كشف تقرير لصحيفة Nizavismaya الروسية، عن وجود تفكير لدى وزارة الخارجية الأميركية، بوضع خطة تمنع من خلالها التصعيد العسكري في جنوبي سوريا، على خلفية شائعات حول هجوم مرتقب لقوات الأسد على محافظات القنيطرة، ودرعا، والسويداء، التي تسيطر المعارضة على أجزاء واسعة منها.
وتتمثل أهم بنود هذه الخطة، التي يفترض تنفيذها في إطار صفقة مع روسيا، بحسب الصحيفة، في تفكيك القاعدة العسكرية الأميركية، وإجلاء قوات المعارضة إلى شمالي البلاد.
وينقل التقرير، الذي نُشر الإثنين 28 مايو/أيار 2018، عن عدة خبراء اعتقادهم أن الولايات المتحدة يمكن أن تتخذ مثل هذه الخطوة، مقابل عدم سماح روسيا بتواجد إيران على الحدود الجنوبية السورية، مؤكدين أن هجوم القوات الحكومية على المناطق الجنوبية، التي تعتبر جزءاً من منطقة خفض التصعيد وفقاً لاتفاقيات عمان، بحضور كل من روسيا والولايات المتحدة والأردن، خلال سنة 2017، لا يعد أمراً مستبعداً.
وفي هذا الصدد، ذكرت صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية، أن الطائرات الموالية للحكومة السورية، قامت خلال الأسبوع الماضي بإلقاء منشورات في سماء محافظة درعا، التي تسيطر المعارضة "المعتدلة" على 70% من أراضيها.
وقد تضمَّنت هذه المنشورات نداءات موجهة للمسلحين، تطالبهم بتسليم أسلحتهم، وتهددهم بشن هجوم ضدهم. كما احتوى أحد المنشورات صور مقاتلين لقوا حتفهم، محذرة من أن المصير ذاته ينتظر الأفراد الذين لن يسلموا أنفسهم.
خطة "ساترفيلد"
أثارت التهديدات بتنفيذ عملية هجومية في جنوبي سوريا، انزعاج الولايات المتحدة الأميركية، ولعل ذلك ما دفع مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، ديفيد ساترفيلد، لتقديم اقتراح من شأنه إثارة اهتمام موسكو، بحسب "الشرق الأوسط".
ويتضمن الاقتراح مسألة انسحاب جميع مقاتلي المعارضة السورية من المناطق الجنوبية السورية، وإجلائهم إلى محافظة إدلب، الواقعة تحت سيطرة المعارضة.
بالإضافة إلى ذلك، تعد مسألة تفكيك قاعدة "التنف" العسكرية الأميركية، الواقعة على الحدود مع الأردن والعراق، من ضمن التنازلات المحتملة التي قد ترغب الولايات المتحدة في تقديمها، لا سيما أن ذلك يمثل مطلباً توجهت به موسكو سابقاً لواشنطن.
وخلال مقابلة جمعت وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، بقناة "يورونيوز"، في فبراير/شباط الماضي، قال الوزير إنه "من المهم بالنسبة لنا أن يقوم الأميركيون بعملهم، وخاصة إغلاق منطقة خفض التصعيد المعلن عنها من جانب واحد".
فضلاً عن ذلك، وخلال لقاء صحفي أجراه عقب لقائه مع وزير خارجية موزمبيق، خوسيه باتشيكو، علق لافروف على خطة ساترفيلد قائلاً: "إن أسباب إنشاء قاعدة التنف غير مفهومة، حيث تم تأسيسها لأهداف نفعية. لذلك، وخلال اتصالاتنا مع الإدارة العسكرية، نحاول جذب انتباه الأميركيين لهذه المسألة".
أهمية "التنف" تشكك بتنفيذ الخطة
يظل تنفيذ مبادرة ساترفيلد، واتخاذها شكلاً حقيقياً، موضع شك، أخذاً بالاعتبار احتمال استبعاده من منصبه الحالي، وإرساله للعمل في السفارة الأميركية في تركيا. ويعتقد خبراء، بحسب الصحيفة، أن الولايات المتحدة قد تطلب من روسيا ضمان ردع إيران والجماعات الموالية لها في جنوبي سوريا.
من جانبه، أوضح أنطون مارداسوف، الخبير العسكري ورئيس قسم دراسات نزاعات الشرق الأوسط في معهد التنمية المبتكرة في موسكو، أن "قاعدة التنف مهمة بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية، ليس فقط باعتبارها وسيلة ضغط اقتصادي على الرئيس السوري بشار الأسد، حيث تغلق الطريق بين دمشق وبغداد، بل لأنها تعتبر نقطة لمراقبة النشاط الإيراني أيضاً".
والجدير بالذكر، أن الأميركيين استطاعوا، في الآونة الأخيرة، تأسيس قاعدة عسكرية على الأراضي الأردنية، المجاورة للحدود السورية، حيث تثبت صور الأقمار الصناعية وجود طائرات، فضلاً عن الطائرات من دون طيار فيها. ويسمح ذلك للولايات المتحدة برصد جميع التحركات، وبالتالي إخلاء قاعدة التنف، وذلك بحسب مارداسوف.
الضمانة: إزاحة إيران
ويعتقد الخبير الروسي، أن الولايات المتحدة يمكن أن تفكك قاعدتها العسكرية، سعياً منها للحفاظ على الاتفاقية المبرمة مع روسيا بشأن منطقة خفض التصعيد في الجنوب الغربي لسوريا، مقابل تأثير روسيا بطريقة أو بأخرى على النشاط الإيراني في الجنوب السوري.
كما ذكر أنه عقب الانسحاب الأحادي الجانب للولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني، بدأت طهران، وبشكل طفيف، في الحد من نشاطها العسكري.
وفي هذا الإطار، تم نقل الميليشيات الشيعية من سوريا إلى العراق، كما تم استبدال القوات الإيرانية بقوات النظام السوري في محافظة درعا.
وبالتزامن مع ذلك، تم تكثيف نشاط الاستخبارات الإيرانية، وتجنيد السوريين في التشكيلات العسكرية المحلية، المعروفة باسم التشكيلات غير الرسمية لحزب الله، أو "حزب الله السوري".
وبناء على ذلك، يقلل الإيرانيون من نشاطهم المرئي، معتمدين على القوات المحلية، المتألفة من السوريين، مثلما هو الحال في شرقي حلب ودير الزور، وذلك بحسب مارداسوف.
علاوة على ذلك، يعتقد الخبير أن المسألة العالقة تتمثل في مدى قدرة الولايات المتحدة وإسرائيل، على الحد من الحضور الإيراني، لا سيما أن تل أبيب ترفض وبشكل قاطع أي نشاط إيراني بالقرب من حدودها.
تجدر الإشارة أن وكالة الإعلام الروسية نقلت عن ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية، قوله اليوم الثلاثاء 29 مايو/أيار 2018، إن بلاده اتفقت مع واشنطن وعمّان على عقد اجتماع بخصوص منطقة "خفض التصعيد" بجنوبي سوريا.
وكانت روسيا قالت، أمس الإثنين، إن جيش النظام السوري وحده من يجب أن يكون على الحدود الجنوبية لسوريا مع الأردن وإسرائيل، وذلك بعدما حذرت واشنطن من "إجراءات حازمة"، رداً على ما قالت إنها انتهاكات للهدنة في المنطقة.