حظيت تفاصيل القمة التاريخية بين زعيمي الكوريتين الجنوبية والشمالية يوم الجمعة 27 أبريل/نيسان بمتابعة خاصة، وفي الوقت الذي ركز فيه البعض على الجانب السياسي من اللقاء، إلا أن الكثيرين خاضوا في تفاصيل اللقاء من طريقة السلام وعبور الرئيس الكوري الشمالي كيم إلى الجنوب، وصولاً إلى ما تناوله الزعيمان على وجبة الغذاء.
وحسب صحيفة "The Guardian"، فقد أحضر زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون معه طاهياً من أشهى مطعم في بيونغ يانغ ليعد طبقاً من النودلز (الشعيرية) التقليدي لرئيس كوريا الجنوبية مون جاي إن، وأصبح الطبق المتواضع حديث الساعة بعد فترة وجيزة من لقاء الزعيمين لأول مرة، بعد أن حظي بإجماع الجانبين.
وأوضح كيم أثناء المجاملات التي سبقت محادثات الزعيمين الكوريين: "كنتُ أتابع الأخبار ووجدتُ الناس يتحدثون كثيراً عن الطعام". وأضاف: "بذلنا جهداً لإحضار النودلز الباردة المُعدَّة على الطريقة الكورية الشمالية إلى هنا. سيدي الرئيس مون، أرجو أن تستمتع بتناول نودلز بيونغ يانغ الشهية التي أحضرناها دون قلق".
وأصبحت النودلز حديث الساعة على مواقع التواصل الاجتماعي تويتر مباشرةً بعد أن ذكرها كيم. ونقل موقع The Korea Herald عن أحد مستخدمي تويتر: "لم تعد الحمامة رمز السلام الآن، بعد أن خطفت منها النودلز اللقب".
وفي حين يمكن إعداد الطبق بعدة طرق، فإنَّ إعداده على طريقة بيونغ يانغ يحتوي لحماً بارداً أو مرق دجاج به نودلز ملتفة من الحنطة السوداء ويعلوه شرائح من لحم الصدر البقري والخضراوات المخللة والكمثرى.
نجاح القمة خلف ارتياحاً لدى المواطنين
ورأت الصحيفة أن نتائج القمة بين زعيمي الكوريتين خلفت ارتياحاً لدى مواطني البلدين، وامتلأت الأجواء في كوريا الجنوبية بسعادة غامرة ترى في القمة نجاحاً كبيراً وتمدح سياسة مون في الاندماج مع الآخر.
وقال الطالب الجامعي لي أوك-هي، مردداً ما يقوله الجميع عن القمة: "أشعر بسعادة غامرة بعد القمة". وأضاف: "عادةً ما نجد أنفسنا عالقين بين الصين والولايات المتحدة، وهما تفرضان علينا مصالحهما الخاصة، غير أنَّ قمة الأمس أظهرت كيف سيكون بوسعنا تحقيق أشياء عظيمة إذا ما عملنا مع كوريا الشمالية".
ووردت فكرة اتحاد الكوريتين معاً في الإعلان المشترك الذي وقعه كيم ومون، تأكيداً على الحاجة إلى "مبدأ تقرير مصير الأمة الكورية وفقاً لإرادتها".
وقال بارك سون-هي، الموظف في أحد البنوك في سيول: "كان مشهداً رائعاً أن نراهما معاً، لم أستطع التركيز في عملي. أعرف أنَّ هذه هي البداية فقط، ولكنَّها بداية رائعة".
وفي خطوة مفاجئة ونادرة، امتلأت صحيفة Rodong Shinmun، الصحيفة الرسمية لحزب العمال الحاكم في كوريا الشمالية، بأكثر من اثنى عشر صورة لكيم وهو يصافح مون وللحظاته الأولى في كوريا الجنوبية. ونقلت الصحيفة ما إجماله 60 صورة للحدث، وخصصت أربع صفحات من صفحاتها الست للقمة.
وفي خطوة أخرى نادرة، نقلت وسائل الإعلام في كوريا الشمالية الإعلان المشترك الذي يهدف إلى "نزع السلاح النووي بالكامل".
وذكرت وكالة الأنباء المركزية الكورية الجنوبية الرسمية: "تؤكد كوريا الشمالية والجنوبية على وجود هدف مشترك بينهما بأن تصبح شبه الجزيرة الكورية خالية تماماً من السلاح النووي عبر تنفيذ برنامج نزع أسلحة نووية كامل".
وقال ليم نام-يون: "تأثرتُ بشدة حين رأيتهما يمسكان يد بعضهما. غمرتني اللحظة بالعواطف على نحو لم أكن أتوقعه ومنحتني شعوراً أنَّ السلام أمرٌ ممكنٌ فعلاً".
غير أنَّ هذه الأجواء السعيدة لم تخلُ من بعض مَن لم يكونوا يشعرون بالتفاؤل إزاء العلاقات المستقبلية. فلم يبدُ بارك ون-ثايك، عجوزاً على مشارف الثمانين الذي يبدو بنظارته الشمسية البنية وربطة عنقه السميكة وكأنه خرج لتوه من سبعينيات القرن العشرين، متأثراً بالمشهد.
وقال: "يبدو أمراً جيداً، ولكن لا يمكن الوثوق بأي زعيم من كوريا الشمالية، وسنشهد خيانة كيم لنا إن لم نتوخَ الحذر".