لقد هربوا من البراميل المتفجرة وهجمات الأسلحة الكيميائية في سوريا، التي مزَّقتها الحرب، لكن عندما وصلوا إلى كندا ليبدأو إعادة بناء حياتهم المُحطمة، وجدوا أنفسهم في معركة جديدة مع عدو غير مرئي.
فبحسب صحيفة TheGuardian البريطانية، فقد بدأت المشكلات تقريباً بعد أن انتقلت 12 عائلة لاجئة إلى مبنى شاهق في مدينة هاملتون، التابعة لمقاطعة أونتاريو. كان الأطفال يبكون طوال الليل، إلى أن اكتشف الآباء أنهم مغطون بعلامات للدغات حمراء متورمة.
عندما تم التعرف على الجاني، بدأت معركة قضائية امتدت لعامين، شنَّتها عائلات اللاجئين على شركة تأجير الشقق، بسبب حشرات بق الفراش.
يقول الناشطون، إن القصة تُسلِّط الضوء على الصعوبات التي يواجهها العديد من اللاجئين في البلاد، إذ يمكن أن يشكل التنقل بين بعض جوانب الحياة اليومية وتعلم كيفية النضال من أجل حقوقك، تحدياً "للكنديين الجدد".
وقد ألقت هذه الحادثة الضوء أيضاً على مشكلة البق في كندا: فقد بدأ غزو هذه الحشرة قبل عقد من الزمان تقريباً في جميع أنحاء البلاد، ثم ظهرت علامات قليلة على التوقف.
وخصصت مقاطعة أونتاريو أكثر من 5 ملايين دولار لمكافحة هذا الغزو، لكن الحشرات الصغيرة التي تمتص الدماء تستمر في الانتشار.
وجود حشرات بق الفراش نادر في سوريا، لكن المبنى السكني الذي استقرت فيه العائلات كان "سيئ السمعة" بالنسبة لمشكلة الآفات.
وقال علي ناراغي، المحامي الذي يمثل العائلات، إنهم "لا يعرفون ما هذه الآفات، ومن الواضح أن هذا الأمر سبب لهم صدمة".
معركة قضائية
عندما اشتكى اللاجئون، استدعيت شركات إبادة الحشرات مرات عديدة، ولكن عندما لم يتمكنوا من القضاء على البق، بدأت الأسر في فسخ عقود الإيجار ومغادرة الشقق.
وبمساعدة منظمات الدفاع المحلية، قاضت العائلات شركة Diamond International وشركة Melvin Apartments في المحكمة، بهدف استعادة مبالغ التأمين والحصول على تعويضات تقدر بمبلغ 63,666 دولاراً عن الأثاث والأغطية والملابس التي كان من الضروري تدميرها.
فاجأت وكالة التأجير العائلات بدعوى قضائية مضادة، تطالب فيها بالإيجار غير المدفوع، ورفضت في بعض الحالات إعطاء إيصالات دفع الإيجار، التي من الضروري للاجئين وغيرهم من السكان محدودي الدخل تقديمها من أجل الحصول على إعفاءات ضريبية للأطفال.
تسوية سرية
في الأسبوع الماضي، توصلت العائلات وشركة الشقق السكنية إلى تسوية، ما زالت شروطها سرية.
وقال ناراغي في بيان أصدره نيابة عن العائلات: "عملاؤنا سعداء بالتوصل إلى تسوية مع شركة "ميلفين" لتأجير الشقق، وفقاً لشروط مرضية لكلا الطرفين"، مضيفاً أن مديراً في شركة الإسكان في مدينة هاميلتون "أعرب عن رغبته في أن يشعر اللاجئون بأنهم في وطنهم في كندا، وأن يشعروا أنهم تلقوا معاملة عادلة".
وقالت جين ماكنتاير، مديرة منظمة روميرو هاوس، وهي منظمة تساعد اللاجئين في تورنتو، إن الواقعة تسلط الضوء على الصعوبات التي تواجه الأسر عندما تبدأ في إعادة بناء حياتها في بلد جديد.
وأضافت "الدفاع عن نفسك داخل ثقافة جديدة ووسط معايير ثقافية مختلفة يُمكن أن يكون أمراً صعباً للغاية، ويمكن إعاقة المقيمين الجدد بسبب الصعوبات اللغوية، والجهل بالبيروقراطية المحلية، وغياب الأوراق المطلوبة".
في عدد من المناسبات، وجدت أن موكليها يعاملون بشكل مختلف عندما يكون أحد موظفيها حاضراً. وأردفت قائلةً إنه "لا ينبغي أن يكون هذا هو الحال. لا يتعين وجود شخص كندي يتحدث الإنكليزية من أجل ضمان وصول شخص ما إلى نظام أو مؤسسة بشكل عادل.
وقد اشتكت عائلات اللاجئين في مناطق أخرى من كندا، بما في ذلك هاليفاكس وبرنابي، من حشرة بق الفراش في منازلهم الجديدة، ووفقاً لما ذكره خبراء مكافحة الحشرات، فإن هاملتون لا تدخل ضمن لائحة أفضل 10 مدن كندية.
تواجه تورنتو حالياً أكبر معدل للإصابة في البلاد من غزو حشرة بق الفراش، فقد سجلت قاعدة بيانات على الإنترنت، خاصة بتعداد حالات الإصابة، أنها تعدّت 2000 حالة مبلغ عنها في المدينة.