تواردت أنباء عن اتفاق غير مسبوق توصُّلت إليه روسيا وإسرائيل، من شأنه أن يسمح لقوات بشار الأسد بالهجوم على الأراضي التي تسيطر عليها المعارضة جنوبي سوريا، شريطة عدم مشاركة المقاتلين الإيرانيين في الهجوم.
ووفقاً لتقارير إسرائيلية وسعودية، يبدو أنَّ سوريا استسلمت للمطالب الإسرائيلية بإيقاف الميليشيات الإيرانية، على بُعد 15 ميلاً (24 كيلومتراً تقريباً) من هضبة الجولان المحتلة.
وفي المقابل، لن تقف إسرائيل في طريق أي هجوم سوري أو محاولة للسيطرة على مدينة درعا والأراضي على طول الحدود الإسرائيلية والأردنية، حسبما نقل تقرير لصحيفة The Telegraph البريطانية.
وقالت روسيا، الإثنين 28 مايو/أيَّار 2018، إنَّ قوات الجيش السوري وحدها ينبغي أن تكون موجودة على الحدود الجنوبية للبلاد، وهوا ما بدا مُوجَّهاً لإيران، بينما أعاد نائب وزير الخارجية السوري فيصل مقداد طمأنة إيران بأنَّ الانسحاب أمرٌ غير مطروح للنقاش.
الاتفاق الذي وضع خلال مكالمة هاتفية يُظهر أن خطط روسيا تجاه القوات الإيرانية بسوريا بدأت تنتقل لمرحلة التنفيذ
ويُقال إنَّ اللمسات النهائية على الاتفاق وُضِعَت أثناء مكالمة هاتفية قبل أيام، بين وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان ونظيره الروسي سيرغي شويغو.
ويحول هذا دون وقوع مواجهة مباشرة محتملة بين إيران وإسرائيل في سوريا، حيث تصاعدت التوترات بين البلدين المتخاصمين في الشهور الأخيرة.
وفي الوقت نفسه يكشف عن فجوة متنامية بين موسكو وطهران، اللتين تدعمان نفس الطرف في الصراع السوري.
ووفقاً لمصادر إسرائيلية، أصبحت روسيا محبَطة على نحو متزايد من الوجود الإيراني في سوريا، وتشعر بالقلق من أنَّ وقوع معركة بين إسرائيل وإيران يُهدِّد المكاسب التي حقَّقتها بشق الأنفس.
وكان أحد كبار مسؤولي الاستخبارات الإسرائيلية، قد ذكر أن تفاؤل الدولة العبرية يتزايد بقدرتها على طرد إيران من سوريا، بينما تجد روسيا أن وجود طهران قد يهدد مصالحها، حسبما نقل عنه تقرير سابق لصحيفة The Telegraph.
ويُقدَّر أنَّ إيران لديها آلاف المستشارين والمقاتلين في سوريا، بالإضافة إلى عددٍ من القواعد، التي أصبحت أهدافاً منتظمة لهجمات إسرائيل.
وتشعر إسرائيل، التي حصلت على ضمانات من موسكو بأنَّها لن تحاول إيقاف أي ضربات مستقبلية ضد الأهداف الإيرانية، بالقلق حيال ترسانة إيران وحليفها حزب الله، المتنامية على عتبتها.
وقامت كلٌّ من روسيا وإيران بأدوارٍ محورية في المساعدة على قلب مصير الأسد.
ولكن لماذا قرَّر الأسد التوجّه للجنوب الآن، رغم اتفاقات التهدئة السابقة، التي ضمنتها القوى الدولية؟
تُعَد درعا هي الهدف التالي الواضح للأسد، الذي تعهَّد مراراً باستعادة كل شبر من البلاد. أمَّا المعقل الآخر الرئيسي للمعارضة في إدلب شمال غربي البلاد، فمحفوفٌ بالتعقيدات بسبب وجود القوات التركية في المنطقة.
ولُجِّمَ القتال جنوب غربي سوريا منذ العام الماضي 2017 عن طريق اتفاق "خفض تصعيد" توسَّطت فيه روسيا والولايات المتحدة والأردن.
لكنَّ الانتصار الأخير للحكومة في الغوطة الشرقية بضواحي دمشق خفَّف الضغط على الجيش السوري المُستنزَف، وأطلق قبضة قواته.
مَن يسيطر على هذه المناطق حالياً، ومتى يبدأ الهجوم، وماذا سيفعل رعاة الاتفاقات؟
الاستعدادات اكتملت لشنِّ هجومٍ على درعا، حسبما نقل تقرير الصحيفة البريطانية عن مصدر عسكري موالٍ للحكومة السورية، أمس الثلاثاء.
وقال القائد: "سيخوض الجيش السوري كلَّ المعارك، وقد أصبح الآن قوياً ومؤهلاً".
وأسقط الجيش السوري هذا الأسبوع منشورات على المدينة، يحث فيها المقاتلين على إلقاء السلاح. وجاء في المنشورات: "رجال الجيش السوري قادمون. اتخذوا قراركم قبل فوات الأوان".
وتخضع درعا، المعروفة بأنَّها مهد الثورة بسبب انتفاضتها ضد الأسد في مطلع 2011، لسيطرة خليط من المعارضين، بما في ذلك الجبهة الجنوبية التابعة للجيش السوري الحر.
ومثلما هو الحال مع معظم الاتفاقات التي جرى التوصل إليها من أجل سوريا، حيث يمتلك الداعمون الدوليون مصالح راسخة، لم تكن أي مجموعة سورية جزءاً من النقاشات.
وقال إيليا سمعان، مستشار وزارة المصالحة التابعة للحكومة، لصحيفة The Telegraph البريطانية، إنَّه لم يُحدَّد موعدٌ نهائي للهجوم. وأضاف: "لكن بالطبع الحكومة السورية تُفضِّل دوماً التوصل إلى اتفاقٍ عن شنِّ عملية عسكرية".
وتابع: "حالياً تُبذَل كلُّ الجهود من أجل التوصل إلى اتفاقٍ في المنطقة الجنوبية، بهدف تجنُّب عملية عسكرية".
يبدو أن غضب الولايات المتحدة الذي ظهر الأسبوع الماضي سيهدأ، ولكن الأردن يخشى التداعيات
وسيُمثِّل الاتفاق ضربةً قويةً للمعارضة جنوبي سوريا، التي حصلت على الكثير من الأموال والأسلحة من الولايات المتحدة، وكذلك من إسرائيل.
وعبَّرت الولايات المتحدة عطلة نهاية الأسبوع، عن قلقها من احتشاد قوات النظام السوري من أجل شنِّ هجومٍ هناك، لكنَّ ذلك كان قبل أن تطفو على السطح التقارير حول الاتفاق بين روسيا وإسرائيل.
وتراجعت الولايات المتحدة في ظلِّ حكم إدارة الرئيس دونالد ترمب، عن دعمها للمعارضة، ولم تُصدِر إشارات تُذكَر على استعدادها للتدخُّل لصالحهم.
ومن المُقرَّر أن يجري مسؤولون من واشنطن مباحثات مع الأردن وروسيا حول مصير الجنوب. ويخشى الأردن من أنَّ يؤدي وقوع هجومٍ لإرسال آلاف اللاجئين إلى حدوده.