ظلت عاماً تجمع معلوماتها.. “رويترز” ترصد كيف ازدهرت شركات الجيش المصري بامتيازات لا محدودة في حكم السيسي

ويملك الجيش 51% من شركة تتولى تطوير العاصمة الإدارية الجديدة، التي تقدر استثماراتها بنحو 45 مليار دولار، وتقع على مسافة 75 كيلومتراً شرقي القاهرة

عربي بوست
تم النشر: 2018/05/16 الساعة 15:02 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/05/16 الساعة 15:53 بتوقيت غرينتش

شارك أسامة عبدالمجيد علي، خلال 4 عقود قضاها في الخدمة العسكرية في حرب الخليج الأولى، كما شغل أيضاً منصب مساعد الملحق العسكري في الولايات المتحدة. أما الآن فهو يُصدر أوامره من مكتبه المطل على النيل بصفته رئيساً لشركة المعادي للصناعات الهندسية التي تملكها وزارة الإنتاج الحربي.

تأسست هذه الشركة عام 1954، من أجل تصنيع قاذف القنابل الآلي والمسدسات والبندقية الآلية. وفي السنوات الأخيرة بدأت الشركة التي يعمل بها 1400 فرد، تتجه لإنتاج الصوب الزراعية والأجهزة الطبية ومعدات الكهرباء وأجهزة التمرينات الرياضية. ولدى الشركة خطط لافتتاح 4 مصانع جديدة.

وقال عبدالمجيد، المهندس البالغ من العمر 61 عاماً، هناك "مشاريع كتيرة جداً داخلين فيها". وتحدث عن أوامر تشغيل، من بينها مشروع تبلغ كلفته 495 مليون جنيه مصري (28 مليون دولار) لوزارة الكهرباء، وعقد لإعادة تدوير النفايات الزراعية في الجزائر بقيمة 400 ألف دولار.

وتعد شركة المعادي واحدة من عشرات الشركات التي تعمل تحت مظلة القطاع العسكري، التي ازدهر نشاطها منذ أصبح عبدالفتاح السيسي، قائد القوات المسلحة السابق، رئيساً للبلاد عام 2014، بعد عام من عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي.

شركات الجيش ذات مجالات متنوعة

ويملك الجيش 51% من شركة تتولى تطوير العاصمة الإدارية الجديدة، التي تقدر استثماراتها بنحو 45 مليار دولار، وتقع على مسافة 75 كيلومتراً شرقي القاهرة. وتبني شركة أخرى تابعة للقوات المسلحة أكبر مصنع للإسمنت في مصر. وتتباين أنشطة أخرى تابعة للجيش من مزارع سمكية إلى منتجعات سياحية.

وفي مقابلات أجريت على مدار عام، وصف رؤساء 9 شركات تابعة لوزارة الإنتاج الحربي مدى توسع أنشطة شركاتهم واستعرضوا خططهم للنمو مستقبلاً.

وتبين أرقام وزارة الإنتاج الحربي، إحدى الجهات الرئيسية الثلاث المنوط بها الإشراف على مشروعات القوات المسلحة، أن إيرادات شركاتها ترتفع ارتفاعاً حاداً. وتتيح أرقام الوزارة والمقابلات مع رؤساء الشركات فرصة نادرة للاطلاع على الطريقة التي يعمل بها الجيش على زيادة نفوذه الاقتصادي.

تخضع المشروعات التجارية التابعة للقوات المسلحة لثلاث جهات رئيسية هي وزارة الإنتاج الحربي التي تشرف على 20 شركة، ووزارة الدفاع التي تسيطر على العشرات، والهيئة العربية للتصنيع المملوكة للحكومة المصرية والمسؤولة عن 12 شركة على الأقل.

امتيازات للجيش وانزعاج رجال الأعمال

ويقول بعض رجال الأعمال المصريين والمستثمرين الأجانب، إنهم يشعرون بالانزعاج لدخول الجيش في أنشطة مدنية، ويشكون من امتيازات ضريبية وغيرها ممنوحة لشركات القوات المسلحة.

وقد حذَّر صندوق النقد الدولي، في سبتمبر/أيلول 2017، من أن تطوير القطاع الخاص وخلق الوظائف "قد تعوقهما مشاركة كيانات تخضع لوزارة الدفاع". وترد الحكومة المصرية على ذلك بأن الشركات الخاصة تعمل في ساحة الجميع فيها على قدم المساواة، وأن الجيش يسد ثغرات في السوق مثلما فعل خلال أزمة نقص حليب الأطفال عام 2016.

وساعد الجيش حينذاك في استيراد كميات لسد النقص، وأعلن كذلك عن خطط لإنشاء مصنع لإنتاج حليب الأطفال. ويقول السيسي إن الجيش يمكنه إنجاز مشروعات كبرى معقدة أسرع من القطاع الخاص.

عام 2016، منح قانون جديد لضريبة القيمة المضافة، صدر في إطار إصلاحات اقتصادية تنفذ بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، إعفاءات للقوات المسلحة، وغيرها من المؤسسات الأمنية. وينص القانون على ألا تدفع القوات المسلحة ضريبة القيمة المضافة على السلع والمعدات والآلات والخدمات والمواد الخام اللازمة لأغراض التسلح والدفاع والأمن القومي.

ولوزارة الدفاع الحق في تقرير أي السلع والخدمات التي يسري عليها القانون. ويشكو رجال أعمال مدنيون من أن هذا يجعل هذا النظام عرضة لإساءة الاستغلال.

ففنادق القطاع الخاص على سبيل المثال، تضيف ضريبة القيمة المضافة بنسبة 14% على فواتير خدماتها. لكن خلال زيارة لفندق الماسة التابع للقوات المسلحة لم تتضمن فاتورة لمشروب الكابتشينو إشارة لتلك النسبة.

وقال موظفون إن الفندق لا يضيف ضريبة القيمة المضافة، عند تأجير قاعاته لحفلات الزفاف أو المؤتمرات. ولم ترد الحكومة أو القوات المسلحة المصرية أو تعلقان على هذا الأمر.

من البنادق إلى الصوب الزراعية

تتباين التقديرات حول حجم الدور الذي يلعبه الجيش في الاقتصاد. في ديسمبر/كانون الأول 2016، قال السيسي إن الجيش يمثل ما يصل إلى 2% من الناتج.

ونفى السيسي في افتتاح منشأة عسكرية لإنتاج الكلور لأغراض تنقية المياه، ما تردد عن أن اقتصاد القوات المسلحة يمثل 20 أو حتى 50% من الاقتصاد.

وقدر أحد أساتذة العلوم السياسية البارزين، طلب عدم نشر اسمه، الرقم بحوالي 3% من الناتج المحلي الإجمالي. وقدر البنك الدولي الناتج المحلي الإجمالي لمصر بواقع 336 مليار دولار في 2016.

تتوقع وزارة الإنتاج الحربي أن تصل إيرادات التشغيل من شركاتها العشرين إلى 15 مليار جنيه مصري في السنة 2018-2019، أي 5 أمثال ما كانت عليه في 2013-2014، وفقاً لرسم بياني أعدته الوزارة.

ولا تكشف الوزارة عن مآل الإيرادات. وقال رئيسا مجلس إدارة اثنتين من الشركات، إن الأرباح تذهب إلى الوزارة أو يعاد استثمارها في النشاط مرة أخرى.

وبشيء من الامتعاض تذكر اللواء ممدوح بدوي رئيس مجلس إدارة شركة خاضعة لوزارة الإنتاج الحربي، أيام التحرر الاقتصادي في عهد الرئيس حسني مبارك خلال التسعينيات ومنتصف العقد الأول من الألفية الجديدة "رجال الأعمال كانوا واكلين البلد"، أي ينهبونها في تلك الفترة.

تأسست شركة هليوبوليس للصناعات الكيماوية، التي يرأسها بدوي في العام 1949 لإنتاج القنابل اليدوية ومدافع المورتر وفتائل التفجير والكيماويات. وفي الوقت الحالي لدى الشركة طموحات لكي تصبح شركة الدهانات رقم واحد في مصر.

وفي 2017 تعاونت شركة هليوبوليس مع شركة أخرى للدهانات في مصر هي باكين، التي تملك الدولة غالبية أسهمها. وقال بدوي إن الشركتين تعتزمان العمل معاً للتنافس مع شركة جوتن النرويجية، التي تتصدر سوق الدهانات في مصر.

وأضاف بدوي الذي يملك شارباً غزاه الشيب، أن شركة هليوبوليس تهدف مستقبلاً لزيادة نسبة الدهانات التي يوردها للقطاع الخاص من إنتاج الشركة إلى 80%، بدلاً من 20% في الوقت الحالي "أنا وباكين أقدر أنافس جوتن لكن أنا لوحدي ما أقدرش أنافس جوتن".

وقالت شركة جوتن في بيان إنها لم تشهد "أي تأثير" على نشاطها حتى الآن. وأضافت أن منتجاتها موجهة للشريحة العليا من السوق، في حين أن باكين تميل لاستهداف المشترين من الطبقة المتوسطة والباحثين عن السعر المنخفض.

التمويل أصبح سهلاً

وقال رئيسا شركتين من الشركات الهندسية التابعة لوزارة الإنتاج الحربي، هما شركة أبو زعبل للصناعات الهندسية وشركة حلوان للصناعات الهندسية، إن الحصول على تمويل أصبح أسهل كثيراً في السنوات الأخيرة.

عام 2015، عيّنت الحكومة اللواء محمد العصار لإدارة الوزارة. وكان العصار عضواً في المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي حكم مصر بعد انتفاضة شعبية أطاحت بمبارك، في فبراير/شباط 2011.

وقال اللواء مجدي شوقي عبدالمنعم، رئيس مجلس إدارة شركة أبو زعبل، إن شركته اعتادت الاقتراض من البنوك.

وقال إنه في السابق كان يحتاج إلى انتظار دوره في البنك حتى يحصل على القرض المطلوب لشراء المواد الخام "الآن، سيادة اللواء العصار بمجرد أن أقدم طلباً للهيئة للوزارة، وأقول إني أحتاج 60 مليوناً كي أشتري هذه الخامة لتصنيع هذا المنتج، في اليوم التالي يصدّق سيادته".

ولم ترد الوزارة على طلب للتعليق على عملية الاعتمادات المالية.

تأسست شركة أبو زعبل في العام 1974 لتصنيع قطع المدفعية للقوات المسلحة، وهي تنتج الآن منتجات عديدة من الصلب المخصوص.

أما شركة حلوان فتأسست عام 1954 لصنع المكونات المعدنية للذخائر الثقيلة. وفي الثمانينيات بدأت الشركة تصنيع أواني الطهي وأدوات المائدة وطفايات الحريق وأسطوانات الغاز.

وقال رئيسها اللواء شكري القمري، إن مبيعات أدوات المطبخ مزدهرة منذ خفضت مصر قيمة عملتها في العام 2016، الأمر الذي رفع أسعار السلع المستوردة. وأضاف "احنا مش قادرين نلاحق على الطلب".

طموحات لا تتوقف

ومن أبرز رموز الطموحات التجارية للقوات المسلحة مشروع في مدينة بني سويف، على مشارف الصحراء، جنوبي القاهرة، حيث يضع العمال اللمسات الأخيرة على واحد من أكبر مصانع الإسمنت في العالم تملكه شركة العريش للإسمنت المملوكة للجيش.

وتشعر صناعة الإسمنت بوطأة توسع أنشطة القوات المسلحة. فقد استغرق ثمانية آلاف عامل 18 شهراً لبناء المصنع الذي تبلغ استثماراته مليار دولار. وسيصل إنتاجه عند بلوغ الطاقة القصوى 12.6 مليون طن من الإسمنت سنوياً.

وقال مسؤول تنفيذي بإحدى شركات الإسمنت المملوكة لشركة أجنبية، إن الطاقة الإنتاجية السنوية في مصر بلغت 79 مليون طن في العام الماضي، أي ما يتجاوز بكثير حجم الاستهلاك البالغ 52 مليون طن. وقال مسؤول في شركة مصرية، إن مبيعات شركته انخفضت بمقدار الخمس، منذ يناير/كانون الثاني بسبب المصنع الجديد.

وكانت الشركة القومية للإسمنت التي تملك الدولة أغلبية أسهمها، قد أوقفت الإنتاج في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بعد أن منيت بخسائر كبيرة في النصف الأول.

أما شركة السويس للإسمنت، التي تملك هايدلبرج الألمانية أغلبية أسهمها، فقد أعلنت أن خسائرها المجمعة لعام 2017، تضاعفت إلى مثليها لتصل إلى 1.14 مليار جنيه، بينما أعلنت شركة الإسكندرية لإسمنت بورتلاند التي تملك تيتان اليونانية غالبية أسهمها، إن خسائرها المجمعة زادت 10 أمثال لتصل إلى 513.9 مليون جنيه.

ولم ترد القوات المسلحة على طلب للتعليق على سوق الإسمنت.

وكانت القوات المسلحة قالت في السابق، إن مشروعات الإسكان وغيرها من مشروعات البناء الكبرى ستخلق طلباً على الإسمنت. وبالإضافة إلى العاصمة الإدارية الجديدة يشارك الجيش في تطوير مدينتين جديدتين هما مدينة العلمين الجديدة على ساحل البحر المتوسط، وهضبة الجلالة في المنطقة الجبلية عند شمال البحر الأحمر.

واختلف المسؤول التنفيذي في الشركة المملوكة لشركة أجنبية في الرأي مع تقدير القوات المسلحة للطلب. وقال إن مصر التي تعد في الوقت الحالي من أكثر دول العالم استهلاكاً للإسمنت مقارنة بعدد السكان، سيتعيّن عليها مضاعفة استهلاكها لاستيعاب الطاقة الإنتاجية الجديدة كلها.

وكان من بين المشروعات التي أعلنت عنها وزارة الإنتاج الحربي في 2017 خطة لزراعة 20 مليون نخلة مع شركة إماراتية، وبناء مصنع لصناعة السكر من إنتاجها من التمور.

كما اتفقت مع شركة سعودية للاشتراك في تصنيع المصاعد. وافتتحت القوات المسلحة أكبر مزرعة سمكية في الشرق الأوسط في منطقة بدلتا النيل شرقي الإسكندرية.

وقد وقعت وزارة الإنتاج الحربي مذكرة تفاهم مع مجموعة جي.سي.إل الصينية الأسبوع الماضي، لإقامة مصنع لإنتاج الألواح الشمسية باستثمارات تبلغ ملياري دولار. كما تولت الوزارة مسؤولية رصف الطرق داخل المدن من وزارة النقل، وتسيطر الآن على محطات رسوم المرور على معظم الطرق السريعة الرئيسية.

منافسة غير متكافئة

يواجه الاقتصاد المصري صعوبات منذ الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بمبارك من الحكم في العام 2011. فقد أضرت الاضطرابات السياسية وعنف المتشددين الإسلاميين بصناعة السياحة ذات الأهمية البالغة في مصر.

ويقول اقتصاديون ومستثمرون إن الإصلاحات التي ارتبطت ببرنامج لاقتراض 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي على مدار 3 سنوات، تم الاتفاق عليه في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، يجب أن تمهد السبيل للنمو الاقتصادي.

غير أن المستثمرين الأجانب ما زالوا يتجنَّبون مصر، باستثناء من يركزون على قطاع الطاقة الأكثر رسوخاً. وانخفض الاستثمار الأجنبي المباشر في القطاعات غير النفطية إلى حوالي 3 مليارات دولار في 2017، من 4.7 مليار دولار في 2016، وفقاً لحسابات رويترز بناء على إحصاءات البنك المركزي.

وقال مسؤول تجاري بإحدى السفارات الغربية، إن المستثمرين الأجانب يرفضون الاستثمار في القطاعات التي تتوسع فيها القوات المسلحة أو التي قد تدخلها، خشية الدخول في منافسة مع الجيش، وما يتمتع به من مزايا خاصة، قد تُعرض استثماراتهم للخطر.

وأضاف أنه إذا خاض مستثمر نزاعاً تجارياً مع القوات المسلحة فلا معنى لرفع الأمر لهيئة تحكيم. وأضاف "لا يمكنك سوى مغادرة البلاد".

غير أن اقتصاديين آخرين أبدوا قدراً أقل من الانزعاج من الدور المتنامي الذي تلعبه القوات المسلحة في الاقتصاد. وقال هاني فرحات الاقتصادي في بنك سي.آي كابيتال الاستثماري المصري "الحكومة تعمل ببساطة على تأمين مصالحها في القطاعات الاستراتيجية، والأسلوب الذي يتم به ذلك أبعد ما يكون عن الشراكات الإجبارية أو قرارات التأميم الصادرة في الستينيات. والحكومة عازمة على تحقيق نمو يقوده القطاع الخاص".

وقال العصار وزير الإنتاج الحربي لـ"رويترز"، إن مصر تحتاج للشركات الخاصة التي ذكر أنه يعتبرها "العمود الفقري لصناعتنا واقتصادنا". لكنه يعتقد أن وزارته لها مكانها أيضاً "فهذه منافسة".

وقال السيسي، يوم 8 فبراير/شباط في افتتاح 1300 صوبة زراعية أقامها المهندسون العسكريون، إن القوات المسلحة لها قيمة لا تقدر بثمن للاقتصاد.

وقال السيسي "أنا هاقول لكم بمنتهى البساطة، زي ما انتو شفتوا الإجراءات التنفيذية للوصول لحجم بالمستوى ده بالإجراءات الكثيرة اللي بتم سواء كان الطرق المطلوبة أو مأخذ المياه الكلام ده لما ييجي القطاع الخاص يعملوا ياخد له 3-4 سنين عقبال ما يقدر يعمل الإجراءات التنفيذية علشان يعمل مشروع بالطريقة دي".

وتتمتع القوات المسلحة المصرية، أكبر جيوش العالم العربي بمزايا أخرى. فهي تتمتع بالدعم المالي من السعودية والإمارات، اللتين تعدان من أشد أنصار السيسي دعماً له، منذ أطاح بجماعة الإخوان المسلمين، التي ترى الدولتان أنها تمثل خطراً على الشرق الأوسط.

وترى القوى الغربية في مصر حصناً في مواجهة التشدد الإسلامي. وتحصل مصر على 1.3 مليار دولار مساعدات عسكرية سنوياً من الولايات المتحدة وحدها.

ليست الضريبة المضافة فقط

وبالإضافة إلى القانون الذي يعفي القوات المسلحة من ضريبة القيمة المضافة توجد قوانين أخرى أيضاً في مصر لصالح الجيش.

ففي العام 2015 أصدر وزير الدفاع مرسوماً أعفى بمقتضاه حوالي 600 فندق ومنتجع وغيرها، مملوكة للقوات المسلحة من الضرائب العقارية.

كما تحصل شركات القوات المسلحة على إعفاء من رسوم الاستيراد، بمقتضى قانون صدر عام 1986، ومن ضريبة الدخل بمقتضى قانون صادر عام 2005. ويجوز عدم معاينة الشحنات المرسلة إلى شركات القوات المسلحة.

وليست شركات القوات المسلحة الكبرى وحدها التي جعلت بعض شركات القطاع الخاص تشعر بالقلق.

فشركة الإنتاج الحربي للمشروعات والاستشارات الهندسية والتوريدات العامة ولدت من خلال فريق من خمسة موظفين في مكتب صغير بوزارة الإنتاج الحربي في العام 2012. وتأسست الشركة بمرسوم وزاري في 2015.

ويعمل 70 موظفاً الآن في مقر الشركة الجديد بحي مدينة نصر، في شمالي القاهرة، الذي يقيم فيه عدد كبير من ضباط الجيش.

وتبرم الشركة صفقات مع وزارات التعليم والشباب وتشارك في مشروعات للصرف الصحي والري. وقد أقامت حوضاً للسباحة لأحد الأندية الرياضية الكبرى، وتعمل على تطوير قطاع السكك الحديدية، كما أقامت أكثر من 60 مدرسة، وبنت مقرات لمؤسسات ترتبط بالأزهر الشريف، أرفع المؤسسات الدينية في مصر مقاماً.

وقال ماجد السرتي، رئيس مجلس إدارة الشركة الذي يهدف لبناء مصانع للخرسانة المسلحة والإسفلت لدعم التوسع "الهيئة والوزارات بتتعاقد معانا ليه؟ علشان هما واثقين في القوات المسلحة. إن احنا هننفذ في التوقيتات بتاعتنا وسعرنا مش مبالغ فيه وإن الجودة بتاعتنا عالية".

وفي ميادين القاهرة المزدحمة التي لا تهدأ فيها الحركة يقف الناس طوابير لشراء سلع مدعمة مثل اللحوم وغيرها من السلع الغذائية من شاحنات تابعة للقوات المسلحة. وقال السيسي إنه أصدر تعليمات للقوات المسلحة بدخول السوق "لطرح كميات إضافية من الدواجن لخفض الأسعار".

ويعترض البعض على مثل هذه الإجراءات على أساس أن مهمة الجيش هي حماية البلاد من الأخطار الخارجية.

وقال حازم حسني، الأستاذ بكلية الاقتصاد العلوم السياسية في جامعة القاهرة، والمتحدث باسم سامي عنان رئيس أركان حرب القوات المسلحة السابق، الذي لم تكتمل محاولته ترشيح نفسه في انتخابات الرئاسة المصرية هذا العام "وصلنا لدرجة إنهم ينافسوا حتى تجار الأرصفة".

وأضاف "أنا أعتقد أن أي ضابط يحترم نفسه بالتأكيد يستاء من إن جندي تحت رئاسته يقف على نواصي الشوارع لبيع أفخاذ الفراخ (الدجاج)".

تحميل المزيد