قائمة أمنيات أميركا في الملف الإيراني مستحيلة التطبيق، ولا تحظى بدعم الحلفاء.. فما الذي تراهن عليه إدارة ترمب؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/05/22 الساعة 22:40 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/05/22 الساعة 22:40 بتوقيت غرينتش
Vice President Mike Pence (C) and Secretary of State Mike Pompeo listen as U.S. President Donald Trump speaks during a meeting with NATO Secretary General Jens Stoltenberg at the White House in Washington. U.S., May 17, 2018. REUTERS/Kevin Lamarque

عندما وجَّه وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو عشرات المطالب لإيران، وصف الطلبات بأنَّها "مُتطلبات أساسية للغاية" وأنَّها "ليست غير معقولة"، إلا أنَّ العديد من المُراقبين اختلفوا معه، بحسب صحيفة The Financial Times البريطانية.

وترى الصحيفة أن بومبيو وضع مُتطلباته كأساس لصفقةٍ كبرى، ويسعى إلى انتزاع مُميزاتٍ ضخمة في مقابل مُعاهدةٍ مُلزِمة من شأنها أن تُحقق منافع اقتصادية ودبلوماسية دائمة لإيران.

لكنَّ النقاد يرون شيئاً أكبر بكثير في إصرار إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب على أن تتخلى طهران عن كل شيء، من تخصيب اليورانيوم إلى سياستها الخارجية القائمة منذ فترةٍ طويلة، وإلَّا تخضع لعقوباتٍ تعوق نمو البلاد، في محاولةٍ لإطاحة قيادتها.

التحريض على النظام الإيراني

وفي حين أنَّ بومبيو تراجع عن الدعوة بشكلٍ صريح إلى تغيير الحكومة، فإنَّ مطالبه جاءت صعبةً للغاية من وجهة نظر الصحيفة البريطانية، ومن غير المرجح أن تلبيها طهران، ولهذا رأى الكثيرون أنَّها تهدف لذلك بالفعل.

وقالت ويندي شيرمان، كبيرة المفاوضين الأميركيين التي ساعدت على إبرام الاتفاق النووي لعام 2015 الذي تخلى عنه دونالد ترمب في وقتٍ سابق من هذا الشهر: "في النهاية، ما يحاولون القيام به كما هو يبدو هو التحريض على تغيير النظام، إنَّ لم يكن التسبب في ذلك بالفعل".

أوفى ترمب بوعده بتمزيق الاتفاق النووي الإيراني، وهو الأمر الذي تعهد به خلال حملته الانتخابية. ولكنَّه قام منذ ذلك الحين بزيادة انتقاداته لطهران لتشمل كل جانب من جوانب النظام تقريباً، مُعترضاً على أنظمتها الأمنية الداخلية وسياستها الخارجية.

ويُعد أحدث الأعضاء الجدد في سياسة ترمب الخارجية، وهما بومبيو ومستشار الأمن القومي الجديد جون بولتون، من المتشددين المعروفين تجاه إيران، ودعوا إلى تغيير النظام في إيران في الماضي.

من المستحيل تطبيق الطلبات

وقال نيد برايس، وهو مسؤول سابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية كان يعمل في إدارة أوباما كمستشار خاص للرئيس، إنَّ إدارة ترمب أصدرت مطالبها، التي وصفها بأنَّها من المُستحيل تحقيقها، فقط "لتُضفي على نفسها شيئاً من العقلانية والبراغماتية".

لكن مايك سينغ، المدير السابق للملف الإيراني في مجلس الأمن القومي في عهد جورج دبليو بوش، قال إنَّ شكاوى بومبيو تتفق مع المخاوف التي أعربت عنها الحكومات الأميركية المُتعاقبة.

وقال إنَّ القائمة لم تُقدم مطالب متطرفة، ولا تعادل الدعوة لتغيير النظام كذلك، ولكنَّه بدلاً من ذلك قال إنَّ الصعوبة الرئيسية ستكون في تحديد كيفية تحقيق هذه الأهداف.

وقال: إنَّ "الإدارة تُراهن على أنَّها ستكون أكثر نجاحاً في مواجهة إيران خارج الاتفاق النووي ومع توافر خيار فرض جميع العقوبات.. وأنَّها باستطاعتها تحقيق كل شيء بضربةٍ واحدة. ولكنَّ الجانب السلبي هو أنَّ الحلفاء ليسوا موافقين على إستراتيجيتنا ببساطة، وأنَّ المسافة كبيرة بين الانسحاب من الصفقة والوصول إلى صفقةٍ كبرى".

حين أدارت واشنطن ظهرها لنداءات حلفائها بالبقاء ضمن الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 وأصرت على الانسحاب، لم يعد لديها حسن النية الذي ربما كان قد ساعدها في الترتيب لصفقةٍ كبيرة. وكذلك فإنَّ العقوبات الأميركية المفروضة على من يعمل مع إيران لها أثرٌ عليهم.

وقالت شيرمان: "يمكننا القول إنَّنا جميعاً نرغب في أن نرى الأمور التي اشترطها بومبيو تتحقق على أرض الواقع؛ والسؤال هو: كيف يمكننا أن نجعلها تتحقق"، وأضافت أنَّه من الواضح أنَّ إدارة ترمب تعوزها الموافقة الأوروبية، وأنَّها أخفقت في الحصول على دعم الصين أو روسيا لسياستها". وقالت شيرمان: "هذه قائمة أمنيات، ولا علاقة لها بكيفية التنفيذ".

وقالت إنَّ أي جهد صادق لتحقيق الأمور الاثني عشر المذكورة في آنٍ واحد ربما يُفضي إلى عملية تفاوض معقدة وبالغة الطول يمكن أن تستغرق "عقوداً".

واشنطن تفكر في الخطة ب

ويمكن أن تعكس قائمة المطالب الطويلة أيضاً ذعراً بيروقراطياً في أروقة الإدارة الأميركية، من وجهة نظر الصحيفة البريطانية، ولكنَّها لا تنبئ عن أي جهد ضمني لتغيير النظام في إيران.

 ففي أعقاب صدور قرار ترمب بالانسحاب من الاتفاق، وإعادة فرض عقوباتٍ صارمة قبل أسبوعين، هرع مسؤولو الخارجية الأميركية لوضع "الخطة ب"، وكان عليهم إرساء دعائمها. ولم يطلع المسؤولون الأميركيون حلفاء الولايات المتحدة على الإستراتيجية؛ ومن المقرر أن يلتقوا نظراءهم الأوروبيين في وقتٍ لاحق من الأسبوع الجاري.

بل إنَّ الأمر وصل إلى تفكير كبار المسؤولين في إدارة ترمب في الخليفة المحتمل للمرشد الأعلى آية الله على خامنئي؛ إذ أنَّ الرجل يبلغ من العمر 78 عاماً وصحته ليست على ما يرام. وقال مسؤول كبيرٌ في الإدارة الأميركية للصحفيين في وقتٍ سابق من العام الجاري: "الموت يحدث في أي لحظة"، وأضاف أنَّ وفاة خامنئي ستكون "لحظة مفتوحة أمام الشعب الإيراني".

ومع ذلك، فوجِئَ مسؤولو إدارة ترامب حين اندلعت المظاهرات ضد النظام الإيراني في ديسمبر/كانون الأول ويناير/كانون الثاني الماضيين. ورغم أنَّهم سرعان ما أخذوا زمام المبادرة، كانوا حريصين على عدم تأييد المظاهرات حتى لا يؤدي دعم الولايات المتحدة للمتظاهرين إلى نتائج عكسية. لكنَّ الإدارة عززت خدمات الاتصال الإنترنت لمواجهة جهود النظام الإيراني لحجب أدوات التواصل داخل إيران.

وقال برايس إنَّ إدارة ترامب كانت تعتمد على "المفهوم الخاطئ بأنَّ الشعب الإيراني على حافة الثورة" لإطاحة النظام الإيراني.

وألمح بومبيو إلى أنَّ الإطاحة الشعبية للنظام ربما تكون أفضل الوسائل بالنسبة للولايات المتحدة.

وقال يوم الإثنين: "في نهاية اليوم، سيكون للشعب الإيراني القرار في ما يتعلق بقيادته. وإن اتخذوا هذا القرار سريعاً، سيكون هذا رائعاً. وإن اختاروا ألا يفعلوا ذلك، سنظل نعمل على ذلك بكل جهدنا حتى نحقق النتائج التي وضعتها اليوم".

تحميل المزيد