ضابط بالأمن المصري ثم قاض مرموق وأخيراً خلف القضبان.. هشام جنينة تصريحٌ أقاله وآخر حكم عليه بالسجن

عربي بوست
تم النشر: 2018/04/24 الساعة 18:11 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/04/24 الساعة 18:11 بتوقيت غرينتش

من ضابط وقاضٍ مرموق إلى رئيس أعلى جهاز رقابي في مصر، خاض هشام جنينة معارك أدت إلى إعفائه من وظيفته والحكم عليه بالسجن، وسط اتهامات ينفي صحتها، أبرزها أنه محسوب على جماعة الإخوان المسلمين "المحظورة" في البلاد، ويصدر تصريحات "كاذبة" تسيء للدولة. 

بين عامي 2005 و2018 أدت تصريحات  جنينة  (64 عاماً) إلى أحداث مصيرية في حياته، منها حديثه عن تعرضه لمحاولة اغتيال واحتجازه بأحد مقار الشرطة.

وقضت محكمة عسكرية في مصر، الثلاثاء 24 أبريل/نيسان 2018، بسجن جنينة، المحبوس بأحد سجون القاهرة، 5 سنوات، إثر إدانته بـ"نشر أخبار تسيء للجيش ومؤسسات الدولة"، في حكم أولي قابل للطعن. 

وجنينة، المولود عام 1954، تخرج في كلية الحقوق بجامعة عين شمس (حكومية)، عام 1976، وحصل على بكالوريوس علوم الشرطة، في 1976، وعمل ضابطاً بين عامي 1976و1978. 

بعدها عُين معاوناً للنيابة العامة في نيابة الجيزة (غرب العاصمة)، في 1978، ثم وكيلاً للنائب العام بمكتب النائب العام، بين عامي 1980 و1985، وصعد في السلك القضائي حتى رئاسة محكمة استئناف القاهرة ونائب رئيس محكمة النقض (أعلى محكمة للطعون). 

وجرى تعيينه رئيساً للجهاز المركزي للمحاسبات (أعلى جهاز رقابي)، عام 2012، في العالم التالي لثورة يناير، التي أطاحت بالرئيس المصري الأسبق، حسني مبارك (1981: 2011). 

وفي ما يلي رصد لأبرز تصريحات جنينة وتداعياتها بين عامي 2005 و2018: 

1- تزوير انتخابات 

انتقد نادي قضاة مصر (معبر رسمي عن القضاة)، الذي كان جنينة وكيله وقتها، "التزوير" في الانتخابات البرلمانية، عام 2005، وذلك عبر تصريحات إعلامية لاقت اهتماماً واسعاً من معارضي نظام مبارك، وصار اسم جنينة لامعاً في وسائل الإعلام. 

وكرر جنينة، الذي كان أحد رموز تيار الاستقلال القضائي، الانتقادات ذاتها في تصريحات صحفية بشأن الانتخابات البرلمانية، عام 2010، والتي كانت سبباً رئيسياً في الإطاحة بمبارك، وفق مراقبين. 

2- تعيين رئاسي 

بينما كان يتردد اسم جنينة كثيراً لتولي منصب وزير العدل، وفق تقارير محلية نهاية 2012، قرر محمد مرسي، الرئيس المصري الأسبق تعيينه، في سبتمبر/أيلول من العام نفسه، رئيساً للجهاز المركزى للمحاسبات لمدة أربع سنوات. وهو منصب محصن ضد العزل، وفق قانون الجهاز. 

3- "وقائع فساد" 

أعلن جنينة عن "وقائع فساد" تمس جهات سيادية ووزارة الداخلية ومسؤولين، في عدة تصريحات كان أبرزها في سبتمبر/أيلول 2012، و2013، ومارس/آذار 2014، وفبراير/شباط 2015، ومايو/أيار 2015. 

ولم يكن معتاداً أن يعلن مسؤول رقابي عن وقائع فساد في الإعلام على هذا النحو، وهو ما جعل جنينة محط انتقادات من إعلاميين محسوبين على الحكومة المصرية، والذين اتهموه بأنه محسوب على جماعة الإخوان، رغم نفيه ذلك مراراً، فضلاً عن تقديم عشرات البلاغات من محامين للمطالبة بإقالته من الجهاز. 

4- "قانون هشام جنينة" 

في يوليو/تموز 2015، أصدر الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، قراراً بقانون بشأن حالات إعفاء رؤساء وأعضاء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية من مناصبهم، ووافق عليه البرلمان، في يناير/كانون الثاني 2016. 

آنذاك تحدثت تقارير محلية عن أن المستهدف من القانون هو جنينة، ووقتها كتب المفكر المصري البارز، فهمي هويدي، مقالاً بعنوان " قانون هشام جنينة". وثار جدل بين فقهاء في القانون حول دستورية هذا القانون من عدمه. 

5- تصريح الإقالة 

في ديسمبر/كانون الأول 2015، نُسب تصريح لـجنينة بأن "تكلفة الفساد بمصر، خلال عام 2015، بلغت 600 مليار جنيه (حوالي 75 مليار دولار). 

وبهذا التصريح بدأت أول فصول إقالته من منصبه، رغم نفي الجهاز صحة ذلك، موضحاً أن هذا المبلغ هو حصيلة الفساد خلال أربع سنوات، بين عامي 2012 و2015. 

وفي الشهر ذاته، أصدر السيسي قراراً بتعيين نائبيْن لـجنينة، أحدهما هو هشام بدوي، المحامي العام الأول لنيابات أمن الدولة العليا سابقاً، فضلاً عن تشكيل الرئاسة لجنة للتحقيق في تصريحات جنينة حول تكلفة الفساد، وإعداد تقرير عاجل، وهو ما أثار الانتباه لكونه من النادر أن تشكل الرئاسة مثل هذه اللجنة. 

6- إقالة رئاسية 

في 28 مارس/آذار 2016 قرر السيسي إقالة جنينة، الذي كان ينتظر إحالته إلى التقاعد، وخروجه من منصبه رسمياً في سبتمبر/أيلول 2016، دون ذكر أسباب لذلك، وهو ما أثار ردود أفعال بين مؤيد ومعارض للقرار. 

ونهاية الشهر ذاته، نفى علي طه، محامي جنينة، وضع موكله تحت الإقامة الجبرية، رداً على ما نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية في هذا الشأن. 

7- استدعاء قضائي واحتجاز 

في 23 مايو/أيار 2016، قررت نيابة أمن الدولة العليا (معنية بقضايا الأمن القومي) استدعاء جنينة، على خلفية اتهامه بـ"نشر أخبار كاذبة، وأرقام غير دقيقة عن حجم الفساد في مصر". وتم احتجاز جنينة في مقر شرطي شرقي القاهرة، بعد رفضه تنفيذ قرار النيابة بدفع غرامة مالية 10 آلاف جنيه (1100 دولار آنذاك)، ثم جرى دفعها من جانب محاميه بعدها بساعات. 

وفي ديسمبر/كانون الأول 2016، قضت محكمة جنح مستأنف القاهرة بتأييد حكم صادر في يونيو/حزيران 2016 بحبس جنينة عاماً مع إيقاف التنفيذ لمدة ثلاث سنوات؛ بتهمة نشر أخبار كاذبة حول أرقام الفساد. 

وفي تفسيره لهذا الحكم، المطعون عليه حينها أمام محكمة النقض، قال محامي جنينة، إن الحكم يعني أنه إذا تحدث جنينة لوسائل الإعلام، وحركت الجهات القضائية ضده اتهام إشاعة أخبار كاذبة، كالاتهام الذي أدين به، سيتم القبض عليه وحبسه على ذمة الحكم القديم ومحاكمته على التهمة الجديدة. 

8 – "محاولة اغتيال" أم مشاجرة؟ 

أواخر يناير/كانون الثاني 2018، تعرض جنينة لما قال إنها محاولة "اغتيال"، ودعا النيابة العامة إلى الكشف عن من يقف وراء الاعتداء عليه وإسالة دمائه. 

فيما قالت مصادر أمنية، في تصريحات نقلتها صحف مملوكة للدولة، إن ما حدث "مجرد مشاجرة بين جنينة وآخرين عقب حادث مروري". 

9- تصريحات الوثائق 

تم طرح اسم جنينة نائباً للرئيس الأسبق لأركان الجيش المصري، سامي عنان (70 عاماً)، الذي كان يعتزم الترشح لانتخابات الرئاسة الأخيرة (مارس/آذار الماضي)، التي فاز فيها السيسي بفترة رئاسية ثانية من أربع سنوات. 

لكن المؤسسة العسكرية استدعت عنان، بدعوى مخالفته للنظم العسكرية بالإعلان عن اعتزامه الترشح، بينما لا يزال تحت الاستدعاء. 

وفي مقابلة نشرها موقع هاف بوست عربي، في فبراير/شباط الماضي، تحدث جنينة عن "امتلاك عنان مستندات تتضمن وثائق وأدلة تدين الكثير من قيادات الحكم بمصر الآن". 

وأبدى جنينة، في الحوار ذاته، تخوفه على حياة عنان، الذي كان قيد تحقيق عسكري، داخل السجن. 

وحذر من أنه "في حال المساس به، ستظهر الوثائق الخطيرة التي يمتلكها عنان، وحفظها مع أشخاص خارج مصر"، على حد قوله. 

وقتها أعلن الجيش، في بيان، أنه سيطلب التحقيق مع كل من "عنان" وجنينة، على خلفية تصريحات الأخير، فيما نفى سمير، نجل عنان، ومحاميه ناصر أمين، صحة تصريحات جنينة. 

وخضع جنينة للتحقيق العسكري والاحتجاز بأحد سجون القاهرة، قبل أن تصدر محكمة عسكرية، اليوم، حكمها بالسجن 5 سنوات بحقه، وهو حكم أولي قابل للطعن أمام محكمة الطعون العسكرية.

علامات:
تحميل المزيد