لم يكن يتوقعها أحد: كيف دخلت روسيا الحرب ضد الصين عام 2020

عربي بوست
تم النشر: 2018/04/01 الساعة 13:17 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/04/02 الساعة 06:56 بتوقيت غرينتش
North Korean leader Kim Jong Un and Chinese President Xi Jinping shake hands at the Great Hall of the People in Beijing, China, in this picture released to Reuters on March 28, 2018. Ju Peng/Xinhua via REUTERS ATTENTION EDITORS - THIS IMAGE WAS PROVIDED BY A THIRD PARTY. NO RESALES. NO ARCHIVE. CHINA OUT.

على شاشات سي إن إن أعلن رئيس كوريا الشمالية كيم جونغ أون تنحيه، وطلب من الصين دخول بلاده لتأمينها من الروس.

أُصيب الجميع بالصدمة، و لم تكن تلك هي الصدمة الوحيدة، فقد عبرت حشود الجيش الصيني الحدود في لمح البصر، لتبدأ واحدة من أعقد معارك التاريخ في آسيا وأكثرها دماراً.

 

يحدث ذلك في عام 2020، حسب سيناريو تخيلي من جون كوين، مدير قسم الأبحاث التاريخية السابق، بمركز أبحاث الجنرال السابق ويليام ستوفت بكلية القيادة والأركان العامة للجيش الأميركي.

السيناريو ورد في صورة رسالة من السفير الأميركي في طوكيو إلى وزير خارجيته، الذي سيكون هو نفسه الحالي، مايكل بومبيو.

الرسالة مكتوبة في الثلاثين من أغسطس/آب 2020

"سيدي الوزير، أكتب إليك لاستعراض آخر المستجدات في الأشهر القليلة الماضية لعمليات الحرب التي لم يكن أيٌ منا ليتكهن بنشوبها قبل عامين فقط"، وقبل يبدأ في سرد الوقائع الصادمة، يكتب في خانة مقدمة وملاحظات: "كما تذكر، كنا في حالة من الفوضى بعد رحيل سلفكم السيد تيلرسون، وطلبت رأي كل واحدٍ منا حول الوضع في كوريا، خصوصاً مع تصادف تعيين السيد بولتون في منصبه مع تعيينكم وزيراً للخارجية، ومبادرة الرئيس بلقاء السيد كيم".

عندما اختفى السلاح من شبه الجزيرة الكورية

وكما نعلم جميعاً، فإنَّ كيم التقى السيد الرئيس شي في شهر مارس/آذار من العام نفسه، ولم يستطع أحدٌ التكهن بما دار بينهما. غير أنَّ الحقيقة لم تتجلَ إلا بعد لقاء السحاب بين الرئيس وكيم ورئيس كوريا الجنوبية السيد مون في سيول. وتبع ذلك بفترةٍ ليست بالكبيرة توقيع بروتوكول بيونغ يانغ في أغسطس/آب، وفيه أعلن القادة الثلاثة نزع السلاح عن شبه الجزيرة الكورية، بالإضافة إلى انسحاب جميع القوات الأميركية منها، وتأسيس بعثة تابعة للأمم المتحدة مع نظامٍ للتفتيش لضمان تفكيك برامج الأسلحة النووية الموجودة لدى كيم.

عندما حصل الزعماء الثلاثة على جائزة نوبل

وهذا بالطبع أثار دهشة الجميع، وكذلك كان تشارك القادة الثلاث في جائزة نوبل للسلام في العام التالي. ولكن، كما نعلم، بينما كانت تلك الأحداث المهمة تجري، لم تكن الصين في حالة سكون. والآن بتنا نعرف من عدة مصادر، بعضها من زملائك السابقين في وكالة الاستخبارات، أنَّ الصين كانت مستاءةً من كيم منذ فترةٍ طويلة. أما ما لم نكن نعرفه فهو أنَّ كيم أبرم اتفاقاً بالغ السرية مع حليفه الآخر، السيد بوتين رئيس روسيا.

هكذا خدع كيم حكومته وجواسيس موسكو

التقى كيم بعيداً عن عيون الجميع حتى أعضاء حكومته بجواسيس روس قبل الذهاب إلى بكين، وطمأنهم أنَّه لن يُقدم على أي خطوة من شأنها فضح دعم روسيا لبرامجه المحظورة، بما في ذلك برنامج الأسلحة النووي، الذي تموله روسيا سراً وتساعد في إتمامه.

ويبدو الآن أنَّه كان مخادعاً إلى أبعد مدى؛ وما من طريقة أخرى لفهم ما حدث سوى ذلك. فقد التف على روسيا وعقد صفقةً سرية مع الصين.

وهكذا صدم الجميع بإعلان التنحي

وعلى ذلك، حين جاء إعلانه على الملأ عبر شبكة سي إن إن في شهر نوفمبر/تشرين الثاني من 2019 عن تنحيه عن قيادة البلاد وطلبه الصين دخول كوريا لتأمينها من الروس، أُصيب الجميع بالصدمة. روسيا؟ هززنا جميعاً رؤوسنا، وتساءلنا: ماذا تراه قد حدث؟ فالروس لم يكن لهم أي أثرٍ يذكر في نطاق رصدنا.

وحين أخبرنا مكتب الاستطلاعات الوطني بوجود استعدادات روسية عسكرية في صيف عام 2019 في مقاطعة روسيا العسكرية في الشرق الأقصى، انتابتنا الحيرة حول حقيقة ما يجري. وتساءلنا: هل سيساعد الروس كوريا الشمالية في غزو كوريا الجنوبية كما حدث عام 1950؟ مع اختلاف واحد أنَّه سيحدث هذه المرة في فصل الشتاء؟ بطبيعة الحال، جعل الاحتباس الحراري الأمر برمته أسهل بكثير، ولكن مع ذلك، كان الجو لا يزال بالغ السوء.

عندما هرب في قطاره وبدأت الحرب

تخيل صدمتنا، وكذلك صدمتك أنت أيضاً، حين هرب كيم إلى هاربن على متن قطاره الخاص في نفس الوقت الذي عبرت فيه قوات جيش التحرير الشعبي الحدود بأعدادٍ غفيرة. لم نلحظ أبداً حشد الصين، الذي كانت تُعد له منذ منتصف عام 2015 كما يبدو الآن. شيئاً فشيئاً كانت الصين تزيد قواتها على الحدود، وتُدخل أفراد عمليات جيش التحرير الشعبي إلى مدن ومصانع منشوريا. ولم يكن إنزال ثلاث فرق بحرية صينية (لم نكن نعلم عنها شيئاً أيضاً) جنوب نهر ايمجين في كوريا الشمالية أقل إدهاشاً بالنسبة لنا.

وكيف دمرت روسيا سفن الشحن الصينية

ومع ذلك، فإن الأكثر إثارة للدهشة بالنسبة للجميع كان الغزو الروسي على جانب الحدود الروسية-الكورية، واستخدام أسطول الغواصات الروسي Guerre de Course ضد سفن الشحن الصينية. فمن كان يعلم أنَّ بحرية جيش التحرير الصيني -رغم ما لها من صيتٍ ذائع- ضعيفةٌ هكذا في القتال ضد الغواصات؟ كما أنَّ الهجمات الإلكترونية التي شلت أنظمة المراقبة والتحكم والاتصالات والاستطلاع الصينية كانت ما يشبه هجوم بيرل هاربر إلكتروني، وهو هجومٌ كنا جميعاً قلقين بشأنه. ولهذا جاءت الجهود الصينية الخرقاء لتحويل مسار قواتها صوب الشمال الشرقي والتعامل مع الغزو الروسي.

ولهذه الأسباب فإن الحرب لن تنتهي قريباً

ومن قبيل الصدفة كنا قد أخلينا معظم المواطنين الأميركيين من شبه الجزيرة قبل بدء الاشتباكات، وأتاحت لنا تحركات الروس فور اتضاحها لنا إجلاء أكبر عدد ممكن من الأميركيين، وإن كنا نقدر أنَّ هناك 30 ألف أميركي لا يزالون في كوريا الجنوبية. ومن موقعنا المتميز، وكذلك من موقع حلفائنا في اليابان الذين يساعدوننا في مراقبة التحركات العسكرية عن كثب بالإضافة إلى مصادرنا الوطنية، يبدو أنَّ الحرب الروسية-الصينية لن تنتهي قريباً. ولا يزال الخطر كبيراً على سفن الشحن الأميركية إذا ما حاولت الإبحار عبر المناطق التي يشغلها الروس في بحر اليابان، وخليج تسوشيما، والبحر الأصفر.

ويبدو في الواقع أنَّ الروس ينوون بسط نطاق الحرب من خلال الدخول إلى منشوريا ومنغوليا، كما سبق أن فعلوا في الحرب العالمية الثانية، أو هكذا قال لي موظفٌ خبير بالتاريخ لدي. كما أنَّ كبير مسؤولي وكالة الاستخبارات المركزية قد انتهى إلى أنَّ الروس على ما يبدو ينقلون أكثر مقاتليهم براعة في دول البلطيق وأوكرانيا إلى ساحة المعركة، وهو ما قد يفسر الهدنة التي وقعتها حكومة أوكرانيا مؤخراً في خاركيف مع ممثلي بوتين.

يشكل هذا الصراع الجديد التقليدي حتى الآن أعظم تهديد للسلم العالمي. ويبدو لي الآن أنَّ الكوريين الشماليين يمدون "التحالف" الصيني الذي يحارب "العدوان الروسي" بالقوات. كما أنَّهم بالقطع يمدونهم بالعتاد والمعلومات.

وهكذا يجب أن تبقى أميركا على الحياد

في نهاية رسالته التخيلية من السفير في طوكيو لوزير الخارجية في واشنطن، يكتب كوين كان التوصيات:

طلبت مني تقييم وضع حلفائنا اليابانيين، من ناحية نواياهم ورؤاهم. لقد أخبر مسؤولو الاستخبارات لديهم مكتب الملحق العسكري بنية اليابان أن تتخذ موقف الحياد الحذِر. وأنا على يقين من أنَّ هذا هو ما يسمعه الوزير غيتس عبر قنواته الخاصة. وما أوصي به هو أن تفعل الولايات المتحدة الشيء ذاته، بأن تظل على الحياد وتواصل عرض الوساطة على جميع الأطراف، بالإضافة إلى جهودنا في الأمم المتحدة.

أرى أنَّ هذا هو المسار الأمثل.

تحميل المزيد