله بك وبغاريد كوشنر، ولهذا أُهنئك على هذه البداية العظيمة".
الأمور تسوء، ولكن ليس لباراك.. لماذا؟
وبحسب الصحيفة الأميركية، فبعد أسبوعين من اجتماع الرياض، بدأ ترمب ينحاز بقوة إلى جانب السعوديين والإماراتيين ضد خصومهم في المنطقة. وحين فرضت الدولتان حصاراً على جارتهما قطر -حيث توجد إحدى القواعد الجوية الأميركية الكبرى- خالف ترمب إدارته نفسها، وألقى بثقله كاملاً خلف السعوديين والإماراتيين، بحسب الصحيفة الأميركية.
وسارع ترمب بتهنئة الأمير محمد بن سلمان بعد تنصيبه ولياً للعهد، وأثنى عليه مرةً أخرى حين اعتقل نحو 200 من رجال الأعمال وخصومه فيما عرف بـ"حملة مكافحة الفساد"؛ بل إنَّ ترمب أحرز نصراً أكبر للسعوديين والإماراتيين هذا الربيع حين انسحب من الاتفاقية النووية مع عدوتهم اللدود إيران. وفي المقابل، اكتفى حكام الخليج باحتجاجاتٍ شكلية على اعتراف ترمب بالقدس عاصمةً لإسرائيل.
غير أنَّ كثيراً من العلاقات التي سهَّلها باراك جلبت معها بعض التهديدات أيضاً.
تخضع الروابط بين ترمب والسعوديين والإماراتيين لتحقيقاتٍ جديدة. وبعد أشهرٍ من ترتيب باراك جلسات التعارف المبدئية، التقى جورج نادر، رجل الأعمال الأميركي-اللبناني وأحد كبار مستشاري ولي عهد أبوظبي، دونالد ترمب الابن في مقر ترمب بنيويورك. في هذا اللقاء الذي انعقد في الثالث من أغسطس/آب 2016، قال نادر إنَّ حكام السعودية والإمارات يدعمون حملة ترمب ويعرضون المساعدة، وفقاً لأشخاصٍ مطلعين على النقاش، بحسب الصحيفة الأميركية.
وتعد مثل هذه المساعدة -إن وقعت- خرقاً لقوانين الحملة الانتخابية، ويتعاون نادر الآن مع مولر الذي يحقق في هذا الاجتماع وسلسلة من الاجتماعات التي تلته، وفقاً لأشخاصٍ مطلعين على المسألة.
دفع مانافورت ببراءته من تهم الاحتيال المالي والكذب على المحققين الفيدراليين فيما يخص عمله لحساب مصالح مدعومة من روسيا في أوكرانيا. أما غيتس، الذي عينه باراك ليساعد في تنظيم حفل التنصيب، ثم مستشاراً بواشنطن فيما بعد، فقد أقر بإدلائه بشهاداتٍ كاذبة للمحققين، ووافق على التعاون مع المحقق الخاص.
وأيضاً أدلى كوشنر بشهادته أمام المحقق الخاص.
أعماله ماضية بقوة
وبحسب الصحيفة الأميركية، فإن أعمال باراك التجارية ماضيةٌ في طريقها بقوة، جزئياً، بفضل علاقاته المستمرة مع السعوديين والإماراتيين. حين كانت شركته تبحث عن شركاء في عملية شراء برج وان كاليفورنيا بلازا بمدينة لوس أنجلوس مقابل 400 مليون دولار، باعت الشركة حصةً تقدر بـ70 مليون دولار إلى شركة تأمين إسرائيلية. وذهبت حصةٌ أخرى مماثلة إلى شركة استثمار حكومية تابعة لولي عهد أبوظبي، وفقاً لأشخاص مطلعينٍ على الصفقة، بحسب الصحيفة الأميركية.
الأكثر من ذلك، أنَّ باراك قد يتربح بشكلٍ مباشر أكثر من حمَلة الأسهم العاديين أو المديرين التنفيذيين من الاستثمارات التي يسهم في جلبها؛ لأنَّه –وفقاً لملفات شركة Colony Northstar– يحصل في بعض الحالات على الرسوم الإضافية المعروفة بحوافز الأداء على الأرباح الناتجة عن التمويلات التي جمعها، كما لو أنَّه شريك في شركة أسهم خاصة وليس مجرد رئيس لشركة مساهمة عامة.
ويجادل أصدقاء باراك بأنَّ تاريخه الطويل في التعامل التجاري مع الخليج يُظهر أنَّ الاستثمارات لا علاقة لها بأي صلاتٍ بين حكام الخليج والبيت الأبيض.
إلا أن شيئاً واحداً تغيَّر.
حتى وقتٍ قريب، لم يكن أبرز عملاء باراك الخليجيين هم الإماراتيين أو السعوديين؛ بل كانوا خصومهم القطريين، الذين اشتروا استوديو Miramax لإنتاج الأفلام، وفريق كرة قدم باريسي منه. في أثناء الحملة، تواصل باراك مع القطريين أيضاً، وساعد في ترتيب لقاء بين ترمب وأمير قطر ببرج ترمب، في سبتمبر/أيلول 2016.
ويقول أحد المشاركين في الاجتماع: "أراد توم أن تعرف قطر أنَّه من رتَّب اللقاء، وأراد أن يعرف ترمب ذلك أيضاً".
لكن، يبدو أنَّ موقف ترمب من الأزمة الخليجية قد أثر تأثيراً سلبياً على أعمال باراك هناك، فكل الاستثمارات الخليجية التي جلبتها شركة باراك منذ ترشح ترمب للرئاسة لم تأتِ من قطر.
وقال مسؤولٌ قطري رفيع، تحدث بشرط عدم ذكر اسمه؛ تفادياً لإغضاب البيت الأبيض: "ما زلنا نعتبر توم صديقاً وشريكاً. لكن بعد كل الأشياء التي حدثت مؤخراً، لدينا شكوك في مدى اشتراكه بهذه الأزمة".