أعلنت منظمة إيتا الباسكية الانفصالية، الخميس 3 مايو/أيار 2018، حلَّ نفسها وإنهاء أي نشاط سياسي، مُنهيةً بذلك آخر تمرد مسلح في أوروبا الغربية، أسفر عن أكثر من 800 قتيل وآلاف الجرحى خلال عقود.
وفي "إعلان نهائي" يحمل تاريخ 3 مايو/أيار 2018، ووُزِّع على الصحافة، قالت المنظمة السرية إنها "حلَّت كل هيئاتها" و"أنهت أي نشاط سياسي".
وأوقعت منظمة إيتا، التي تأسست في 1959 إبان ديكتاتورية فرانشيسكو فرانكو، 829 قتيلاً في حملة اغتيالات واعتداءات بالقنابل في إسبانيا وفرنسا، باسم استقلال "أوسكال هيريا"، إقليم الباسك الإسباني والفرنسي ونافار.
وكانت المنظمة، التي أضعفتها اعتقالات قادتها ونبذَها السكانُ، وصنَّفها الاتحاد الأوروبي "إرهابية"، تخلَّت عن العنف في 2011 وسلَّمت أسلحتها العام الماضي (2017).
وقامت بخطوة إضافية، في رسالة مؤرخة بالـ16 من أبريل/نيسان 2018، نُشرت الأربعاء 2 مايو/أيار 2018، في الصحافة الإسبانية، معلنةً أنها "حلَّت بالكامل كل هيئاتها".
وتوجهت الرسالة إلى الشخصيات التي شجعتها على التخلي عن العنف، مثل الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة كوفي أنان، والرئيس السابق للـ"شين فين"، الإيرلندي جيري أدامس، كما قال عضو في الحكومة الإقليمية الباسكية.
وسيلي الإعلان عن الحل الجمعة 4 مايو/أيار 2018، "مؤتمر دولي" في كامبو-لي-بان، ببلاد الباسك الفرنسية، حيث يُنتظر وصول جيري أدامز ومندوبين عن عدد كبير من الأحزاب الإسبانية التي ستكون أيضاً ضمانة لحُسن نية "إيتا".
وقال رئيس المنطقة الباسكية القومي، إيرينغو أوركولو، في مقابلةٍ، الخميس 3 مايو/أيار 2018، مع صحيفة "إل بايس"، إن "إيتا مَدينة (بهذا الحل) للمجتمع الباسكي وللإنسانية بأَسرها. وإلا لما وُجدت".
ولا يبدي عدد كبير من ضحايا "إيتا" استعداداً للتغاضي عن الدم الذي أُريق خلال سنوات الصراع. وفي مؤتمر صحفي بسان سيباستيان (شمال)، المدينة الباسكية التي شهدت عدداً كبيراً من الاعتداءات، طالبت "هيئة ضحايا الإرهاب" المنظمةَ بأن تدين الإرهاب، وتتوقف عن الإشادة العلنية بمناضليها عندما يخرجون من السجن. وهي تنتظر أيضاً توضيح خفايا 358 جريمة لم تُكشف بعدُ.
وكان الضحايا أعربوا عن استيائهم من رسالة بُثت في 20 أبريل/نيسان 2018، وأبدى فيها الجناح المسلح أسفه "للأخطاء الحاصلة"، لكنه لم يطلب العفو إلا فقط من الضحايا الذين لم يكونوا أطرافاً في النزاع، ملمحاً إلى أن الآخرين، مثل عناصر الشرطة، كانوا أهدافاً مشروعة.
مصير السجناء
وترفض الأكثرية الساحقة من الباسكيين العنف، لكن أقلية ما زالت تطالب بالاستقلال. وحصل التحالف الانفصالي "إي.إتش بيلدو"، الحزب الثاني في البرلمان الباسكي، على 21% من الأصوات بالانتخابات الإقليمية 2016.
ويطالب حزب بيلدو، على غرار الحزب القومي الباسكي بزعامة أوركولو، بسجن بالأسرى الـ300 لـ"إيتا" الذين يمضون عقوبتهم في إسبانيا وفرنسا، على مقربة من عائلاتهم.
ورفضت الحكومة الإسبانية حتى الآن أي مقابل لحل "إيتا".
وقال رئيس الحكومة ماريانو راخوي: "أياً كانت الخطوات التي ستقوم بها، فلن تجد إيتا أي ثغرة تَنفد منها، ولن تفلت من العقاب على ما ارتكبته من جرائم". وأضاف: "لسنا مدينين لها بشيء، ولا نشعر بأننا ممتنون لها بشيء".
وأعرب أوركولو عن الأمل في تغيير سياسة السجون، في مقابلة مع صحيفة "إل بايس".
وأعقبت اعتداءات "إيتا"، "حرب قذرة"؛ إذ قامت مجموعات مؤيدة لعناصر الشرطة بعمليات قتل لعناصر "إيتا"، وقامت الشرطة بعمليات تعذيب.
وعلى غرار "إيتا"، يطالب هؤلاء الضحايا بأن يُؤخذ هذا العنف في الاعتبار، من أجل التوصل إلى المصالحة في مجتمع مصدوم.
وفي تصريح لوكالة فرانس برس، قالت آن موغوروتسا (28 عاماً): "إذا لم يتم الاعتراف بقسم من المعاناة، فمن الصعوبة بمكانٍ تأمين شروط المصالحة".
وكان والدها خوسو، النائب عن حزب هيري باتاسونا، الذراع السياسية لـ"إيتا"، اغتيل في 1989 برصاص ناشطين من اليمين المتطرف، معربةً عن اعتقادها أنهم تصرفوا بموافقة الدولة.