فضلوها على سويسرا وأميركا وروسيا.. 3 أسباب وراء اختيار سنغافورة لعقد قمة ترمب وكيم جونغ التاريخية

عربي بوست
تم النشر: 2018/05/11 الساعة 11:48 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/05/11 الساعة 12:56 بتوقيت غرينتش

بعد أسابيع من الترقب، أعلن الرئيس ترامب دونالد ترامب أمس الخميس 10 مايو/أيار 2018، تحديد موعد ومكان القمة التاريخية التي سيعقدها مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون في الثاني عشر من يونيو/حزيران، ووقع الاختيار على سنغافورة.

وستستضيف هذه الدولة المدنية المستقلة ذات السيادة الواقعة في جنوب شرق آسيا والتي يبلغ تعداد سكانها 5.6 مليون نسمة، قمة ترامب وكيم جونغ، ما سيكون بالتأكيد الحدث الدبلوماسي الأكبر لهذا العام، بحسب ما ذكرته صحيفة Washington Post، أمس الخميس.

وبذلك تتفوق سنغافورة على بعض منافسيها التقليديين (سويسرا)، وغير التقليديين (منغوليا) وحتى كوريا الشمالية والولايات المتحدة نفسهما (فقد فكر بعض المحللين في احتمال إجراء القمة بقدر من الجدية في برج ترمب في نيويورك).

وأشارت الصحيفة الأميركية إلى أن سنغافورة تُعد اختياراً منطقياً، وذلك لـ 3 أسباب:

تتمتع سنغافورة بعلاقات طيبة مع كل من واشنطن وبيونغ يانغ على حد سواء

أبرمت سنغافورة والولايات المتحدة اتفاقية ثنائية للتجارة الحرة في عهد جورج دبليو. بوش، وفي عام 2012 وافقت إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما على رفع مستوى سنغافورة إلى مرتبة الشريك الاستراتيجي. وبعد مرور ثلاثة أعوام، وقعت الدولتان اتفاقاً أمنياً معززاً.

وتتمتع الدولة أيضاً بروابط دبلوماسية مع كوريا الشمالية. فقد أقامت كلتا الدولتين علاقات دبلوماسية في عام 1975، ولدى كوريا الشمالية سفارة في سنغافورة.

إلا أن العلاقات بين البلدين قد توترت في أعقاب اغتيال كيم جونغ نام، الأخ غير الشقيق لكيم، العام الماضي في الجارة ماليزيا، بالإضافة إلى قبول سنغافورة للعقوبات التي فرضها مجلس الأمن على كوريا الشمالية، ولكن العلاقات ما زالت مستمرة.

كما قامت منظمات غير حكومية- مثل "Chosen Exchange"- بإحضار مواطنين من كوريا الشمالية إلى سنغافورة حتى يتمكنوا من التعامل مع اقتصاد حديث متطور.

وبشكل عام، فقد دفعت سنغافورة نفسها بصفتها طرفاً محايداً في الشؤون العالمية. وقد دأبت الحكومة هناك على جمع الأحداث الدبلوماسية البارزة رفيعة المستوى في فترة زمنية قصيرة، حيث استضافت الاجتماع التاريخي بين الرئيس الصيني شي جين بينغ ونظيره التايواني في ذلك الوقت، ما يينغ جيو في عام 2015.

الموقع أولاً

شكك العديد من المحللين في أن تدعو كوريا الشمالية ترمب للقدوم إلى بيونغ يانغ، ليس فقط لأن هذا سيجعل كيم يبدو أقوى، ولكن أيضاً خوفاً على حياة الرئيس الأميركي.

كما أعرب المحللون عن شكهم في أن تستطيع طائرات كوريا الشمالية قديمة الطراز القيام برحلة طويلة من أجل كيم ــ دون التوقف مؤقتاً للتزود بالوقود بشكل محرج على الأقل. وقد تسبب هذا الأمر في استبعاد البلاد المضيفة الدبلوماسية الأكثر ملاءمة ولكنها بعيدة مثل السويد وسويسرا.

وتتمتع سنغافورة بميزة القصر النسبي لرحلة الطائرة من كوريا الشمالية إليها، مع كونها بلداً شديد الحداثة يحظى بمرافق رفيعة المستوى.

ومن الجدير بالذكر أنها أيضاً حققت نمواً اقتصادياً سريعاً، حيث تحولت من دولة فقيرة إلى دولة من دول العالم الأول في غضون عقود قليلة تحت حكم الزعيم المتسلط لي كوان يو، وهو أمر قد يروق لكيم حيث أنه يسعى لإصلاح اقتصادي في بلاده.

أقرب ما تكون إلى موقع محايد بحق في المنطقة

وكان هناك عدد كبير من الخيارات لعقد قمة ترمب، ولكنها جميعاً واجهت نوعاً من العقبات السياسية.

وبحسب Washington Post بدا عقد اللقاء في الولايات المتحدة أو كوريا الشمالية منطقياً، ولكن اختيار أي منهما قد يتضمن عدم توازن في القوى أثناء المفاوضات.

وهناك عدد كبير من المدن التي قد تكون ملائمة في كوريا الجنوبية والصين، ولكن هذا اللقاء يجمع بين كيم وترامب فقط، وليس الأطراف المعنية الأخرى. 

وقد تكون مدينة فلاديفوستوك في روسيا قريبة أيضاً، بالإضافة إلى كونها ملائمة من بعض النواحي، ولكن منح روسيا انتصاراً دبلوماسياً ليس من اهتمامات ترامب أو كيم في الوقت الحالي.

كما اقترحت المنطقة منزوعة السلاح في شبه الجزيرة الكورية بشكل واسع باعتبارها موقعاً مناسباً لعقد القمة، بل أن ترامب نفسه ضمن آخرين قد أشاد بهذا الاقتراح، ولكن ظهرت مخاوف بأن يكون هذا سبباً في أن يبدو اللقاء بشكل كبير كمتابعة لقمة الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي إن مع كيم في الشهر الماضي.

وتسببت خيارات الانتقال المحدودة أمام كيم في حتمية عقد اللقاء في مكان ما بآسيا، مما ضيق المجال بدرجة كبيرة. وفي النهاية، أصبحت قائمة الاختيارات قصيرة، كما كان الوقت المتاح لترتيب القمة ضيقاً.

قد يفتقر المكان إلى الرمزية أو المكانة التي تتمتع بها الخيارات الأخرى، ولكنه يعوض عنها من الناحية العملية.

نقلة نوعية لسنغافورة

وقبل خمسين عاماً، كانت سنغافورة بلداً "متخلفاً"، يرزح سكَّانه في فقر مدقع، مع مستويات عالية من البطالة؛ إذ كان يعيش 70% من شعبها في مناطق مزدحمة ضيقة، وبأوضاع غاية في السوء.

وكان ثلث شعبها يفترشون الأرض، في أحياء فقيرة، على أطراف المدينة، وبلغ معدل البطالة 14%، فيما كان الناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد أقل من 320 دولاراً أميركياً، بالإضافة إلى أن نصف السكان كانوا من الأميين.

أما اليوم فإن هذا البلد الآسيوي واحد من أسرع الاقتصادات نمواً في العالم، وقد ارتفع الناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد بنسبة لا تصدق؛ إذ وصل إلى 60 ألف دولار أميركي، مما يجعلها سادس أكبر معدل للناتج المحلي للفرد في العالم، وفقاً لبيانات وكالة الاستخبارات المركزية.

ويصل معدل البطالة في سنغافورة الآن إلى 2% فقط، وتمتلك سوقاً حرة على درجة عالية من التطور والنجاح، وهي واحدة من المراكز التجارية الرائدة في العالم، ومقصد رئيس للاستثمارات الأجنبية.

تحميل المزيد