من جديد تعود أحداث العنف بالجامعات المغربية إلى الواجهة، بعد مقتل الطالب عبد الرحيم بدير بجامعة ابن زهر بأكادير جنوب المغرب، وتم دفنه (20 مايو/أيار الحالي) بمسقط رأسه بمدينة كلميم (جنوب المغرب).
وكان الطالب قد لفظ أنفاسه الأخيرة، فور وصوله إلى قسم الإسعاف بمستشفى الحسن الثاني بأكادير، بعد مضاعفات إصابته خلال مواجهات اندلعت، صباح أمس، بين فصيلي الطلبة الصحراويين (يساندون الأطروحة الانفصالية للبوليساريو) وطلبة الحركة الثقافية الأمازيغية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بأكادير.
اتهامات بين الفصائل
اعتقلت عناصر الأمن المغربي إثر المواجهات في كلية الآداب بأكادير، مجموعة من الطلبة المحسوبين على فصيل الحركة الثقافية الأمازيغية، على خلفية الاشتباه في تورطهم في مقتل زميلهم من فصيل الطلبة الصحراويين.
وقد اتهمت اللجنة الإعلامية للطلبة الصحراويين بأكادير، فصيل الحركة الثقافة الأمازيغية بقتل زميلهم.
كما اتهم الطلبة الصحراويون أيضاً زملاءهم في الحركة الثقافية الأمازيغية باستفزازهم، عندما قاموا بتمزيق صور ومنشورات، والهجوم على طالب صحراوي منذ أيام.
في المقابل، أكد مصدر طلابي، من فصيل الحركة الثقافية الأمازيغية، رفض الكشف عن هويته، أن "مناضلي الحركة الثقافية الأمازيغية هم من تعرضوا للاستفزاز من طرف فصيل الطلبة الصحراويين".
ويبدو أن حدة التوتر بين الفصيلين سترتفع أكثر في عدد من المواقع الجامعية المغربية، خصوصاً بعد وفاة الطالب الصحراوي الذي يتزامن مع ما يعتبره الفصيل الطّلابي الصحراوي، الذي يساند أطروحة البوليساريو، "الذكرى الـ45 لإعلان الكفاح المسلح". العنف مرفوض كلياً
مقتل الطالب الجامعي الصحراوي، وتلك المواجهات داخل الحرم الجامعي، أعادت إلى الأذهان حوادث دامية مماثلة عاشتها العديد من الجامعات المغربية.
وقد أثارت المواجهات الأخيرة بين الطلبة في أكادير، ردود فعل كبيرة على الشبكات الاجتماعية، إذ أجمعت تدوينات النشطاء على إدانة كل أشكال العنف داخل الجامعة المغربية، وأطلقوا هاشتاغ: #لنطفأ_نار_العنف_والفتنة، أكدوا من خلاله أن الجامعة ميدان للتباري بأسلحة العلم والفكر، وليس للاقتتال والعنف.
بهذا الخصوص، يؤكد هشام المستوري، عضو المكتب الفيدرالي لمنظمة تاماينوت الأمازيغية، أن "العنف مرفوض بشكل قطعي كيفما كان نوعه (مادياً أو رمزياً) ومن أي جهة كيفما كان نوعها، لذلك وجب اجتثاثه من منابعه، بالارتكاز على المساواة في المواطنة وترجمتها في المقررات الدراسية ووسائل الإعلام والنصوص القانونية".
ويشدد الناشط الأمازيغي، في حديث لـ"عربي بوست"، أن العنف "لم يكن أبداً من شيم الأمازيغ وقيمهم، التي ارتكزت عليها الحركة الأمازيغية في أدبياتها، سواء خارج الجامعة أو داخلها".
كما يعتبر عضو منظمة تاماينوت الأمازيغية، أن "الفضاء الجامعي يعكس بشكل أو بآخر ما يحصل على المستوى الماكرو سياسي داخل المغرب"، وهو ما يجعل "مجموعة من المتدخلين ومؤسسات الدولة تتحمل مسؤوليتها فيما حصل مراراً وتكراراً"، يضيف الناشط الأمازيغي.
بدوره، عبّر بوجمعة بيناهو، رئيس حكومة الشباب الموازية للشؤون الصحراوية (غير حكومية)، عن أسفه لما وقع بجامعة ابن زهر بأكادير، الذي "يحيل بالأساس على أزمة الجامعة المغربية، وما وصلت إليه الأمور من تراجعات".
رئيس حكومة الشباب الموازية للشؤون الصحراوية، أبرز أيضاً في تصريحه لـ"عربي بوست"، أنه "حتى من منطلق الحساسيات السياسية والإيديولوجية، فلا يجب أن تكون سبباً لإنتاج العنف، ولا سيما في فضاء جامعي مهمته الأساسية التأطير والتكوين الأكاديمي".
من جهته طالب بوجمعة بيناهو، رئيس حكومة الشباب الموازية للشؤون الصحراوية،" بإحداث جامعة الصحراء الكبرى المتعددة التخصصات، وهو ما يتماشى مع رهانات الدولة في تنزيل الجهوية الموسعة في أفق أجرأة الحكم الذاتي، والذي سيمكن من الحد من تفاقم المشكل السياسي أولاً، وأيضاً سينعكس على ما هو اقتصادي واجتماعي".