لم تمضِ أيام على قرار مجلس النواب العراقي إجراء فرز يدوي لأوراق الاقتراع بالانتخابات النيابية العراقية التي أجريت في الـ12 من مايو/أيار 2018، حتى شبَّ حريق داخل موقع تخزين صناديق الاقتراع في العاصمة العراقية بغداد، إلا أن المفوضية العليا للانتخابات العراقية اعتبرت أن حرق المخازن لا يؤثر على نتائج الانتخابات؛ لامتلاكها نسخاً احتياطية من النتائج.
رئيس مجلس المفوضين في المفوضية، معن الهتاوي، قال في بيان صحفي: "تلقَّينا خبر إحراق مخازن المفوضية في مكتب انتخابات بغداد الرصافة من الجهات الأمنية، لكن تم السيطرة على الحريق الذي لم يكن امتدَّ إلى صناديق الاقتراع، الحريق شمل جميع أجهزة تسريع النتائج وأجهزة التحقق الإلكترونية الخاصة بالمقر".
وأوضح الهناوي أن "الحريق لا يؤثر على نتائج الانتخابات؛ لكون الأوراق الخاصه بالنتائج لها نسخة احتياطية في المكتب الوطني ومكتب انتخابات الرصافة، بالإضافة إلى أوراق الاقتراع في الصناديق"، معلقاً أن "المفوضية اليوم مستهدفة من جهات متعددة، ترغب في إثنائها عن واجبها الديمقراطي بموجب الدستور والقانون".
ودعا الهتاوي جميع المؤسسات الدستورية في العراق وقادة الأحزاب السياسية إلى تحمُّل مسؤوليتهم التاريخية في الحفاظ على مخرجات العملية الانتخابية، وحماية جميع موظفي المفوضية ومكاتب المحافظات من الاستهداف بشتى أنواعه.
وشبَّ حريق في الساعة 12:10 بتوقيت غرينتش من مساء يوم الأحد 10 يونيو/حزيران 2018، في مخازن وزارة التجارة العراقية وسط العاصمة العراقية بغداد؛ لاحتوائها على الأجهزة الإلكترونية وصناديق الاقتراع التي تضم نتائج الانتخابات التي جرت في 12 مايو/أيار 2018، مما أثار دعوات سياسية بإعادة إجراء الانتخابات في العراق.
الهيئة نت| مصادر صحفية : حريق كبير يلتهم مخازن (مفوضية الانتخابات) في جانب الرصافة ببغداد؛ يؤدي إلى احتراق كافة صناديق الاقتراع المزمع إعادة فرزها يدويًا بعد الاتهامات المتزايدة بالتزوير والانتهاكات التي رافقت الانتخابات، في إطار تنامي الصراع والخلافات بين الأحزاب والكتل السياسية pic.twitter.com/xPDacw2Shk
— قناة وصال (@Wesal_TV) June 10, 2018
إتلاف صناديق الانتخابات بعد حرق المخازن
وكشف موظف في المفوضية العليا للانتخابات عن احتراق وإتلاف الكثير من صناديق الانتخابات،
مصرحاً لـ"عربي بوست"، بأن "الحريق نشب في 3 مخازن تابعة لمكتب مفوضية الانتخابات في بغداد الرصافة"، وأضاف: "المخازن كانت تحتوي على الصناديق والحاسبات وكاميرات المراقبة، لا يمكن معرفة حجم الأضرار التي خلَّفها الحريق".
وأضاف: "الكثير من صناديق الاقتراع احترقت ولا يمكن معرفة عددها، لكن يمكننا القول إنها كانت تحتوي على أكثر من 100 ألف صوت من أصوات الناخبين في العاصمة بغداد الرصافة، إضافة إلى أن الكثير من الصناديق أُتلفت هي الأخرى بالمياه في أثناء محاولة الدفاع المدني السيطرة وإطفاء الحريق".
وأشار الموظف في المفوضية إلى أن الحريق نشب بفعل فاعل مرتبط بالأحزاب السياسية، وأن الأدلة الجنائية ستكشف عن تلك الجهات السياسية التي تقف وراء الحريق، في الأيام المقبلة.
مخاوف من تبديل الصناديق وتزويرها
بدوره، اتهم عضو مجلس النواب العراقي شامل العامري بعض الأحزاب السياسية بإحراق مخازن المفوضية؛ لإخفاء عمليات التلاعب وتزوير أوراق الاقتراع، متخوفاً من تبديل الصناديق.
ويقول العامري لـ"عربي بوست": "بعد احتراق مخازن المفوضية، حدثت حالة من الفوضى والارتباك عمَّت المكان، بعدها نقل موظفو المفوضية مع الأجهزة الأمنية الصناديق التي لم تحترق عبر سيارات إلى أماكن مجهولة، ثم تم الكشف لاحقاً عن المكان، الذي تبيّن أنه مخزن تابع للمفوضية العليا للانتخابات؛ ما دفعنا للتخوف من تبديل صناديق الاقتراع"، وبيَّن أن "المعطيات تشير إلى أن الحريق كان بفعل فاعل، يتعمد إخفاء الأدلة التي تثبت تزوير الانتخابات".
مخطط لضرب العراق..
رئيس الحكومة العراقي، حيدر العبادي، أصدر تعليمات لقيادة العمليات في المحافظات بتشديد الإجراءات الأمنية على مخازن المفوضية، وقال العبادي في بيان له، إن "التحقيقات مستمرة؛ لمعرفة ملابسات الحادث، حيث إن حرق المخازن، الذي تزامن مع ذكرى اليوم الذي احتلت فيه عصابات داعش الإرهابية مدينة الموصل، يمثل مخططاً لضرب البلاد ونهجه الديمقراطي، مؤكداً اتخاذ الإجراءات اللازمة للضرب بيد من حديد على كل من تسوّل له نفسه زعزعة أمن البلد ومواطنيه.
العبادي طلب من المختصين في مديرية الأدلة الجنائية ومديرية الدفاع المدني إجراء تحقيق مفصل والكشف عن ملابسات الحادث والأضرار التي نتجت عنه، مشدداً على أن واجب القوات الأمنية حماية أماكن الصناديق.
رئيس البرلمان يدعو لإعادة الانتخابات
ودعا من جانبه، رئيسُ مجلس النواب العراقي سليم الجبوري، بعد ساعات من اندلاع الحريق، الأحزاب السياسية إلى إعادة إجراء الانتخابات النيابية.
وقال الجبوري في بيان صحفي، إن "جريمة حرق مستودعات تخزين صناديق الاقتراع في منطقة الرصافة ببغداد عمل متعمَّد وجريمة مخطط لها، تهدف إلى إخفاء حالات الاحتيال والتلاعب في الأصوات والكذب على الشعب العراقي وتغيير إرادته وخياراته".
وبيَّن أنه يتعين على الأجهزة الأمنية والجهات المختصة في بغداد اتخاذ إجراءات أمنية صارمة تتناسب مع حجم هذه الجريمة، التي وصفها بـ"المشينة"، وكشف ملابساتها وفضح من يقفون خلفها.
تسمية قضاة لإعادة العد يدوياً للانتخابات العراقية
على صعيد متصل، أعلن مجلس القضاء الأعلى بالعراق إعادة تعيين أعضاء اللجان الانتخابية، وقال المتحدث باسم المجلس، القاضي عبد الستار بيرقدار، في بيان، إن "القضاة المنتدبين للقيام بمهام مجلس المفوضين عقدوا اجتماعاً في مقر مجلس القضاء، وجرى خلاله تعيين رئيس مجلس المفوضين ونائب والناطق الإعلامي باسم المفوضية العليا للانتخابات".
المحكمة الاتحادية ستعتبر قرارات البرلمان غير دستورية
إلى ذلك، أعلنت المفوضية العليا للانتخابات قرب صدور قرار من المحكمة الاتحادية العليا في العراق للنظر في القرارات التي صدرت عن مجلس النواب.
ويقول مسؤول في المفوضية لـ"عربي بوست"، إن "المحكمة الاتحادية ستعقد الثلاثاء أو الأربعاء 13 مايو/أيار 2018، جلستها الاعتيادية؛ للنظر بالطعن المقدَّم من مجلس المفوضين في مفوضية الانتخابات على قرار مجلس النواب في قانون التعديل الثالث لقانون انتخابات مجلس النواب لسنة 2013 المعدل.
وكان مجلس النواب العراقي قد صوَّت في 6 يونيو/حزيران 2018، جلسته الاستثنائية على قانون التعديل الثالث لقانون انتخابات مجلس النواب المتضمِّن إعادة الفرز اليدوي وإلغاء جهاز تسريع نتائج الانتخابات.
وقد تم إجراء الانتخابات العراقية في 12 مايو/أيار 2018، بمشاركة أكثر من 10 ملايين ناخب لاختيار ممثليهم في الدورة الرابعة لمجلس النواب العراقي بعد سقوط نظام صدام حسين واحتلال بغداد سنة 2003.