قال يحيى السنوار رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس في قطاع غزة إنه من المتوقع أن تعرف المواجهات بين الفلسطينيين والإسرائيليين تطورات خطيرة خلال الأيام المقبلة، وخلال مؤتمر صحفي الخميس 10 مايو/أيار في غزة أعرب السنوار عن أمله في أن يقيد وجود الصحفيين الدوليين الجنود الإسرائيليين من إراقة دماء الأشخاص الذين عبروا السياج الفاصل بين القطاع وإسرائيل.
السنوار الذي ظهر متشائماً وهو يتحدث إلى مجموعة من الصحفيين الأجانب، في أول مؤتمر صحفي له بصفته رئيساً للمكتب السياسي لحماس في غزة منذ توليه منصبه شهر فبراير/شباط عام 2017، رفض الحديث عن أي دعوة لحث المحتجين على الامتناع عن محاولات اجتياز السياج، وكان قد قال يوم الخميس 3 مايو/أيار الماضي "ما الضير من أن يعبر مئات الآلاف من الناس السياج الفاصل بين شرق غزة وإسرائيل الذي لا يُعد حدوداً مُعترفاً بها؟" وأضاف "ما المشكلة في حدوث مثل هذا التدفق؟"، بحسب تقرير لصحيفة The New York Times.
وبالنسبة للمسؤول الأول في حركة حماس بغزة فإنه يؤكد أن الموت أفضل من القمع والإذلال، وقال يوم الأربعاء 9 مايو/أيار، "نفضل الموت كشهداء على الموت بسبب القمع والإذلال"، مضيفاً "نحن مستعدون للموت، وسيموت معنا عشرات الآلاف".
ومن المتوقع أن تصل الاحتجاجات إلى ذروتها يوم الإثنين القادم، عندما تنقل الولايات المتحدة سفارتها رسمياً إلى القدس من تل أبيب، ويوم الثلاثاء، في الذكرى السنوية السبعين ليوم النكبة، حين فر مئات الآلاف منهم أو طُردوا من منازلهم، التي صارت الآن دولة إسرائيل.
كما سخر المسؤول الفلسطيني من الاتهامات الإسرائيلية بأن من بين المتظاهرين يوجد أعضاء في الجناح العسكري لحماس. وتساءل "ماذا تتوقع؟ هل من الأفضل أن يطلقوا الصواريخ، أم أن يذهبوا في مسيرة سلمية وينتهي بهم المطاف قتلى على يد الجنود الإسرائيليين المدججين بالسلاح؟"، وأصر على أن المتظاهرين "لا يشكلون أي خطر على حياة أي شخص، ولا حتى على حياة الجنود على الجانب الآخر".
ولكنه في الوقت نفسه، شبّه سكان غزة بـ "نمر جائع جداً، ومحبوس في قفص، يتضور جوعاً، ويحاول الإسرائيليون إذلاله.
اختلال موازين القوى
وأقر السنوار بصراحة بوجود ما أسماه "اختلال موازين القوى" بين إسرائيل والفلسطينيين، فضلاً عن تغير الشرق الأوسط الذي تراجعت فيه أهمية القضية الفلسطينية مقارنة بالمخاوف الجيوسياسية مثل انتشار النفوذ الإيراني. وبالنظر إلى كل ذلك، قال "نؤمن بأنه إن كانت لدينا طريقة لحل الصراع المحتمل بدون دمار، فنحن على وفاق مع ذلك. نريد الاستثمار في السلام والمحبة".
وأشار رئيس المكتب السياسي لحركة حماس بغزة، إلى أنه حقق بعض النجاح في الاحتجاجات غير العنيفة أثناء سجنه في إسرائيل، حيث قاد إضرابات عن الطعام للحصول على طعام ورعاية طبية أفضل، بل وللسماح للسجناء بالحصول على الأقلام والورق.
وقال "عندما واصلنا الإضراب عن الطعام، اقترب الإسرائيليون منا. والآن، يحدث نفس الشيء: نحن الفلسطينيين خرجنا بأعداد كبيرة، بحثاً عن حل وسط، لذا ينبغي أن تكون هناك مفاوضات". لكن حماس لن تتخلى عن ترسانتها من الصواريخ. أردف قائلاً "نفضل أن نكسب حقوقنا بوسائل ناعمة وسلمية. لكننا ندرك أنه إذا لم تُمنح لنا هذه الحقوق، يحق لنا انتزاعها بالمقاومة".
الموت البطيء
ويُقيد الحصار الذي تخضع له غزة منذ 2007 بشكل صارم تدفقَ الأشخاص والبضائع داخل غزة وخارجها. وعانت غزة من نقص حاد في الكهرباء وتسريح العمال على نطاق واسع، مما أدى إلى انهيار حاد في اقتصادها.
وقال السنوار "إنه شيء لا يمكن للفلسطينيين تحمله بعد الآن. من غير المقبول أن نستمر في الموت ببطء"، وأضاف أن الحصار كان أسوأ من السجن.
وقال"عشت 25 سنة، أي ما يقرب من نصف حياتي، في السجون الإسرائيلية. وكان العيش في هذه الغرف الصغيرة أسهل بكثير من العيش بالطريقة التي تدار بها الحياة الآن في غزة"، وأردف قائلاً إن ذلك يؤثر حتى على طفله الصغير "فقد كانت الكلمات الأولى التي نطقها ابني هي "أبي" و"أمي" و"صاروخ".
وشدد السنوار بقوة على ضرورة المصالحة بين حماس وفتح، مؤكداً على أن حماس قدمت عدداً من التنازلات الرئيسية، ولكنه قال إنها لم تتلق سوى القليل في المقابل، واعترف بأن الفرصة المتاحة لعقد وحدة ناجحة قد تقلصت إلى حد كبير.
لكنه أصر على أنه بسبب كون قرار السعي إلى المصالحة اتُخذ بالإجماع، فإن موقفه داخل حماس لم يتأثر نتيجة لذلك. وقال إن الاحتجاجات، على العكس، قد روجت لفكرة المصالحة من خلال توحيد الفلسطينيين من جميع الفصائل ضد العدو المشترك، المُتمثل في إسرائيل. وأردف قائلاً إن الاحتجاجات "تساعدنا على إعادة تنظيم أولوياتنا: وبدلاً من إلقاء اللوم على بعضنا البعض، فإننا نعبر عن غضبنا تجاه السبب الرئيسي".