يدفع الملياردير السعودي، الوليد بن طلال، عشرات ملايين الدولارات شهرياً مقابل حريته التي استعادها بعد إطلاق سراحه من محتجزه بفندق "ريتز كارلتون" بالعاصمة السعودية الرياض.
وقالت صحيفة "التايمز" البريطانية، الجمعة 30 مارس/آذار 2018، إن بن طلال أغنى رجل سعودي تنازل عن مئات الملايين من الدولارات من أرباحه السنوية في شركاته، مشيرةً أنه يدفع شهرياً للحكومة 30 مليون دولار.
وأمس الخميس 29 مارس/آذار، أصدر بيان من شركة المملكة القابضة التي من خلالها يمتلك بن طلال حصصاً في شركات ترفيه، وفنادق، وشركات للتكنولوجيا الحديثة في مختلف أنحاء العالم، وتضمن تفاصيل طال انتظارها حول الصفقة التي عقدها الوليد مع السلطات.
تنازل عن الأموال
وقالت الشركة إن بن طلال تنازل عن 34 هلله لكل سهم، أو ما يعادل 1197 مليون ريال سعودي من حصته من التوزيعات النقدية المقترحة لكامل السنة، بواقع 8.50 هلله لكل سهم، أو ما يعادل 299.2 مليون ريال سعودي (79.8 مليون دولار) من حصته من الأرباح الربعية".
وكان الأمير واحداً من بين المئات من أعضاء الأسرة الملكية ورجال الأعمال والمسؤولين، الذين احتُجِزوا في فندق "ريتز كارلتون" الفخم في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. واتُّهِم هؤلاء من قبل الحكومة بالفساد واختلاس أموال الدولة، أما بالنسبة لبن طلال فاتُهم بغسيل الأموال، وفقاً لما ذكرته صحيفة "التايمز".
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الخطوة هي الأكثر جرأة التي يتخذها ولي العهد الأمير بن سلمان حتى الآن، في سعيه لتأكيده سلطته وإبراز عزمه الظاهر على تغيير الطريقة التي تسير بها المملكة.
ومثَّل توقيف الأمير بن طلال صدمة على مستوى العالم، فهو يمتلك سلسلة فنادق فور سيزونز، ولديه حصص في تويتر، وروتانا التي تُعَد واحدة من أكبر القنوات التلفزيونية في الشرق الأوسط. وتُقدَّر ثروته الإجمالية بـ17 مليار دولار.
مفاوضات على 6 مليارات دولار
وعقب الإفراج عن بن طلال، ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية أن السلطات السعودية كانت تفاوضه على دفع 6 مليارات دولار مقابل الإفراج عنه.
ونقلت الصحافة حينها عن مصادر وصفتها بـ"المطلعة"، وقالت إن الملياردير تحدث مع الحكومة عن تقديم جزءٍ من شركته المملكة القابضة بدلاً من دفع الأموال المطلوبة نقداً، وقال شخص مقرب من بن طلال للصحيفة إن "بقاء الإمبراطورية المالية لبن طلال تحت سيطرته هي معركته في الوقت الحالي".
ووافق بن طلال على التسوية مع الحكومة بعدما كان رافضاً لها، حيث ذكر تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية أنه بن طلال رفض مراراً التنازل عن ثروته مقابل الحصول على حريته، طالباً اللجوء إلى القضاء لتسوية الخلافات مع السلطات.
وأكدت الصحيفة أن سبب رفض بن طلال للتسوية خلال فترة توقيفه، لأنه اعتقد أن قبوله بدفع الأموال مقابل الإفراج عنه، سيُعد "اعترافاً منه بالذنب"، كما أن قبوله للتسوية سيتطلب منه "تفكيك إمبراطورته المالية التي بناها عبر 25 عاماً".
وفي أول ظهور له بعد الإفراج عنه في يناير/كانون الثاني الماضي، قال بن طلال في تصريح لوكالة رويترز إنَّه عُومِل جيداً في الفندق، رغم أنَّه بدا هزيلاً وقد نمت لحيته الرمادية الرقيقة.
رفض للاتهامات
والأسبوع الماضي، اعترف بن طلال للمرة الأولى لوكالة بلومبيرغ الأميركية أنَّه توصَّل إلى "تفاهم مؤكد" مع السعودية، وواصل إصراره على أنَّه لم يُتَّهم بارتكاب مخالفات.
ورفض الأمير تأكيد أو نفي التقديرات الضخمة لإجمالي قيمة "الاتفاق" الذي جرى التوصل إليه، لكنه قال إن من السهل التحقق من أنه لا يزال يملك حصة 95% في شركة الاستثمار العالمية.
وأضاف: "حين أقول إنه خاص وسري، وترتيب يستند إلى تفاهم مشترك بيني وبين حكومة المملكة العربية السعودية، فإنه يتعين عليَّ أن أحترم ذلك"، مشيراً إلى أن العملية مع الحكومة مستمرة.
ويقوم ولي العهد الآن بجولة في الولايات المتحدة الأميركية، حيث يستعرض الخطوط العريضة لخططه لإصلاح الاقتصاد السعودي ويدافع عن حملته على الفساد.
ويحاول أيضاً أن يُظهِر أنَّه عازمٌ على تغيير سُمعة المملكة المتسمة بالتعصب الديني، وفقاً لصحيفة "التايمز".
ويشار إلى أن النائب العام السعودي، سعود المعجب قال في وقت سابق، إنه جرى إطلاق سراح معظم المحتجزين بعد التوصل إلى تسويات مالية، جَمعت منها الحكومة ما يزيد قليلاً عن 100 مليار دولار، دون أن يُفصح عن تفاصيل.