انتخب المجلس الوطني الفلسطيني، في ساعة مبكرة من فجر الجمعة 4 مايو/أيار 2018، محمود عباس رئيساً لمنظمة التحرير الفلسطينية، في حين أعلنت حركة "حماس" رفضها لمخرجات المجلس.
وصوَّت أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني برفع الأيدي، في جلسة بُثت على الهواء مباشرة على تلفزيون فلسطين الرسمي، على قائمة من 15 عضواً لعضوية اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير.
وضمت القائمة كلاً من عباس (رئيساً للجنة التنفيذية)، وصائب عريقات (عضو قديم)، وعزام الأحمد (عضو جديد)، وحنان عشراوي (عضو قديم)، وتيسير خالد (عضو قديم)، وبسام الصالحي (عضو جديد)، وأحمد مجدلاني (عضو قديم)، وفيصل كامل عرنكي (عضو جديد)، وصالح رأفت (عضو قديم)، وواصل أبو يوسف (عضو قديم).
كما تضم القائمة أيضاً، زياد أبو عمرو (عضو جديد)، وعلي أبو زهري (عضو جديد)، وعدنان الحسيني (عضو جديد)، وأحمد بيوض التميمي (عضو جديد)، وأحمد أبو هولي (عضو جديد).
كما انتخب المجلس الوطني المجلس المركزي لمنظمة التحرير، ويبلغ عدد أعضائه 122 عضواً.
وقال الرئيس الفلسطيني في كلمة له خلال الجلسة الختامية لأعمال المجلس، إن "اللجنة التنفيذية اقتصرت على 15عضواً؛ لإتاحة الفرصة أمام باقي الفصائل للانضمام إلى منظمة التحرير، بما فيها حركتا حماس والجهاد الإسلامي، في حالة التزمتا بقرارات ومبادئ المنظمة".
وأضاف أنه "بحسب القانون، يمكن أن يصل عدد أعضاء اللجنة إلى 18، وإذا اقتضت الضرورة القصوى ومن أجل الوحدة الوطنية سنخترع أعضاء جدداً".
ولفت الرئيس الفلسطيني إلى أن المجلس الوطني قرر تسمية الطفلة عهد التميمي، المعتقلة في السجون الإسرائيلية، عضو شرف بالمجلس.
"مسرحية"
وفي أول رد فعل من حركة "حماس" على ما خلص إليه اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني، قالت الحركة إنها ترفض مخرجات المجلس، وإنها "لن تعترف بها، وستسعى مع الفصائل لحماية المشروع الوطني وتحصين القضية الفلسطينية".
وقال فوزي برهوم، المتحدث الرسمي باسم الحركة، في تغريدات نشرها على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" : "مخرجات المجلس الذي عقده (الرئيس الفلسطيني محمود) عباس لا نعترف بها ولا تمثّل شعبنا، وافتقرت للبعد القانوني وغابت عنها أدنى معاني الديمقراطية".
وأضاف برهوم: "سنسعى بكل قوة مع القوى والفصائل –وهي أكثر عدداً وحضوراً ممن شاركوا في هذه المسرحية- لحماية المشروع الوطني من عبثهم".
مخرجات مجلس الإنفصال الذي عقده عباس لا نعترف بها و لا تمثل شعبنا وافتقرت للبعد القانوني وغابت عنها أدني معاني الديمقراطية وسنسعى بكل قوة مع القوى والفصائل وهي أكثر عددا وقوة وحضورا ممن شاركوا في هذه المسرحية لحماية المشروع الوطني وتحصين القضية الفلسطينية من عبثهم .
— أ. فوزي برهوم ـ فلسطين (@FawzyBarhoom) May 4, 2018
واتهم برهوم الرئيس عباس بـ"إفشال جهود تحقيق الوحدة الفلسطينية"، وقال إن "عباس شكّل لجنة تنفيذية على هواه، جاهزة لتمرير أي مشاريع تصفوية بما في ذلك صفقة القرن، والتي بدأها بحصار غزة ومحاربة المقاومة واستمرار التنسيق الأمني".
بعد إفشاله كل جهود تحقيق الوحدة ،جلب عباس عددا ممن يجيدون التصفيق وشكل لجنة تنفيذية على هواه ومزاجه جاهزة لتمرير أي مشاريع تصفيوية وبما فيها صفقة القرن والتي بدأها بحصار غزة ومحاربة المقاومة واستمرار التنسيق الامني و منع شعبنا من الخروج في الضفة لمواجهة قرارات ترامب .
— أ. فوزي برهوم ـ فلسطين (@FawzyBarhoom) May 4, 2018
وكانت كل من حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" (لا تنضويان تحت منظمة التحرير)، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (عضو في منظمة التحرير)، قد قاطعت اجتماعات المجلس الوطني الفلسطيني.
كما تعارض شخصيات وقوى سياسية كثيرة انعقاد المجلس الوطني في ظل الاحتلال الإسرائيلي، ودون توافق بين الأطراف الفلسطينية على برنامجه ومقرراته.
ويُعد المجلس الوطني أعلى سلطة تشريعية تمثل الفلسطينيين داخل وخارج فلسطين، ويتكون من 750 عضواً.
وانطلقت مساء الإثنين 30 أبريل/نيسان 2018، أعمال الدورة الـ23 للمجلس الوطني الفلسطيني، بمدينة رام الله، وسط الضفة الغربية المحتلة، في أول اجتماع عادي للمجلس منذ 22 عاماً، بمشاركة 10 فصائل من أصل 11، في ظل مقاطعة "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين".
وجاءت أعمال المجلس مع استمرار حالة الانقسام التي تشهدها الساحة الفلسطينية منذ يونيو/حزيران 2007، عقب سيطرة حركة "حماس" على غزة، في حين تدير حركة "فتح"، التي يتزعمها الرئيس محمود عباس، الضفة الغربية.
غضب من عباس
وتأتي إعادة انتخاب عباس رئيساً لمنظمة التحرير، في وقت ندَّدت فيه إسرائيل والأمم المتحدة ودول غربية عدة، بتصريحات له اعتُبرت مُعادِية للسامية، بعدما أشار عباس في خطاب إلى أن الدور الاجتماعي لليهود، وخصوصاً في القطاع المصرفي، يقف وراء المذابح التي تعرضوا لها بأوروبا خلال القرن الماضي.
وكان عباس قال في خطاب ألقاه الإثنين 30 أبريل/نيسان 2018، أمام المجلس الوطني الفلسطيني، إن "معاداة السامية في أوروبا لم تنشأ بسبب الدين اليهودي"، واقتبس كلاماً للمفكر الألماني كارل ماركس، جاء فيه أن "المكانة الاجتماعية لليهود في أوروبا وعملهم في قطاع البنوك والتعامل بالربا، أدى ذلك إلى اللاسامية، التي أدت بدورها إلى مذابح في أوروبا".
ويأتي هذا الجدل حول كلام عباس متزامناً مع تدهور كبير في العلاقات بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وعلَّق رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على هذا الكلام بالقول: "أبو مازن ألقى خطاباً آخر معادياً للسامية، بمنتهى الجهل والوقاحة زعم أبو مازن أنه تم اضطهاد وقتل يهود أوروبا، ليس لأنهم كانوا يهوداً؛ بل لأنهم عملوا في مجال الأموال والقروض بفائدة".
واتهم نتنياهو، عباس بأنه "أطلق مرة أخرى أحقر الشعارات المعادية للسامية. يبدو أن من أنكر المحرقة سيبقى منكراً للمحرقة. أدعو المجتمع الدولي إلى إدانة معاداة السامية الخطيرة التي يتميز بها أبو مازن والتي آن الأوان لزوالها".
وفي أول رد فلسطيني، أعرب أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، في بيان، "عن استغرابه للهجمة المنسقة التي تقوم بها إسرائيل بالعالم، في محاولة لاتهام الرئيس محمود عباس بمعاداة السامية ورفض المفاوضات واتهامه بالإرهاب مرات عديدة".
واتهم عريقات الإسرائيليين بـ"تحريف أقواله (عباس) في أثناء افتتاح المجلس الوطني الفلسطيني عندما نقل رأي بعض المؤرخين اليهود، علماً أن الرئيس لم ينفِ المذابح التي تعرض لها اليهود، ومن ضمنها المحرقة".