باشر القضاء المتخصص في محافظة قابس بجنوبي تونس، الثلاثاء، النظر في أوّل قضية قدمتها "هيئة الحقيقة والكرامة"، المكلفة بالعدالة الانتقالية، بعد 7 سنوات على الثورة، وهي قضية قتل معارض يتهم فيها الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي وعدد من وزرائه.
وأُحدثت "هيئة الحقيقة والكرامة" في 2014 لإنصاف ضحايا سنوات الاستبداد الطويلة قبل ثورة 2011، التي أطاحت بنظام بن علي، وهي تملك سلطة إحالة المسؤولين المفترضين عن حالات قتل واغتصاب وتعذيب وفساد إلى المحاكم.
ويحاكم في هذه القضية 14 مسؤولاً، من بينهم الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، ووزير الداخلية الأسبق في عهده عبدالله القلال، ومسؤولون أمنيون بتهمة الإخفاء القسري، وقتل الإسلامي والعضو في حركة النهضة كمال المطماطي، الذي تم توقيفه في 7 أكتوبر/تشرين الأول 1991، بمحافظة قابس واختفى منذ ذلك الحين.
وقبلت الهيئة نحو 62 ألف ملف، وحولت 32 ملفاً للقضاء المتخصص في العدالة الانتقالية، وكان أوّلها ملف كمال المطماطي، الذي قدَّمته في مارس/آذار الفائت، لمحكمة محافظة قابس.
وتقول لطيفة، أرملة المطماطي لوكالة الأنباء الفرنسية "نريد مقاضاة كل من قتلوا وعذبوا"، وتتابع "لقد مررنا بسنوات رهيبة، والأصعب من ذلك أننا لم نتحصل على رفاته لليوم"، مؤكدة "لكن هناك فرحة اليوم لأن الحقيقة ستكشف".
وانطلقت الجلسة في قاعة مكتظة وبغياب المتهمين.
وصرَّح المحامي حبيب خذر "هذا يوم استثنائي"، مضيفاً "من النادر في العالم أن نتوصل إلى نتائج في قضية اختفاء قسري… لنا جزء من الحقيقة، ولكن يبقى الكشف عن أشياء عديدة".
وامام مقر المحكمة نُصبت خيام، وتظاهر نحو 150 شخصاً، مرددين شعارات منها "لا للاختفاء القسري"، و"قضاء عادل، بلد آمن".
ويُتهم بن علي ووزراؤه في هذه القضية بـ"المشاركة في القتل العمد" فيما وجهت إلى المسؤولين الأمنيين الآخرين تهمة "القتل العمد تحت التعذيب والاختفاء القسري".
وصدر حكم غيابي بحق بن علي بالسجن المؤبد، وحكم آخر بالسجن 20 عاماً بتهم القتل والتحريض على الفوضى والقتل، وقضايا أخرى متعلقة بالتعذيب، وهو يقيم حالياً بالسعودية.
ويقيم زين العابدين بن علي في منفاه بالسعودية، منذ أن فرَّ من بلاده في مطلع 2011 حين أطاحت بنظامه "ثورة الياسمين". وصدرت بحقه منذ ذلك الحين أحكام قضائية عديدة بحقه، ولا سيما في قضايا قتل وفساد. كما حكم عليه بالسجن مدى الحياة لمسؤوليته في القمع الدموي للمتظاهرين ضده أثناء الثورة (أكثر من 300 قتيل).