لا يملك ملايين اللاجئين السوريين في تركيا حق التصويت في الانتخابات التي تجرى يوم 24 يونيو/حزيران، لكن إذا فاز رجل أعمال شاب، سوري المولد، بمقعد في البرلمان، فسيكون هو صوتهم على الأقل.
انتقل محمد الشيخوني من مدينة حماة السورية إلى تركيا منذ 10 سنوات، قبل أن يؤدي الصراع والانهيار في بلاده إلى موجات تدفق من مواطنيه للجوء إلى جارتهم الشمالية.
وهو الآن رئيس شركة للسفر والبناء في مدينة بورصة الصناعية، وهو أيضاً من أشد المعجبين بالرئيس رجب طيب أردوغان، لسياسته المتمثلة في الترحيب بالسوريين النازحين، وهو مرشح لحزب العدالة والتنمية الحاكم في الانتخابات. علاوة على ذلك، غيَّر الشيخوني اسمه إلى أردوغان.
وقال خلال مقابلة في مكتبه قبل أن ينطلق إلى حملته الانتخابية "هو فخور بي وأنا فخور به".
وأردوغان أنجح سياسي في تركيا في العصر الحديث، لكنه شخصية مثيرة للاستقطاب بين أبناء شعبه، بعد 15 عاماً من الحكم شهدت خلالها البلاد نمواً اقتصادياً قوياً، لكنها شهدت أيضاً اعتقالات عقب محاولة انقلاب عسكري عام 2016.
وقال محمد أردوغان وعمره الآن 34 عاماً "تركيا فتحت أبوابها أمام السوريين، ورحبت بهم، ولا تزال تقول إننا أشقاء وهذا بلدكم".
لكن ذلك الترحيب يتراجع، إذ يشير بعض الأتراك إلى التكلفة الاقتصادية لتدفق السوريين والتوترات الطائفية، كما يؤجج خصوم حزب العدالة والتنمية الحاكم تلك المخاوف.
وانتقد محرم إنجيه، مرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض لانتخابات الرئاسة، أردوغان الشهر الماضي، لسماحِه لعشرات آلاف اللاجئين بالعودة إلى سوريا في العيد، ثم العودة إلى تركيا مرة أخرى.
وقال لمحطة (سي.إن.إن ترك) التلفزيونية "انظر هذا خطأ… 72 ألف شخص يذهبون لقضاء العطلة ويمضون أسبوعاً أو عشرة أيام ثم يعودون… إذا كان بإمكانهم الذهاب والعودة فعليهم البقاء هناك للأبد… هذا حكم طائش".
ويقلل محمد أردوغان، المرشح للانتخابات البرلمانية من أمر الانتقادات والتوترات، ويقول إن الوقت قد حان ليصبح للسوريين صوت رسمي على الساحة السياسية التركية.
وقال "انظر حولك، وسترى كل هؤلاء السوريين في تركيا. يجب أن يكون هناك من يمثلهم إذا أراد الشعب التركي ذلك".
أجور ووظائف
ويعيش في بورصة 140 ألف لاجئ إلى جانب نحو مليوني تركي. ويمثل هؤلاء اللاجئون جزءاً من أكثر من 3.5 مليون لاجئ سوري ينتشرون في أنحاء تركيا، بعد أن فرُّوا من الصراع المحتدم في بلادهم منذ عام 2011.
ومع ارتفاع التضخم وتكاليف المعيشة، يعتقد الكثير من الأتراك أن العمالة السورية الرخيصة قلَّصت الأجور، وزادت من حدة التنافس على الوظائف التي لا تتطلب مهارة عالية.
وقالت مجموعة الأزمات الدولية، إن العنف بين السوريين والأتراك زاد 3 أضعاف في النصف الثاني من عام 2017.
وأظهر استطلاع أجراه مركز التقدم الأميركي للأبحاث السياسية، في فبراير/شباط، أن 78% من الأتراك يعتقدون أن بلدهم ينفق أموالاً أكثر من اللازم على رعاية اللاجئين.
وطمأن الرئيس أردوغان أنصاره، في فبراير/شباط، بأن السوريين لن يبقوا في تركيا للأبد، ووصف العمليات العسكرية في شمالي سوريا، في مارس/آذار، بأنها وسيلة لإعادة الاستقرار حتى يتسنّى عودة بعض اللاجئين.
وشيدت تركيا أيضاً جداراً على الحدود، في تأكيد للرسالة بأن سياسة "الباب المفتوح" التي اتبعتها أنقرة خلال السنوات الأولى للصراع في سوريا قد انتهت، وإرغام عشرات الآلاف من النازحين على العيش في مخيمات على الجانب السوري.
وحصلت مجموعة صغيرة من السوريين من أصحاب المهارات العالية، مثل الأطباء والمدرسين على الجنسية التركية. وقال مسؤول تركي لرويترز إن العدد يزيد قليلاً على 50 ألفاً.
وقال عمر كدكوي، الباحث بمؤسسة الأبحاث السياسية والاقتصادية التركية، إن الشعور تجاه السوريين يزداد سوءاً في تركيا، وإن الساسة يبعثون بنفس الرسالة بوجه عام.
وأضاف كدكوي "هناك قناعة بين كل الأحزاب السياسية الآن بأن السوريين سيعودون. ليس لأنهم بحاجة للعودة، ولكنهم سيعودون يوماً ما".
وبعد استعادة الرئيس بشار الأسد، بدعم من روسيا وإيران، أراضي المنطقة التي كان قوات المعارضة تسيطر عليها في الشمال، والتي فر منها الكثير من اللاجئين تحت وطأة البراميل المتفجرة والأسلحة الكيماوية، والخاضعة جزئياً لسيطرة المتشددين، فإن السوريين ليسوا في عجلة من أمرهم للعودة.
لسنا هنا ليوم أو يومين
وقال محمد نزار، وهو مدرس من حلب يعيش الآن في مدينة إسطنبول، التي تستضيف أكثر من نصف مليون لاجئ سوري، وفقاً لما تقوله الأمم المتحدة "لسنا هنا ليوم أو يومين ثم نعود إلى بلدنا".
وأضاف "هناك بعض الأشخاص الذين يعيشون هنا منذ خمسة أو ستة أعوام. يجب أن يكون ثمة ممثل برلماني (للسوريين) في الحكومة التركية".
ولا يحظى محمد أردوغان بمكانة بارزة على قائمة مرشحي حزب العدالة والتنمية لمنطقة بورصة، مما يعني ضرورة أن يحقق الحزب نتائج طيبة كي يتمكن أردوغان من الفوز بمقعد في البرلمان.
وواجه محمد أردوغان استقبالاً متبايناً في شوارع بورصة أثناء توزيع القرنفل الأحمر على الناخبين، وبالونات حزب العدالة والتنمية الزرقاء على الأطفال.
وقال شخص يدعى إكرام أوجورلو "أنا أوافق (عليه)… من ذا الذي لا يريده؟ إنه أخونا المسلم".
لكن فيليز جوني، وهي ربة منزل كانت أكثر تشككاً.
وقالت "لا يمكن أن يكون عضواً بالبرلمان… الشخص الذي لا يعرف مشكلات تركيا لا يمكن أن يمثلها".