حذَّر الخبيران الرئيسيان للأمم المتحدة بشأن سوريا من كارثة إنسانية قد تحدث في إدلب، على غرار الكارثة الإنسانية في حلب، بينما يسعى مؤتمر المانحين في الاتحاد الأوروبي إلى جمع ما يصل إلى 6 مليارات دولار لمساعدة السوريين النازحين داخل وخارج البلاد.
تُعتبر إدلب هي آخر المعاقل الرئيسية التي لا تزال في أيدي المعارضة، إذ تخضع جزئياً لسيطرة هيئة تحرير الشام، وهي جماعة جهادية تعتبرها روسيا والحكومة السورية هدفاً مشروعاً في منطقة لا يزال المدنيون والمقاتلون مستمرِّين في التدفق إليها، في إطار صفقات الإخلاء في أجزاء أخرى من البلاد.
وقال يان إيغلاند، مستشار الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في سوريا: "إن كل طاقاتي الحالية وفي الأسابيع القادمة مُكرَّسة لتجنُّب وقوع كارثة إنسانية جديدة"، بحسب ما نقلته صحيفة The Guardian البريطانية.
لا تتحمَّل حرباً
ووصف إدلب بأنها "منطقة نزوح عملاقة". وأضاف أن "أكثر من نصف السكان في إدلب البالغ عددهم مليوني نسمة قد نزحوا بالفعل، وأحياناً عدة مرات، لذا لا بد من التوصل إلى نهاية للصراع القائم في إدلب عبر المفاوضات. إذ لا يمكن أن تخوض حرباً في وسط أكبر مجموعة من مخيمات اللاجئين والنازحين في العالم".
وأردف قائلاً "تتمثل مخاوفي في أن تقول الحكومة السورية إن المكان مليء بالإرهابيين، وبالتالي يمكن شنّ الحرب كما فعلوا أثناء حصار حلب والغوطة الشرقية… نعم، هناك أشخاص مسلحون، لكن هناك أيضاً الكثير من النساء والأطفال وهم يستحقون الحماية. لا يمكنك شن الحرب كما لو كان الجميع إرهابيين، وإلا فإن ذلك سيكون مُرعباً".
وقد ردَّد مبعوث الأمم المتحدة المكلف بملف الأزمة السورية، ستافان دي ميستورا، تصريحات إيغلاند، قائلاً "نأمل أن تكون هذه مناسبة للتأكد من أن إدلب لن تصبح مثل حلب جديدة، أو الغوطة الشرقية الجديدة، لأن الأبعاد مختلفة تماماً".
من المحتمل أن يؤدي هجوم الحكومة السورية على المنطقة إلى نزوح جماعي، ربما باتجاه الحدود التركية. وقد وصل عدد النازحين داخلياً إلى محافظة إدلب، منذ شهر أغسطس/آب إلى 300,000 شخص، وقد نزح 700,000 شخص في جميع أنحاء سوريا منذ بداية العام، وفقاً للأرقام التي أعدتها الأمم المتحدة.
وقال إيغلاند "لقد استمرَّت الحرب الأهلية السورية سنتين أطول من الحرب العالمية الثانية، وبصرف النظر عن أنه في عام 2017 وبداية عام 2018، أوشكت الحرب على الانتهاء، فقد تصاعدت الأزمة مرة أخرى.
وأضاف "اعتقدت حقاً أن عام 2017 سيكون آخر عام في سنوات الحرب الكبيرة، لكن الأزمة استمرَّت بنفس الشراسة في عام 2018. لقد أصبح الأمر ماراثوناً هائلاً من الألم".
حتى المانحون ملّوا من الاستمرار بالدعم
يُعد مؤتمر المانحين الذي يستمر ليومين في العاصمة البلجيكية بروكسل، هو الثالث في سلسلة بدأت في المملكة المتحدة في عام 2016. ويركز بشكل كبير على الـ5 ملايين لاجئ، الذين نزحوا إلى الدول المجاورة -الأردن وتركيا ولبنان- بينما يوجد 6 ملايين نازح داخلي في سوريا.
وقد حذَّر وزراء من الأردن ولبنان مراراً من أن الوضع يضع ضغوطاً هائلة على اقتصادهم ونسيجهم الاجتماعي. فقد ولد حوالي 135,000 طفل سوري في لبنان منذ اندلاع الحرب الأهلية.
وسيُعلن عن تعهدات محددة يوم الأربعاء، مع قيام الدول الغربية بالضغط على دول الخليج لتحمل التزامات أكثر مما كان عليه الحال في الماضي.
وقالت ﻫﻴﻠﻲ ﺛﻮرﻧﻴﻨﻎ– ﺷﻤﻴﺪت، الرئيس التنفيذي لمؤسسة "أنقذوا الأطفال"، إن التعليم هو المفتاح الذي يحتاجه الأطفال لفتح الباب أمام حياة أفضل.
يذكر أن كلاً من الحكومة السورية والمعارضة الرسمية لم يحضرا المؤتمر.
قال إيغلاند "حتى قبل ثلاثة أسابيع، بدا الأمر كما لو أن شعور المانحين السوريين بالإرهاق قد بدأ… إذ لم يمول برنامج الإغاثة الإنسانية بأكمله سوى بنسبة 7% فقط لعام 2018، وهو نقص هائل في التمويل. وفي الأسابيع القليلة الماضية، تضاعف التمويل 3 أضعاف، إذ وصل إلى نسبة 23% فقط. لدينا الآن 795 مليون دولار فقط من إجمالي 3.5 مليار دولار ستكون مطلوبة داخل سوريا".
وقال إن هناك حاجة إلى 5.6 مليار دولار أخرى لمساعدة اللاجئين في الدول المجاورة في عام 2018.