الأحزاب الخاسرة ألقت ورقتها الأخيرة بقرار برلماني ضد مفوضية الانتخابات.. العراق لا يستطيع تشكيل الحكومة في انتظار المحكمة الاتحادية

يبدو أن الانتخابات النيابية العراقية التي جرت في 12 مايو/أيار 2018، لم تحقق طموح العراقيين بتشكيل حكومة تكنوقراط بعيداً عن التحزب الطائفي والتدخلات الاقليمية

عربي بوست
تم النشر: 2018/06/08 الساعة 15:21 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/06/08 الساعة 15:21 بتوقيت غرينتش

يبدو أن الانتخابات النيابية العراقية التي جرت في 12 مايو/أيار 2018، لم تحقق طموح العراقيين بتشكيل حكومة تكنوقراط بعيداً عن التحزب الطائفي والتدخلات الاقليمية، فما ظهر بالانتخابات من خروقات وتزوير وتلاعب بأصوات الناخبين، قد يؤدي إلى انهيار العملية السياسية في العراق وتأخير تشكيل الحكومة العراقية المقبلة.

لم يمض شهر على إجراء الانتخابات النيابية في العراق حتى صدر بعدها قرار مزدوج من الحكومة والبرلمان بإلغاء التصويت الخارج والمشروط، وإعادة العد والفرز لأصوات الناخبين، ومنع مسؤولي المفوضية العليا للانتخابات من درجة معاون مدير عام فما فوق من السفر إلى خارج العراق.

كل هذا جاء بسبب ما قيل أنه شبهات الفساد التي رافقت العملية الانتخابية في العراق. وبالوقت ذاته حذر بعض السياسيين من التلاعب بأصوات الناخبين نتيجة إعادة العد والفرز اليدوي وتغيير نتائج الانتخابات.

وكان مجلس الوزراء العراقي صادق في 5 يونيو/حزيران على الاستنتاجات والتوصيات الواردة في محضر اللجنة العليا المؤلفة بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 198 لسنة 2018، التي تضمنت إلغاء نتائج انتخابات الخارج والنازحين، وإحالة تقرير اللجنة إلى النزاهة مع توجيه جهاز المخابرات والأمن الوطني والأجهزة الاستخبارية لوزارة الداخلية بملاحقة المتلاعبين واتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم وفقاً للقانون.

وكإجراء احترازي ونتيجة لما ورد في التقرير من أمور خطيرة تقتضي تواجد مسؤولي مفوضية الانتخابات من درجة معاون مدير عام فما فوق، تقرر وجوب استحصال موافقة رئيس مجلس الوزراء قبل سفرهم خارج العراق.

علاوي يحذر من التباطؤ في تطبيق قرارات مجلس الوزراء

وحذر رئيس ائتلاف "الوطنية" إياد علاوي، المحسوب على الكتل والأحزاب الخاسرة بالانتخابات الأخيرة، السلطات القضائية من أن التباطؤ في تطبيق قرارات مجلس الوزراء سيكون له تداعيات سلبية على العملية السياسية في العراق.

وقال في بيان صحفي، إن القرارات التي صدرت من مجلس الوزراء "تمثل خطوة عظيمة للحفاظ على نزاهة العملية الانتخابية في العراق وكشف المخالفات الفاضحة التي شابتها والجهات التي تقف وراءها، كنا أول من طالب بإشراف قضائي كامل على ملف الانتخابات بدل اعتماد التسييس والمحاصصة في اختيار المفوضية التي أثبتت الوقائع والأحداث فشلها في إدارة العملية الانتخابية".

وأضاف "على السلطات القضائية التعاطي مع مقررات مجلس الوزراء، وتقديم المتورطين بجرائم الفساد والتزوير الانتخابي لينالوا جزاءهم العادل، والتباطؤ في تطبيق تلك المقررات ستكون له تداعيات سلبية على مجمل العملية السياسية في العراق".

البرلمان: القضاء سيشرف على إعادة فرز أصوات الناخبين

رئيس لجنة تقصي الحقائق في مجلس النواب العراقي عادل نوري، اتهم المفوضية العليا للانتخابات العراقية بإخفاء الحقائق عن الشعب العراقي، و"التلاعب بأصوات الناخبين وتزويرها خدمة لأجندات سياسية".

وقال نوري لـ"عربي بوست"، إن لجنة تقصي الحقائق النيابية التي شكلها مجلس النواب العراقي مؤخراً، أوشكت على إنهاء عملها وأعدت تقريراً مفصلاً كشف عن رصد المحطات والمراكز الانتخابية الوهمية، وأوراقاً انتخابيّة مزوَّرة، "ما يؤكد ان المفوضية العليا للانتخابات كانت تعلم بعملية التلاعب بالأصوات وتزويرها وأخفت الحقائق عن الشعب العراقي"، على حد تعبيره.

وأوضح أن تعديل قانون الانتخابات تضمن فقرات مهمة أولها إعادة العد والفرز اليدوي بنسبة 100%، وإلغاء نتائج التصويت الخارج والمشروط ونتائج التصويت الخاص في إقليم كردستان، فضلاً عن انتداب 9 قضاة لإدارة مفوضية الانتخابات للإشراف على عملية إعادة العد والفرز بأصوات الناخبين يدوياً في جميع المراكز والمحطات الانتخابية.

وبخصوص أعضاء مجلس المفوضين، دعا النائب رئاسة مجلس النواب إلى عقد جلسة جديدة للتصويت على سحب الثقة عن اعضاء مجلس المفوضين في مفوضية الانتخابات، وإحالتهم للقضاء لحين الانتهاء من التحقيقات حول ما جرى من خروقات في العملية الانتخابية.

تشكيل لجنة قضائية للإشراف على إعادة الفرز اليدوي

بعد يوم من صدور قرار من مجلس النواب، أعلن مجلس القضاء الأعلى في العراق تشكيل لجنة قضائية للانتقال إلى مبنى المفوضية العليا المستقلة للانتخابات لمتابعة قرار البرلمان، والإشراف على عملية إعادة العد والفرز اليدوي لأصوات الناخبين.

المتحدث باسم القضاء الأعلى القاضي عبد الستار بيرقدار قال في بيان صحفي، إنه "سيتم تشكيل لجنة من رئيس الادعاء العام ورئيس هيئة الإشراف القضائي وأحد المشرفين القضائيين للانتقال فوراً إلى مبنى مفوضية الانتخابات للتمهيد لتنفيذ المهمة الموكلة، واتخاذ الإجراءات اللازمة كافة للمحافظة على صناديق الاقتراع والأجهزة والأوليات الخاصة بعملية الاقتراع في العراق".

وأوضح أنه مع صدور تعديل قانون الانتخابات، يتوقف عمل الهيئة القضائية للانتخابات المختصة بالنظر في الطعون المقدمة على نتائج العد والفرز الإلكتروني لحين حسم إجراءات العد والفرز اليدوي، وتقديم الطعون الجديدة بخصوصها، منوهاً إلى غلق هواتف جميع القضاة المعنيين بدءاً من رئيس مجلس القضاء الأعلى، وعدم استقبال أي اتصال من أي شخص أو جهة شاركت في الانتخابات إلى حين الانتهاء من الإجراءات الموكلة إليهم من قبل البرلمان.

كل هذا بهدف "إعطاء رسالة اطمئنان للرأي العام، ولجميع المتنافسين، ولعدم السماح لأي جهة كانت بمختلف مسمياتها من التدخل أو محاولة التأثير على عمل القضاء"، على حد قوله.

المفوضية غير ملزمة وستطعن بقرار البرلمان

وأعلنت المفوضية العليا للانتخابات في العراق عدم الالتزام بالقرارات التي تصدر عن مجلس النواب، والتي "لا تنسجم مع القانون والدستور العراقي".

وقال عضو المفوضية حازم الرديني لـ"عربي بوست"، إن مجلس المفوضين أكد على التعاون المطلق مع مجلس القضاء الأعلى في تسهيل مهمة عمله، وفق ما يتخذ من إجراءات قضائية كفلها القانون والدستور العراقي.

وأكد أن المفوضية ستستخدم حقها بالطعن بقانون التعديل الثالث لقانون انتخاب مجلس النواب رقم 45 لسنة 2013 المعدل، لاحتوائه على عدد من المخالفات في فقراته والتي لا تنسجم مع الدستور.   

وأضاف أن مجلس المفوضين أدى واجبه الرسمي بصورة مهنية واثقة من عمله في ما يخص الجوانب الفنية والقانونية في إدارة العملية الانتخابية، و"لن يسمح لأي جهة بالتدخل والتأثير في قراراته".

وأوضح أن المفوضية قدمت مؤخراً عدداً من الملفات لمجلس القضاء التي تدين بعض الأحزاب السياسية والمرشحين بارتكابهم خروقات داخل المراكز والمحطات الانتخابية في يوم الانتخابات.

إعادة الفرز يؤخر تشكيل الحكومة

ورأى النائب كامل الغريري عن القوى العراقية أن عملية إعادة العد والفرز يدوياً، ستؤثر على العملية السياسية في العراق وتؤخر تشكيل الحكومة العراقية الى شهر سبتمبر/أيلول المقبل.

وقال لـ"عربي بوست"، إن حجم التزوير والخروقات التي حصلت في الانتخابات النيابية الأخيرة كان مخيفاً جداً، لكن إعادة العد والفرز يدوياً في جميع المراكز والمحطات الانتخابية ستؤثر على العملية السياسية في العراق وقد تؤدي إلى انهيارها، فضلاً عن أن هذا الإجراء سيؤخر انعقاد الجلسة الأولى لمجلس النواب الجديد، وبالتالي تشكيل الحكومة.

وقال إن اللجنة التي شكلها مجلس الوزراء مؤخراً دعمت كثيراً قرارات مجلس النواب بشأن إلغاء الأجهزة الإلكترونية والاعتماد على العد والفرز اليدوي في احتساب أصوات الناخبين في جميع المحافظات العراقية.

المفوضية تابعة للأحزاب السياسية

وكشف مجلس النواب العراقي عن الانتماءات السياسية لأعضاء مجلس المفوضين في المفوضية العليا للانتخابات.

وقال مصدر في البرلمان العراقي لـ"عربي بوست"، إن مجلس النواب صوت في أكتوبر/تشرين الأول 2017 على اختيار 9 أشخاص غير مستقلين لمجلس المفوضين في المفوضية العليا للانتخابات العراقية، ينتمون للأحزاب السياسية في المشاركة في العملية السياسية.

وأوضح المصدر، أن "الانتماءات السياسية لأعضاء المفوضية تبدأ من رئيس مجلس المفوضين رياض فارس – حزب الدعوة الإسلامية بزعامة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، والأعضاء كل من كريم محمود – التيار الصدري بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، أحمد رحيم – منظمة بدر بزعامة القيادي في الحشد الشعبي هادي العامري، حازم الرديني – تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم، زركار حمة محي الدين – الاتحاد الوطني بزعامة الراحل جلال طالباني، سعد محمد – حركة التغيير المعارضة لحكومة كردستان، معتمد نعمة – حزب الدعوة تنظيم العراق بزعامة خضير الخزاعي، غسان فرحان – حركة الحل بزعامة جمال الكربولي، معن عبد حنتوش – الحزب الإسلامي بزعامة إياد السامرائي.

متحدث الصدر: قرار المحكمة الاتحادية سيفصل قضية الانتخابات

ورأى جعفر الموسوي المتحدث الرسمي باسم رجل الدين الشيعي في العراق مقتدى الصدر، أن قرار المحكمة الاتحادية المنتظر صدوره، هو ما سيفصل في قضية الانتخابات وما صدر عنها.

وقال الموسوي في بيان صحفي، "علينا أن نميز ما بين الأوامر الإدارية التي اتخذها مجلس القضاء الأعلى وبين القرارات القضائية التي تنتظر من المحكمة الاتحادية صدورها، والتي ستكون ملزمة وحجة على الجميع، إن كانت لا تتماشى مع آراء البعض، فيجب أن تذوب تلك الآراء بمجرد صدور القرار البات والنهائي للمحكمة".

واتهمت النائب زينب السهلاني عن كتلة الأحرار بزعامة الصدر الأحزاب السياسية الخاسرة في الانتخابات، بـ "العمل على تأجيج الأوضاع السياسية  وإدخال العراق في فراغ دستوري".

وتقول السهلاني لـ "عربي بوست"، إن رئاسة مجلس النواب العراقي قامت بتلاعب وتزوير عدد الحاضرين في الجلسة الاستثنائية التي صوت فيها البرلمان على تعديل قانون الانتخابات، الحاضرين في الجلسة لم يتجاوز عددهم 140 نائبا، إلا أن رئاسة البرلمان أعلنت اكتمال النصاب القانوني للجلسة بحضور اكثر من 165 نائباً، و"هذا غير قانوني ومخالف للدستور"، على حد تعبيرها.

وأوضحت أن الاحزاب السياسية الخاسرة "تحاول تأجيج الأوضاع السياسية وإثارة الفوضى، وإدخال البلاد في فراغ دستوري لأجل إطالة بقائهم في السلطة لأطول مدة ممكنة"، مضيفة أن المحكمة الاتحادية ستؤكد في الأيام المقبلة عدم أحقية الحكومة ومجلس النواب في إلغاء نتائج الانتخابات، وإعادة العد والفرز اليدوي، واعتبار القرارات التي صدرت عن البرلمان غير ملزمة لمفوضية الانتخابات.

المحكمة الاتحادية لم نستلم طعن بقرار البرلمان

واكدت المحكمة الاتحادية العليا في العراق عدم استلام طعن من الأحزاب السياسية بشأن القرارات التي صدرت عن مجلس النواب العراقي بخصوص الانتخابات وإعادة العد والفرز اليدوي لأصوات الناخبين.

وقال مصدر في المحكمة لـ "عربي بوست"، إن المحكمة الاتحادية لم تستلم لغاية انتهاء الدوام الرسمي يوم الخميس 7 يونيو/ حزيران، أي طعن من السياسيين والأحزاب على تعديل قانون الانتخابات والقرارات التي صدرت عن مجلس النواب العراقي في جلسات الاستثنائية.

وأوضح، "في حال استلام طعن، فإن رئاسة المحكمة الاتحادية ستعقد جلسة وتفسر الجلسة الاستثنائية التي عقدها مجلس النواب والقرارات التي اتخدها وفقاً لمواد القانون والدستور، وبعدها يصدر قرار رسمي من المحكمة بالبت أو الرد بالطعن الصادر بشأن الانتخابات، واعتبار قرارات التي تصدر عن المحكمة الاتحادية ملزمة لجميع".