قدَّم الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، اعتذاره الجمعة 4 مايو/أيار 2018، بعد اتهامه بمعاداة السامية، وذلك بعدما قال في كلمة له، إن الاضطهاد التاريخي لليهود الأوروبيين نجم عن سلوكهم وليس دينهم.
وأدان عباس، في بيان أصدره مكتبه في رام الله، معاداة السامية، وقال إن المحرقة "أبشع جريمة في التاريخ". وصدر البيان بعد اجتماع للمجلس الوطني الفلسطيني استمر 4 أيام.
وجاء في البيان: "إذا شعر الناس بإهانة بسبب كلمتي أمام المجلس الوطني الفلسطيني، لا سيما أتباع الدين اليهودي.. أقدم اعتذاري لهم. أودُّ أن أؤكد للجميع أنني لم أكن أقصد ذلك، وأؤكد مجدداً احترامي الكامل للدين اليهودي وكل الأديان السماوية".
وفي أول رد على تراجع أبو مازن عن تصريحاته، رفض وزير الدفاع الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان الجمعة 4 مايو/أيار اعتذار الرئيس الفلسطيني، وكتب ليبرمان على تويتر قائلا إن "أبو مازن ناكر بائس للمحرقة أعد رسالة دكتوراه عن إنكار المحرقة ونشر لاحقا كتابا عن إنكار المحرقة. هذه الطريقة التي يجب معاملته بها. اعتذاراته غير مقبولة".
وكان عباس قد قال في خطاب ألقاه الإثنين 30 أبريل/نيسان 2018، أمام المجلس الوطني الفلسطيني، إن "معاداة السامية في أوروبا لم تنشأ بسبب الدين اليهودي"، واقتبس كلاماً للمفكر الألماني كارل ماركس، جاء فيه أن "المكانة الاجتماعية لليهود في أوروبا وعملهم في قطاع البنوك والتعامل بالربا، أدى ذلك إلى اللاسامية، التي أدت بدورها إلى مذابح في أوروبا".
وخلفت تصريحات عباس "المعادية للسامية" ردود فعل منددة من قِبل إسرائيل والأمم المتحدة ودول غربية عدة، الأربعاء، 2 مايو/أيار 2018.
تصريحات عباس "تُغضب" العالم
وعلَّق رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على هذا الكلام، بالقول: "أبو مازن ألقى خطاباً آخر معادياً للسامية، بمنتهى الجهل والوقاحة زعم أبو مازن أنه تم اضطهاد وقتل يهود أوروبا، ليس لأنهم كانوا يهوداً؛ بل لأنهم عملوا في مجال الأموال والقروض بفائدة".
واتهم نتنياهو، عباس بأنه "أطلق مرة أخرى أحقر الشعارات المعادية للسامية. يبدو أن من أنكر المحرقة سيبقى منكراً للمحرقة. أدعو المجتمع الدولي إلى إدانة معاداة السامية الخطيرة التي يتميز بها أبو مازن والتي آن الأوان لزوالها".
إلا أن أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، عبر في بيان، "عن استغرابه للهجمة المنسقة التي تقوم بها إسرائيل بالعالم، في محاولة لاتهام الرئيس محمود عباس بمعاداة السامية ورفض المفاوضات واتهامه بالإرهاب مرات عديدة".
واتهم عريقات الإسرائيليين بـ"تحريف أقواله (عباس) في أثناء افتتاح المجلس الوطني الفلسطيني عندما نقل رأي بعض المؤرخين اليهود، علماً أن الرئيس لم ينفِ المذابح التي تعرض لها اليهود، ومن ضمنها المحرقة".
واعتبر منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، في بيان، أن تصريحات الرئيس الفلسطيني "غير مقبولة ومقلقة للغاية".
وقال ملادينوف إن تصريحات عباس "غير مقبولة ومقلقة للغاية، ولا تخدم مصالح الشعب الفلسطيني أو السلام في الشرق الأوسط".
وبدوره، اعتبر المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط، جيسون غرينبلات، أنه "لا يمكن بناء السلام على هذا النوع من الأسس"، واصفاً تعليقات عباس بأنها "مؤسفة للغاية ومثيرة للقلق للغاية"، داعياً إلى التنديد بها بشكل "غير مشروط من قِبل الجميع".
كما كتب السفير الأميركي لدى إسرائيل، ديفيد فريدمان، وهو يهودي، على حسابه بـ"تويتر"، في وقت متأخر من مساء الثلاثاء 1 مايو/أيار 2018، أن "أبو مازن وصل إلى مستوى متدنٍّ جديد، فهو يعزو قضية مذابح اليهود التي حدثت على مر السنين إلى سلوكهم الاجتماعي المتعلق بالفوائد والبنوك".
كما ندَّد الاتحاد الأوروبي بما اعتبره "كلاماً غير مقبول حول أسباب المحرقة وشرعية إسرائيل"، وشدد على ضرورة مواجهة "أي محاولة تهدف إلى تغطية أو تبرير أو التقليل من أهمية المحرقة".