ألغى الرئيس الأميركي، الخميس 24 مايو/أيار 2018، القمة المزمع عقدها الشهر المقبل (يونيو/حزيران 2018) مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون؛ بسبب ما سماه "الغضب العارم والعدائية الصارخة" من جانب الدولة المارقة، وذلك في خطابٍ أرسله لتفسير قراره المفاجئ.
وقال ترمب لكيم، في رسالةٍ أصدرها البيت الأبيض صباح الخميس: "أشعر بأنَّه من غير الملائم، في الوقت الراهن، عقد هذا الاجتماع المقرر له منذ وقتٍ طويل".
وبدت حكومة كوريا الجنوبية مصدومةً من إعلان ترمب. وصرَّح كيم وي-كيوم المتحدث باسم الحكومة: "نحاول فهم ما يعنيه الرئيس ترمب بالضبط".
تمسَّك ترمب في خطابه بإمكانية أن يلتقي الزعيمان في وقتٍ لاحق؛ لمناقشة نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية، وهو أمرٌ يدفع ترمب بقوةٍ لتحقيقه منذ وقتٍ طويل.
كالوا الشتائم لإدارة ترمب
وفي الوقت الذي لم يصرح ترمب فيه بسبب إلغاء القمة، إلا أن ما حدث خلال الأيام الأخيرة بين البلدين قد يكشف بعض أسبابها، فقد صدرت تحذيرات عدائية من كوريا الشمالية في الأيام الأخيرة، تفيد بأنَّها لا تزال تفكر في إمكانية المشاركة من عدمها.
وتضمنت التحذيرات بياناً قال إنَّ على الولايات المتحدة أن تقرر ما إذا كان ما سيجمعها بكوريا الشمالية هو غرفة الاجتماعات أم مواجهة نووية بين البلدين، بحسب ما ذكرته صحيفة The Washington Post الأميركية.
لم يتوقف الأمر إلى هذا الحد، فقد كال مساعدٌ مقرب من كيم السباب لإدارة ترمب صبيحة الخميس، ونعت نائب الرئيس بنس بأنَّه "أحمق سياسي"؛ بسبب إشارة الأخير، يوم الإثنين 21 مايو/أيار 2018، في مقابلة تلفزيونية، إلى سقوط الزعيم الليبي المقتول معمر القذافي.
واتخذت كوريا الشمالية موقفاً عدائياً من إشارات مسؤولين في إدارة ترمب إلى اتباعها "النموذج الليبي" في التخلي عن مساعيها النووية.
وقال ترمب في خطابه: "كنت أتطلع بشدة إلى لقائك. ولكن للأسف، وبسبب حالة الغضب العارم والعدائية الصارخة التي تبدو في التصريحات الأخيرة الصادرة عنكم، أشعر بأنَّه من غير الملائم، في الوقت الراهن، أن نعقد هذا الاجتماع الذي انتظرناه طويلاً".
وقال ترمب: "خسر العالم بأسره، وكوريا الشمالية بالأخص، فرصةً لعقد سلامٍ دائم، وفرصةً لتحقيق الرخاء والثروة العظيمين".
وحتى وسط تصاعُد حدة الخطاب بين البلدين، كانت هناك مؤشرات يوم الخميس توحي بأنَّ كوريا الشمالية لا تزال مهتمة بعقد قمةٍ مع واشنطن.
هل دمرت كوريا الشمالية موقعاً نووياً؟
وزعمت كوريا الشمالية أنَّها دمرت موقع الاختبارات النووية الخاص بها يوم الخميس 24 مايو/أيار 2018؛ إذ نفذت سلسلةً من الانفجارات لهدم شبكة من الأنفاق المحفورة أسفل الأرض، اختبرت فيها بيونغ يانغ قنابل متزايدة القوة على مدار الأعوام الـ11 الماضية.
وأطلقت كوريا الشمالية سلسلةً من الانفجارات المصنوعة خصيصاً لعرضها على التلفاز، والتي كتب عنها صحفيون أحضرتهم الحكومة إلى الموقع.
إلا أن نظام كيم لم يسمح لأي خبراء بمتابعة هذه الأحداث، مما يجعل من الصعب تقييم ما حدث بالضبط، في حين لا يزال معظم المحللين متشكِّكين بشدة فيما إذا كانت كوريا الشمالية جاهزةً بالفعل للتخلي عن برنامجها النووي.
وأشار ترمب أيضاً، في خطابه، إلى ما تم تفسيره في حينها بأنَّه بادرة إيجابية أخرى من كيم: وهي إطلاق سراح 3 سجناء أميركيين وإرسالهم إلى الولايات المتحدة برفقة وزير الخارجية، مايك بومبيو، في أثناء زيارته إلى كوريا الشمالية في وقتٍ سابق من الشهر الجاري (مايو/أيار 2018).
وكتب ترمب في رسالته أيضاً: "أتطلع بشدة إلى لقائكم يوماً ما. وحتى ذلك اليوم، أودُّ أن أشكركم على إطلاق الرهائن المحتجزين لديكم الذين وصلوا إلى منازلهم وأصبحوا في صحبة أسرهم الآن. كانت هذه لفتةً طيبة منكم، ونقدِّرها لكم أيما تقدير".
وكان ترمب قد ذكر ملاحظاتٍ تحذيرية حول إمكانية إلغاء القمة أو تأجيلها. وأشار إلى إمكانية أن تحقق القمة سلاماً دائماً في شبه الجزيرة الكورية، وتقبَّل المقترحات التي أطلقها رئيس كوريا الجنوبية مون جاي-إن وآخرون بأنَّ ترمب يمكن أن يكون جديراً بالحصول على جائزة نوبل للسلام.
وحين سأله أحد الصحفيين عن هذا الأمر قبل أسبوعين فقط، أجاب ترمب: "الجميع يعتقد ذلك، ولكنِّي لن أقول ذلك أبداً".
وأضاف ترمب: "أتدري ما أريده فعلاً. أريد أن أُتم الأمر بنجاح. والجائزة التي أريدها هي أن أُحقق نصراً للعالم، وليس للولايات المتحدة وحدها؛ بل للعالم بأسره؛ لأنَّ هذا ما يتعلق به الأمر برمته، هذه هي الجائزة الوحيدة التي أريدها".