عرض فيلم وثائقي إسرائيلي، تفاصيل تُكشف لأول مرة عن عملية محاصرة السفارة الإسرائيلية في القاهرة عام 2011 من قبل متظاهرين مصريين، وعن كواليس الاتصالات التي أجرتها تل أبيب، والتي أفضت بالنهاية إلى إخراج موظفي السفارة.
وقالت القناة الثانية العبرية، إن الفيلم يحمل اسم "المحاصرون في القاهرة"، وأنه سيتم عرضه كاملاً قريباً على القناة "12" العبرية، في حين نشرت "شبكة القدس" الإخبارية، جزءاً من التقرير المُترجم للعربية.
ومن أبرز المتحدثين عن أحداث محاصرة السفارة، رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي، بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع الإسرائيلي السابق، إيهود باراك، ورئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك)، يورام كوهين، والسفير الإسرائيلي السابق في مصر، إسحاك ليفانون، ووزير الدفاع الأميركي الأسبق، ليون بانيتا.
ووقعت أحداث محاصرة السفارة في شهر سبتمبر/أيلول 2011، وسبقها بثلاثة أسابيع حادثة أدت إلى إغضاب المصريين، عندما قتل الجيش الإسرائيلي 5 من الجنود المصريين، عندما "كانت القوات الإسرائيلية تطارد مسلحين قتلوا 8 إسرائيليين في كمين يوم 18 أغسطس/آب 2011، بين منتجع طابا المصري، وميناء إيلات الإسرائيلي جنوب سيناء".
تصاعد الأحداث
وتحدث الفيلم عن أن أعداد المتظاهرين بدأت بالعشرات، ثم ما لبث أن ازداد العدد إلى الآلاف، وعرض الفيلم مشاهد لمحتجين مصريين كانوا يطالبون بإنزال العلم الإسرائيلي من على مبنى السفارة، وهو ما حصل في النهاية عندما صعد شاب وأنزل العلم، ورفع بدلاً عنه العلم المصري.
وارتفعت وتيرة الأحداث بجانب السفارة، ما اضطر السلطات المصرية إلى بناء جدار إسمنتي، من أجل منع المارين على الجسر من النظر أو الوصول إلى السفارة، وفقاً لما قاله السفير الإسرائيلي، ليفانوف.
واستمر المتظاهرون في احتجاجهم قرب السفارة، وأظهر الفيلم لقطات لهم وهم يدمرون الجدار، وفي هذه الأثناء كان موظفو السفارة الإسرائيلية يخبرون حكومتهم عن وصول متظاهرين ويهاجمون الجدار بضربه بعامود.
وقال رئيس "الشاباك" آنذاك، كوهين، إن محاصرة السفارة جرت في منطقة وسط القاهرة، حيث توجد قوات أمن، مضيفاً "لكن لم نرهم"، وتحدث أن هجوم المتظاهرين على الجدار الإسمنتي أدى في النهاية إلى تدميره، وتسبب في محاصرة موظفي السفارة داخل المبنى.
تفاصيل تعرض لأول، عن حصار سفارة الاحتلال في القاهرة
لأول مرة… تقرير مترجم يعرض تفاصيل اللحظات الصعبة لحصار سفارة الاحتلال بالقاهرة عام 2011.. من الذي حمى موظفيها؟!
Gepostet von شبكة قدس الإخبارية am Donnerstag, 26. April 2018
"رد بارد"
وتحدث السفير ليفانون عن الاتصالات التي أجراها مع السلطات المصرية لاحتواء الموقف المتصاعد، وقال إنه تحدث مع وزارة الخارجية المصرية وقال لهم: "انظروا لقد قاموا (المتظاهرون) بهدم الجدار الأول في محيط السفارة، والجدار الثاني أيضاً".
لكن ليفانون تلقى رداً بارداً من قبل الوزارة، حسب شهادته التي أدلى بها بالفيلم، وقال إن الوزارة ردت عليه بالقول: "لا تقلق هذا الجدار لنا سنقوم ببنائه مجدداً".
وقال رئيس الشاباك، كوهين، إنه وسط هذه الأوضاع المضطربة، لم يكن هناك اتصالات بين مصر وإسرائيل، سوى بين الموساد، ورئيس المخابرات المصرية، وأكد أن الاتصالات كانت سرية.
أول رد فعل وأخطر موقف
كان القرار الأول الذي اتخذته الحكومة الإسرائيلية قد جاء من قبل نتنياهو، وقال الأخير في الفيلم: "قررت عند حوالي الساعة التاسعة والنصف مساءً، إخراج جميع مندوبينا من القاهرة مع عائلاتهم، وعددهم 85 شخصاً"، ثم نقلتهم طائرة تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي.
في هذه الأثناء، تصاعدت تحركات المتظاهرين المصريين، وتمكنوا من تجاوز الجدار الإسمنتي وبدؤوا بتحطيم أبواب السفارة، ما استدعى إسرائيل لتكثيف اتصالاتها وتحركاتها.
وقال السفير ليفانوف: "تلقيت مكالمة يصرخ بها مسؤول الأمن بالسفارة، قال لقد اقتحموا افعل كل ما بوسعك".
دفع ذلك باراك إلى أن يتصل بالولايات المتحدة لاحتواء الموقف، وقال إنه وصف لهم الوضع، وأخبرت إسرائيل واشنطن أنه ينبغي إخراج 6 أشخاص كانوا محتجزين داخل السفارة، وأن تل أبيب بحاجة لمساعدة أميركا.
وفي شهادته عما حصل، قال وزير الدفاع الأميركي آنذاك، بانيتا، إن إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة الاتصال مباشرة مع المشير محمد حسين طنطاوي، قائد المجلس العسكري المصري والذي كان يدير البلاد أثناء الاحتجاجات، والطلب منه أن يرسل قوات أمن إلى شوارع القاهرة تمهيداً لإخراج الموظفين الإسرائيليين.
خيار التدخل بالقوة
وكشف الرئيس السابق للشاباك، كوهين، أنه تلقى سؤالاً من رئيس الوزراء الإسرائيلي عما إذا كان هناك إمكانية للأميركان لإرسال قوات التدخل وإخراج الموظفين الإسرائيليين.
وبحسب ما عرضه الفيلم الوثائقي، فإن الرئيس أوباما كان يعرف حجم الخطر في القضية، ولكن واشنطن رفضت التدخل العسكري من قبلها أو من قبل إسرائيل، لأنها رأت أن التدخل سيؤدي إلى قتل الكثير من الأشخاص بمن فيهم الإسرائيليون أنفسهم.
ومع مرور الوقت بدأ المتظاهرون يصعدون على الدرج إلى داخل المبنى والسفارة، في حين كان آلاف المتظاهرين يحاوطون المبنى.
وعندما شعر موظفو السفارة باقتراب لحظة اقتحام المتظاهرين، تلقوا أوامر بإتلاف محتويات السفارة.
بدأت أميركا في التحرك، وقال وزير الدفاع الأميركي الأسبق، بانيتا، تكلمت مع طنطاوي، وقلت له: "جنرال لدينا مشكلة كبيرة، يجب عليك فعل كل ما تستطيع لتأمين الوضع".
بعد دقائق، تلقى رئيس الشاباك اتصالاً من شخص قال إنه "اللواء x"، وأشار أنه أخبر اللواء عن عزم إسرائيل إخراج موظفيها من السفارة وهم على قيد الحياة، مضيفاً أن اللواء كان يعرف بكل التفاصيل المتعلقة بمحاصرة السفارة والمتظاهرين الذين ينتشرون في محيطها.
كيف تمت عملية إخراج الموظفين؟
جاء وقت التدخل المصري بعد اتصال الولايات المتحدة، وقال باراك: "عندما أخبروني أنهم سيتدخلون، ظننت أن سيارات شرطة ومركبات عسكرية ستأتي ومكبرات صوت ويطلبون من الجميع الابتعاد".
لكن السلطات المصرية أرسلت فقط وحدة من القوات الخاصة لم تكن ترتدي لباساً عسكرياً، وسادت مخاوف من أنهم لا يستطيعون العبور، لكنهم "فجأة قالوا إنهم قرب السفارة"، وفقاً لما قاله باراك.
وطلبت القوات المصرية الخاصة من إسرائيل، الاتفاق على طريقة معينة للطرق على الباب، كي يعلم موظفو السفارة متى يفتحون الباب ويتأكدون أن قوات الأمن هي من وصلت وليس المتظاهرون.
وفي النهاية، فتح موظفو السفارة الإسرائيلية الباب، ودخلت القوات الخاصة المصرية، وأعطوا الموظفين ملابس حتى يبدو أنهم مصريون.
وروى رئيس "الشاباك" التفاصيل الأخيرة لعملية إخراج الموظفين، وقال: "طلبت منهم (للموظفين) الصعود للأعلى والنظر إلى الشوارع المجاورة من السطح وفحص إمكانية الهرب".
وكان مسؤول الأمن الإسرائيلي في السفارة، ويدعى يونتان مع الموظفين، وطلب من باراك عندما رأى العدد الكبير من المتظاهرين، ألا يعطي أمراً بإخراج الموظفين خلال الساعات القريبة.
وأضاف باراك: "سألته لماذا، قال يونتان لأن عدد المتظاهرين الموجودين في الشوارع يصل إلى مئات آلاف الأشخاص ولا يمكن التحرك مطلقاً، أي قوة مصرية أو غيرها لن تستطيع حمايتها، حتى أنه قال لي إن خرجنا فإننا بالتأكيد سيتم قتلنا".
لكن القرار كان قد اتُخذ في إسرائيل، وقال رئيس الشاباك آنذاك، إن قرار خروج الموظفين المحاصرين كان من نتنياهو.
ونزل الموظفون إلى أسفل مبنى السفارة بمرافقة قوات الأمن المصرية، ثم دخلوا في سيارات عسكرية مصرية، بعدما تم توزيعهم إلى مجموعتين في كل واحدة 3 أشخاص.
أخبر السائق الذي كان يقل الموظفين رئيس "الشاباك" كوهين، وقال إنه لا قدرة لديه على إكمال الطريق، بسبب المتظاهرين.
وطُلب من السائق إكمال السير مهما كلف ذلك من ثمن، ومضى إلى أن وصل لشوارع جانبية في القاهرة، وبعدها نُقل الموظفون عبر سيارات "لاند روفر"، ومن ثم نقلتهم قوات خاصة أخرى إلى مطار القاهرة، ومنه جرى تأمينهم ونقلهم إلى إسرائيل.