يستضيف البيت الأبيض، الأربعاء، 6 يونيو/حزيران 2018، أول مأدبة إفطار للمسلمين في ظلِّ حكم الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة هاكابي: "تمت دعوة 30-40 شخصاً لحضور مأدبة الإفطار، رغم أن إدارة ترمب لم تصدر قائمة الضيوف أو تكشف عن العديد من التفاصيل بشأن الحدث.
كيف رأى الأميركيون المسلمون الإفطار؟
وهناك شيء واحد على الأقل يبدو واضحاً، وهو أن العديد من المسلمين الأميركيين يتشككون، بل ويسخرون من تناول الطعام بصحبة ترمب، ويذكرون حديثه وأفعاله تجاه المسلمين وغيرهم من الأقليات الدينية والعرقية الأخرى، وفق تقرير الموقع الأميركي.
ونقل CNN عن إمام يحيى هندي، مسؤول الدين الإسلامي بجامعة جورج تاون، قوله: "لسنا بحاجة إلى مأدبة إفطار، بل نحتاج إلى الاحترام والتقدير الذي نستحقه. لا تطعمونا ثم تطعنوننا".
حضر هندي مأدبة إفطار بالبيت الأبيض عام 2009، حينما كان الرئيس باراك أوباما في سدة الحكم. وقال إنه لم يتلق أي دعوة هذا العام. وعلى غرار العديد من المسلمين البارزين الذين كانوا يحضرون حفلات الإفطار السابقة بالبيت الأبيض، ذكر هندي أنه ما كان ليحضر حتى لو تمت دعوته.
وذكر العديد من المسلمين الأميركيين أنهم يتشككون في أن مأدبة ترمب تستهدف استرضاء حلفاء الدولة بالخارج، وليس إقامة علاقات حقيقية مع مجتمعاتهم، التي لا يحتفظ الرئيس معها بعلاقات طيبة على الإطلاق.
وقالت داليا مجاهد، مديرة البحوث بمعهد السياسة الاجتماعية والتفاهم: "لم تتم دعوتي إلى مأدبة إفطار البيت الأيض، ولكني لن أحضر لو تمت دعوتي".
"أرى أن حضور مثل هذه المناسبات، وخاصة خلال شهر رمضان المبارك، وقت التأمل الروحاني، غير ملائم لأنه يبدو بمثابة تطبيع لسلوك هذه الإدارة".
ويخطط مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (كير) إقامة مأدبة إفطار "لا يحضرها ترمب" خارج البيت الأبيض أثناء انعقاد مأدبة ترمب بالداخل.
ولم ترد المتحدثة باسم البيت الأبيض على الفور على طلب التعليق على تلك الانتقادات.
أوباما تلقى اللوم أيضاً
يرجع الفضل بصفة عامة إلى هيلاري كلينتون في بدء التقليد السنوي الحديث للإفطار بالبيت الأبيض بدءاً من عام 1996. ومنذ ذلك الحين، تباين حجم الجدل حول مأدبة الإفطار السنوية وفقاً للأحداث العالمية.
وفي أعقاب هجمات 11 سبتمبر/أيلول على مدينة نيويورك وواشنطن، حاول الرئيس جورج بوش تهدئة التوتر الديني من خلال الإطراء على الإسلام.
وقال بوش في نوفمبر/تشرين الثاني، من ذلك العام: "يواصل العالم بأسره الاستفادة من هذا الدين وإنجازاته. ويعد رمضان وموسم الإجازة القادم توقيت مناسب لأصحاب العقائد المختلفة كي يتعرف كل منهم على الآخر. وكلما نعرف المزيد، نجد أننا نشترك معاً في العديد من الالتزامات".
وحتى أوباما، الذي كان يعتبره العديد من المسلمين الأميركيين حليفاً لهم، قد أثار جدلاً كبيراً حول أخلاقيات المشاركة في مأدبة الإفطار التي يقيمها البيت الأبيض.
وقد انزعج بعض المسلمين جراء برنامج طائراته بدون طيار التي استهدفت الإرهابيين المشتبه بهم، بينما انزعج آخرون بسبب إخفاقه في الوفاء بوعده بإغلاق معتقل غوانتانامو. وفي 2014، تم انتقاد أوباما لدعوته السفير الإسرائيلي لحضور الإفطار ودفاعه عن استخدام إسرائيل القوة لحماية شعبها من صواريخ حماس.
وقال دلشاد علي، رئيس تحرير موقع Patheos.com الديني "كان هناك جدل كبير يحدث سنوياً بهذا الشأن حينما كان أوباما رئيساً. وقد كان رئيساً مهذباً للغاية".
وأضاف علي: "لا أعرف أحداً سيذهب إلى هذا الإفطار. ومن الواضح أن المسلمين ليسوا الجالية التي يبحث عنها ترمب".
خطاب مناهض للمسلمين
خلال حملته الانتخابية، أغضب ترمب العديد من الملسمين الأميركيين جراء تصريحاته التحريضية مثل "أعتقد، الإسلام يكرهنا" ووعده بحظر هجرة المسلمين مؤقتاً كإجراء لمواجهة الإرهاب.
ووفقاً للاستقصاء الذي أجراه مركز Pew للبحوث عام 2017، يرى 74% من المسلمين الأميركيين أن ترمب غير ودود تجاههم، ويقول الثلثان إنه يجعلهم يشعرون بالقلق. وقد صوت 8% منهم فقط لصالح ترمب في الانتخابات الرئاسية.
ومنذ انتخاب ترمب، تزايد غضب المسلمين الأميركيين جراء سلسلة من القرارات التنفيذية التي تحظر وصول اللاجئين والمهاجرين من العديد من البلدان ذات الأغلبية المسلمة، وهي الخطوات التي يعتبرها العديدون وفاءً لوعوده بشأن "حظر المسلمين".
كما تسبب ترمب في إشعال نيران الغضب حينما أعاد نشر مقاطع فيديو مناهضة للإسلام كان قد نشرها على تويتر أحد الأحزاب البريطانية اليمينية المتطرفة. وقد عيّن في إدارته رجالاً، مثل وزير الخارجية مايك بومبيو ومستشار الأمن القومي جون بولتون، من أصحاب العلاقات بالجماعات التي تروج لرهاب الإسلام.
وذكر عمر نور الدين، نائب رئيس مجلس الشؤون العامة الإسلامية والمتحدث باسمه أنه على النقيض من السنوات الماضية، لم تتم دعوة أحد من مجلسه لحضور مأدبة إفطار يوم الأربعاء. وقال إنه في حالة دعوة أي منهم، كانوا سيرفضون.
"يتمثَّل نموذج تواصلنا مع الحكومة في أنه ينبغي أن نؤمن بأننا نستطيع أن نُحدِث فارقاً في جانبٍ ما، ونظراً لسياسة البيت الأبيض والتصريحات الصادرة عنه، نعتقد أن هذا أمرٌ غير ممكن. لذا لن نضع أنفسنا في وضعٍ نُنبَذ من خلاله".
من يحضر مأدبة الإفطار؟
يرى العديد من المسلمين الأميركيين أن اتخاذ القرار بشأن حضور إفطار ترمب من عدمه أمر بسيط نسبياً. والتساؤل الأصعب هو: من سيحضر؟
يفترض البعض أن قائمة الضيوف سوف تتضمن بعض مسؤولي الحكومة والدبلوماسيين الأجانب، وخاصة من البلدان ذات الأغلبية المسلمة. ولكن لا أحد يعرف بالفعل. ويرى مؤيدو ترمب البارزين أنهم لم يتلقوا أي دعوة للحضور.
وقال ساجد ترار، الذي كان يقود مجموعة "المسلمون الأميركيون من أجل ترمب" وتحدث بالمؤتمر الوطني الجمهوري عام 2016 "إنها مخصصة للسفراء المسلمين وبعض أعضاء الحكومة".
وذكر قمر الهدى، مستشار وزارة الخارجية السابق بشأن الدين، أن الدبلوماسيين وأعضاء الحكومة كانوا ضيوفاً دائمين بمأدبة إفطار الإدارات الأخرى، رغم دعوة المسلمين الأميركيين من المجتمع المدني في كثير من الأحيان أيضاً.
وقال الهدى عن مأدبة إفطار ترمب "أعتقد أنه استعراض رمزي لتقديره لبعض الحلفاء، وخاصة في بلدان الخليج. ولا أعتقد أن الأمر موجه للمجتمع الإسلامي الأميركي على الإطلاق".
ويغذي هذا النوع من التفكير فكرة أن الإسلام دين "أجنبي". وقال الهدى "دين من الخارج. وليست ديانة قائمة هنا منذ 800 عام".
وقال الهدى إنه كان سيحضر إفطار ترمب لو تمت دعوته.
ويرى إيبو باتل، مؤسس Interfaith Youth Core، أن الإفطار يمثل جزءاً من معيشته اليومية. ومع ذلك، ذكر أنه سيواجه المتاعب في قبول الدعوة من إدارة ترمب بالبيت الأبيض.
وقد توافق ليلة الأربعاء ليلة القدر، وتعتبر الحدث التاريخي المفضل خلال العام.
وقال باتل: "كنت سأرفض بأدب لو تمت دعوتي لمأدبة إفطار ترمب. وحتى لو كان مساء اليوم لا يوافق ليلة القدر، كنت سأرفض بكل أدب واحترام الحضور".