عام 1982، كان الفنان المصري عادل إمام يلعب دور طالب في كلية الطب، في فيلم "على باب الوزير"، وعندما أراد فحص أحد المرضى، سأله الأخير – في مشهد بدا ساخراً في حينه – كم ستدفع؟
هذا المشهد لم يكن مجرد خيال مؤلف، فهناك فعلاً بين المصريين من يقوم بتأجير أو بيع جسده، أو جسد غيره، لاستخدامه كحقل تجارب مقابل المال، وإن ظلَّ هذا الأمر لعقود بعيداً عن الأنظار.
مؤخراً، أصبح الحديث عن استخدام المصريين لتجريب الأبحاث عليهم مثار جدل؛ بعدما أقرَّت لجنة الصحة في البرلمان، مشروع قانون تنظيم البحوث الطبية الإكلينيكية (التجارب السريرية)، لتثير بذلك مخاوف كبيرة من أن يتحول المصريون إلى فئران تجارب خلال الفترة المقبلة.
محاولة تقنين
التجارب السريرية ليست جديدة في مصر. لكن الخطوة الأخيرة جاءت لتقنينها، بغية دعم البحث العلمي وضمان حقوق المبحوثين (من يتم استخدامهم في هذه الأبحاث)، كما تقول اللجنة البرلمانية.
لكن بعض العاملين في مجالي الصحة والدواء، أبدى مخاوفه من أن يسهِّل القانون الجديد انتهاك أجساد المصريين تحت مسمى البحث العلمي، ولو من دون قصد؛ لا سيما وأن القوانين غالباً ما تكون فضفاضة وقابلة للتأويلات، ما يجعل إثبات الخطأ أمراً صعباً، خصوصاً إذا كانت الدولة طرفاً في النزاع، كما يقولون.
مصر لا يمكن أن تصنع دواء.. فمن المستفيد من القانون؟
الدكتور رأفت عيد، وهو متخصص في الصيدلة الإكلينيكية (صناعة الدواء)، قال لـ"عربي بوست"، إن صناعة الدواء ليست متوقفة على قانون تصدره الحكومة؛ فهناك مافيا صناعة الدواء العالمية التي تراقب هذه الأمور وتتحكم بها.
وأضاف أن أقصى ما يمكن عمله هو أن يتم بيع الأبحاث المصرية (وهناك عشرات الآلاف منها في أدراج الدولة) للدول والشركات العالمية المتحكمة في صناعة الدواء، بحيث تقوم الأخيرة بتنفيذ البحث ثم تجريبه على مرضى مصريين كجزء من اتفاق الاستفادة من البحث ومن النتيجة (الدواء الجديد) بين مصر والدولة المُصنِّعة، "بهذا يكون القانون الأخير في صالح الشركات الكبرى وليس لصالح مصر".
ولتوضيح وجهة نظره، قال إن التجارب السريرية تتم منذ عقود وتحت غطاء من عدم الشفافية الحكومية وجهل المرضى. لكنه أشار إلى أنها تتم في حدود ضيقة جداً.
ورغم أن عمليات تجريب الدواء على الإنسان تعد المرحلة الأخيرة في مراحل معرفة آثار الدواء، بعد مرورها بالفئران والخنازير (يملكان نفس خصائص البشر التشريحية)، إلا أن ثمة أدوية يتحتم تجريبها في بعض المراحل على الشخص الحي بعد تشريحه لكي يتم رصد أثر الدواء على أعضائه بشكل مباشر، وربما هنا يكمن الخطر، كما يقول عيد.
وبعيداً عن التصريحات الحكومية، يؤكد الصيدلي المصري، أن اقتحام سوق صناعة الدواء "ليس بهذه البساطة"؛ وبالتالي فإن السؤال الأهم هو: هل سيكون هؤلاء المرضى (المبحوثين) على علم بما يمكن أن يترتب على هذه التجربة من مخاطر؟ كما أن الربح الذي سيحققه الدواء الجديد حال نجاحه وطبيعة المرض المستهدف، كلها أمور تؤثر على طبيعة الاتفاق وحجم الخطر، والمقابل المادي أيضاً. فهل سيكون المريض على علم بكل هذا؟
ويكاد يجزم عيد أن التجارب كلها ستكون لصالح شركات غير مصرية؛ لأن مصر لا تصنع الدواء، ولن يسمح لها بذلك؛ فصناعة الدواء لا تقل استراتيجية عن صناعة السلاح. وغالباً ستجد الشركات الألمانية والأميركية والفرنسية وغيرها، في المريض المصري حلاً أقل تكلفة من ذلك الغربي، على حد تعبيره.
ويختصر عيد ملاحظاته على العملية كلها في عدة نقاط يمكن إجمالها فيما يلي:
- مصر لا تصنع الدواء ولا تفصح أبداً عن أسباب ذلك لكن الأسباب معروفة؛ فصناعة الدواء تقف على قدم المساواة مع صناعة السلاح، ما يعني أن الدول الكبرى لن تسمح لدولة نامية بدخول المجال دون مقابل.
- لدينا آلاف الأبحاث المعتبرة التي لم تنظر لها الدولة يومًا فهل سيتم تطبيق هذه الأبحاث؟ وإن حدث فهل سيكون من خلال شركات مصرية أم شركات أجنبية؟
وخلص عيد إلى أن ما سيحدث غالباً هو أن مصر ستبيع الأبحاث المصرية لشركات أجنبية لتنفيذها ثم تجريبها على المصريين، وهذا يعني تحويل المصريين لحقل تجارب وليس تحويل مصر إلى دولة مصنعة للدواء؛ فبيع فكرة مصرية لدولة أجنبية لتنفيذها لا يعني أن مصر تصنِّع الدواء. "مصر قد تحصل على مزايا معينة بخصوص الدواء الجديد وغالباً ستكون هذه المزايا مرهونة بتجريبه على المصريين أو ما شابه".
القانون أخطر مما نتخيل
في المقابل، يعتقد أحد المدراء الإقليميين بشركة "Pfizer" الأميركية لصناعة الدواء، أن القانون الجديد يخفي أموراً أكبر من أن يتم الكشف عنها؛ لأن صناعة الدواء على المستوى العالمي تعتبر خياراً استراتيجياً وواحداً من أهم عوامل استقلالية الدول، ومن ثم فإن دخول مصر إلى هذا المجال لا يمكن أن يأتي بمعزل عن المؤسسة العسكرية.
وذكر عدة نقاط للتأكيد على وجهة النظر هذه:
- الجيش هو المؤسسة الوحيدة في مصر التي تمتلك القوة والمال والقدرة على التفاوض مع الدول الكبرى، نظراً للقضايا السياسية المشتركة.
- الجيش هو المؤسسة الوحيدة القادرة على ضبط مثل هذه الأمور الخطيرة، وبسط رقابة فعلية على هذه التجارب.
- صناعة الدواء قرار سياسي بامتياز، ومن ثم فإنه لا يمكن أن يأتي بمعزل عن إرادة رئيس الدولة، وهذا الأخير لا يمكن له اتخاذ هذا القرار بعيداً عن المؤسسة العسكرية.
- الجيش المصري باختصار هو الضامن الوحيد لمثل هذه المشروعات الاستراتيجية التي يمكن أن تكون لها تداعيات كبيرة جدا على المستويين السياسي والاقتصادي، بل والأمني أيضاً؛ لأن مافيا الدواء العالمية لن تقف صامتة إزاء اقتحام دولة نامية لهذا السوق.
قصة عقار السوفالدي sovaldi
ومع ذلك، يشير المتحدث، الذي رفض الكشف عن هويته، إلى عدد من الأمور التي لا يمكن تجاهلها عند الحديث عن التجارب السريرية، قائلاً إن عقار Sovaldi الأميركي لعلاج فيروس سي الكبدي، تم منحه لمصر من قبل الولايات المتحدة لـ "اختبار فعاليته"، وليس لمعالجة المصريين كما يعتقد البعض.
ويؤكد المتحدث أن التجارب الأولية للعقار الأميركي أودت بحياة عشرات المرضى، قبل أن يتم تعديله بناء على التجارب الأولية.
وحتى في مصر، وقعت بعض المضاعفات وحالات الوفاة، لكنها كانت قليلة.
وأضاف أن هناك دواء آخر اسمه (Olisio) تم اعتماده في الولايات المتحدة قبل أيام قليلة من الموافقة النهائية على (Sovaldi)، لكن تم توجيه الأخير إلى مصر نظراً لفاعليته في علاج سلالات فيروس C الأكثر انتشاراً في مصر، بينما تتركز فاعلية الأول على علاج سلالات أخرى غير موجودة بكثرة داخل مصر.
وهنا يؤكد المتحدث أن الأميركيين قرروا تجريب Sovaldi في مصر لأنها الأكثر إصابة بفيروس C عالمياً، مقابل السماح لها بتصنيعه محلياً.
ولفت المتحدث إلى أن إسناد توزيع Sovaldi لشركة "فارما أوفر سيز" المملوكة في جزء منها لشقيقة الفريق مهاب مميش رئيس هيئة قناة السويس، بالأمر المباشر، وتجاهل "الشركة المصرية لتوزيع الأدوية" المملوكة للدولة، ثم إسناد عملية إنتاجه لشركات إيبيكو، والمهن الطبية، وفارميد هيل كير، والأندلس، وجلوبال نابي، بالطريقة نفسها، ثم إعفاء هذه الشركات من العدد المحدد داخل صندوق المثائل لمادة Sobosbuver (المادة الخام للعقار)، أثناء تسجيل المستحضر في مصر، يعد تسهيلاً للربح، وإهداراً للقانون، على حد تعبيره.
تدخل جهة سيادية كبرى
وكانت نقابة الصيادلة قد تقدمت عام 2014 بمذكرة لرئيس الوزراء آنذاك، أشارت فيها إلى هذه المخالفات، وأشارت أيضاً إلى أن عملية التفاوض على جلب العقار تمت عبر جهات غير مختصة.
هنا يشير مسؤول شركة "Pfizer" إلى أن هناك مؤشرات على أن جهة كبيرة تسيطر على الأمر، خاصة وأن نقابة الصيادلة تحدثت عن تدخل جهة سياسية في التفاوض، في حين لم تنف الدولة ذلك.
مذكرة الصيادلة، وفقاً لما نشرته صحيفة الأهرام الحكومية يوم 29 أكتوبر/تشرين الأول 2014، أشارت أيضًا إلى أن الوفد المفاوض تجاهل كل الأدوات القومية التي تمتلكها مصر للضغط على شركة "جلياد" الأميركية المنتجة للعقار، مثل اتفاقية منظمة التجارة العالمية T.R.I.P.S، والتي تعطي مصر وأي دولة أخرى حق تصنيع الدواء، دون الرجوع للشركة المنتجة، إذا رأت الدولة أن الفيروس يهدد أمنها القومي.
وقالت المذكرة إن مصر استخدمت هذا الحق مع عقار "تاميفلو" الذى تنتجه نفس الشركة المنتجة لـ Sovaldi عام 2009، عندما قامت شركة "النيل" بتصنيعه تحت اسم Taminile أثناء أزمة أنفلونزا الطيور.
وأضاف مسؤول Pfizer أن مصر تمكنت لاحقاً من تصنيع عقار Sovaldi بتكلفة أقل وفاعلية أكثر من نظيره الأميركي، وتستعد حالياً لتصديره إلى دول مثل الأرجنتين والسودان وكازاخستان ونيجيريا.
لكن الدكتور مهاب جزارين، عضو مجلس إدارة فارما أوفر سيز، سبق وأكد أن الشركة حصلت على حق توزيع العقار الأميركي، لأنها الموزع الحصري في مصر لشركة "جلياد" الأميركية المنتجة للعقار. ونفى أن يكون لشقيقة مميش أي دور في هذا الأمر.
لكن المدير الإقليمي لـ Pfizer أكد أن الدولة يحق لها التدخل في هذه الأمور الاستراتيجية، دوت التقيد بمعاملات الشركات، ومن ثم كان بإمكان الحكومة المصرية إسناد الأمر لشركة مملوكة للدولة.
النقطة الأخطر: علاقة الجيش بالقانون الجديد
من النقطة السابقة تحديداً ينطلق المسؤول للحديث عن علاقة الجيش بالقانون الجديد، خاصة وأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، رجل أعمال ومتداخل في كل هذه الأمور، ولا يفصل السياسة عن التجارة، وبالتالي فهو حاضر في قصة تصنيع الدواء في مصر كما كان حاضراً في قصة Sovaldi، وإن بشكل غير معلن، كما يقول.
وأضاف "أعتقد أن الأمر في نهايته مرتبط بمحاولة اقتحام القوات المسلحة لسوق الدواء، وهي محاولات ليست جديدة، وسبقها خطوات زادت من أعباء شركات الدواء العاملة في مصر".
وذكر عدة أمثلة منها قيام ثروت باسيلي، صاحب شركة "آمون" للأدوية ببيعها إلى مستثمر مصري وآخر كندي، وحصل الأخير على النسبة الأكبر حتى يصعب التغوّل على الشركة كونها أصبحت أجنبية من قبل الحكومة المصرية.
هناك أيضا شركة "إيفا فارم" التي اشترى مستثمر أميركي النصيب الأكبر بها للأسباب نفسها، كما يقول مسؤول Pfizer.
وأكد أن الأمر ليس مقصوداً به تجريب الدواء على المصريين كما يبدو من القانون، فهذه التجارب عملياً تتم في أضيق الحدود. لكن، الجانب الأكبر هو السيطرة على سوق الدواء تحت مظلة البحث والتصنيع.
وهنا يجدد المتحدث تأكيده بأن الدول الكبرى لن تسمح لدولة نامية بتصنيع الدواء مهما كانت التنازلات. هذه مسألة غير قابلة للنقاش بأي حال وتحت أي ادعاء.
تكرار ما حدث في أزمة الحليب
ما يتم الترتيب له بحسب مسؤول Pfizer، هو نفسه ما حدث في أزمة حليب الأطفال، عندما ارتفع سعر أنواع مثل Bebalac وNan من نحو 30 جنيهاً إلى أكثر من 150 جنيهاً، ثم تدخل الجيش عبر استيراد لبن Francelait الفرنسي، وSwisslac السويسري، وقام ببيع العبوة بنحو 45 جنيهاً فقط.
هذه الأنواع التي استوردها الجيش كانت أقل ثمناً وأكثر فاعلية ومن ثم طغت على الأنواع التي كانت متداولة، حتى أوقفت الطلب عليها بشكل شبه كامل. لكنه (الجيش) أوقف بيع هذين النوعين قبل شهرين، ولا تفسير لذلك إلا أنه يسعى لرفع سعرهما من جهة وتعطيش المواطن الذي بات مؤمناً بأن حليب الجيش هو الأفضل من جهة أخرى، على حد تعبيره.
هنا يشير المتحدث إلى أن الجيش وضع شعار "تحيا مصر" على العبوات، لكي ينأى بنفسه عن الأحاديث، وحتى يروج لفكرة أن صندوق "تحيا مصر" هو الذي يتولى الأمر.
وعن إمكانية سيطرة الجيش على سوق الدواء، قال إن الجيش لديه مصنع أدوية (تجميع وليس تصنيع من العدم)، وهذا المصنع ينتج أدوية أكثر فعالية من المستورد، لكنها لا تباع للمواطن، هي تستخدم فقط للقوات المسلحة وتحمل شعاراً بهذا، ويتم بيعها لجهاز الشرطة أيضا مع تغيير الشعار.
ومثال ذلك، كما يقول، أن الجيش ينتج دواء Nosc 40mg لعلاج القرحة والاثني عشر، وهو أكثر فعالية بكثير من دواء Controloc الألماني، وبالتالي "لو صح ما يقال عن سعي الجيش لإنشاء شركة توزيع أدوية فإن وجود منتجات أكثر فعالية، وأقل ثمنا سيضرب الشركات الأخرى في مقتل وربما يدفعها لإغلاق مصانعها ومنافذ بيعها في مصر، وعندها سيكون الجيش هو المتحكم في الإنتاج والتسعير"، على حد قوله.
شركة Pfizer تقلص نشاطها في مصر
وفي السياق ذاته، ذكر المتحدث إلى أن شركته Pfizer قلصت عدد موظفيها في مصر إلى 160 موظفاً عام 2017، ثم إلى 40 موظفاً هذا العام، وذلك بسبب آثار غياب الدولار وتعويم الجنيه، إذ بدأ المواطن يلجأ للدواء الأقل سعراً بغض النظر عن كفاءته.
وأضاف "تحملت الشركة عشرات الملايين دفعتها كتعويض لتسريح الموظفين. أحد المدراء حصل على 20 مليون جنيه (حوالي مليون و100 ألف دولار)، لأنها قررت حصر نشاطها في مصر على أدوية الأورام لأنه لا غنى عنها لمريض مهما كان ثمنها. وأيضاً على أبحاث اكتشاف الأمراض الجديدة لابتكار أدوية لها".
وخلص مسؤول Pfizer إلى أن القانون الجديد برأيه ليس إلا "محاولة لإقحام الجيش في سوق الدواء" عبر شعارات البحث العملي، خصوصاً وأنه (الجيش) يعطي هذا الأمر جزءاً كبيراً من الاهتمام ولا يتوقف إبداء اهتمامه بهذا المجال كونه "قاطرة التقدم". أما مسألة تحويل المصريين إلى فئران تجارب، فربما تكون الأمر الذي يتم تصديره للإعلام لكي ينشغل به عن الهدف الحقيقي، على حد تعبيره.
نقابة الأطباء اعترضت على القانون
وتجدر الإشارة إلى أن نقابة الأطباء أوردت 12 ملاحظة على مشروع القانون الجديد، الذي تقول الحكومة إنه يأتي كمحاولة لوضع ضوابط وقيود على إجراء شركات الأدوية دراسات مباشرة على بعض المواطنين لتقييم كفاءة الدواء قبل تعميمه في الأسواق.
وقال الدكتور أسامة عبد الحي، وكيل النقابة العامة للأطباء، في تصريحات صحفية، إن المادة (1) من القانون أوردت أن عمليات المسوح الصحية والتعليم والاستبيانات "لا تقع تحت التدخل البحثي أو الطبي"، وهذا مخالف للواقع.
كما أن الفقرة (23) تتحدث عن لجنة مؤسسية لأخلاقيات البحوث الطبية، تكون مسجلة الوزارة الصحة، مع إن الموضوع بحثي ومن ثم يجب أن تكون اللجنة تحت رقابة وزارة التعليم والبحث العلمي.
واعتبرت النقابة أن خضوع الأبحاث لوزارة الصحة وتسجيلها بها يعد اعتداء على استقلالية الجامعات وتداخل بين الوزارات المختصة. وقال عبد الحي إن الفقرة 17 بالقانون، والتي تُتيح تسجيل الجهات البحثية بوزارة الصحة، تمثل اعتداءً على استقلال الجامعات؛ فالبحث العلمي مهمة الجامعات ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي.
وقال وكيل نقابة الأطباء إن الفقرة الخامسة بالمادة 22 تتحدث عن الالتزام بإبرام عقد تأمين للمبعوثين المشاركين، سوف يعطل رسائل الماجستير والدكتوراه لطلاب الدراسات العليا في الجامعات المصرية؛ لأن الطلاب لا يملكون المال الكافي لإبرام هذه العقود.
لكن الدكتورة عزة صالح، رئيس الإدارة المركزية للبحوث والتنمية الصحية بوزارة الصحة والسكان ومقررة لجنة إعداد قانون "التجارب السريرية"، قالت إن "اللجنة المؤسسية لأخلاقيات البحث العلمي" ستختص برعاية حقوق وأمان ومصلحة المبحوثين، ومراقبة الباحث الرئيسي وممول البحث (إذا وجد).
وأضافت صالح، في تصريحات صحفية، أن القانون سيضمن إجراء البحوث الطبية الإكلينيكية على المبحوثين في مصر في "المرحلة الثالثة" من الدراسات بعد التأكد من سلامة إجراء المرحلتين الأولى والثانية في (بلد المنشأ). ولفتت إلى أن المواد 15 و16 و17 من القانون تنص على الالتزام الكامل بالحفاظ على حقوق المبحوثين وبياناتهم الطبية وعدم إجراء أية دراسات أو أبحاث عليهم إلا بعد الحصول على موافقتهم.
وقد حاول "عربي بوست" التواصل مع الدكتورة عزة صالح، ليومين كاملين، لكنها لم تجب على الاتصالات. كما تواصلنا أيضاً مع بعض مسؤولي وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، لكنهم رفضوا التعليق لأن القانون لا يمنح وزاتهم دوراً في هذا الأمر.